*الترمذي(ج5)مناقب علي(ح3811): عن أبي سعيد قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لِعَلِيٍّ: [ياعَلِيّ..لا يَحِلُّ لأَحَدٍ أنْ يُجْنِبَ في هذا المسجدغَيْرِي وغَيْرك].

وبعده: (ح3815): عن ابن عباس أنَّ النبيَّ صلى الله عليه (وآله) وسلم أَمَرَ بِـسَدِّ الأبْوَاب(أبواب المسجد النبوي)إلا باب عَلِيٍّ.

*المستدرك(ج3)فضائل علي بن أبي طالب: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر البزاز ببغداد... عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كانت لِنَفَرٍ مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أبوابٌ مُشْرَعَةٌ في المسجد،فقال يومًا: [سُدُّوا هذه الأبوابَ إلا بـــَاب عليٍّ]، قال(الراوي): فتَكَلَّمَ في ذلك ناسٌ، فقامَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله،فحمدَ اللهَ وأثنى عليه،ثم قال: [أمَّا بَعْدُ فإنِّي أَمَرْتُ بِسَـدِّ هذه الأبواب غيْرَ بابِ عليٍّ،فقال فيه قائلُكم، واللهِ مَا سَدَدْتُ شيْئًا ولا فَتَحْتُه،ولكن أُمِرْتُ بِشَيْءٍ فاتَّبَعْتُه].

أقول:يقْصد صلى الله عليه وآله أنه أَمْرٌ مِن الله جل وعلا.

وقال الحاكمُ بعده: أخبرني الحسن بن محمد بن إسحاق الأسفرايني...عن أبي هريرة قال: قال عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه: لقد أُعْطِيَ عليُّ بن أبي طالب ثلاثَ خصالٍ، لأَنْ تكُون لي خصلةٌ مِنها أَحَبّ إِلَيَّ مِن أَنْ أُعْطَى حمر النعم. قِيل: ومَا هُنَّ يا أمير المؤمنين؟ قال: تَزَوُّجُه فاطمةَ بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، وسُــكْنَاه المسجدَ مع رسول الله صلى الله عليه وآله، يَـحِلُّ لَه (لِعليٍّ) فِيه مَا يَحِلُّ له (للنبي صلى الله عليه وآله)،والرَّايةُ يوْمَ خيبر.

*المُسْتَدرك(ج3)في(الدَّفْعِ عن سعد بن أبي وقاص)مِن باب(فضائل أمير المؤمنين): عن خيثمة بن عبدالرحمن قال: سَمِعتُ سعدَ بن مالك(سعد بن أبي وقاص): وقال له(لِسَعدِ) رَجُلٌ أنَّ علِيًّا يَقَعُ فِيك أنك تَخَلَّفتَ عنه، فقال سعدٌ(بن أبي وقاص): والله إنه لَرَأْيٌ رَأَيْتُه، وأَخْطَأَ رَأْيِي،إنَّ عليَّ بن أبي طالب أُعْطِيَ ثلاثًا،لأنْ أَكون أُعْطِيتُ إحْدَاهن أَحَبُّ إلي مِن الدنيا وما فيها: لقد قال له رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ بَعْدَ حَمْدِ الله والثناء عليه: [هل تَعْلَمُون أني أولى بالمؤمنين؟]قلنا: نعم.قال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [اللهم مَنْ كنتُ مولاه فَعَلِيٌّ مولاه،وَالِ مَنْ وَالاه وعَادِ مَنْ عَادَاهوجِيءَ به يَوْمَ خيبر وهو أَرْمَد مَا يُبْصِر، فقال(علِي): يارسول الله إني أَرْمَد،فَتَفَلَ في عَيْنَيه ودَعَا له،فَلَم يرمد حتى قُتِل، وأَخْرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم عَمَّه العبَّاسَ وغيرَه مِن المَسْجِد،فقال له العباسُ: تُخْرِجنا ونحن عُصْبَتُك وعمومتُك وتُسْكِن عَلِيًّا؟! فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله): [مَا أنا أخرَجْتُكم وأَسْكَنْتُـه،ولكنَّ اللهَ أخْـرجكم وأَسْكَنَه].

