جاء في نهاية رسالة الذكرى :
{دَعْنا الآن نتَعَرَّض لِلحقائق التالية مِمَّا نُؤْمِن به نحن الإماميَّة:
1-لا يتصف الله تعالى بصفات المخلوقين 2-البَدَاء 3-التبَرك 4-التقِية.
أولاً: إنَّ الله تبارك وتعالى لا يَتَّصِف بصفات المخلوقين:
إنَّ البخاري - وإنْ أَوْرَدَ في صحيحه ما يُناقِض هذه العقيدة،كَرِوَايَتِه قَطْقَطَة النار بعد أنْ يَضَع الله سبحانه وتعالى قَدَمَهُ فيها! ورِوَايَتِه مَا عن أبي هريرة مِن نزول الله تعالى كلّ ليلة إلى السماء الدنيا![ج8كتاب التوحيد.باب قوله تعالى(يريدون أن يبدلوا كلام الله)] - إلا أنه أَوْرَدَ مَا يُوَافِق عقيدتَنا في صفات الله تعالى، وَدُونَكَ بعضَ مَا رَوَاه: في الجزء الثامن في[كتاب التوحيد.باب قوله تعالى(إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا)]: حدثنا موسى حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله قال: جاء حَبْر إلى رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم فقال: يا محمد .. إن الله يضع السماوات على إصبع والأرض على إصبع والجبال على إصبع والشجر والأنهار على إصبع وسائر الخلق على إصبع،ثم يقول بيده: أنا الملك.فضحك رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم،وقال:{ومَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ}.
في الجزء الثامن في [كتاب التوحيد.باب قوله تعالى(لما خلقت بيدي)]: حدثنا مسدد سمع يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني منصور وسليمان عن إبراهيم عن عبيدة عن عبدالله أن يهودياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فقال: يا محمد..إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول: أنا الملك. فضحك رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم حتى بدت نواجذه،ثم قرأ: {وما قدروا الله حق قدره}.
وروى بعده: حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش سمعت إبراهيم قال سمعت علقمة يقول قال عبد الله: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم .. إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر والثرى على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول: أنا الملك أنا الملك0فرأيت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قرأ: {وما قدروا الله حق قدره}.
أقول: أَفَبَعْدَ هذا الاستشهاد منه صلى الله عليه وآله وسلم بالآية الكريمة التي تستنكر على غير أهل التوحيد اعتقادهم الباطل، بعد هذا فهل يمكن أن يُقال بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يستنكر على هذا الرجل إثباته اليد والأصابع لله تعالى؟!
ثانياً:البـَدَاء:
لقد أُقيمت الدنيا علينا ولم تقعد بسبب عقيدتنا بـ(البَداء) والتي هي من العقائد الأساسية عند المسلمين، وما الاختلاف بينهم فيه إلا لَفْظِيٌّ فقط !
إذ أننا نعتقد أنَّ البداء في حَقِّ الله تعالى هو تَغْيِيرُ ما يشاء كما يشاء -وهو العليم الحكيم القدير- وذلك لِعِلْمِه، ولكن لا لِعِلْمٍٍ بعْد جَهْلٍ كَمَا في الإنسان، وإنما سُمِّيَ هذا بَدَاءً في حقِّ الله تعالى مِن باب الـمُشَاكَلَة -في عِلْم البلاغة- مع الإنسان، إذ نحن تَبْدُو لنا الأمورُ جديدةً بعْد جهلٍ بها، وأما اللهُ تعالى فَلا ..
وسأنقل هنا حديثاً نقله البخاري في صحيحه في الجزء الرابع في (كتاب بدء الخلق.باب ما ذُكر عن بني إسرائيل)، وفي الحديث ذكر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم كلمة (بَدا) صريحة، وهذا المعنى الذي ورد في الرواية هو مصداق من مصاديق عقيدتنا نحن الإمامية في(البَداء):
حديث أبرص وأقرع وأعمى في بني إسرائيل:
حدثنا أحمد بن إسحاق حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا همام حدثنا إسحاق بن عبد الله قال حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة أن أبا هريرة رضي الله عنه حدثه أنه سمع النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم .. [وثمة سند آخر]وحدثني محمد حدثنا عبد الله بن رجاء أخبرنا همام عن إسحاق بن عبدالله قال أخبرني عبد الرحمن بن أبي عمرة أن أبا هريرة رضي الله عنه حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول: إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأعمى وأقرع بَدَا لله عز وجل-[لاحظ كلمة(بَدَا)وهي الفِعْلُ الذي اشْتُقَّت مِنْه كلمة(بَدَاء)]- أنْ يبتليهم فبَعَث إليهم مَلَكاً،فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حَسَن وجلد حسَن .. قد قَذِرَني الناس.قال:فَمَسَحَهُ فذهب عنه،فأُعطِيَ لوناً حسناً وجلداً حسناً،فقال: أي المال أحب إليك؟قال: الإبل أو قال: البقر-هوشَكَّ في ذلك أن الأبرص والأقرع قال أحدُهما: الإبل وقال الآخر: البقر- فأُعطيَ ناقة عشراء. فقال: يُبارَك لك فيها0وأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟قال: شَعرٌ حَسَنٌ،ويذهب عني.قد قذرني الناس.فمسحه فذهب، وأعطي شعراً حسناً.قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر.قال: فأعطاه بقرة حاملاً، وقال: يُبارَك لك فيها.وأتى الأعمى فقال:أي شيء أحب إليك؟ قال: يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس، فمسحه، فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم.فأعطاه شاة والداً.
