الدعاء
الدعاء.. هو الطلب من الله والرغبة فيما عنده من الخير. وقد استعمله الأنبياء والأئمة والصالحون منذ آدم (عليهم السلام).
روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
[.. أفضل عبادة اُمتي بعد قراءة القرآن الدعاء].
وفي الدعاء جهة اقتضاء للإجابة، وهو أحد علل هذا العالم المؤثّرة في مصير الإنسان.
وسرّ الأمر في أثر الدعاء أنّ الإنسان كلّما تقرّب إلى الله ـ تعالى ـ، وإن كان هو أقرب إليهم من حبل الوريد، لكنّهم عنه ساهون.
وقد عنى الشارع بالدعاء، وروي لكلّ من الليل والنهار، ولكلّ يوم من أيام الاُسبوع، وللشهور، وحالات الإنسان ومطالبه الدنيوية والاُخروية.. وظائف من الدعاء والذكر.
وجاءت لاستجابة الدعاء وتأثيره.. شروط وآداب(1) يلزم مراعاتها; وكلّما كانت حاجة الإنسان أكبر.. عليه أن يجدّ أكثر لرفع موانع قبول الدعاء.
إنّنا ندعو.. إنّنا نتكلّم مع الله ـ سبحانه
إنّنا ابتدأنا نتصوّر حجم قدرتنا.. نعي مسؤولياتنا... المسؤولية ضرورة حياتية، والوعي: الشرط الأول للإحساس بالمسؤولية.
إنّ الإنسان مسؤول عن بلوغ سنّ التكليف حتى آخر لحظة من حياته ـ حسب ما لديه من (معرفة) و (قدرة) و (اختيار) ـ..
____________
أين يقضي أوقاته؟ مع من يسير؟ ماذا يقول؟ في أيّ طريق يبذل؟ كيف يتصرّف؟ كيف يرعى حقوق نفسه؟ اُسرته..؟ مجتمعه الخاص..؟ المجتمع الإنساني؟.
.. مسؤول أن يعيش حياة هادفة.. يعرف وظائفه، ويلتزم بها، لينتهي إلى السعادة في الدنيا والآخرة.
من آداب الدعاء
من أهم آداب الدعاء.. أن يفهم الداعي معاني كلمات الدعاء. أن يعرف ماذا يقول.. ماذا يريد.. وممّن يريد.. وبأيّ كيفيّة يريد.. ولأيّ غاية يطلب ما يريد... في دعائه.
عن الإمام عليّ (عليه السلام): [لا خير في عبادة بلا فقه، ولا في قراءة بلا تدبّر].
وفي دعاء كلّ يوم من أيام رجب [اللّهمّ إنّي أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاةُ أمرك].
والتوجّه لمعاني ما يقرأ في الدعاء.. من دواعي الإجابة.
... ولا يُترك الدعاء استصعاباً لآدابه، فأداؤه مفيد حتى بالصورة المتعارفة، لأنّها تنبّه الداعي بدرجة ما، وقد تأخذه تدريجاً لما يقتضي أن يكون عليه من آداب الدعاء... فوظائف الحياة.
دعاء كميل
وجه تسميته .. بعض ما يتعلّق به
عرف الدعاء بـ (دعاء كميل) نسبة لراويه كميل بن زياد، الذي تعلّمه من الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
كميل بن زياد ـ راوية الدعاء
كميل بن زياد النخعي، من خواص أصحاب أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، وأصحاب سرّه، كان عامله على (هيت) ، وكان من أصحاب الإمام الحسن بن عليّ (عليه السلام).
سكن الكوفة، قتله الحجّاج سنة 83 هـ مع من قتل من أكابر العلماء وحفظة القرآن الكريم. قال عنه الذهبي صاحب (ميزان الاعتدال): "حدّث عن عليّ (عليه السلام) وغيره، شهد صفّين مع عليّ (عليه السلام) ، وكان شريفاً مطاعاً ثقة عابداً".
