من أروع القصص التي قرأتها
يحكى أن أحد الحكماء خرج مع ابنه خارج المدينة ليعرفه على
التضاريس من حوله في جون نقي بعيدا عن صخب المدينة وهمومها..
سلك الإثنان واديا عميقا تحيط به جبال شاهقه وأثناء سيرهما تعثر الطفل في مشيته وسقط
على ركبته فصرخ الطفل على إثرها بصوت مرتفع تعبيرا عن ألمه:آآآآه فإذا به يسمع من
أقصى الوادي من يشاطره الألم بصوت مماثل:آآآآه
نسى الطفل الألم وسارع في دهشة مصدر الصوت:ومن أنت؟؟!
فإذا الجواب يرد على سؤاله:ومن أنت؟؟!
انزعج الطفل من هذا التحدي بالسؤال فرد عليه مؤكدا:بل أنا أسألك من أنت؟
ومرة أخرى لايكون الرد إلا بنفس الجفاء والحدة:بل أنا ؟أسألك من أنت؟
فقد الطفل صوابه بعد أن استثارته المجابهة في الخطاب فصاح غاضبا:"أنت ****.."
فهل كان الجزاء إلا من جنس العمل..وبنفس القوة يجيئ الرد"أنت ****.."
أدرك الطفل الصغير عندها أنه بحاجة لأن يتعلم فصلا جديدا في الحياة من أبيه الحكيم الذي
وقف بجانبه دون أن يتدخل في المشهد الذي كان من إخراج إبنه
قبل أن يتمادى في تقاذف الشتائم تملك الإبن أعصابه وترك المجال لأبيه لإدارة الموقف حتى
يتفرغ هو لفهم هذا الدرس..
تعامل الأب كعادته بحكمة مع الحدث..وطلب من ولده أن ينتبه للجواب هذه المرة وصــــاح في
الوادي:"إني أحترمك.."
كان الجواب من جنس العمل أيضا.فجاء بنفس نغمة الوقار"إني أحترمك.."
عجب الإبن من تغير لهجة المجيب..ولكن الأب أكمل المساجلة قائلا:"كم أنت رائع"
فلم يقل الرد عن تلك العبارة الراقية"كم أنت رائع"
ذهل الطفل مما سمع ولكن لم يفهم سر التحول في الجواب ولاذ صمت رهيب لينتظر تفسيرا من
أبيه لهذه التجربة الفيزيائية...
علق الأب الحكيم على الواقعة بهذه الحكمة:
"أي بني نحن نسمي هذه الظاهرة الطبيعية في عالم الفيزياء (صدى)..لكنها في الواقع هي
الحياة بعينها..إن الحياة لاتعطيك إلا بقدر ماتعطيها..ولاتحرمك إلا بمقدار ماتحرم نفسك منها.
الحياة مرآة أعمالك وصدى أقوالك..
إذا أردت أن يحبك أحد فأحب غيرك..
وإذا أردت أن يوقرك أحد فوقر غيــرك..
وإذا أردت أن يرحمك أحد فارحم غيــرك..
وإذا أردت أن يسترك أحـــــد فاستر غيــرك..
وإذا أردت النـاس أن يساعدوك فساعد غيـــرك..
وإذا أردت الناس يستمعوا إليك ليفهموك فاستمع أليهم لتفهمهم ..
المفضلات