جاء في الرسالة:

{وأختم حديثي عما يخصُّ أمير المؤمنين عليًّا عليه السلام مما أردت الإشارة إليه بما نقله البخاري في نفس الجزء:

8-في الجزء الثامن في(كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة.باب كراهية الخلاف ص161): حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن معمر عن الزهري عن عبيدالله بن عبدالله عن ابن عباس قال: لمَّا حُضِر النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال - وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب - قال: [هَلُمَّ أَكْتُب لكم كتابًا لن تضلُّوا بَعْدَه]قال عمرُ:[إنَّ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم غَلَبَه الوَجَعُ، وعندكم القرآن،فحَسْبُنـا كتاب الله] واختلف أهلُ البيت واختصموا..فمنهم مَن يقول: قَرِّبُوا يكتب لكم رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم كتاباً لن تضلوا بعده.ومنهم مَن يقول ما قال عمرُ.فلما أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال:[قُومُوا عَنِّي].

قال عبيدُ الله: فكان ابن عباس يقول: إنَّ الرَّزِيَّة..كلّ الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب}.

الحاشية:

وفي نفس صحيح البخاري(ج5)باب مرض النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم ووفاته، وقول الله تعالى: {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند الله تختصمون} قبل كتاب تفسير القرآن مباشرة: حدثنا قتيبة ...عن سعيد بن جبير قال: قال ابنُ عباس: يوم الخميس وما يوم الخميس،اشْتَدَّ برسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم وَجَعُه فقال: [ائْتُونِي أَكْتُبُ لكم كتابًا لَنْ تضلوا بعده أبدًا]فتنازعوا -ولا ينبغي عند نبيٍّ تنازعٌ- فقالوا:مَا شَأْنُه؟ أَهَجَرَ؟ اسْتَفْهِمُوه! فذهبوا يَرُدُّون عليه فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [دَعُونِي فالذي أنا فيه خيرٌ ممَّاتدعوني إليه]...وحدثنا علي بن عبد الله...عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لَمَّا حُضِرَ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم، وفي البيت رجال فقال النبيُّ صلى الله عليه(وآله)وسلم: [هَلُمُّوا أَكْتُبُ لكم كتابًا لا تضلوا بعده]فقال بعضُهم: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد غَلَبَه الوَجَعُ وعِنْدَكم القرآنُ، حَسْبُنا كتاب الله! فاخْتَلَفَ أهلُ البيت(أي: المتواجدون في البيت آنذاك)، واخْتَصَمُـوا، فمِنهم مَن يقول:قَرِّبُوا يَكْتُب لكم كتابًا لا تضلوا بعده، ومنهم مَن يقول غيرَ ذلك،فلمَّا أكثروا اللَّغوَ والاختلافَ قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم[قُومُوا]!*قال عبيد الله: فكان يقول ابنُ عبـاس: إنَّ الرَّزِيَّة كلّ الرزية مَا حَالَ بين رسولِ الله صلى الله عليه(وآله) وسلم وبين أن يَكْتُب لهم ذلك الكتابَ لاختلافهم ولغطهم.

أقول:(هَلُمُّوا)أي: تَعَالَوا.وهذه ثلاث روايات يُفَسِّر بعضُها بعضًا، ولاحِظُوا كيف أنَّ النبيَّ - بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي- طَرَدَهُم بسبب مَوْقِفِهم هذا، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وروى مسلمٌ مثْلَ الروايات السابقة،وذَكَرَ أَنَّ ابن عباس كان يبكي عندما كان يَرْوِيها، حتى يَبُلَّ دمْعُه الحَصى.(كتاب الوصية.باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه). (طبعة المكتبة العصرية.صيدا.بيروت1423هـ).

جاء في الرسالة:

{أتطرق الآن لبعض ما أورده البخاري في صحيحه عن مولاتنا فاطمة الزهراء بنت رسول الله وزوج الإمام علي وأم الحسنين وجدة الأئمة التسعة عليهم الصلاة والسلام ..

9-في الجزء الرابع في كتاب بدء الخلق.مناقب قرابة الرسول صلى الله عليه (وآله) وسلم: حدثنا أبوالوليد حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم قال:

[فاطمة بضْعَةٌ مِنِّي..فمَنْ أغضَبَها أَغْضَبَنِي].

