بسم الله الرحمن الرحيم
بدون فلسفة ..
حوار مثير للشفقة ..
والسخرية ...
حوار مواطن سعودي مع أفلاطون
دار هذا الحوار بين أفلاطون الفيلسوف اليوناني المعروف (عاش بين 427 ق.م – 347 ق.م) والسيد مستعبد بن محلوب الـ {{ مرمطون }} وهو مواطن سعودي من الطبقة الكادحة (عاش بين 1949 م – 2009 م)، حيث شاءت الأقدار أن يجرف سيل الأربعاء الأسود السيد مرمطون من قويزة إلى أثينا في اليونان حيث كان أفلاطون جالساً على أحد شواطئ أثينا يتأمل كتاباته ومسرحياته والمحاورات العديدة التي كتبها، وإذا برجل يخرج له من البحر في حالة يرثى لها مما جعل أفلاطون يهرع لنجدته حيث بدت عليه آثار التعب والإعياء التي تدل على أنه تعرض لحادث مريع كاد يودي بحياته. وبعد أن قدم أفلاطون المساعدة اللازمة لذلك الرجل المسكين، دار بينهما الحوار التالي:
أفلاطون : حمداً لله على سلامتك .. ما اسمك أيها الغريب؟ .. ومن أين أتيتنا بهذه الهيئة الطينية؟
مرمطون : مرمطون .. اسمي مرمطون وأنا من السعودية
أفلاطون : السعودية؟ ما هي السعودية؟!
مرمطون : هي دولة غنيه بآبارها النفطية ومواردها الطبيعية وتقع في شبه الجزيرة العربية
أفلاطون : دولة عربية نفطيه وغنية ! .. حدثني أكثر عن هذه السعودية ..
مرمطون : أتسألني كل هذه الأسئلة وأنت بالنسبة لي مجهول الهوية؟
أفلاطون : أعذرني فلم أعرفك بنفسي .. أنا أفلاطون فيلسوف يوناني قديم .. وصاحب الجمهورية
مرمطون : إذاً أنا الآن في اليونان .. ولو بقيت في جدة لكنت نسياً منسيا!
أفلاطون : جدة؟ ألم تقل إنك من السعودية .. تلك البلد النفطية الغنية؟
مرمطون : نعم .. فمدينة جده تقع في السعودية .. في المنطقة الغربية.. وهي مدينة ساحلية .. بحرها ملوث وبحيرتها سمكية.
أفلاطون : هكذا هي إذاً القضية .. فمن شواطئ جده أتيتنا سابحاً كالحورية
مرمطون : ليس بالتحديد .. فالقضية لها أبعاد أخرى خفية .. ولكنها مدعاة للسخرية
أفلاطون : أفيلسوف أنت مثلي؟ أم أن هذه أحجية ؟
مرمطون : كلا يا سيدي لست فيلسوفاً ولكن الصدمة كانت قوية
أفلاطون : أي صدمة تلك التي تتحدث عنها؟ يبدو أنها قصة مأساوية !
مرمطون : هي كذلك يا صديقي وسأتلوها عليك بكل أريحية .. لقدت هطلت علينا أمطار قوية نتجت عنها سيول فظيعة راحت تقتل الضحية تلو الضحية
أفلاطون : سيول قوية في بلد غنية مليئه بالموارد النفطية؟! أين الحكومة؟ أين البلدية؟ أين هي البنية التحتية؟
مرمطون : لا تسألني يا صديقي إنه والله البلاء وإنها والله البلية
أفلاطون : أناشدك الله أن تصارحني .. كيف يحصل ذلك في السعودية ؟ هذا لا يحدث في بنغلادش ولا حتى الدول الإفريقية .. فما بالك بدولة نفطية غنية كالسعودية
مرمطون : يا صديقي نحن دولة غنية .. نعم غنية بالموارد النفطية .. بل نحن أكبر مُصدر للنفط على الكرة الأرضية ... ولكن الحق والحق يقال ليس عندنا بنية تحتية .. وهذه هي مشكلتنا الأزلية
أفلاطون : من وجهة نظري الفلسفية فهذه ليست كارثة عادية .. بل هي جريمة في حق الإنسانية .. كيف يعقل أن يحصل هذا في دولة نفطية؟ .. ثم إن بناء البنية التحتية عند كثير من الدول الفقيرة هو من الأمور البديهية .. فما بالك بدولة نفطية مثل السعودية !
مرمطون : نعم .. ولكن الفساد زاد بطريقة همجية وأصبح المسئولون يلهثون كالكلاب وراء المكاسب المادية بدون أدنى إحساس بالمسئولية
أفلاطون : وكيف تم تبرير ما حصل؟ كيف تم شرح القضية؟ من الذي يتحمل المسئولية؟
مرمطون : البعض حمل المواطنين الضعفاء المسئوليه، فهم من بنو بيوتهم في بطون الأوديه وفي مجاري السيول القويه .. والبعض حمل المسئولية للأمطار والأحوال الجوية .. والبعض قال إن هذا بسبب ذنوبهم وأنها العقوبة الإلهية
أفلاطون : ماذا؟ هذه مهزلة! هذه همجية! هذه بربرية! أيعقل أن يكون المواطن هو المسئول وهو في الحقيقة الضحية؟ هذه نكته! هذه مسرحية! هؤلاء القتلة يجب أن يحاكموا وعليهم أن يدفعوا الدية
مرمطون : تستطيع الآن أن تستنتج أين تذهب الميزانية ؟
أفلاطون : نعم لقد اتضحت القضية .. قل لي يا صديقي مرمطون، كيف تدفعون عجلة التنمية في السعودية؟ هل لديكم خطة وطنية إستراتيجية؟
مرمطون : نعم .. لدينا خطط خمسية .. وهي قديمة ومصدية .. واهتمت بالبنية السطحية وتركت البنية التحتيه .. ولكن المسئولين يقولون لنا إن كل شيء على ما يرام وأن كل الأمور ميه ميه
أفلاطون : هذا يقودني لسؤال آخر أكثر أهمية .. كيف هي الديموقراطية في السعودية؟
مرمطون : الديموقراطية ؟ ماذا تعني بالديموقراطية ؟ نحن لا نعرف سوى الجوازات ومكتب الاستقدام والأحوال المدنية والأجهزة الحكومية الغارقة في البيروقراطية
أفلاطون : الديموقراطية يا صديقي هي شكل من أشكال الحكم السياسي تقوم على مبدأ حكم الأكثريه وحمايه حقوق الأقلية والمشاركة الشعبية في الشئون السياسيه .. ومن أهم مبادئها فصل السلطات التشريعية والقضائيه والتنفيذية
مرمطون : إن كان هذه ما تقصد فالجواب نعم لدينا ديموقراطيه حيث أننا نشارك في انتخابات المجالس البلدية وانتخابات الغرف التجارية وفي التصويت أيضاً على القنوات الفضائية
أفلاطون : هذه ليست ديموقراطيه يا صديقي مرمطون .. هذه أشبه بأكله شعبيه عندكم .. تسمى الملوخية
مرمطون : دعنا الآن من الديموقراطية فأنا أحتاج إلى أشياء أخرى أساسية .. أحتاج إلى بيت بعد أن فقدت بيتي وأهلي ولم يتبقَ معي سوى هذه الملابس الطينية
أفلاطون : معك حق يا صديقي .. إنك فعلاً مرمطون .. تلهث وراء احتياجاتك الأساسيه .. وصدقني ستبقى مرمطون إلى
أن يشاء رب البرية
المفضلات