بسم الله الرحمن الرحيم

قال الإمام الصادق (عليه السلام):
(( القرآن ظاهره انيق، وباطنه عميق )).

دلالة الحديث
الحديث المتقدم يجسّد ملاحظة أو عبارة تقويمية أو بلاغية، أما التقويم بنحو عام فيتمثل في الدلالة أو المعونة أو الموضوع القرآني بخبر ملاحظة عمقه، والسؤال هو: ...
ما هي النكات الكامنة وراء هذا التقسيم للنص القرآني، أي:
ملاحظة ظاهره وباطنه، أو ما يطلق عليه المعينون بالشأن البلاغي أو النقدي مصطلح {{ الشكل }}، و(المضمون). ؟؟؟
من الواضح، أن النص القرآني هو معجز تعبيري، مقابل الإعجاز المادي أو المعنوي. فما دام التعبير أو الصياغة التعبيرية هي المعجز، فهذا يعني: أن بلاغة التعبير هي المرصودة في موضوع القرآن.

طبيعياً، إن المعرفة بدورها ذات طابع إعجازي في القرآن، لكن بما أنّ معاصري نزول القرآن كانوا معينين بالبلاغة التعبيرية، حينئذ فإن الجمالية تظل هي البعد المدروس في القرآن الكريم آنئذ، وهذا ما يقتادنا إلی ضرورة ملاحظة المادة المعرفية بطبيعة الحال. فماذا نستلهم من هذه الحقيقة؟

بلاغة الحديث
إن (الباطن) المعرفي أو الدلالي هو المستهدف أساساً، أي: المبادئ التي عرضها القرآن الكريم في ميدان العقائد والأحكام والسلوك بعامة، وأما (الظاهر) فهو: إضفاء الجمالية علی الباطن، والإسهام في تجليته وتعميقه،
من هنا ألح الإمام عليه السلام إلی ظاهرة (الباطن العميق) وصلة بالظاهر الانيق، بمعنی ان الظاهر الأنيق - وهو البعد البلاغي - له اسهامه في تعميق الباطن الذي اسماه الامام (عليه السلام) بالعميق.
ولتوضيح هذه الظاهرة، اي: ان جمالية الظاهر لها اسهامها في اعمق الباطن القرآني، نتقدم بنموذج قرآني هو قوله تعالی عن اليهود بان لهم قلوباً كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً.
إن باطن النص هو قسوة اليهودي، ولكن درجة هذه القسوة ومستوياتها لم تتبلور إلا من خلال جمالية التعبير أو التشبيه البلاغي، فالقسوة قد تكون ذات درجة خفيفة او شديدة، وهذا لا يتبين إلا من خلال تشبيه فنّي (وهو: الظاهر الأنيق): كما أسماه الإمام الصادق (عليه السلام)، حيث تكفل هذا التشبيه بتعميق المعنی إلی درجة مذهلة، وذلك بالمقارنة بين ظاهرة مادية جامدة وبين ظاهرة معنوية، الظاهرة المادية هي الحجارة، والظاهرة المعنوية هي: قلب اليهودي، حيث أوضح التشبيه (ليس مجرد مماثلة قلب اليهودي للحجارة) بل أشد قسوة منها، وهذه الأشدية تبلورت بنحو واضح عندما الح النص الی ان من الحجارة ما يتفجّر منها الماء.
إذن، اتضّح بجلاء كيف ان الظاهر الانيق (وهو التشبيه) قد أسهم في (الباطن العميق) وهو: موضوع القساوة اليهودية، وجعل موضوع القساوة في أعمق مستوياتها .
ختاماً نسأله تعالی أن يجنّبنا قسوة القلب، وأن يوفقنا للتأمل في الباطن العميق للقرآن الكريم، وأن يوفقنا إلی الالتزام بمبادئه، وممارسة الطاعة،

إنه سميع مجيب.

*******











مما سمعت وففهمت ... !!!