هل تزوج الرسول (ص) على حياة السيدة خديجة أو بعد وفاتها؟ و هل سبب زواجه من زوجات كثيرات يعود لرغبته بذرية الأولاد أو



لسبب آخر؟ وكم هو عدد زوجاته؟







الجواب:





تزوج النبي (ص) بالسيدة خديجة قبل المبعث بخمسة عشر سنة، وكان عمره آنذاك خمساً وعشرين سنة وبقيت في عهدته إلى انْ توافاها



الله تعالى بعد المبعث النبوي الشريف بعشر سنين، فكان بقاؤها معه قرابة خمسٍ وعشرين سنة فحين تُوفيت كان عمره الشريف خمسين



سنة أو يزيد قليلاً ولم يكن قد تزوَّج عليها أخرى إلى ان رحلت إلى ربِّها.





ثم إنَّ النبي (ص) وبعد وفاة السيدة خديجة تزوَّج في مكة السيدة سودة بنت زمعة بن قيس وكانت ثيباً أرملة، فقد مات عنها زوجها بعد ان



عاد وإياها إلى مكة من أرض الحبشة، حيث كانا قد هاجرا إليها فيمن هاجر خشية بطش قريش، فحين عاد إلى مكة مات عنها فتزوَّجها



النبي (ص) فكانت هي أول زوجة تزوَّجها بعد وفاة السيد خديجة.







وأما عدد زوجاته فمجموع من تزوَّج بهنَّ طيلة حياته خمس عشرة امرأة، دخل بثلاث عشرة منهنَّ وقُبض عن تسع زوجات فاللتان لم



يدخل بهما هما (عمرة) و(السني).





وأما مَن دخل بهنَّ فأولهنَّ خديجة بنت خويلد ثم سودة بنت زمعة ثم أم سلمة واسمها هند بنت أبي أمية ثم عائشة بنت أبي بكر ثم حفصة



بنت عمر ثم زينب بنت خزيمة بن الحارث أم المساكين ثم زينب بنت جحش ثم أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان ثم ميمونة بنت الحارث ثم



زينب بنت عُميس ثم جُورية بنت الحارث ثم صفيَّة بنت حييِّ بن أخطب ثم خولة بنت حكيم وكانت له سريتان السيدة مارية وريحانة.









وقد ذُكرت أقوال أخرى إلا ان ما ذكرناه هو أرجح الأقوال وهو المروي عن الإمام الصادق (ع)، ولم يُنجب من نسائه إلا من السيدة خديجة





والسيدة مارية القبطية أمِّ إبراهيم (ع).







وأما منشأ زواجه من هذا العدد فالمُحرَز انَّه لم يكن بداعي الشهوة وإلا لكان قد اختار الأبكار من النساء الموصوفات بالجمال المتميِّز فقد





كان قادراً على تحصيل ذلك بيسر نظراً لموقعه ورغبةِ كلِّ عشيرةٍ في مصاهرته، فأكثر نسائه كنَّ ثيِّبات فيهن المطلَّقات ومنهنَّ الأرامل





وكنَّ بين مكتهلة تجاوزت الأربعين أو مسنَّة، وكان يقسم بينهنَّ جميعاً في البيتوتة بالسوية فلم يكن للشابة من الليالي أكثر مما للمسنَّة أو





المكتهلة.





ثم انه لو كان الداعي من تعديده للزوجات هو الشهوة لعدَّد وهو شاب والحال انه لم يفعل، فلم يُعدِّد إلا بعد الهجرة أي بعد انْ تجاوز عمره





الخمسين سنة، ولو ادعي انَّ السيدة خديجة كانت تمعنه أو لم يرغب في إيذائها فرغم ان ذلك مستبعد نظراً لرواج التعدُّد آنذاك إلا انه لو





كان الأمر كذلك لتزوَّج بعد وفاتها بامرأة بكر لم تعبث الأيام ومشقات السفر والهجرة بجمالها ونضارتها، فاختياره لامرأةٍ ثيب كان هذا هي





حالها يُبدِّد ما يتوهَّمه الواهمون أو ما يتعمدون إيهامه الغافلين من الناس.







فلم يكن له من داعٍ لزواجه بعد خديجة من سودةَ بنت زمعة إلا لانَّه لا ينبغي للرجل ان يبقي دون زوجة وكذلك كان ذلك منه إرفاقاً بحالها





حيثُ مات عنها زوجها بعد انْ كابد معها عناء الهجرةِ إلى الحبشة ثم عاد معها إلى مكة بعد جهادٍ امتدَّ لسنوات فكان زواجه منها إرفاقاً





وشيمة وتقديراً منه لجهادها.





وكذلك فإنَّ امتناعه عن الزواج من أخرى مع خديجة كان تقديراً لجهادها ووفائها وإخلاصها فلو كان كما يروَّج المبطلون لما استعصم عن





الزواج من أخرى طيلة خمسٍ وعشرين سنة في عمرٍ كان مَن مثله في عنفوان قوَّته وكان التعدُّد حينها رائجاً، هذا مضافاً إلى انه كان





محظياً وجيهاً ولم يكن يتعسَّر عليه ان يجد مَن يتزوجها من بناتِ أعمامه أو أخواله أو من بنات المسلمين أو عشائر العرب.







