رد: روايه (بيت من زجاج)..
كيف وصل به الأمر إلى مناداتي باسمي بهذه الطريقة ..
وحمدت الله أن زوجي كان في بيته الثاني والخادمة نائمة وإلا لكانت مشكلة عظيمة .. تناولت المفتاح من مخبئة وأسرعت
إلى الحجرة أفتحها بيد مرتعشة .. فوجئت به أمامي .. أصابني دوار من شدة الصدمة .. دخلت بسرعة وأغلقت الباب خلفي
لأصبح أمامه مباشرة .. كان طويل القامة بشكل لم أكن أتصوره وهو راقد في سريره ..
تمالكت أعصابي وأنا أهتف :
ـ كيف تجرؤ .. كيف تواتيك الجرأة على مناداتي بهذا الشكل .. ألا تخشى أن يسمعك أحد غيري ..؟
ابتسم بمرارة وهو يجيب :
ـ لقد تأخرتي علي كثيراً وافتقدتكِ بشكل لا تتصورينه , حتى خشيت ان يكون قد أصابكِ مكروه .. فقررت أن أتأكد بنفسي ..
ولا تخافي فأنا أعرف متى يكون خالي موجوداً في المنزل من عدمه ..
قلت بغضب :
ـ مهما يكن من أمر , فأنا لا أسمح لك إطلاقاً بهذا التصرف الجريء .. أرجوك ليس معنى أنني قبلت ان أتحدث معك أنني
أقبل أي شيء ..
ابتعد بسرعة .. ومضى إلى سريره ليلقي نفسه فيه بتثاقل ثم تناول محرمة ورقية يسعل فيها بشدة خلت معها أن صدره
سينشق عن ضلوعه ..
نظر إلي ودموع حائره تلوح في عينيه .. قال بصدق :
ـ كنت أظن بأنكِ تبادليني نفس شعوري رغم كل شيء .. كنت أعتقد بأن العهد الذي بيننا أقوى من أي شيء آخر في الدنيا..
كنت أعتقد بأنكِ الوحيدة التي أحسست بي وشعرت بمعاناتي وشاركتني همومي ..
صمت .. لتتحدث دموعه ..
ثم أضاف بحرقة :
ـ لكن يبدو أنني هم آخر أضيف إلى همومك وعبء ثقيل لا طاقة لكِ بحمله .. إنني أتمنى الموت على أن يحدث هذا الأمر ..
ابشركم ترى مابقى على نهاية الرواية الا جزئين ونخلصها ياهووو خخخ
رد: روايه (بيت من زجاج)..
تسلمين ريوشه
مسكين كسر خاطري حرااااااااااااااااااااام كله من العم النحيس صالحوه
مسكينه منى ويش تقدر تتحمل
بس ريووش اليحن منى في ثانوي او مو داكرين المرحله الدراسيه ؟؟
بنتظارك ريوم لا تتأخري تحمست ترا
تحياتي
رهف
رد: روايه (بيت من زجاج)..
بسم الله الرحمن الرحيم
هلا وغلا رهوفه
انشالله عن قريب الجزء القادم
نورتينا
تحياتي
ريوووش
رد: روايه (بيت من زجاج)..
(( الجزء العاشر ))
ثم أضاف بحرقة :
ـ لكن يبدو أنني هم آخر أضيف إلى همومك وعبء ثقيل لا طاقة لكِ بحمله .. إنني أتمنى الموت على أن يحدث هذا الأمر ..
صدقيني أنا لا أجبركِ على شيء فإذا شئتِ فاذهبي , وأعاهدك بأنني لن أناديك بعد اليوم .. وسأنسى اسمك ورسمك وكأنني
لم أركِ أو أعرفك ..
ثم أشاح بوجهه قائلاً :
ـ أذهبي ..
موجة هائلة من الحزن اجتاحتني بقوة , أحسست بقلبي ينقبض وكأن أيدٍ هائلة تعتصره بقسوة ..
طفرت من عيناي دموعاً وأنا أقول :
ـ أرجوك ياوليد لا تفهمني خطأ .. أنا لا أحتقرك ولست عبئاً يضاف علي لكن وضعي ليس صحيحاً ..
