تتمه :
كان عندي مريض بالعناية المركزة يحتضر ...
حالته متدهورة و نتوقع موته في أي لحظة ...
توقف قلبه ثلاث مرات في الصباح ...
و في العصر ،،
لما كنت بمكتب قمر سمعنا النداء الحرج و على طول جا ببالي أنه مريضي توقف قلبه مرة رابعة ...
جينا نسرع للعناية المركزة ،،
و أول ما دخلنا شفنا الممرضات و معهم طبيبين أو ثلاثة متجمعين عند سرير مريض ثاني
... غير مريضي ...
رحت أنا لمريضي ،،
ألقي نظرة على آخر تسجيلات علاماته الحيوية و تحاليله قبل ما أطلع البيت ،،
و أتركه في رعاية الطبيب المناوب ...
بصراحة ما التفت في البداية للمريض الثاني ،،
و كان معه أطباءه و الدنيا زحمة
بس التفت لقمر ...
اللي وقفت هناك قرب السرير الثاني ...
سمعت صراخ و صراخ و صراخ ....
شي لفت انتباهي ...
هذا صوت سلطان ! و هذا صوت شوق ...
جيت بسرعة لعند قمر ...
كانت واقفة مثل التمثال ما يتحرك فيها الا عيونها ...
سلطان يصرخ :
- بسرعة يا دكتور ...
و الدكتور يصرخ :
- أطلعوا برى لو سمحتوا لا تربكونا
منال تصرخ من جهة ،،
و شوق تصرخ من جهة ...
- ( البنت ماتت لحقوا عليها )
فوضى ... ربكة
... تشوش ... زحمة ...
وضع تعودنا نشوفه بحكم عملنا بالمستشفى ...
بس الصورة صايرة مشوشة أكثر ...
الدنيا ملخبطة فوق تحت ...
مسكت يد قمر ...
بغيتها تمشي معي نطلع برى ...
بس دون ما تطالع فيني سحبت يدها و عينها معلقة على
( المشهد )
... على كل حركة ...
على مؤشرات الأجهزة
... على سلطان ...
أربعين دقيقة مرت ...
من الإنعاش المستمر ...
و الأطباء يتناوبوا العملية ...
و العرق يتصبب منهم ...
الجو حار ...
حار
... كل شي حار ...
كل شي أحمر ...
مثل عيون سلطان ومنال ...
و شوق و قمر ...
مثل الدم اللي لطخ أنبوب التنفس متفجر من رئة البنت المنكوبة ...
أربعين دقيقة ...
هي مدة أكثر من كافية ...
عشان يقرر الطبيب أنه يوقف الإنعاش ...
و يسجل لحظة نزع الروح الأخيرة
... و موت الطفلة ...
رفع الفريق الطبي أياديهم عن المريضة
... اعلاناً للنهاية ...
سلطان طالع بالطبيب ،،
و صرخ :
- ليش وقفت ؟
الطبيب هز راسه ...
شوق صرخت ...
- ...... لا ....
و صراخ بعد صراخ ،،
و اندوت الغرفة بصراخات الكل ...
هبة ماتت قدّام عيونا كلنا
... كنت أبي أطلع ...
بس ما قدرت ...
سلطان ...
رفع بنته لصدره ،،
و هو يصرخ :
- هبه ... ردي علي ...
ما قدرت أتحمل أشوف أكثر من كذا ...
رحت لشوق و حضنتها بقوة
و هي تصرخ :
- هبة ماتت ؟ ما أصدق ...
الطبيب و الممرضات يحاولوا يهدوا الوضع ...
يحاولوا يطلعونا برى
سلطان ...
حاضن بنته عند قلبه و متمسك بها بقوة ...
و منال تهز فيه
- خلني أشوفها ... ما ماتت ... هبة ردي علي ...
الضجة اللي صارت هالمرة ،،
و التفتنا كلنا صوبها كانت جاية من جهة قمر،،
قمر ... طاحت من طولها مغمى عليها ...
*
* *
*
تأخرت أمي في المستشفى ...
كان براسي كلام ودي أقوله لها وكنت أنتظرها من ساعات ...
اتصلت عليها بالجوال ،،
بس الظاهر كانت مشغولة كثير ،،
او الجوال ما هو بمعها ...
لما جت الساعة 6 المغرب ،،
جيت أباطلع أشتغل في عشة الحمام شوي ...
و شفت جدتي جاية تسرع صوب الباب ...
- خير وش صاير ؟؟؟
سألتها بقلق ،،
و ردت بفزع و لهفة :
- أمك تعبت في المستشفى ... باروح لها
لما وصلنا ...
كانت أمي على السرير فاقدة الوعي ،،
و كانوا على وشك أنهم ياخذوها لغرفة الأشعة ...
كلمتها ما ردت علي ...
بسرعة اخذوها ،،
و ظليت مع جدتي و جدي و الدكتورة سلمى صديقتها بالغرفة ...
أنا حاولت أسأل الدكتورة إذا تعرف أي شي ،،
لكنها طلعت بسرعة و ما ادري وين راحت ...
بعد أقل من ساعة ...
رجعت الممرضة بأمي على السرير و معها الدكتورة سلمى ...
و أمي بعدها فاقدة الوعي ...
سألت جدتي بفزع :
- وش فيها ؟
جاوبت الدكتورة سلمى ،،
و هي تهز راسها بمرارة :
- نزيف داخل الراس ....
*
* *
*