بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
الحلقة السادسة
السيدة سكينة عليها السلام في كربلاء
يذكر العلامة أبو اسحاق الاسفرائيني رحمه الله في كتابه (نور العين في مشهد الحسين عليه السلام ) عن حضور السيدة سكينة عليها السلام في واقعة كربلاء ومشاركتها المصائب الأليمة لشهادة أخيها الامام الحسين عليه السلام وشهداء كربلاء وأسر أهل البيت وينقل عنها أشعارا حزينة في مختلف ابواب كتابه
ويذكر الاسفرائيني في أحد كتبه المحاورة التي جرت بين الامام الحسين عليه السلام واخته السيدة سكينة عليها السلام في مكة سننقلها بايجاز
بعد ان خرج مسلم بن عقيل مع مرسل اهل الكوفة عن الامام الحسين عليه السلام متوجها الى الكوفة ذهب الامام عليه السلام الى اخته سكينة عليها السلام وأخبرها بظلم يزيد وعبيدالله بن زياد على اهل الكوفة والعراق واستمدادهم منه ودعوته له ثم قال عليه السلام لأخته عليها السلام يا أختاه قومي وهيئي أمور سفرنا ولنتحرك
فعندما سمعت سكينة عليها السلام ماقاله الامام عليه السلام وعيناه تدمعان لما أصاب أهل الكوفة من الظلم والجور قالت لأخيها وعيناها تدمعان يا اخي لا أبكى الله عينا الا من خشيته
يا أخاه نحن جاهزون للسفر ولكننا على ابواب شهر محرم الحرام ونرغب أن نكون في بيت الله الحرام يوم عاشوراء ...يا اخاه ائذن لنا أن نبقى هنا حتى ننهي مناسك الحج وندرك يوم عاشوراء في جوار الكعبة المشرفة اني لا استحسن سفرنا في الأشهر الحرم لما سمعته من جدي رسول الله صلى الله عليه وآله ان دم الحسين يسفك في الشهر الحرام فاصبر يا اخاه كي ينصرم محرم هذه السنة لكي يكن قلبي
فقال لها الامام الحسين عليه السلام يا اختاه أنا كذلك سمعت ما سمعتيه من جدي ولكن لا جدوى من ذلك لأن اهل الكوفة والعراق أقسموا علي بالله وبجدي وبأبي أن أذهب اليهم هذة السنة وان لم أفعل لشكوني يوم القيامة عند ربي وماذا افعل يوم ذاك وأجيب وان كان لابد أن أقتل فلا راد لقضاء الله ومشيئته فانهضي ولنتهيئ للسفر ونتوكل على الله في كل الأحوال فقامت عليها السلام وعيناها تقطر دمعا وتقول
الا ان شوقي في الفؤاد تحكما **** فقلت جرى يحكي من الجد عندما
ولما تهيا للمسير ركابهم **** فقلت لعيني أبدلي الدمع بالدما
فان عاد لي يا عين كان لك الهنا **** وان طال بي الأبعاد بشرت بالعمى
ايا قلب لا تنس الوداد وما جرى **** فأيامنا كانت بها العيش منعما
وغادرنا سهم الفراق أصابنا **** وجرعنا كأس التفرق علقما
وبعد ذلك ذهبت الى عبدالله بن الزبير وشرحت له ذهاب الامام عليه السلام الى الكوفة فخرج عبدالله فور أن سمع ذلك الى الامام الحسين عليه السلام قائلا اعدل عن رايك وابق عندنا في مكة لعل الله يسهل الأمور محبتنا لك كاف لكي تترك العراق والكوفة وان كنت تريد الخلافة فخذ منا البيعة وكن من اليوم خليفتنا واذا قام يزيد لمحاربتك لحاربناه ونجعل الناس كلهم تحت امرك وطاعتك
فلم يقبل الامام عليه السلام ما عرضه عبدالله قائلا اقسم وبقبر جدي رسول الله صلى الله عليه وآله يجب ان اذهب اليهم
وهكذا حمل الامام عليه السلام الابل واتجه نحو المدينة برفقة أهل بيته من النساء والأطفال وسبعة عشر رجلا من أهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله من أبنائه واخوته وأبناء اخوته وأبناء عمه اضافة الى ستين صحابيا من الراكبين والمشاة فجاء اليهم عبدالله بن الزبير قائلا خذوني معكم فان معي الفي فارس شجاع
فقال له الامام عليه السلام لا داعي لذلك لا يأتي معي سوى هؤلاء السبع والسبعون شخصا
فيذكر العلامة السفرائيني وقائع يوم عاشوراء في قسم آخر من كتابه هكذا فجاء ميمون فرس الامام الحسين عليه السلام والذي كان من أحسن جياد رسول الله صلى الله عليه وآله ينظر الى الأجساد واحد تلو الآخر وكان وهو يمشي بينهم حتى وصل الى جسد الامام عليه السلام فرآه مقطوع الراس فبدأ يدور حول الجسد الشريف ويلطخ ناصيته بدمه فلما رآه عمر بن سعد (لعنة الله عليه ) قال لاصحابه ائتوني به
فلما ذهبوا اليه لم يستسلم فهجم عليهم ثم قتل وجرح عدة منهم وأبعد الباقي عن نفسه ثم رجع ثانية الى الجسد الشريف وصهل صهيلا عاليا ملأ سماء كربلاء وذهب بعد ذلك الى خيام أهل البيت ... وعندما خرجت السيدة سكينة عليها السلام من خيمتها وحين رأت الفرس ملطخا بالدماء يصهل ويئن أسفا دون الحسين عليه السلام صاحت واقتيلاه واحسيناه واغريباه ثم قرأت الابيات التالية
فويلك يا ميمون فأرجع بسرعة **** وخبر عن السبط الشريف هدى العلا
وأين تركت السبط ميمون قل لنا **** وأين الذي قد كان للخطب حاملا
أميمون تغدر بالحسين وما لنا **** كفيل وللحمل الثقيل تحملا
والجدير بالذكر أن العلامة السفرائيني قد ذكر في كتابه بالتفصيل تاريخ واقعة كربلاء ويذكر السيدة سكينة عليها السلام وأشعارها المحزنة والمؤلمة في عدة مواقع ومناسبات مختلفة ونحن ذكرنا هنا فقط زوايا مختصرة عنها عيليها السلام وعن اشعارها
((ابو اسحاق بن محمد بن ابراهيم الاسفرائيني المتوفى في يوم عاشوراء عام 418 هجري فقيه شافعي ومتكلم أصولي له كثير من التلامذة في مدينة نيشابور القريبة لمشهد الامام الرضا عليه السلام في ايران
والى اللقاء في الحلقة السابعة
مع تمنياتي لكم جميعا بالتوفيق
ابو طارق
المفضلات