أفرض لو عرف أحد بأمرنا ماذا سيكون ؟ ماذا يعتقدون بنا ؟ بل ماذا سيفعلون بنا ؟
تألقت عيناه بنظرة حالمة وهو يقول بصوت خافت :
ـ لايهم ماذا يعتقد الآخرون مادمنا لم نفعل شيئاً نندم عليه .. أنتِ تعرفين مصيري وتعرفين أنكِ مجرد صديقة جاد علي
بها الزمان في آخر أيامي ..
قاطعته باكية :
ـ أرجوك لا تقل هذا الكلام .. إنك لن تموت .. إن الأعمار بيد الله وحده وهو القادر على كل شيء .. عنده الداء والدواء
فلن نيأس ..
رد: روايه (بيت من زجاج)..
نظر إلي بدهشة وهو يهتف :
ـ أتحبينني كما أحبك !!
شهقت فزعـة .. يالصراحته الجارحة ..
تابع بصوت رقيق :
ـ أعذريني يامنى على صراحتي , فليس في حياتي متسع للصبر والإنتظار فأنا أحبك حقاً .. أحبك منذ رأيتكِ أول مرة ..
وانتِ أيضاً تحبينني .. لكن حبنا محكوم عليه بالفشل الساحق ، فأنتِ متزوجة وأنا مريض بمرض لا شفاء منه .. لكن هذا
لا يقضي على الحب الذي هو آخر أمل أودع به حياتي القصيرة ..
انتحبت باكية دون أن أنبس بكلمة .. جاءني صوته مضخماً بالحب والعذاب :
ـ أنا لا أمل لي في نجاة أو شيء من هذا القبيل .. ولكن الأمل كبير أمامك يامنى , بإمكانكِ أن تطلبي الطلاق من زوجك
وأن تتابعي دراستك ثم .. تتزوجين من شاب مرموق يستحقك ..
شعرت باليأس يطوقني بأغلاله المستحيلة .. هتفت بقوة :
ـ لن أتزوج بعد ذلك .. سأعيش لأخي فقط ..
نكس رأسه بأسى وهو يقول :
ـ لو شفيت سأتقدم لخطبتك وأتزوجك .. لكنني لن أشفى وسأموت وحبكِ يملأ روحي وعقلي وقلبي ..
قلت ودبيب من الأمل يتسلل إلى أعماقي :
ـ إن الله قادر على كل شيء والعلم يتطور كل يوم .. وكل ساعة قد تأتي بجديد فلا تيأس وسأدعو لك ..
انتزعت نفسي من مقعدي انتزاعاً .. قلت وأنا أبتسم من بين دموعي :
ـ إلى اللقاء ..
قال بأسى :
ـ هل ستعودين ؟
رد: روايه (بيت من زجاج)..
أجبت بحرارة :
ـ نعم سأعود ..
وخرجت بسرعة وأقفلت الباب عليه .. واستمرت اللقاءات يسترها الليل ويضمها الصمت في ردائه .. ونجحت نجاحاً باهراً
أخر العام .. لكن زوجي ما فتأ يطاردني بالسؤال المر الذي كرهته كما لم أكره شيئاً في حياتي .. هل انتِ حامل يامنى ..
أخيراً قررت ان أثور عليه وأن أعلنها بوجهه صراحة .. فبعد أن استلمت شهادة نجاحي قلت بهدوء :
ـ لقد نجحت وبامتياز ..
قال بلا مبالاة :
ـ مبروك ثم استدرك وفي عينيه بريق مفاجئ :
ـ ومتى نقول مبروك للقادم الجديد ؟
قلت وابتسامتي لا تزال على شفتي :
ـ أي قادم وأي جديد ؟
ضحك بعصبية وهو يقول :
ـ أقصد متى نفرح بحملك ؟
جابهته بثورة عاتية :
ـ لن تفرح بشيء ولست حاملاً ..
ثم أن الطبيبة أفهمتك بانني لا أعاني من أي مرض يعيق الحمل فلماذا هذا الاصرار وحرب الأعصاب إذا لم تستطع الانتظار
فتزوج بأخرى ..
