النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: لماذا نصلي؟

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    عضو نشط الصورة الرمزية الياقوتةالحمراء
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    107
    شكراً
    26
    تم شكره 12 مرة في 10 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    544

    Post لماذا نصلي؟

    لماذا نصلي؟
    الصلاة وإن كانت لا تمثل برأي كثير من العاملين، والمراقبين إلا عملاً عبادياً، وهدفاً للزهاد والرهبان، مؤثراً في إبراز حالة الخضوع والتسليم في العلاقة بالخالق. لكن دراسة لآداب هذه الفريضة السامية، وشروطها، ومضامينها، وحقيقتها تبرزها كعامل مهم في إصلاح نفوس البشر، والسيطرة على انظمة المجتمع العامة إضافة إلى اقرارها كعمل عبادي.
    وأساساً فإن كل عبادة وطاعة يقوم بها الإنسان وفق التكليف لا يمكنها ـ لاستغناء الذات المقدسة ـ أن تعود بأدنى نفع على الذات الربوبية، أو تتضمن فخراً ومباهاة أو إرضاء رغبة في المبدأ الأبدي الدائم. كما أن الكائنات جميعاً لو كفرت لم يعلق بثوب كبريائه ذرة من غبار!
    وإذ لا نفع يعود عليه، ولا حاجة به إلى شيء وهو صاحب العظمة المطلقة، والعالم بأسره خاضع تكويناً له، فلم شرع ما ينم عن الخضوع، وينبئ عن الطاعة، وعدها واجبات على الإنسان. وإذا أمكنه رزق الجميع من خزائنه اللامتناهية اللامتناقصة، ومضاعفة النعم، فلماذا يأمر الإنسان المولع بالدنيا، العالق بها أن يبذل بعض ماله المحدود؟ وما الهدف من وراء هذه التشريعات؟!
    إن شكر المنعم، وطاعة ولي النعمة أمر أخلاقي وعاطفي وإنساني بل لاتني الحيوانات ذات الشعور والاحساس أيضاً عن أداء الواجب هذا. فهل الشكر والحمد والثناء عند منعم كرب العالمين كما هو عند الإنسان الفقير مادياً ومعنوياً؟... الإنسان الذي يهب بعين الأمل، ويترك الشكر في نفسه أثراً مشجعاً ومرضياً على القلب؟
    (سبحان ربك رب العزة عما يصفون)[5]. (ما لكم كيف تحكمون)[6].
    (ومن شكر فإنما يشكر لنفسه)[7].
    إن نظرة كهذه إلى الصلاة يجعلها تبدو عملاً شاقاً، ويحيل الانقطاع عن المشاغل الدنيوية ـ العائدة للإنسان والمختصة بتقدمه ـ أثناء إقامة الصلاة أمراً عسيراً.
    (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين)[8].
    الصلاة شاقة إلا على من يدرك مقام الربوبية، يؤمن بعظمة الخالق وغناه، ويعلم أن الصبر والصلاة عاملان معينان على إحرازه التقدم في أموره، ونيل أهدافه ومقاصده، وسمو نفسه وتكامله[9] وليسا عاملين معينين على ربوبية الرب!
    وبعد إذ فتحنا زاوية جديدة في النظر إلى الصلاة والعبادات الأخرى ننصرف إلى دراسة آثار الصلاة، واسرارها، على أمل أن يذيقنا الله طعم هذا الغذاء الروحي، ويلهمنا تجنب التقصير والتهاون في الصلوات.
    1 ـ تلبية حاجة الإنسان الباطنية والنفسية:
    لاريب أن الإنسان يفتقر للفرار من العزلة، وسلوك سبيل المعيشة الإنسانية والحياة الطيبة، والتخلق بالأخلاق الكريمة الفاضلة، والتخلص من الشعور باليأس والكلل والملل إلى عامل بمقدوره أن يسيطر على روحه، ويسخرها له، ويلزمها تفادي الانحرافات وتجنب المعاصي والموبقات، ويلهمه روح التعاون والتآلف والمحبة والتعاطف، ويبعث فيه الحيوية والنشاط حين يذوي وينهار، ويتعب ويمل.
    وعلماء النفس والاجتماع والمتخصصون في الأمور التربوية يجمعون على أن هذه القوة تنشأ من مصدر العقيدة إذ يقول عالم النفس الانجليزي المعروف "هنري لنك" عقب إجرائه تحقيقات واسعة ومتشعبة على أكثر من عشرة آلاف إنسان كئيب ومجرم وضال ما يلي: "ادرك اليوم جيداً ما للاعتقاد الديني من أهمية في حياة الإنسان. فقد عثرت من خلال هذه التجارب على نتيجة مهمة هي: إن من يدين بدين، أو يؤمن بعقيدة، أو يرتبط بمعبد يتمتع بشخصية إنسانية سامية، ويحظى بكرامة خاصة قياساً إلى الخليّ من الإيمان المفارق للعبادة"[10].
    ويقول عالم روسي: "لا تكمن مشكلتنا في صحة المذهب الرأسمالي أو الشيوعي بل في استبدال الثقافة المادية بثقافة إنسانية"[11].
    ونشر مركز الصحة النفسية في جامعة سانت لويس في أميركا كتاباً تحت عنوان "العوامل المنسية في الصحة النفسية" تناول فيه المذهب وأنه أهم وأكبر العوامل المؤثرة في الصحة النفسية وحفظ سلامة المجتمع، وأكد: "أن من يذهبون إلى الكنيسة مرة كل أسبوع يعانون من مشاكل نفسية أقل".