أقول: هل يَغْضَب رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم لِغَيْر الله وفي غيْر معصيته؟

كلا، لا يغضب إلا لِله جل وعلا .. (إنْ هو إلا وَحْيٌ يُوحَى) .. قَوْلُه .. فِعْلُه .. تَقْرِيرُه .. كل ذلك داخل ضمن التبليغ عن الله سبحانه،ومن الواضح أنَّ الغضب فعلٌ مِن الأفعال، فلا يمكن أن يغضب صلى الله عليه وآله وسلم إلا في ضمن دائرة الحقوق الإلهية..

والآن نعود إلى الحديث الشريف .. متى غضبت فاطمة عليها الصلاة والسلام فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يغضب،والرسول الأعظم لا يغضب إلا لله .. إذن فاطمة لا يمكن أن تغضب إلا رضاً لله تعالى وفي طاعتـه، وهذا مصداق أجلى من مصاديق عصمتها سلام الله عليها كما نعتقد نحن الشيعة الاثني عشرية.

10-وقال في نفس الجزء والكتاب والباب: قال النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم: [فاطمة سيدة نساء أهل الجنة].

أقول: درجات الجنة تمثل ما حققه الإنسان من كمالات في عبادة الله تعالى ومعرفته في دار الدنيا..فإذا كانت السيدةُ فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الجنَّة فهي بالأَولى سيِّـدة نساء العالمين من الأولـين والآخريـن في هذه الحياة الدنيا، وأفضلهنَّ عند الله تعالى وعند رسوله صلى الله عليه وآله وسلم}.

الحاشية:

رَوَى البخاري الحديثَيْن السابقين(ج4)مَرَّتَيْن على الأقلّ..تارةً تحت بابٍ عَنْوَنَه بِـ[باب مناقب قرابةِ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم ومَنْقَبَةِ فاطمةَ عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم]وتارةً أخرى تحت عنوان[باب مناقب فاطمة رضي الله عنها].

*مسلم(ج7)باب فضائل فاطمة بنت النبي عليها الصلاة والسلام:عن المسور بن مخرمة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:

[إنما فاطمة بضْعَة منِّي،يُؤْذِيني مَا آذاها].

*المستدرك(ج3)مناقب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله: ... عن عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله لِفاطمة:

[إنَّ اللهَ يَغْضَب لِغَضَبِك ويَرْضَى لِرِضَاك].

*وقال الحاكمُ في نفس الباب:أخبرنا أحمد بن بالويه العقصي ... عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

[تُبْعَث الأنبياءُ يومَ القيامة على الدواب ليوافوا بالمؤمنين مِـــن قومهم المحشرَ،ويُبعَث صالح على ناقته،وأُبْعَث على البراق،خطوهـا عند أقصى طرفها،وتُبْعَث فاطمة أمَامي].

وقال بعده:أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتاب العبدي ببغداد وأبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة وأبو العباس محمد بن يعقوب وأبو الحسين بن مأتي بالكوفة والحسن بن يعقوب العدل (قالوا)حدثنا ...عن أبي جحيفة عن علي عليه السلام قال:سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله يقول:

[إذا كان يوم القيامة نادَى مُنَادٍ مِن وراء الحجاب: يا أهل الجَمْع..غُضُّوا أبصارَكم عن فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله حتى تَمُرَّ].

وقال بعده:عن جميع بن عمير قال: دخلتُ مع أمي على عائشة رضي الله عنها فسمعتُها مِن وراء الحجاب وهي تسألها عن عليٍّ فقالت (عائشة):

تسأليني عن رجلٍ والله ما أعْلَم رجلاً كان أَحَبّ إلى رسـول الله صلى الله عليه وآله مِن عـليٍّ،ولا في الأرض امرأة كانت أحَبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله مِن امرأته.

وقال الحاكمُ بعده: حدثنـا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد القطان ببغداد ... عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [إنما فاطمة شجنة منِّي،يُبْسطني ما يبسطها ويُقْبِضُني ما يُقْبِضُها].

وقال بعده: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ... عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: كان أَحَبّ النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة ومِن الرجال عليّ.

وقال بعده: حدثنا أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن مكرم ابن أخي الحسن بن مكرم البزار ببغداد ... عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن سعد بن مالك قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [أتَانِي جبريلُ عليه الصلاة والسلام بسفرجلةٍ مِن الجَنة فأكلتُها لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي،فَعَلُقَت خديجةُ بفاطمة،فكنتُ إذااشتقتُ إلى رائحة الجنة شَمَمْتُ رَقَبَةَ فاطمة].