وكأنني ألقيت بوجهه ماء بارد فقد هدأت ملامحه واسترخت أعصابه واقترب مني محاولاً إرضائي , لكنني كنت قد كرهته
رد: روايه (بيت من زجاج)..
ونفرت منه نفوراً شديداً بقدر حبي لوليد ..
فلم أرضى حتى قدم لي ساعة مطعمة بالماس الذي يخطف الأبصار .. وقد اعتدت منه هذه الطريقة , أهجره ويراضيني بهدية
قيمة .. فجمعت قدراً من المجوهرات النفيسة التي لا تقدر بمال ..
وما أن جلست أتأمل الساعة الجميلة بشغف حتى خطر لي خاطر .. لماذا لا أطلب الطلاق من زوجي , فالوقت ملائم لي ,
فقد حصلت على الشهادة الثانوية وجمعت كنزاً من المجوهرات أستطيع أن أعيش من ثمنها حتى أكمل دراستي الجامعية
ثم أن عندي عقاراً كتبه لي زوجي بإسمي فيمكنني ان أعيش فيه بحرية دون أن أتنازل لأبي وزوجته وربما أستطيع إحضار
شقيقي أحمد ليعيش معي ويبتعد عن تلك الأفعى زوجة أبي التي بالتأكيد تعذبه باالليل والنهار ..
ووليد ..
دوت هذه الكلمة في أعماقي وكان لها رنين مزعج معذب .. انقبض قلبي فجأة ودمعت عيناي , فقد تدهورت أحواله في الفترة
الأخيرة تدهوراً شديداً .. وقل وزنه بدرجة ملحوظة وشحب لونه أكثر من ذي قبل وغدا لا يستطيع مغادرة الفراش إلا لماماً ..
انه يموت .. لا لن أدعه يموت .. على الأقل لن أدعه يموت بين يدي .. لن يموت بدون أهل ولا سند وبدون معونة الأطباء
رد: روايه (بيت من زجاج)..
والتقدم العلمي .. سأفعل شيئاً لأجله .. لن يكون ضحية أنانية خاله وخشيته من الفضيحة .. ألا يدري هذا الخال الجاهل بأن
الفضيحة هي ماسطرها هو بيديه .. الفضيحة ليست بالمرض حتى ولو كان مرضاً خطيراً جلبه شاب طائش بنفسه لنفسه ..
بل الفضيحة هي التستر على المرض وحبس المريض في حجرة ليموت في عزلة عن الناس ولن يترحم عليه أحد ..
كلا .. لن أكمل المسيرة وأتستر على ماعشت قصته بنفسي وتبوأ بقلبي وسرى سريان الدم في شراييني ..
كان الوقت صباحاً .. زوجي في عمله والخادمة تعمل في الطابق الثاني من البيت وأنا في إجازة مدرسية .. فتحت الحجرة
على وليد .. كان نائماً .. فتح عينيه بصعوبة .. ذهل من وجودي في هذا الوقت من الصباح فلم يعتد على رؤيتي إلا ليلاً ..
قلت له بسرعة :
ـ وليد .. هيا .. سأصحبك إلى المستشفى ..
نظر إلي بريبة وكانه ينظر لشخص مجنون ..
تابعت بهدوء وروية :
ـ أنت في حاجة إلى علاج .. او على الأقل إلى أناس تتعاطف معك .. تحس بمرضك .. تتفهم اعراضك .. انفرادك هنا
بزنزانة لا جدوى منه بل سيعجل في القضاء عليك ..
هتف وقد تفهم الأمر :
ـ والفضيحة ؟
قلت بجدية :
ـ لا عليك .. لست أول ولا آخر شاب يخطئ .. ثم ألا تشعر بالحرمان لابتعادك عن والدتك وشقيقاتك .. أنت الآن بأمس
رد: روايه (بيت من زجاج)..
الحاجة إلى حنانهن وصبرهن وتفهمهن .. أنت بحاجة إلى الدعاء من القلب .. الدعاء الصادق من الأعماق .. لعل الله
يغفر ويستجيب .. إن الله غفور رحيم هيا بنا .. بسرعة ..