دلالَة حديثِ سَدِّ الأبواب

هذه الرواية صَرَّحَت بثلاثةِ أمور:1-حديث الولاية في يومِ الغدِير 2-مَا حَازَ عليه الأميرُ مِن كَرَامَةٍ في غزوة خيبر 3-إخْرَاج جَمِيعِ الصَّحَابَة الذين كان لهم نَحْوٌ مِن السَّكَنِيَّة في المسجد النبوي الشريف، سَوَاء كان لهم بَابٌ مِن بيوتهم يَدخلون عَبْرَه إلى المسجد مباشرة،فيكون هذا الحديث هو حديث (سَدّ الأبواب إلا باب علِيّ) أو غير ذلك، وكذلك مَنْعهم مِن دخول المسجد بجنابتهم،لأنَّ هذا الحديث يَتَّحِد أو يَتَّفِق مع الأحاديث التي تَمْنَع الصحابة مِن الدخولِ أو المُرُور بالمسجد بجنابتهم، ولكن عَلِيّ بن أبي طالب سُمِحَ له بذلك كَالرَّسول صلى الله عليهما وآلهما، ولَعَمْرِي إنَّ هذا دَلِيلُ قِمَّةِ الطَّهَارَةِ التي لم يَحْصَل على عُلُوِّها باقي الصحابة رضي الله عن خيَارهم، وهو مِن الدلائل الواضحة على المَقَامِ الإلهي الخاصِّ بالإمام عليٍّ، وأنتم تَرَوْن كيف أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله يُصَرِّح بأنَّ هذا الأمر مِن الله تبارك وتعالى وليس تَشَهِّيًا منه لابن عّمِّه صلى الله عليهما وآلهما.

وقال في هذا الباب:أخبرني أبو بكر إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه بالري ... أبو سعيد الخدري رضى الله تعالى عنه: إنَّ النبي صلى الله عليه وآله دَخَلَ على فاطمة رضي الله عنها فقال: [إنِّي وإِيَّاكِ وهذا النَّائِـم -يَعْنِي عليًّا- و هُمَا–يَعْنِي الحسنَ والحسينَ- لَفِي مَكَانٍ واحِدٍ يوْم القيامة].

وقال بعده:أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ... حدثنا مالك بن دينار قال: سألتُ سعيدَ بنَ جبير فقلتُ: يا أبا عبد الله..مَنْ كان حامِل رَايَةِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله؟ قال(الراوي): فنظرَ إليَّ وقال كأنك رَخِيَّ البَال ... كان حامِلُها عليًّا رضي الله عنه،هكذا سمعتُه مِن عبدِ الله بن عباس.

وقال بعده:هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه،ولِهذا الحديث شاهِدٌ مِن حديثِ زنفل العرفي وفيه طُولٌ فلمْ أُخْرِجْه.

وقال بعده: حدثنا أبو بكر بن إسحاق...عن أنس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[اشتاقت الجَنَّةُ إلى ثلاثة: عليّ وعمّار وسَلْمَان].

*المستدرك(ج3)مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله:حدثني أبو الحسن إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني ... حدثني عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن أبيه قال: لمَّا نظَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرحمةِ هابطةً قال: [ادْعُوا لِي ادْعُوا لي]، فقالت صفية: مَن يا رسول الله؟ قال: [أهــل بيْتي..عليًّا وفاطمة والحسنَ والحسينَ]،فجِيءَ بهم،فأَلْقَى عليهم النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم كسَاءَه،ثم رَفعَ يدَيْه، ثم قال: [اللهم هؤلاء آلِي، فصَلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد]، وأَنْزَلَ اللهُ عز وجل{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجسَ أهل البيت ويطهركم تطهيرًا}.

وقال بعده:حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد بن إبراهيم الحافظ الأسدي بهمدان ... عن عطاء بن أبي رباح وغيرِه مِن أصحاب ابن عباس عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال:

[... سألتُ اللهَ أنْ يَجْعَلَكم جُوَدَاء نُجَدَاء رُحَمَـاء،فَــلَوْ أَنَّ رَجُــلاً صَفَنَ بيْن الرُّكْنِ والمَقَام،فصلَّى وصَامَ ثم لَقِيَ اللهَ وهو مُبـــْغِضٌ لأهْـلِ بيْتِ محمدٍ دَخَلَ النارَ].

وقال بعده:حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ... عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:

[والذي نفسي بِيَدِهِ..لا يَبْغَضُنا أَهْلَ البيْتِ أَحَدٌ إلا أَدْخَلَه اللهُ النارَ].

حديث الثَّقَلَيْن

*المستدرك(ج3)مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله:رَوَى عن زيدِ بن أرقم رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[إنِّي تاركٌ فِيكم الثّقلًيْن:كِتَابَ الله،وأهْلَ بَيْتِي، وإنهما لَنْ يَفْتَرِقا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ].