فالقادر على الاستعصام والظروف سانحة والدواعي لمثله ملَّحة ليس لشيء إلا للتعبير عن تقدير امرأة انقطع في تضحيتها ووفائها النظير





أعني السيدة خديجة.





فقدرتُه على تجاوز ما عليه كلُّ رجلٍ من ميلٍ شديد الجموح والظروف مؤاتية رعايةً لما تقتضيه شيم الأخلاق أدلُّ دليلٍ على انَّ زواجه





المتعدَّد بعد ذلك لم يكن انسياقاً مع دواعي الرغبة في النساء كما يروِّج لذلك المبطلون من المستشرقين وغيرهم.





ولغرض الاستئناس بما ذكرناه نشير إلى ظروف بعض زواجاته (ص):





الأول: زواجه من أم سلمة وهي هند بنت أبي أمية كانت زوجةً لأبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد، وأنجبت له ثلاثة أولاد هم عمر وسلمة





وزينب وقيل أربعة رابعهم (درة) ثم توفي عنها زوجها بعد ان عاد معها من الحبشة إلى المدينة المنورة فكانت ظعينته هي أول ظعينة





وصلت من الحبشة إلى المدينة المنورة بعد الهجرة، وكان زوجها أول مَن هاجر إلى الحبشة في زمن المحنة ثم حين عاد إلى المدينة، شهد





غزوة بدر مع النبي (ص) ثم انه بعد ان توفي زوجها بزمن خطبها النبي (ص) فاعتذرت بأنها امرأة مسَّنة وأم لأيتام إلا انَّ النبي (ص) أفاد





انه المتكفِّل بالأيتام وانَّه لا ضير من تقدم سنِّها فقبلته فتزوجها (ص) وأسكنها في حجرة زوجته زينب بنت خزيمة أم المساكين بعد ان كانت





قد ماتت، وحين دخلت حجرتها لم تجد فيها سوى جرَّةٍ فيها شعير ورحى وبُرمة وقدر، فطحنت له الشعير وعصدته في البرمة فكان ذلك هو





طعامه ليلة زواجه منها.





الثاني: زواجه من زينب بنت خزيمة أم المساكين، كانت متزوجة بالطفيل بن الحارث ثم طلَّقها فتزوجها عبيدة بن الحارث فاستُشهد يوم





بدر فكان النبي (ص) هو زوجها الثالث وتُوفيت في حياته (ص).







الثالث: زواجه من زينب بنت جحش وكانت قد تزوَّجت في شبابها من زيد بن حارثة الذي كان متبنَّى من قِبل النبي (ص) ثم حصلت





بينهما قطيعة ونُفرة، وقد عالج النبي (ص) الأمر بينهما فقال لزيد كما ورد في القرآن الكريم: ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ إلا انها أصرّت على





طلب فراقه وبعد ذلك تزوَّجها النبي (ص) بأمرٍ من الله كما ورد في القرآن: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى





الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾.







فكان زواجه منها بأمرٍ من الله تعالى وقد علَّل القرآن ذلك بقوله: ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ﴾.





الرابع: زواجه من أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان الأموي، كان قد تزوَّجها عبيد الله بن جحش فولدت له بنتاً سُميت حبيبة، وكان لزواجه





منها أثر في تأليف قلوب الأمويين بعد ان كانوا في اشدِّ استياء من النبي (ص) لانَّ ابنتهم قد هاجرت مع زوجها إلى الحبشة ثم تنصَّر





زوجها ثم مات فبقيت دون راعٍ هناك وهو ما زاد من حنقهم وغيظهم على الرسول (ص) فبعث الرسول (ص) إلى جعفر الطيار وكان في





الحبشة وخطب أم حبيبة ثم أمره بإيفادها إليه في المدينة.







الخامس: زواجه من جورِّية بنت الحارث، كانت متزوجة من رجلٍ يُقال له مسافح بن صفوان قتل يوم المريسيع وجورية هذه كانت من





يهود بني المصطلق وكانت حفيدة للمصطلق بن خزاعة، وقد سُبيتْ فيمن سُبي من بعد هزيمة بني المصطلق، وكانت هذه القبيلة من اليهود





إحدى القبائل التي تعتمدها قريش في مناءتها للنبي (ص) فكان زواجه منها وهي خزاعية ساهم كما يذكر بعض المؤرخين في كفاية شرور





هذه القبيلة حيث تمنَّعت بعد مصاهرة النبي (ص) لهم من مؤازرة قريش.




السادس: زواجه من ميمونة بنت الحارث، كانت متزوجة في الجاهلية بمسعود بن عمرو بن عمير الثقفي ثم طلقها فتزوجها أبورهم بن عبد


العزى ثم تُوفي عنها فتزوجها النبي (ص).
منقول وللحديث ان شاء الله تتمة