نظر إلي بإعجاب قائلاً :
ـ إنكِ بهذا تضرين نفسك .. سيعلم خالي وستكون الطامة الكبرى .. ربما يطلقك ..
ضحكت بسخرية وأنا أقول :
ـ وهذا هو ماأريده .. ثم تابعت بابتسامة :
ـ لا تخشى شيئاً لن يعلم أحد .. هيا ..
سعل بشدة وهو ينهض قائماً ثم قال وصدره يعلو ويهبط :
ـ صدقيني لقد كنت سأعرض عليك هذا الأمر منذ زمن , لكنني خشيت أنت تفهميني خطأ وتعتقدي بأنني أستغلك .. صدقيني
قاطعته وابتسامتي لا تزال على شفتي :
ـ لاداعي للكلام الآن , هيا ولنؤجل كل شيء حتى وقت آخر .. من يدري ربما حين تشفى سيكون لنا متسع من الوقت
حينذاك ..
أغمض عينيه بشده حين رأى النور لأول مرة منذ شهور طويلة مضت .. بدا مرتبكاً حائراً ومريضاً .. استعجلته وأنا أنادي
سيارة الأجرة .. وفي المستشفى الكبير اجتمع حوله الأطباء وهم يتدارسون حالته .. تسللت إلى الخارج بهدوء دون أن
يشعر بي أحد بعد أن أنهيت مهمتي بنجاح ..
استلقيت على فراشي الوثير بعد أن تأكدت من إغلاق تلك الحجرة التي يسكنها وليد جيداً .. بدأت استعد نفسياً لهبوب
العاصفة .. وأرى زوجي بعين خيالي وهو يقلب البيت رأساً على عقب بحثاً عن وليد ويواجهني بتهمة تهريبه .. لن أنكر
سأعترف ببرود وليفعل كل ما باستطاعته فعله .. ولن يستطيع أكثر من الطلاق وهذا هو مناي الذي عشت ليالي وأياماً
بانتظاره.. لن أبكي ولن أندم فهذا قدري وأين يفر الإنسان من قدره ؟
لم استطع النوم وتفكيري يتشعب في كل الاتجاهات كعاصفة لا تدري مستقرها .. فتحت عيناي على صوت زوجي .. نبض
قلبي بقوة .. تأملت وجهه والعرق الغزير يبلل جسدي , لكن وجهه كان جامداً لا يعبر عن شيء ..
رد: روايه (بيت من زجاج)..
لم يتغير فيه شيء البته ..
يبدو وكأنه لم يعرف شيئاً بعد ..
قال كعادته :
ـ هل الغداء جاهز ؟ أم أنام قليلاً حتى يجهز ؟
نهضت بسرعة وقد أخفيت عيناي تحت رموشي وأنا أقول بحرارة مصطنعة :
ـ حالاً سيكون جاهزاً ..
وأسرعت إلى الطابق الأرضي وقلبي لا يزال يخفق بقوة .. انه لم يكتشف بعد اختفاء وليد .. وربما يمر اليوم بطوله دون أن
يكتشف شيئاً .. فهل سيستمر توتري حتى اكتشافه للأمر .. كلا .. يجب أن أتجاهل كل شيء وكأن شيئاً لم يكن .. ولن يحدث
إلا ماقدره الله لي ولن أندم ..
في المساء وبعد أن عدت من السوق , اكتشفت التغيير الهائل الذي طرأ على زوجي .. عيناه الزائغتان ووجهه الممتقع
وتقوقعه في ركن من أركان البيت إلى جوار الهاتف ويداه ترتجفان بشدة .. هوى قلبي بين أقدامي , لكنني أيقنت بأنه قد
أكتشف اختفاء وليد .. استجمعت شتات نفسي لأواجه زوجي بكل شجاعة وثبات .. قبل أن أنطق بكلمة قال بسرعة وارتباك:
ـ اصعدي إلى حجرتك .. هيا بسرعة .. فهناك ضيوف قادمين ..