ومقبرة "كميل" تقع اليوم في حي الحنّانة من أحياء مدينة النجف الأشرف.
من فوائد قراءة (دعاء كميل)
من المعروف أنّ قراءة (دعاء كميل) تجدي في إجابة الدعاء، وكفاية شرّ الأعداء، وفتح باب الرزق، وغفران الذنوب.
عن الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه قال لكميل بن زياد: (إن حفظت هذا الدعاء، فادع به كلّ ليل جمعة، أو في الشهر مرّة، أو في السنة مرّة، أو في عمرك مرّة، تكف، وتُرزق، وتُنصر، ولن تعدم المغفرة).
ظاهرة (دعاء كميل) وآثره في التربية الذاتية
توسّلّ إلى الله بصفاته الحسنى.
.. ما يوحي إلى الداعي أن يتنبّه من غفلته، ويعرف مع من يتكلّم، إنّه يتكلّم مع الله، الذي خضع لقدرته كلّ شيء، وأحاط علمه بكل شيء.
إظهار العبودية لله،... وبيان ضعف الداعي وفقره، وعدم قدرته،... يقابله بيان عظمة الله، وسعة رحمته، والثقة بها، ـ كلّ ذلك من أسباب العفو واستجابة الدعاء ـ وهو تعليم لاُسلوب المسألة منه ـ تعالى ـ..
.. ما يبعث الداعي على البعد عن التكبّر ـ وهو يستشعر العبودية لله ـ والسير مع العقل، ليعرف مكانه من المجتمع والعالم، ويضع الأشياء بمواضعها، طبق نظام الخلقة.. نظام الشريعة الإسلامية.
اعتراف بنعم الله ـ سبحانه ـ.. واعتراف بالذنب والتقصير، واعتذار، واستعطاف، وشكوى إلى الله تعالى، وبيان اضطرار، وشدة ابتلاء، واستغاثة، والتجاء، وانقطاع له ـ سبحانه ـ، وضمن الإعتراف بيان لصور الرقابة على الإنسان، وتعداد لبعض آثار الذنوب، وصور عذاب الآخرة.. وكيفية الوقوع في
المخالفة، وتشخيص العدو الأول.. الشيطان..
.. ما يوحي إلى الداعي بالخشوع، والتوبة، ومحاسبة النفس، والتقيد بأحكام الله، والتحفظ من الذنوب، ومن العدو الأول.. الشيطان.
عرض لوازم السير والسلوك..
..ما يزوّد الداعي طاقة حية من العزم، والهمة، والفتوة، وإلزام النفس باستثمار الحياة والعمل الصالح، ومنعها عن الكسل.
جاء في الدعاء تكرار لبعض المعاني المتقاربة بألفاظ متعددة، وهو من البلاغة، واُسلوب التكرار والإعادة مألوف في الأدعية والمناجاة.. لغرض التأكيد، ولمزيد الاهتمام بالمعاني المعروضة، وللالحاح وإطالة المكالمة مع المحبوب ـ سبحانه ـ..
.. روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): بأنه ـ تعالى ـ كره الحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة، وأحبّ ذلك لنفسه.
يحسن أن يعيش الداعي في جوّ معاني ما يقرأ، ويعمل قدر الإمكان لإيجاد ما يدعو به من حالات ـ وهو يقرأ الدعاء ـ... (خاشع) (معتذراً، نادماً) (منيباً) (واُسرع إليك في المبادرين، وأدنو منك دنو المخلصين، وأخافك مخافة الموقنين)..
ملتفتاً لنفسه وأمراضه المهلكة، وهو في مقام إظهارها وتعدادها لغرض المعالجة أمام الطبيب الحقيقي ـ عزّ اسمه ـ.
جاء في كتاب "مصباح المتهجّد" لمحمد بن الحسن الطوسي (385 ـ 460 هـ):
(روي أنّ كميل بن زياد النخعي رأى أميرالمؤمنين (عليه السلام) ساجداً يدعو بهذا الدعاء ليلة النصف من شعبان)..
يتبع >>>
المفضلات