تنفرد بنشر ما فعله جزّار كترمايا بضحاياه إذ عملت سكّينه على جزّ أعناق طفلتين وعجوزين (صور لضحايا القاتل)

مايو 4, 2010 ·

يبدو أن تعطش الناس للدماء، لا يختلف باختلاف وعيهم. لم يتفاعل الفايسبوكيون (من اللبنانيين) مع خبر جريمة القتل التي روعت أهالي قرية كترمايا.
خبر الجريمة، ورد في سطور قليلة، في معظم المواقع الالكترونية،غابت عنها الصور. فلم يشاهد الفايسبوكيون، الجد السبعيني ولا زوجته، ولا حفيدتيهما، طفلتي التسعة والسبعة أعوام، جثثا مضرجة في الدماء. فأتى الخبر عنوانا جاذبا، يشد الأعصاب للحظة، ثم يريحها بالإجابة على الأسئلة الرئيسة التي تكون الخبر أو بعضا منها.

حد من الفايسبوكيين، على الأقل من أولئك الذين تربطني بهم علاقات فايسبوكية، لم يبادر إلى لصق هذا الخبر على حائطه أو وضع تعليقا حول هذا الجريمة، المصيبة لأهلها، والخبر.

في اليوم التالي، جريمة أخرى. أهالي كترمايا، انهالوا على القاتل خلال تمثيله الجريمة، وانتهوا إلى نحره، تماما كما استخدم السكين في جريمته في اليوم السابق.

ثأروا….وعلقوه، “عبرة لمن اعتبر”، تماما كما كانت تنفذ أحكام الإعدام في الساحات. ضرب من “الهمجية واللا إنسانية”، صُوِر، وأصبح الخبر الأكثر قراءة على بعض المواقع الإلكترونية. هبت حماسة الفايسبوكيين، لصقوا الخبر، ذيلوه بتعليق يربط جريمة اليوم بما قاله وليد جنبلاط عن الانتقال من البداوة إلى التمدن!!! وانهالت التعليقات.

همجية قتل القاتل، في القرية التي يقال إن غليانا حكم أهلها منذ لحظة اكتشافهم الجثث الأربعة، اهتزت له الإنسانية الكامنة في نفوس الفايسبوكيين، صعقت، إثر هذا الفعل النابع من انجراف كلي وراء الغرائز الأساسية، وراء الفاجعة أيضا.

وسائل الإعلام، الصحافيون، صانعو الرأي، وغيرهم من الحريصين على حقوق الإنسان، وتعزيز حس المواطنة المفقود، وغيرهم، أبدوا عطشا رهيبا للدم وغير مسبوق إلا بواقعة الانتقام الجماعي من قاتل يوسف وكوثر وآمنة وزينة.

الإعلاميون، وهم أصحاب مهنة الصورة، الأجدر على فهم حقيقتها وتفكيكها، خضعوا للصورة التي شاهدوها يوم الخميس. تحت تأثير فظاعة ما شاهدوه، انساقوا كليا وراء هذه الفظاعة.

ونسوا مأساة عائلة لم يسمح لها ما جرى يوم الخميس، أن تبكي أحباءها. لأن الصحافيين، ببساطة، نسوا. لم تصعقهم صور ليوسف وكوثر وأمنة وزينة، صور مشبعة بدماء تروي ظمأ إنسانية صدئة أصلا. فباتوا في كل مرة يكتبون ويحللون، وفي كل مرة يحاولون إدانة المجتمع القاصر إنسانيا، وفي كل مرة يحاولون التنصل من هذا الخزي الذي لحق بهم باعتبارهم أفرادا في هذا المجتمع “القطيع”، يتماهون مع الهمجية المدانة. يدينون الحدث فيما هم يمجدون صورته. فغابت حكاية رنا… أحد لم يعرف إن كان يوسف يظن أن نهاية مشواره سيكون في داره غارقا بدمائه. هل أحد علم إن كانت آمنة بدأت ترسم أحلام مراهقة مبكرة، أو الكلمة

الأخيرة التي نطقت بها زينة عندما أسرعت إلى داخل المنزل؟ غابت كل هذه الحكايا، في غياب الصورة. لم تكن الكلمات كافية.

فقتل يوسف وكوثر وآمنة وزينة، أكثر من مرة… كل الإدانات مباحة. كل النعوت مسموحة. كل محاولة لدرس ما جرى في سياقه الاجتماعي، مقدرة.

القبلية، الجماعة، الثأر، الثقة، الدولة، الأمثولة، الفاجعة… كل ذلك يمكن التطرق إليه من دون قيد أو شرط.

ويجوز أيضا، أن ينهار تماسكنا الهش، أمام مقتل مسنين وحفيدتيهما في منتصف النهار، بالسكين! من دون أن تستبيح عدسات الكاميرا، وجه عجوز تعب، أو ابتسامة اقتلعت على عجل.

ومن دون أن تروى عيوننا العطشى للدماء تماما كهمجيتنا.


للاسف لم انشر الصور لانها مؤذية للنظر ومرعبة