سألته ببراءة :
ـ لماذا .. ماذا حدث ؟
قال بارتباك وقد غاب عنه أنني قد أكون السبب في كل ما يحدث :
ـ أبداً أحاول أن أجري بعض الإصلاحات في البيت وتجديد بعض الحجرات فيه .. هيا اصعدي سيحضر بعض العمال الآن ..
صعدت إلى فوق وأنا أكتم ضحكة كبرى كادت تفلت مني دون شعور .. ابتسمت بجذل وانا أصعد الدرجات بسرور ..
أسعدني غضبه وحزنه وارتباكه وغفلته عن كل مايحدث ويحدث ..
رد: روايه (بيت من زجاج)..
بسم الله الرحمن الرحيم
مبااااااااااركين
ماباقي الا الجزء 11 والاخير
واخيرا ها بنخلصها خخخخخخخخخخ
مابطول عليكم بس كذا يوم خخخخخ قبل المدرسه طبعا احم او في بدايتها جذي
تحياتي
ريوووووووووووش
رد: روايه (بيت من زجاج)..
حراااااااااااااااااااام
حرام عليش ريوشه بكرا الجمعه وبعدين السبت وتجي الطامه الكبرى واهي منحست حياتي
منى صحيح الي تسويه يمكن صح بس بتعرض نفسها الي اشياء اكبر من حجمها
تسلمي ريوش بليز لا تمهلي
تحياتي
رهف
رد: روايه (بيت من زجاج)..
بسم الله الرحمن الرحيم
عذرا تاخرت علكم بسبب ضروف منعتني
وانشالله بكملها
تحياتي
ريوش
رد: روايه (بيت من زجاج)..
(( الجزء الحادي عشر والأخير ))
لا يهمني حتى وإن استدعى رجال الأمن وهو مااعتقد إنه سيفعل .. فوليد في يد أمينة وسيحاولون علاجه بقدر استطاعتهم
كما أنهم لن يدعوا خاله ينعم بالراحة والأمان وهو الذي سجنهُ فترة طويلة منذ بداية مرضه الخطير ..
توالت الأحداث بعد ذلك سريعاً .. سقط زوجي مريضاً لا أدري هل هو أثر صدمة اختفاء وليد أم تساقط وريقات العمر آذنة
بالأفول ..لم أتوانى عن خدمته طوال فترة مرضه التي طالت , حتى فوجئت ذات يوم بشاب يبلغ قرابة السادسة والثلاثين
من العمر يقتحم المنزل دون استئذان ..سألته بخوف عما يريد .. اكتفى بأن وجه لي نظرة هازئة وهو يهتف :
ـ أهي أنتِ إذن , زوجة أبي ؟
ابتلعت صمتي ودموعي , وأخذت أرقب الموقف بين الأب وابنه من بعيد .. سمعته يصرخ بأبيه عالياً بعد لحظات :
ـ هذا ليس مكانك يا أبي .. مكانك الطبيعي هو بيتك الكبير إلى جوار أم أولادك ..
ثم خفض صوته لكن ليس لدرجة أن يغيب عن رهافة حسي !!
قال بصوت خفيض :
ـ إنها لن تهتم بك كأم أولادك .. إنها صغيرة ولن يهمها سوى نفسها .. إنها فضيحة يا أبي أن تموت خارج دارك ..
علا أنين الرجل المصدوم في أولاده .. قال بصوت ضعيف :
ـ أتريد لي أن أموت يا سليمان .. أهذه نهاية تربيتي لك .. أخرج .. فلن أغادر هذا البيت إلا إلى قبري ..
تناهى إلى سمعي بعدها أصوات بكاء وقبلات ودموع ثم غادر الشاب بدون أدنى كلمة يوجهها لي ..
أحسست بالخوف يقتحم عالمي بِعنف لِما يحدث حولي .. فكيف يحضر أحد أبنائه بهذه البساطة إلى بيتي وكأنني غير
موجودة فيه .. وهل يعجز زوجي المريض أن يرد لي اعتباري وكرامتي المجروحة .. وقبل أن أفيق من الصدمة , فوجئت
بزوجة زوجي الأولى وثلاث من بناته وأبنه ذاته الذي غادر منذ ساعات يدخلون بيتي بهدوء وثقة ..