فأنتج هذان،وولد هذا، فكان لهذا وادٍ من إبل، ولهذا وادٍ من بقر، ولهذا وادٍ من الغنم.
ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته،فقال: رَجُلٌ مسكين .. تقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك..أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيراً أتبلغ عليه في سفري،فقال له: إن الحقوق كثيرة.فقال له:كأني أعرفك.أَلَم تكن أبرص،يقذرك الناس، فقيراً فأعطاك الله؟ فقال: لقد ورثت لِكابرٍ عن كابرٍ.فقال:إن كنتَ كاذباً فَصَيَّرَك اللهُ إلى ما كنت.وأتى الأقرع في صورته وهيئته،فقال له مثل ما قال لهذا،فرد عليه ما رد عليه هذا. فقال: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت.وأتى الأعمى في صورته،وقال:رجل مسكين وابن سبيل وتقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك .. أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري، فقال:قد كنتُ أعمى فرد الله بصري، وفقيراً فأغناني، فخُذ ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله، فقال: أَمسِك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك.
ثالثاً:التَّبَرُّك:
سأكتفي بذكر الأثر الذي نقله البخاري في صحيحه بدون أن يعلق عليه مما يفصح أنه يقبل فحواه .. خصوصاً وأنه أدرجه تحت هذا الكتاب من الجزء الثامن: [كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة.باب ما ذكر النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم وخص على اتفاق أهل العلم وما أجمع عليه الحرمان مكة والمدينة وما كان بها من مشاهد النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم]: حدثني أبو كريب حدثنا أبو أسامة حدثنا بريد عن أبي بردة قال:قَدِمْتُ المدينةَ فَلَقِيَني عبدالله بن سلام فقال لي: اِنْطلِقْ إلى المنـزل، فأسقيك في قدَحٍ شَرِبَ فيه رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم وتصلي في مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم.
فانْطلقْتُ معه،فسقاني سويقاً،وأطعمني تمراً، وصليتُ في مسجده.
رابعاً:التقِية:
[اسمٌ لاتَّقَى يَتَّقِي والمراد بِها:التَّحَفُّظ عن ضَرَر الغير بِمُوَافَقَتِه في قَوْلٍ أو فِعْلٍ مُخَالِفٍ لِلحَقِّ].
ولا حاجة للتفصيل فيها وإنما المهم عندي في هذه المختصرة إثباتُ جواز التقية -فضلاً عن وجوبها أحياناً- مِن كتاب(صحيح البخاري)،فقد قال في الجزء الثامن في أول(كتاب الإكراه):
وقال الحسن:التقية إلى يوم القيامة.
هذا .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين} (نِهَايَةُ أَصْلِ الرِّسَالَة الوثيقة).
الحاشية:
تابِعٌ لِـ (التَّبَرُّك):
*البخاري(ج1ص50–51):كتاب الوضوء.باب الماء الذي يغسل به شَعْر الإنسان : ... حدثنا مالك بن إسماعيل قال: حدثنا إسرائيل عن عاصم عن ابن سيرين قال: قلتُ لِعبيدة: عِنْدنا مِن شَعْرِ النبيِّ صلى عليه(وآله)وسلم،أَصَبْنَاهُ مِن قِبَلِ أَنس أو مِن قِبَل أَهْلِ أنس، فقال: لأنْ تَكُون عندي شَعْرَةٌ مِنه أَحَبُّ إِلَيَّ مِن الدنيا وما فيها.
وبعده: حدثنا محمد ابن عبد الرحيم قال: أخبرنا سعيد بن سليمان قال: حدثنا عباد عن أبي عون عن ابن سيرين عن أنس أنَّ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لَمَّا حَلَقَ رَأْسَه كان أبو طلحة أَوَّلَ مَنْ أَخَذَ مِن شَعْرِه.