وقال بعده: ... عن عائشة أنَّ النبي صلى الله عليه وآله قال وهو في مرضه الذي تُوُفيَ فيه: [يافاطمة..ألا ترضين أنْ تكوني سيدة نساء العالمين وسيدة نساء هذه الأمّة وسيدة نساء المؤمنين].

*المستدرك(ج3)مناقب فاطمة ... : ... عن جميع بن عمير قال:دخلتُ مع عمّتي على عائشة رضي الله عنها فسأَلَتْ: أيّ الناس كان أَحَبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قالت(عائشة): فاطمة.قِيلَ: ومِن الرجال؟ قالت:

زَوْجها،إنْ كان ما عَلِمْتُه:صَوّامًا قَوَّامًا.

*المستدرك(ج3)ذِكْر خديجة بنت خويلد رضي الله عنها:حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ... عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:خَطَّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله في الأرض أرْبَعةَ خُطوطٍ وقال:[أَتَدْرُون مَا هذا؟فقالوا:الله ورسوله أعلم،فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[أَفْضَلُ نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ خديجةبنت خويلد،وفاطِمَة بنت محمدٍ،ومريم بنت عمران-وأَحْسَبُه قال- وامْرَأَةفرْعَون].قال الحاكمُ:هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السِّيَاقَةِ.

وقال الحاكمُ(ج3)مناقب فاطمة: ... عن أنس رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله قال: [حَسْبُك مِن نساء العَالمَـِينَ أرْبَع:مـريم بنت عمران، وآسيـا امْـرأة فرعون،وخديجة بنت خويلد،وفاطمة بنت محمد].

ثم رَوَى مثلَه عن أنس أيضًا،ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولن يخرجاه بهذا اللَّفظ،فإنَّ قوْلَه صلى الله عليه وآله: [حسبك من نساء العالمين] يُسَوِّي بين نساء الدنيا(إلا هذه النسوة).

وروى في هذا الباب:حدثنا أبو بكر محمد بن حيويه بن المؤمل الهمداني (قال) حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد عن عبدالرزاق بن همام (قال) حدثني أبي عن ميناء بن أبي ميناء مولى عبدالرحمن بن عوف قال: خُذُوا عنِّي قبْلَ أنْ تُشَابَ الأحاديث بالأباطيل،سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله:

[أنَا الشجرةُ،وفاطمةُ فرْعُها،وعليٌّ لقاحُها،والحسـنُ والحسينُ ثَمَرَتُها،وشِيعتُنــا وَرَقُها،وأَصْلُ الشجرةِ في جَنةِ عدن،وسائرُ ذلك في سائرِ الجنة].

*ابن ماجة(ج1)باب ما جاء في مَرَضِ رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم: عن عائشة: ... فقال (النبيُّ صلى الله عليه وآله لِفاطمة): [ألا ترضين أنْ تكوني سيدةَ نساء المؤمنين أو نساء هذه الأمَّة].

*الترمذي(ج5)مناقب أبي محمد الحسن بن علي والحسين بن علي بن أبي طالب: (ح3870) ... قال (النبيُّ صلى الله عليه وآله):[إنَّ هذا مَلَكٌ لم يَنْزل الأرضَ قطّ قبْلَ هذه الليلة، اسْتَأْذَنَ رَبَّه أنْ يُسَلِّـم عَلَيَّ ويُبشِّرني بأنَّ فاطمة سيدةنساء أهل الجنة،وأنَّ الحسن والحسين سيِّــدا شباب أهل الجنة].

*الترمذي(ج5)ماجاء في فضل فاطمة رضي الله عنه:(ح3960)عن ابن بريدة عن أبيه قال: كان أَحَبّ النساء إلى رسول الله صلى الله عليه(وآلـه) وسلم فاطمة،ومِن الرجال عليٌّ.

*المستدرك(ج3)ذكر مناقب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله: حدثنا أبوالحسن ... عن عائشة أنها كانت إذا ذكرَت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله قالت(عائشة): ما رَأَيْتُ أحدًا كان أَصْدَقَ لَهْجَةً منها إلا أنْ يكون الذي وَلَدَها.

أقول:إنها العِصْمَةُ مِن الأخطاء بِشَهادةِ السيدة عائشة.