توقفت زوجته أمامي بضع لحظات كانت كافية لأن توجه لي من خلالها نظرة احتقار واشمئزاز واضحة ولم يتبادل أحد منهم
معي أي حوار .. وصلوا مباشرة إلى حيث يرقد زوجي وأغلقوا الباب خلفهم .. وبعد دقائق لا أدري كم طالت خرج الجميع
بصحبته .. زوجي .. كان بادئ الضعف زائغ النظرات يكاد لا يقوى على الوقوف ..
قال لي قبل أن يغادر المنزل :
ـ سيعود أحمد لاصطحابك إلى بيت أهلك ..
رباه .. أهذه هي النهاية أعود إلى بيت أبي مرة أخرى .. وبعد عام طويل مرير من البعد عنه .. وماذا سيحدث لزوجي ..
وما معنى كلامه ذاك .. أكان تعبيراً مهذباً عن رغبته في طلاقي .. أهذا ماكنت أهوى وأتمنى .. لكن مابالي أعاني من الحزن
الضاغط المرير .. مابالي لست سعيدة بل ومكتئبة .. ألأنني سأعود لأبي الذي تخلى عني وزوجته التي باعتني بأبخس
الأثمان .. وأحمد ألا يقلقني مصيره .. ألست أحن لرؤيته ..
لم أفق من تساؤلاتي إلا على صوت الخادمة تسألني إذا كنت أريد العشاء الآن أم فيما بعد .. تركتها ومضيت أجمع حاجياتي
بحرص ودقة .. أشيائي الثمينة وأوراق العقار الذي كتبه زوجي بإسمي وملابسي وأحزاني الكثيرة .. وتوقعاتي التي لا حد
لها .. ولاح في فكري وليد .. يجب أن أعرف مصيره قبل أن أغادر هذا البيت .. لابد أن اطمئن عليه قبل أن أغادر إلى
مصير لا أدريه .. أدرت قرص الهاتف بالمستشفى الذي أودعت وليد لديه ..
فسألني الطبيب بحدة :
ـ من أنتِ ..
أجبت بصوت مهزوز :
ـ أ .. أخته .. شقيقته ..
أجاب بنفس الحدة :
ـ غريبة ألا تعرفين مصيره إلى الآن وأنتِ شقيقته .. ألا تعرفين بأنه مات ..
ودارت بي الدنيا ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أسارع لإغلاق سماعة الهاتف وكأنني أخمد أنفاس العاذاب إلى الأبد .. وليد مات!!
لا .. لا .. ياربي إنه شاب لطيف ولا يستحق الموت أبداً .. لا .. لا ..
وانهرت باكية على سريري , لأفاجأ بظل شاحب ينعكس على وجهي .. قال بصوت عرفت نبرته :
ـ أتبكين أبي أم تبكين نفسك .. هيا استعدي للانتقال إلى دار أبيك .. أمامك عشر دقائق ثم تخرجين مرغمة ..
نظرت إليه من خلال دموعي .. كان جاداً في كلامه ودلائل القسوة تلون ملامحه نهضت بأسى وانا أهتف :
ـ انا جاهزة الآن ..
نظر إلي باحتقار قائلاً :
ـ هيا إذن ..
طرقت الباب برقة في البداية ثم توالت طرقاتي العنيفة بعد ذلك .. استقبلني أبي أمام الباب ..
تبادلنا نظرات الدهشة المؤلمة .. دهش لرؤيتي بعد هذه الفترة الطويلة , وأذهلني طلته الشاحبة خلال أمد قصير .. نحوله
المريع .. الشيب الذي كلل شعره الأسود الغزير .. وجهه الأصفر الذابل ..
