الفصل السادس
بحارالأنوار ج : 46 ص : 135
عن كتاب الفضائل لابن شاذان و عن كتاب كتاب الروضة:
مِمَّا رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ ثِقَاتٍ أَنَّهُ لَمَّا وَرَدَتْ حُرَّةُ بِنْتُ حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةِ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيِّ فَمَثَّلَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ لَهَا :
أَنْتِ حُرَّةُ بِنْتُ حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةِ ؟
قَالَتْ لَهُ : فِرَاسَةٌ مِنْ غَيْرِ مُؤْمِنٍ.
فَقَالَ لَهَا : اللَّهُ جَاءَ بِكِ فَقَدْ قِيلَ عَنْكِ إِنَّكِ تُفَضِّلِينَ عَلِيّاً عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ فَقَالَتْ : لَقَدْ كَذَبَ الَّذِي قَالَ إِنِّي أُفَضِّلُهُ عَلَى هَؤُلَاءِ خَاصَّةً
قَالَ : وَ عَلَى مَنْ غَيْرُ هَؤُلَاءِ؟!
قَالَتْ : أُفَضِّلُهُ عَلَى آدَمَ وَ نُوحٍ وَ لُوطٍ وَ إِبْرَاهِيمَ وَ دَاوُدَ وَ سُلَيْمَانَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليهم السلام .
فَقَالَ لَهَا : وَيْلَكِ إِنَّكِ تُفَضِّلِينَهُ عَلَى الصَّحَابَةِ وَ تَزِيدِينَ عَلَيْهِمْ سَبْعَةً مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ أُوْلِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ إِنْ لَمْ تَأْتِينِي بِبَيَانِ مَا قُلْتِ ضَرَبْتُ عُنُقَكِ .
فَقَالَتْ: مَا أَنَا مُفَضِّلَتَهُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَهُ عَلَيْهِمْ فِي الْقُرْآنَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي حَقَّ آدَمَ : وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى وَ قَالَ فِي حَقِّ عَلِيٍّ وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً
فَقَالَ أَحْسَنْتَ يَا حُرَّةُ فَبِمَا تُفَضِّلِينَهُ عَلَى نُوحٍ وَ لُوطٍ فَقَالَتْ : اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَهُ عَلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ:
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَ قِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَانَ مِلَاكُهُ تَحْتَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى زَوْجَتُهُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ الَّتِي يَرْضَى اللَّهُ تَعَالَى لِرِضَاهَا وَ يَسْخَطُ لِسَخَطِهَا
فَقَالَ الْحَجَّاجُ أَحْسَنْتِ يَا حُرَّةُ فَبِمَا تُفَضِّلِينَهُ عَلَى أَبِي الْأَنْبِيَاءِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ
فَقَالَتْ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَهُ بِقَوْلِهِ : وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي وَ مَوْلَايَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ قَوْلًا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ مَا ازْدَدْتُ يَقِيناً وَ هَذِهِ كَلِمَةٌ مَا قَالَهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ وَ لَا بَعْدَهُ فَقَالَ أَحْسَنْتِ يَا حُرَّةُ فَبِمَا تُفَضِّلِينَهُ عَلَى مُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ ؟
قَالَتْ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام بَاتَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه واله لَمْ يَخَفْ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَقِّهِ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ
قَالَ الْحَجَّاجُ أَحْسَنْتِ يَا حُرَّةُ فَبِمَا تُفَضِّلِينَهُ عَلَى دَاوُدَ وَ سُلَيْمَانَ عليهم السلام؟
قَالَتْ : اللَّهُ تَعَالَى فَضَّلَهُ عَلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ : يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ لَهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَتْ حُكُومَتُهُ؟
قَالَتْ: فِي رَجُلَيْنِ رَجُلٍ كَانَ لَهُ كَرْمٌ وَ الْآخَرِ لَهُ غَنَمٌ فَنَفَشَتِ الْغَنَمُ بِالْكَرْمِ فَرَعَتْهُ فَاحْتَكَمَا إِلَى دَاوُدَ عليه السلام فَقَالَ تُبَاعُ الْغَنَمُ وَ يُنْفَقُ ثَمَنُهَا عَلَى الْكَرْمِ حَتَّى يَعُودَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ وَلَدُهُ لَا يَا أَبَهْ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ لَبَنِهَا وَ صُوفِهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَ إِنَّ مَوْلَانَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّاً عليه السلام قَالَ :
سَلُونِي عَمَّا فَوْقَ الْعَرْشِ سَلُونِي عَمَّا تَحْتَ الْعَرْشِ سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي وَ إِنَّهُ عليه السلام دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه واله يَوْمَ فَتْحِ خَيْبَرَ فَقَالَ النَّبِيُ صلى الله عليه واله لِلْحَاضِرِينَ أَفْضَلُكُمْ وَ أَعْلَمُكُمْ وَ أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ فَقَالَ لَهَا أَحْسَنْتِ
فَبِمَا تُفَضِّلِينَهُ عَلَى سُلَيْمَانَ؟
فَقَالَتْ : اللَّهُ تَعَالَى فَضَّلَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى رَبِّ... هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي وَ مَوْلَانَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ عليه السلام قَالَ طَلَّقْتُكِ يَا دُنْيَا ثَلَاثاً لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً
فَقَالَ أَحْسَنْتِ يَا حُرَّةُ فَبِمَا تُفَضِّلِينَهُ عَلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام .
قَالَتْ:
اللَّهُ تَعَالَى عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ الْآيَةَ فَأَخَّرَ الْحُكُومَةَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَمَّا ادَّعَوُا النَّصِيرِيَّةُ فِيهِ مَا ادَّعَوْهُ قَتَلَهُمْ وَ لَمْ يُؤَخِّرْ حُكُومَتَهُمْ فَهَذِهِ كَانَتْ فَضَائِلَهُ لَمْ تُعَدَّ بِفَضَائِلِ غَيْرِهِ
قَالَ أَحْسَنْتِ يَا حُرَّةُ خَرَجْتِ مِنْ جَوَابِكِ وَ لَوْ لَا ذَلِكِ لَكَانَ ذَلِكِ ثُمَّ أَجَازَهَا وَ أَعْطَاهَا وَ سَرَّحَهَا سَرَاحاً حَسَناً رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهَا .((ولعن الله الخبيث الجائر الحجاج حيث كان في سجونه الغير مسقفة الآلاف من امثال الحرة رضوان الله تعالى عليها رجالا ونساء عراة لانهم يحبون امير المؤمنين عليه السلام
فلعنة الله عليه وعلى من مهد له؛
ولم يكن عطائه سخاءا وانما اراد ان يتلافا جهله وارغام انفه وهو يدعي انه امير وهذه امراة وسكتته واخرسته ودحضته باقوى الحجج فصار اخس من خرقة بالية امام هذه الموالية البطلة فرضوان الله تعالى عليها ونشكر الله الذي انجاها))
</b></i>
المفضلات