<h3>الآيات</h3>
قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِى تُجَـدِلُكَ فِى زَوْجِهَا وَتَشْتَكِى إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) الَّذِينَ يُظَـهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَـتِهِمْ إِنْ أُمَّهَـتُهُمْ إِلاَّ الَّئِى وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ(2) وَالَّذِينَ يُظَـهِرُونَ مِن نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَة مِّن قَبْلِ أِن يَتََماسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَن لَّمْ يِجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتََماسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكَـفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ(4) <h3>سبب النّزول</h3>نقل أغلب المفسّرين أنّ للآيات الاُولى في هذه السورة سبباً للنزول،
[102]
ومضمونها بشكل عامّ واحد، بالرغم من وجود إختلافات في الجزئيّات، إلاّ أنّ هذه الإختلافات لا تؤثّر على ما نحتاجه من البحث التّفسيري.
وجاء في تفسير القمّي: حدّثنا علي بن الحسين قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاّد، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: «إنّ امرأة من المسلمات أتت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت: يارسول الله إنّ فلان زوجي قد نثرت له بطني وأعنته على دنياه وآخرته، لم ير منّي مكروهاً أشكوه إليك. قال: فيم تشكينه؟ قالت: إنّه قال: أنت عليّ حرام كظهر اُمّي، وقد أخرجني من منزلي فانظر في أمري. فقال لها رسول الله: ما أنزل الله تبارك وتعالى كتاباً أقضي فيه بينك وبين زوجك، وأنا أكره أن أكون من المتكلّفين، فجعلت تبكي وتشتكي ما بها إلى الله عزّوجلّ وإلى رسول الله وانصرفت.
قال: فسمع الله تبارك وتعالى مجادلتها لرسول الله في زوجها وما شكت إليه وأنزل الله في ذلك قرآناً: ( بسم الله الرحمن الرحيم قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) ـ إلى قوله ـ ( وإنّ الله لعفو غفور).
قال فبعث رسول الله إلى المرأة، فأتته فقال لها: جيئي بزوجك، فأتته فقال له: أقلت لامرأتك هذه: أنتِ حرام عليّ كظهر اُمّي؟ فقال: قد قلت لها ذلك. فقال له رسول الله قد أنزل الله تبارك وتعالى فيك وفي امرأتك قرآناً وقرأ: ( بسم الله الرحمن الرحيم، قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) ـ إلى قوله تعالى ـ ( إنّ الله لعفو غفور)، فضمّ إليك امرأتك فإنّك قد قلت منكراً من القول وزوراً، وقد عفى الله عنك وغفر لك ولا تعد.
قال: فانصرف الرجل وهو نادم على ما قاله لامرأته، وكره الله عزّوجلّ ذلك للمؤمنين بعد وأنزل الله: ( والذين يظاهرون من نسائهم ثمّ يعودون لما قالوا) يعني ما قال الرجل لامرأته أنت عليّ كظهر اُمّي.
قال: فمن قالها بعد ما عفى الله وغفر للرجل الأوّل فإنّ عليه «تحرير رقبة من
[103]
قبل أن يتماسّا ـ يعني مجامعتها ـ ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسّا فمن لم يستطع فإطعام ستّين مسكيناً، قال: فجعل الله عقوبة من ظاهر بعد النهي هذا. ثمّ قال: «ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله» قال: هذا حدّ الظهار»(1).
وكما قلنا فإنّ كثيراً من المفسّرين ذكروا لها هذا السبب للنزول، ومن جملتهم القرطبي، وروح البيان، وروح المعاني، والميزان، والفخر الرازي، وفي ظلال القرآن، وأبو الفتوح الرازي وكنز العرفان، وكثير من كتب الحديث والتاريخ مع وجود إختلافات.
المفضلات