    ويقول يونك عالم النفس المعاصر المعروف: "عالجت مئات المرضى فلم أجد من بين كل من عالجتهم من لا تكون مشكلته على ارتباط بالعثور على العقيدة الدينية في الحياة. أقول ـ مطمئن البال ـ إن كل واحد منهم صار مريضاً لأنه أضاع ما أتت الأديان الحية في كل عصر أتباعها. فلا علاج لهم ما لم يستعيدوا عقيدتهم الدينية"[12].
    فما يعذب العالم الغني بالتقنية والتصنيع الحديث اليوم هو الشعور بالفراغ الروحي، وافتقاد الاطمئنان النفسي إذ تخصص المراكز الصحية 50% من اسرة المستشفيات في أميركا للمصابين بالأمراض النفسية والروحية، ويتناول أكثر من 75% من تلامذة المدارس الإعدادية فيها المواد المخدرة[13].
    وقد ابدى قادة الغرب والشرق في العام 1962 قلقاً شديداً إزاء فقدان عنصر الدين عندهم، وتوقعوا مستقبلاً مثيراً للقلق في بلدانهم.
    فكندي يقول مثلاً: "سيواجه أميركا مستقبل مفجع فالشباب منغمس في الملذات، عازف عن تنفيذ الواجبات التي بعاتقه بدقة. إذ يظهر في كل سبعة ممن يبعثون لأداء الخدمة العسكرية من الشباب ستة متميعون غير لائقين".
    ويقول خروشوف في اعترافاته حول فقدان عنصر الدين وعواقبه: "إن مستقبل الاتحاد السوفيتي في خطر، إذ يفتقد الشباب تماما كل ما يبعث على الأمل فكم غدوا متحللين وأسرى شهوات"[14].
    وفي خضم أمواج قلقهم واضطرابهم هذه يعد القرآن الكريم (ذكر الله) خير شاف ومسكن للأفئدة والقلوب، ويعتبر الصلاة خير مصداق للذكر. فكل تشوش وانفعال، وقلق واضطراب يمكن معالجته بإقامة ذكر الله على فواصل ليلية ونهارية مختلفة، فيهدأ الكيان المنفعل، ويخفت جموح الهوى، ويجد القلب الآيس ريح الأمل. وقبل أن يؤول الأثر الحاصل من معدن الفيض هذا إلى النقصان حتى يصدح صوت المؤذن أخرى، ليضيف رمقاً آخر إليه.
    استعادة الطمأنينة وضبط الهوى:
    يؤدي الشعور بعدم الاستقرار وفقدان الثبات في عالم الطبيعة، وتقوض الحياة الدنيا واضمحلالها من جهة، وعدم تلبية الطبيعة حس الإنسان اللامتناهي بالحاجة من جهة أخرى إلى أن يعتري روح الإنسان اضطراب دائم، ووحشة أبدية. فهو يروم شيئاً لا وجود له في عالم المادة، ويبحث في الدنيا عما ليس فيها. إنما الصلاة التي تربط الإنسان بالذات الأبدية الدائمة، وتمنيه وتعده الخلود. هي تلك اليد الممتدة من الإنسان نحو من يتناسب وحاجته ومراده. فلذا يجد الإنسان الطمأنينة والهدوء حين الصلاة، وينبعث فيه الأمل بالحياة غير أن شرط ذلك عدم غيبوبة "الروح" ذلك الرابط الأصلي في هذا السفر الروحي.
    إقامة الصلاة بالشرط المذكور تذكر الإنسان مقام الخالق ومنزلته، وميعاد المخلوق وميثاقه ومعاهدته. ولذا كان كلما دعته نفسه، وحدثه شيطانه بمخالفة ربه أجاب:
    (معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون)[15].
    فكما أن كريات الدم حين تكون حية تعتبر رمزاً للحياة، وإلا لم يكن لها نفع وفائدة، وكما أن الحارس يستطيع الحراسة حيث يكون حياً، كذلك الصلاة عندما تكون حية بحضور القلب تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتكبح جماح الهوى والشهوة، كيف لا تؤثر ذلك؟ كيف يمكن لإنسان سأل الله تبارك وتعالى مخلصاً أن يسلك به سبيل الصالحين، ويجنبه طريق الضالين، ويعاهده على عبادته، الاستعانة به أن ينقض ـ بعد فترة قصيرة ـ عهده وميثاقه مع شخصية عظيمة كالله سبحانه رب الدنيا والآخرة؟!
    الصلاة لباس الطهر والنقاء والسناء الذي يلف قوام الإنسان، ومن يلبس البياض عليه أن يحذر ارتياد الأماكن القذرة، ويصون نفسه من مباشرة القذارات والأوساخ.
    التعديل الأخير تم بواسطة الياقوتةالحمراء ; 03-16-2010 الساعة 10:13 PM

    (ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم ، إنما العبادة التفكر في أمر الله)

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. فناتك وشلخ البناآآآت في المـدرسه
    بواسطة عذاب المشاعر في المنتدى منتدى الـطـرائف
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 10-16-2008, 01:01 PM
  2. زواج وُلد آدم
    بواسطة اريام الدلوعة في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 04-06-2008, 01:59 AM
  3. متى نصلي على محمد وآله؟
    بواسطة واحة العالم في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 03-04-2008, 08:06 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •