الحق المغدور


بقلم الشيخ عباس الريس

آياتُ ذكرك لم تزل تتكررُ *** نغماً على شفة الزمان وتُذكرُ
ورنين صوتك في مسامع اهلهِ *** وعي ولكن أين من يتفكّرُ
آنست من وادي الحمى أنشودة *** والقلب ينجد للغرام ويصحرُ
رقصت لها الأطيار فوق غصونها *** ولكم شدا عودُ ورجع مزهرُ
وبراعمّ هبت بها ريح الصبا *** والكل من تلك البراعم يقطرُ
وتفتح الورد الجميل فأعقبت *** من نفثه طيباً ولكن أذفرُ
وتغيرت صور الحياة وإنها *** صور الجمال تريك كيف تصورُ
والراقصات تبخرت في إفقها *** طرباً وكانت قبل لا تتبخّرُ
حدّث بروح عن نفوس أولى النهى *** يرويه من لم يكذبوا ويزورا
تاريخه يوم الغدير فإنه *** يوم به ساد البرية حيدرُ

يومً أطل على الرسول بدربه *** والمسلمين المهتدين فكبروا
وتباشرت تلك النفوس بما جرى *** ولقد رأيت بأن ذلك يجدرُ
نزل الأمين لأحمد برسالةٍ *** والأرض قفر والهجيرةُ تصهرُ
ملأ السراب فجاجها فكأنها *** طبقات في الخيال وأبحرُ
ما مر فيها العيس الا وانثى *** وارى اللهى والآل بحر يزخر
تلك الاماني للفتى يجعلنه *** ملكاً ولكن نيلها يتعسرُ
لا يبغ المجد الفتى بخياله *** إن الخيال لفكرة تتبخرُ
ويضيع عمر المرء حتى أنه *** يحيا على ذاك الخيال ويُقبرُ
بلغ رسالته وإلا لم تكن *** بلغت في علم الهدى ما تؤمرُ
قل للبرية يومك إنهم *** فلك يدور وأمر حيدر محور

وأشاع في دنيا الحجيج بأنه *** أمر وتنفيذ الأوامر أجدرُ
حطوا ولكن لم يكن من ملجأ *** فالصخر جمر والرمال تسعرُ
وجرى خفوق في القلوب لأنها *** قد اضمرت حقداً به تتفجرُ
ورنت له تلك العيون فليتها *** من بعد ما بصرت لا تبصرُ
لكنما تعمى القلوب وانما *** في القلب نور منه عينك تنظرُ
كتل من البشر الذين تجمعوا *** حول الرسول وعدهم لا يُحصرُ
كل تناسى ماله قد أوقفوا *** بالله قل لي كيف ذلك يُغدرُ
الشمس يحجبها السحاب لفترةِ *** فتمزق السحب الكثيف وتظهرُ
(أمر كما قال البداهة قائل *** النور نور) ليس ذلك يُنكر
ومن الشذوذ بأن تكون مكابراً *** فيه فيومُ غدير خُم أكبر

ورقى من الأحداج احمدُ منيراً *** قد كان رمز الدين ذاك المنبرُ
فتخالُه طه فوقه *** ناراً على علم أشم تنورُ
بل شمس قدس يستضاء بنورها *** والعين إن قذيت به تقهرُ
بل نور رب عين البصيرة غفوة *** بدت النواظر في عمى لا تشعرُ
وكذلك الحق المشين لأهله *** يعدو ويقتل أهله ويدمرُ
ونتائج العقل السليم صحيحة *** ان أتقن الانسانُ كيف يفكرُ
هل تطرب الصب المتيم بومة *** والعندليبُ بصوته هل يُنكرُ ؟
وأطل في الجمع الغفير وكفه *** شُفعت بكف بعد ذاك ستوتر
لم يخلق الرحمنُ أجمل منظراً *** من حيدر في جنب طه يخطرُ
يا منظراً سلب القلوب بسحره *** لم يبدُ للرائين مثللك منظرُ
منن من الرحمن يعسر عدها *** لكنما نكرانها لا يعسرُ
سبحانك اللهم قد أكرمتنا ***بمحمد فهو البشر المنذرُ
نادى فكان نداؤه في نبرة *** منها لتنتعش القلوب وتسكرُ
من كنت مولاه فهذا حيدر مولاه *** هذا امر ربي فاذكروا
لا تحسدوه فانه هو خيركم *** وحذار من أن تغدروه فتكفروا
فخذل الهي من بحيدر يغدرُ *** وانصر الهي من لحيدر ينصرُ
واشهد عليهم انني بلغتهم *** في شأن حيدر واجباً فتدبروا
أوضحت للحق الصراح طريقكم *** وجعلتُ حيدر للطريق يؤشرُ
قم سائل النفر الأولى قد بخبخوا *** وتجاهلوا الحق المبين وأنكروا
كيف استطاعوا نكر كل حقيبقة *** وهي الغزالة في الضحى بل أنورُ
كيف استطاعوا جحد كل فضيلة *** من دونها أم الفضائل تقصرُ
حتى الغدير رأوه وهو حقيقة *** حلماً يطوف على العقول ويعبرُ
لله حق قد أضيع وانه *** قبس يضيىء به القلوب وتزهرُ
ياباني الأسلام صرحاً شامخاً *** ومبيد آساد الوغى اذ تزأرُ
ومكسر الاصنام حيث تجمعت *** فكم استغاث يغوث وهو يزمجرُ
بك يستغيث الدين من فعل الأُلى *** قد نافقوا في قولهم وتأمروا
فارحم صريحاً ضج محترق الحشى *** عبثاً يجبل الطرف وهو محيرُ
واحفظ بقيته التي قد أصبحت *** لو لا بقيتكم - محمدُ – تهجرُ
يا صاحب الفتح المبين وانما *** بجهاد مثلك يبتنى ويعمرُ
قم وانظر الدرب الذي عبدته *** بمعارك ناجاك فيها الأبترُ
نعب الغراب ويالشؤم نعيبه *** ببني الهدى فتراجعوا وتقهقروا
ساروا على الدرب الطويل وما دروا *** فالدرب فيه تعرج وتعثرُ
ومشا على ذاك التعرج ولهاً *** فتشتتوا فاستضعفوا فتحيروا