بدا غير مرحب بوجودي أو هذا ما أوحي به صمته .. قطعت الصمت بصوتي المرتجف :
ـ كيف حالك يا أبي ؟
قادني إلى الداخل دون أن يجيب عن سؤالي .. وجدتها أمامي .. ذاتها .. بجمالها الشرس .. ونظراتها النفاذة .. ووجهها
البغيض المنفر .. لكن لا .. إنها ليست هي .. إن جمالها يعتريه شحوب واضح .. ونظراتها توحي بانكسار .. وجهها تغطيه
هالة من حزن لا يختلف عليه اثنان ..
مددت لها يداً باردة فتناولتها بكل لهفة .. تقبل يدي ودموعها تغرق وجهها ..
قالت بصوت مضطرب :
ـ منى .. حاولت كثيراً أن أتصل بكِ لكن أبوكِ رفض رفضاً قاطعاً خوفاً من إزعاجك او إفساد حياتك .. سامحيني يا منى ..
هنا فقط بدت الحقيقة واضحة أمامي كشمس منتصف النهار .. إنها مريضة .. طريحة الفراش والأدوية تملأ خزانتها
ودموع الألم والعذاب تغرق عينيها .. إذن نالت عقابها الرادع وإن فلتت من عقاب أبي .. رحمتك يارب ..
لأهرب من ألم الموقف .. تساءلت :
ـ أين أحمد ؟
امتلأت عينا أبي بالدموع دون أن يتفوه بحرف .. أعدت السؤال بصوت أكثر حدة :
ـ أين أحمد يا أبي .. أي مصير واجهه هذا البائس ؟
أجهشت بالبكاء على صدر أبي وبين ذراعيه وصرخاتي تشق السكون من حولي :
ـ أحمد مات واليوم بالذات .. فقد عاش شريداً طوال العام المنصرم ينتقل بين السجون بتهم مختلفة .. التسول .. السرقة ..
التشرد .. استنشاق المذيبات المتطايره .. التعدي على الغير .. خلافات صغيرة ومشاجرات كبيرة .. ضياع في ضياع ..
ثم بحور من الضياع وأخيراً دهسته إحدى السيارات السريعة اليوم .. هذا اليوم فقط .. مات ..
أهكذا يا أبي .. طفلك الوحيد الذي لم يكمل عامه الثاني عشر بعد , ينتهي هكذا , تائه ومعذب وشريد وكأن لا أهل له .. لقد
صدقت أمي رحمة الله عليها حين قالت بأن الأب الحنون هو الذي تكون معه الأم وغير ذلك لا يكون أباً على الأطلاق .. أبي
أيها القاتل .. لقد شردتنا وقتلتنا جميعاً .. تحت تأثير نزواتك ورغباتك وأنانيتك .. أمي ضحيتك الأولى ماتت وفي داخلها
جراح لم تندمل ونزيف لم يتوقف وقلب شبع هواناً وتحقيراً .. ماتت أمي وفي جسدها ألف طعنة ومرض غادر لم يصبها
إلا من قهرك وظلمك وعدوانك .. حبيبتي ريم الملاك الطاهر ماتت وفي حلقها غصة وحشرجتها دموع وآلاف اللعنات تطاردك
حتى في يومك الأخير في الدنيا .. ضحيتك التالية .. جرحت طفولتها الندية وفتحت عيناها البريئتان على عالم بشع لم تكن تعيه
أفهمتها أن الشقاء هو الأصل .. هو المنبع .. هو الأساس .. وإن السعادة ماهي إلا هنات راحلة .. زرعت داخلها أن الشقاق
هو ملح الحياة وأن الوفاق من الأطايب النادرة .. علمتها أن الخيانة هي الحياة وما عداها فروع لا قيمة لها .. سرقت منها
الطفولة والبراءة والسعادة وهم كيان طفل فقتلتها وهي على قيد الحياة .. عجلت برحيلها حين أدرت لها ظهرك وهي
في أمس الحاجة إليك .. لم تلاحظ انطفاءها التدريجي لأنك مشغول عنها بملذاتك ..
فماتت وهي تمقتك .. نعم هي أوصتني بك كثيراً .. لكنها لن تنسى لك مافعلته بنا ..
أحمد الطفل البائس الذي لم يرى منك خيراً قط رغم أنه ولدك الوحيد .. فتح عينيه على صراخك بسبب وبدون سبب ..