*المستدرك(ج3)فضائل أمير المؤمنين علي: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي ببغداد...، وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه وأبو بكر أحمد بن جعفر البزار {قالا}حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل(قال)حدثني أبي(قال) حدثنا يحيى بن حماد، وحدثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى(قال)حدثنا صالح بن محمد الحافظ البغدادي ... عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال:لَمَّا رَجعَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله مِنْ حجَّةِ الوَدَاع، ونَـزَلَ(غَدِيرَ خُمٍّ) أَمَرَ بِدَوْحَاتٍ فَقُمِمْنَ، فقال:[كَأَنِّي قد دُعِيتُ فَأَجَبْتُ،إنِّي قد تَرَكْتُ فِيكم الثّقلَيْن،أحدهما أكْبَر مِن الآخر:كتابَ الله تعالى وعِتْرَتِي، فانْظُرُوا كَيْفَ تخلفُوني فيهما، فإنَّهما لَنْ يَتَفَرَّقا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ]،ثم قال:[إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ مَوْلايَ وأنَا مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ]،ثم أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فقال (النبيُّ صلى الله عليه وآله):[مَنْ كنتُ مَوْلاهُ فَهَذَا وَلِيُّه، اللهم وَالِ مَنْ وَالاهُ، وعَـادِ مَنْ عَـادَاه]، قال الحاكمُ: شاهِدُه حديثُ سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل أيضًا صحيح على شرطهما،حَدَّثَناهُ أبو بكر بن إسحاق ودعلج بن أحمد السجزي {قالا} أَنْبَأَ محمد بن أيوب (قال) حدثنا الأزرق بن علي(قال)حدثنا حسان بن إبراهيم الكرماني(قال)حدثنا محمد بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبي الطفيل عن ابن واثلة أنه سَمِعَ زيدَ بنَ أرقم رضي الله عنه يقول: نَزَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله بيْن مَكّة والمدينة عند شَجَرَاتٍ خمْسٍ، دَوْحَات عِظَام، فَكَنَسَ الناسُ مَا تحْت الشجرات، ثم رَاحَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله عَشِيَّةً فصَلَّى،ثم قامَ خطِيبًا، فحَمِدَ اللهَ، وأثنَى عليه،وذَكَّرَ ووَعَظَ،فقال ما شاءَ اللهُ أنْ يقول،ثم قال: [أيها الناس .. إنِّي تاركٌ فيكم أَمْرَيْنِ،لَنْ تَضِلُّوا إِنِ اتَّبَعْتُمُوهما،وهما:كتاب الله، وأهل بيتي عترتي ]،ثم قال:[أَتَعْلَمُون أنِّي أَوْلَى بالمؤمنين مِن أنفسهم؟] ثلاث مرات، قالوا: نعم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: [مَنْ كُنْتُ مَوْلاه فعَلِيٌّ مَوْلاهُ].

دلالة حديث الثقلين

هذه الأحاديث الصحيحة والتي رواها علماء العامة ووصلت الثقة بصدورها مِن النبي صلى الله عليه وآله إلى حَدِّ العِلْمِ واليقين حيث رُوِيَت عن أكثر من عشرين صحابيًّا..مَاذا يمكن أن نستفيد مْن مَضَامِينِها؟ خاصَّةً مع ملاحظة ذِكْرِ الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم لها في أماكن مختلفة وأزمان مُتَغَايِرَة..فقد ذَكَرَها تارَةً بعد انصرافه مِن الطائف وأخرى على منبره في المدينة المنورة وتارَةً في حُجْرَتِه وهو في مَرَضِه والحُجْرَة غَاصَّة بأصحابه0 هناك عَقِيدَةٌ أساس في صَرْح الإيمان تُسْتَفاد مِن هذه الأحاديث الشريفة ألا وهي لُزُومُ اتِّبَاعِ أهْلِ البيت-عليهم الصلاة والسلام-وطاعتِهم وعَدَمِ الاكْتِفَاءِ بِحُبِّهم فقط وإذا خَالَفَهم أيُّ أَحَدٍ-أَيًّا كَانَ-تُرِكَ قَوْلُه وأُخِذَ بِقَوْلِهم، لأَنَّ هذا هو المُناسِب لِمَا في أكْثَرِ هذه الأحاديث مِنْ تَقْدِيمِ النَّبِيِّ تَوَقُّعَ رَحِيلِه إلى الرفيق الأعلى قبْلَ ذِكْرِها، خاصَّةً مع ملاحظة روايةِ:[إنِّـي تَارِكٌ فيكم خَلِيفَتَيْن]فهي واضِحَة في إرَادَةِ مَا يَخْلُفُه ويَقُومُ مَقَامَه ويُؤَدِّي وَظَائِفَه ويَجِب طاعتُه مثله.

وكذلك تَدُلُّ هذه الأحاديثُ على لُزُومِ الطَّاعَةِ بِقَرْنِهِ صلى الله عليه وآله وسلم أهلَ البيت -عليهم الصلاة والسلام- بالقرآن الكريم .. فمِنَ المَعْلُومِ أنه لا يُكْتَفَى بِحُبِّ القرآنِ الكريم واحترامِه بل لا بُدَّ مِن اتِّبَاعِه وتَنْفِيذ جميعِ أحْكَامِه،خاصًّةً مع ذِكْرِه أَنَّ التَّمَسُّكَ بالقرآنِ والعِتْرَةِ مَعًا لَنْ يَحْصَل الضَّلالُ لِلأمَّة وذلك لا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ الحُبِّ والاحترام.