بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم
عن الإمام علي عليه السلام قال: بينما أنا وفاطمة والحسن والحسين عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ التفت إلينا فبكى !فقلت : ما يبكيك يا رسول الله فقال:أبكي مما يصنع بكم بعدي .. فقلت: وما ذاك يا رسول الله ؟قال:أبكي من ضربتك على القرن ،ولطم فاطمة خّدها، وطعن الحسن في الفخذ،والسم الذي يسقى...وقتل الحسين))
آمال الصدوق -البحار :28-الدمعة الساكبة
إنّ ما تعرّضت له وحيدة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وحبيبته وأعزّ الناس عليه بعد رحيله إلى رضوان ربه ورحمته ، يعتبر الحلقة الأولى من مسلسل التآمر على عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم المتمثل في اغتصاب حقّهم ـ الذي سطّرته السماء لهم ، باعتبارهم ورثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأوصياءه وولاة الأمر من بعده ـ والاستغناء عنهم في المشورة ، مع شدّة الوطأة عليهم في أمر البيعة ، واهتضام حقوقهم سواءً كانت نحلةً أو إرثاً أو فيئاً أو خمساً ، وسوقهم مع سائر الرعايا بعصا واحدة ، هذا والجرح لمّا يندمل والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لمّا يجفّ تراب رمسه الشريف المطهّر .
ولم تنته تلك المؤامرة بقتل الحسن والحسين عليهما السلام سيدي شباب أهل الجنة ، وقتل أولادهم وسبي ذراريهم ، وتتبّع شيعتهم ومحبيهم وأتباعهم تحت كل حجر ومدر ، بل لازالت متواصلة الفصول تفعل فعلتها في استهداف الخطّ الرسالي الأصيل وعزله عن أداء دوره في بناء الإنسان والمجتمع .
ولقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحصول كلّ هذا من بعده فقال : « إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أُمّتي قتلاً وتشريداً » ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّكم المقهورون والمستضعفون من بعدي » ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم لابنته الزهراء عليها السلام وهو في مرض الموت : « إنّ جبرئيل أخبرني أنّه ليس امرأة من نساء المسلمين أعظم رزية منك »
فليته يرى بضعته الصديقة الطاهرة وسيدة عترته ، كيف تعرضت لموت بطيء وهي مكلومة الفؤاد قريحة العين منهدّة القوى ، قد أغار أصحابه على منزلها يحشّون الحطب ويذكون النار في بابها ، وهي تبكي وتستغيث : « يا أبتِ يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك
ولم يقف الأمر إلى هذا الحدّ ، بل إنّهم سلبوها نحلتها ومنعوها إرثها وإرث عميد بيتها أمير المؤمنين عليه السلام وارث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووصيه وولي المؤمنين من بعده ، حتى ودّعت الحياة وهي غضبى على أُمّة تكالبت على تراث محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو في المحتضر ، متجاهلة كلّ نصّ ووصية ، متنكرةً لتعاليم السماء ووحيها ووصايا نبيها . وهكذا انقلبت على عقبيها كما يرشدنا إلى ذلك قول الله العظيم : ( وما محمد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل أفان مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً ) .
قالت عليها السلام وهي تندب أباها صلى الله عليه وآله وسلم :
قل للمغيب تـحت أطباق الثرىإن كنت تسمع صرختي وندائياصُبّت عـليّ مصـائب لو أنّها صُبّت علـى الأيام صِرن ليالياقد كنت ذات حمـىً بظلِّ محمدلا أختشأي ضيماً وكان جماليافـاليـوم أخشـع للذليل وأتقيضيمي وأدفع ظالمي بـردائيافلأجعلنّ الحزن بعـدك مؤنسيولأجعلنّ الدمع فيك وشاحيا
كانت تأخذ بيد الحسن والحسين وتقول: حبيبي حسن ولدي حسين أين جدكم؟؟ كانوا يخرجون إلى خارج المدينة يستظلون في ظلال شجرة يبكون على فـراق رسول الله لأن الظلمة والمنافقين إذا بكت على أبيها في بيتها يمنعونها من البكاء ، وقد خرجت مع أبنائها للبكاء على رسول الله (ص)لأن الظلمة منعوها من البكاء على رسول الله في بيتها وقد جاءوا إلى علي (ع) وقالوا له يا علي : أمنع فاطمة من البكاء وقل لها أما أن تبكي ليلاً أو نهارا لا تزعجنا بصوتها ، وعندما سمعت فاطمة قولهم خرجت من المدينة إلى ظل تلك الشجرة وحينما عرفوا أن بنت رسول الله تبكي أباها في ظلال تلك الشجرة حتى أتى الظالمين وقطعوا الشجرة التي تستظل بها سيدتنا الزهراء سلام الله عليها حتى بقت تبكي أباها تحت لهيب وحرارة الشمس ، حتى أتي أمير المؤمنين (ع) خلف البقيع وبنى لها عريشاً يعرف ببيت الأحزان - كانت هناك تأتي وتأخذ شيئاَ من تراب قبر رسول الله تشم تراب أبيها وتنشد تقول:
ماذا على من شم تربة احمد
إلا يشــم مـدى الزمــان غواليـا
أبه أبه صبت علي مصائب
لو أنها صبت على الأيام صرنا لياليا
فاطمة الزهراء هذه هي الّتي يقول لها جبرائيل عليه السّلام يوم القيامة : " يا فاطمة " سلي حاجتك ، فتقول: ياربّ شيعتي ، فيقول عزّ وجلّ : قد غفرت لهم ، فتقول : ياربّ ، شيعة ولدي ، فيقول الله : قد غفرت لهم ، فتقول : ياربّ شيعة شيعتي ، فيقول الله : انطلقي فمن اعتصم بك فهو معك في الجنّة ، فعند ذلك يودّ الخلائق أنّهم كانوا فاطميّين .
اللهم صلى على فاطمة وابوها وبعلها وبنوها والسر المسودع فيهاااا
المفضلات