أقول:لم يَحْتَفِظ أنسٌ أو أهلُه وكذلك ابنُ سيرين بِشَعْرٍ مِن شَعْرِ النبي صلى الله عليه وآله إلا لِيَتَبَرَّكوا به.
خامسًا:النِّكَاح المُنْقَطِع(زواج المُتْعَة):
*البخاري(ج2 ص153)باب مَن لَبَّى بالحج وسَمَّاه:في باب التمتع عن مطرف عن عمران قال: تَمَتَّعْنـا عَلى عهْدِ رسول الله صلى الله عـليه (وآله) وسلم ونَـزَلَ القـرآنُ (بذلك)، قال رَجُــلٌ بِرَأْيِــه مَا شاء.(إشارة إلى مَن نَهَى عن المُتْعَتَيْن: مُتْعَة الحج ومتْعة الزواج ).
*صحيح مسلم(ج4)كتاب النكاح: باب نكاح المُتْعَة ... قال عطاءٌ: قَدِمَ جابرُ بن عبد الله مُعْتَمِرًا، فجِئْنَاه في مَنْزِلِه، فَسَأَلَه القوْمُ عن أشياء ثم ذكَرُوا المُتْعَةَ،فقال: نعم،اسْتَمْتَعْنـا على عَــهد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وأبي بكر وعُمَر.
وبعده: عن ابن الزبير قال:سمعتُ جابرَ بن عبدالله يقول: كُنَّا نَسْتَمْتِع بِالْقَبْضَةِ مِن التَّمْرِ والدَّقِيقِ الأيَّامَ على عهد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وأبي بكر، حتى نَهَى عنها عُمَرُ في شَأْنِ عمرو بن حريث.
أقول: مِن الواضح أنَّ الحديث عن مُتْعَة الزواج بِقَرِينَة أنَّ الاستمتاعَ كان بِالقَبْضَة مِن التَّمْر والدَّقِيق(الطحين)، وبقرينة قوله (الأيام).
وذكَرَ مسلمٌ عن أبي نضرة قال: كنتُ عند جابر بن عبد الله فأَتَاهُ آتٍ فقال: ابنُ عباس وابنُ الزبير اختَلَفا في المُتْعَتَيْن(متعة الحــج ومتعة الـــزَّواج)، فقال جابرٌ: فعَلْنَاهما مع رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم، ثم نهانا عنهما عمرُ فَلَمْ نَعُد لهما.
أقول: (خَشْيَةً)، وثبوتُ جَوَازِ المتعتين هو مَحَلُّ إجْمَاعِ أهلِ البيت عليهم الصلاة والسلام.
*النسائي(ج5 ص153)كتاب مناسك الحج.التمتع:عن إبراهيم بن أبي موسى عن أبي موسى أنه كان يُفتِي بالمتعة،فقال له رجلٌ: رُوَيْدك ببَعْضِ فِتْيَاك،فإنك لا تَدْرِي مَا أَحْدَث أميرُالمؤمنين في النُّسُك بعد،(قال أبو موسى): حتى لِقِيتُه فسألتُه، فقال عمرُ: قد عَلِمتُ أنَّ النبي صــلى الله عليه(وآله)وسلم قد فعَلَه ولكن كَرِهْتُ أنْ يَظَلُّوا مُعَرِّسِينَ بِهِنَّ فِي الأَرَاك ثم يَرُوحُوا بالحَجِّ تَقْطُرُ رُؤُوسُهم.
أقول: مِن الواضح أنَّ كلامَ عُمَر عن زواج المتعة بِقَرِينَةِ قوله: (معرِّسين)وقوله: (تقطر رؤوسهم) مِن الاغتسال عن الجَنَابَةِ الحادِثَةِ لهم عن طَرِيقِ هذا الزواج.
ولِلأسف الشديد أنَّ البعضَ يَعْتَقِد بِأَنَّ هذا الزواج مُجَرَّدٌ عن أحكام الزواج الدائم، وهذا غيْر صحيحٍ وإنما المُتْعَةُ كالدَّائِم فلا يجوز التَّمَتُّعُ بالمَحَارِمِ ولا بالمُتَزَوِّجَة ولا بِذَاتِ العدَّةِ ويُشْتَرَط في صِحَّتِهِ العَقْدُ اللَّفْظِيّ والمهْرُ، ومَا الاختلاف بينهما إلا في تَحْدِيد أَمَدٍ لِهذا الزواج والتفصيلُ مَوْكُولٌ إلى مَحَلِّه.
وروى النسائي عن محمد عن مطرف قال:قال لِي عمرانُ بن حصين إنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم قد تَمَتَّعَ وتَمَتَّعْنا معه،قال فيها قائِلٌ بِرَأْيِه.





رد مع اقتباس
المفضلات