قتلته ألف مرة بمشاجراتك التي لا تنتهي وخلافاتك التي تفتعلها مع أقرب الناس لنا وخياناتك الموجعة .. ثم جاءت طعنتك
الأخيرة في الصميم وأصبته بمقتل .. أنت الذي قتلته يا أبي وليس أحد سواك حتى هذه الحية الرقطاء لم تكن إلا عاملاً
مساعداً أو أداة لقتله ليس غير .. قتلته حينما شردت أهله أمام عينيه , ثم وكأنك تطفئ سجارتك في قلبه بتعذيبك إياه
المتواصل وطرده من البيت وتجويعه وتشريده حتى أضحى من المتشردين السوقة وهو ابن عائلة وله أصل مرموق ..
وفي الأخير يموت كقطة متشردة تحت عجلات سيارة .. يالها من نهاية يا أبي .. ويالك من ظالم ..
ألم أكن انا من جملة ضحاياك .. ألم تقتلني بتعذيبك لأمي كل يوم بل كل دقيقة .. لقد سلبت منا الأمن والأمان وتركتنا نعيش
على حافة جرف لا ندري هل تستقيم الحياة بنا أم تجرفنا الهاوية يوماً ما .. أرتقب النهاية ويدي على قلبي .. وكل النهايات
تعيسة .. فقدت أمي ثم فقدت شقيقتي .. ثم فقدت شقيقي الوحيد ..وقبلهما فقدت نفسي .. فقدت سعادتي واطمئناني .. لم
أعش يوماً كمراهقة تفتح ذراعيها للعالم وتفكر بالمستقبل .. بل أدرت ظهري للدنيا وعشت في الماضي بكل مآسيه ..
سرقت مني أحلامي وطموحاتي وحتى شبابي .. حتى شبابي ومستقبلي بعتهما لشيخ عجوز على مشارف قبره ,وكأنك
تدفنني معه .. لقد نجحت يا أبي .. أنني أهنيك يا أبي فقد قتلتنا جميعاً .. وقضيت علينا كما تهوى وتتمنى بأنانيتك
وحمقك ونزواتك ..
تحسست مفاتيح بيتي الجديد في جيبي ثم استدرت لأخرج .. استوقفني أبي ودموعه تهطل بغزارة وتبلل لحيته الكثة
ثم تسيل على ثيابه ..
ـ صدقيني يا بنيتي ليس لي ذنب في موت أحمد ..
نظرت إليه بإشفاق .. ثم ربت على كتفه هامسة :
ـ مكاني ليس هنا يا أبي ..
ألقيت على زوجته نظرة عابرة قائلة :
ـ لاتخشى شيئاً من أجلي .. فلي بيت خاص وأملاكي الخاصة ولن أحتاج لأحد بعد الآن ..
جاءني صوتها متهافتاً ضعيفاً :
ـ أرجوكِ يا منى سامحيني .. لقد أخطأت في حقك كثيراً , وقد فعلت الكثير والكثير حتى انتهيت طريحة الفراش كما ترين ,
ولا أمل لي في حياة سوية كبقية البشر .. هذا إذا بقيت على قيد الحياة .. منى أنني أتوسل إليك أن تغفري لي ..
ثم أجهشت بالبكاء .. وقفت بالباب مترددة ثم همست قبل أن أخرج :
ـ الله هو الذي يغفر الذنوب جميعاً سبحانه ..
(( تمــــت )) ...
رواية من كتاب ( بكاء تحت المطر )
اسم المؤلفة : قماشة العليان
اسألكم العذر والسموحه للتاخير
تحياتي
ريوووووووووش
رد: روايه (بيت من زجاج)..
اهئ اهئ اهئ اهئ اهئ
نهايه حزينه
موت ولدي ومرض الزوج وموت احمد
بس الله يمهل ولا يهمل تستاهل ما جاها مرت ابوهم
تسلمين ريوشه وكتابه جيد عقبال ما نقراء كتاباتش يا رب
بنتظار قصصك الجديده
تحياتي
..انين الروح..
رهف سابقا