بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد وعدناكم بأننا سوف نبحث حول الصحبة, وبفضل الله وببركة محمد وآله وجدنا في كتاب شرح رسالة الحقوق الذي يتناول حق الصاحب من ص/ 179ــــ 201. ونحن أخذنا مقتطفات سريعة منه والذي يطلب المزيد عليه الرجوع للمصدر الذي ذكرناه.
قوله عليه السلام الإمام السجاد " وحق الصاحب: أن تصحبه بالتفضل والإنصاف, وتكرمه كما يكرمك, ولا تدعه يسبق إلى مكرمة, فإن سبق كافيته. وتوده كما يودك, وتزجره عما يهتم به من معصية, وكن عليه رحمة ولا تكن عليه عذاباً. ولا قوة إلا بالله".
يبتدىء شعور الإنسان بالصحبة وهو في مهده, فإن الطفل الصغير ليبتسم لمن يداعبه ويحنو عليه, ويخفق فؤاده طرباً لابتسامة والديه, ولا تزال هذه العاطفة التي هي أساس الشعور بالصحبة تنمو بنموه إلى أن تصبح طبيعة ثانية, فإن الإنسان حتى وهو على حافة القبر ليعلق قلبه بمن يوليه الجميل.
"وكل امرىء يولي الجميل محبب"
ولقد تعترض الصحبة في كافة أدوارها أمور تافة تقضي في بعض الأحيان على ذلك الإحساس الشريف قضاء مبرماً, ولكن الضمانة الوحيدة التي تعترض لتلافي تلك, هي التسامح والأناة وسعة الصدر وحسن التفاهم.
تالله ما حياة المرء بغير صاحب إلا كلفظ خلا من المعنى, وما الحياة التي يرفرف عليها ملاك الصحبة إلا كالبيت العامر من الشعر يملأ مشاعر النفس ويملك الوجدان.
أن الصحبة إن بدأت ونمت نبيلة خالصة تقبلها الله وباركها, وإن كانت رخيصة مهينة ردها في وجوه أصحابها. قال تعالى في سورة الزخرف" بسم الله الرحمن الرحيم الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ {67} يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ {68}".
إن الإسلام دين تجمع وألفة, ونزعة التعرف إلى الناس والاختلاط بهم أصيلة في تعاليمه. وهو لم يقم على الاستيحاش, ولا دعا أبناءه إلى العزلة العامة والفرار من التكاليف الحياة.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم".
وقال الإمام أبي عبد الله الصادق عيه السلام " وّطن نفسك على حسن الصحابة لمن صحبت, في حسن خلقك وكف لسانك واكظم غيظك وأقل لغوك, وتفرش عفوك وتسخو نفسك".
وحق الصحبة: أن تكون بالمال والنفس واللسان والقلب بالعفو والدعاء والإخلاص والوفاء والتخفيف وترك التكلف والتكليف.
وجاء في شرح الصحيفة السجادية تأليف السيد علي خان المدني" إن من حق الصحبة مع الأصحاب مطلقاً: طلاقة الوجه والبشاشة والكلام والسلام والمصافحة والمعانقة والمواكلة, وتحصيل ما يحتاجون إليه ورفع ما يغتمون منه, ومخالفة من خالفهم وموافقة من وافقهم, وتعظيمهم وتوقيرهم وعدم التهجم عليهم والصفح عن عثراتهم ومداراتهم, وأن لا يحتجب عنهم ولا يهجرهم, ويبسط لهم معروفه, ويعاشرهم ببسط الكف وصدق الوعد ودوام العهد وحفظ الأسرار وإيثار الا رفاق وقبول العذر واحتمال الأذى وصدق الوفاء ونشر المحاسن وستر المقابح, وبذل النصيحة وقبولها منهم, وأن يحب لهم ما يحبه لنفسه ويكرم كل واحد منهم على قدره, ويسترسل معه على سجيته, ويكون طوع أمره ونهيه ووفق قوله فعله, ويعود من مرض منهم, ويشهد جنازة من مات منهم".
نستميحكم العذر على الإطالة فإن الموضوع طويل اقتصرنا على هذا لعله يفي بالغرض من إيراده. (33)
والحمدلله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
أخوكم في الله
متبع النـــــــور (55)
المفضلات