رد: روايه (بيت من زجاج)..
وفي نهاية الفسحة اصطحبتني معلمتي فاطمة إلى حجرتها ، وهي تحكي لي معاناتها مع أهلي عندما حاولت السؤال عني
وكيف هاجمتها زوجة أبي بسفالة وانحطاط .. سألتني عما جد من أخباري .. حكيت لها بدموع ساخنة قصة زواجي من
الرجل العجوز وحياتي معه الجافة بلا طعم ولا روح وكيف كان أحن عليّ من أبي حين وافق على إكمال تعليمي ..
قالت معلمتي بعد تفكير عميق :
ـ لقد تزوجتِ الآن يا منى وانتهى الأمر .. واحمدي الله على هذه النهاية رغم شذوذها ، فقد كان من الممكن أن تلقي من
هذه المرأة ماهو أشد وأنكى .. وطني نفسك على الأحتمال وتقبلي هذه الحقيقة .. أما زوجة أبيكِ فسيعاقبها الله أشد العقاب
ولن تهنأ بالتخلص منكِ .. فالله يمهل ولا يهمل ..
تنهدت بعمق وأنا أجتر آهاتي الممزقة من أعماق صدري ..
غادرت مدرستي ذات يوم وفي داخلي حنين لأخي أحمد ولبيتنا الصغير وخادمتنا الوفية المخلصة ، فقد مر أكثر من شهر
على زواجي ولم أطلب من زوجي زيارة أهلي ولم يتكلم بدوره في هذا الأمر ..
رد: روايه (بيت من زجاج)..
في إحدى الليالي ، وبينما كنت مستغرقة في مراجعة دروسي وقد أطمئن قلبي بعد أن أنتظمت بالدراسة وتجاهلت المديرة
غيابي الطويل بالاتفاق معي ومع معلمتي فاطمة .. سمعت أنين صادر من مكان قريب من مكاني .. تلفت حولي ذاهلة ،
فقد نام زوجي منذ زمن طويل وأوت الخادمة إلى فراشها قريباً منذ منتصف الليل .. فما هذا الصوت الغريب ومن أين يأتي ؟
وبعد برهة تلاشى الصوت وكأن لم يكن .. هززت كتفي بلا مبالاة ، فربما كان صادراً من بيت قريب من بيتنا أو ربما يكون
من مذياع سيارة مرت قرب بيتي أو ربما أكون واهمة ..
تناسيت الأمر واستغرقتني شؤون الحياة من حياة مدرسية
حافلة ، وحياة زوجية باردة مملة لا يتغير فيها شيء رغم أملاكي
التي زادت مع مرور الأيام ..
رد: روايه (بيت من زجاج)..
ومع الأيام عرفت أن لزوجي الشيخ زوجة أخرى طاعنة في السن هي أم أولاده وتسكن في قصر كبير في أرقى منطقة في
المدينة وتعيش هي وأولادها عيشة باذخة أقرب إلى معيشة الأميرات ..
وبعد عدة أيام تناهي إلى سمعي الصوت الحاد مرة أخرى ليخفت بعد ثوان .. وتكرر الأمر مراراً .. وفي إحدى المرات كان
البيت غارقاً في السكون لدرجة هائلة ، فقد كان الوقت شتاء والمكيفات مغلقة حينذاك فاخترق الصوت أذني ليزلزل أعماقي ..
اتجهت نظراتي تلقائياً نحو الحجرة المغلقة .. اقتربت منها بهدوء .. إنها المكان الوحيد الذي لم تطأه أقدامي أبداً في هذا
البيت .. أيضاً لم أراه يفتح ولا مرة واحدة أثناء وجودي ..
اقتربت غير خائفة ولا وجلة .. وضعت أذني على الباب وأرهفت السمع ولدهشتي الشديدة سمعت همهمة خافتة لا تخطئها أذن..
رد: روايه (بيت من زجاج)..
بسم الله الرحمن الرحيم
انتظر ردودكم قبل مانزل الجزء السابع
تحياتي
ريوووش
رد: روايه (بيت من زجاج)..
الله يعطيش العافيه خيتو
ننتظر التكمله
لاطولين علينا
تحياتي
رد: روايه (بيت من زجاج)..
بسم الله الرحمن الرحيم
انشالله خيتو
ولايصير خاطرك الاطيب
تحياتي
ريوووووش
رد: روايه (بيت من زجاج)..
((الجزء الثامن))
كان شاباً وسيماً طويلاً رشيقاً ، لكن يبدو عليه المرض والإنهاك .. أرعبني مرآه بلحيته النامية ونظراته المصعوقة ..
استدرت لأخرج .. جاءني صوته مفعماً بالأمل والرجاء :
ـ أرجوكِ .. انتظري قليلاً ..
ولم ينهض من سريره وأصابعه لا تزال تمسك بمفتاح الإضاءة وكأنه تجمد عند هذه اللحظة .. فكرت بسرعة .. ها أنا قد
عرفت كل شيء .. هناك شاب مايقبع في الحجرة .. شاب في نحو السادسة أو السابعة والعشرين من عمره .. يبدو مريضاً
أو شيء من هذا القبيل في حجرة رائعة ، ملحقة بحمام تحتوي على كافة الكماليات ولا ينقصها شيء .. لكن لماذا ؟ لماذا
هو محبوس هنا ، ومن هو ، وإلى متى ؟ هل أبقى لمعرفة إجابة شافية عن أسئلتي تلك أم أغادر وأنسى كل شيء ؟..
وفي لحظة خاطفة كالبرق تذكرت زوجي الشيخ وردة فعله عندما يعلم بفعلتي الشنعاء .. أنه لن يعدم وسيلة يعاقبني بها وقد
يطلقني بكل سهولة .. وقد أعود إلى تلك المرأة الحرباء زوجة أبي لتشن علي حرباً شعواء .. كلا .. وقررت أن أخرج ..
ألقيت عليه نظرة سريعة وتجمدت لحظات فقد هالتني الدموع الغزيرة التي انهالت من عينيه السوداوين ..
قلت بهدوء:
ـ ماذا يبكيك أيها الشاب ؟
رد: روايه (بيت من زجاج)..
قال وهو يمسح دموعه بظهر كفيه:
ـ فقد حكم علي القدر بإعدام .. وحكم علي خالي بالسجن المؤبد حتى الموت .. وهاأناذا أقبع في زنزانتي حديثة أنتظر الموت
في كل يوم بل كل لحظة ..
وفي لحظات من الحلكة والظلام الدامس والرعب والعذاب أراكِ أمامي .. ثم تختفين فجأة كما دخلتِ فجأة .. ألا تردينني أن
أبكي أو حتى أحاول الانتحار .. إن اليأس بعد الأمل لهو مر مرارة العلقم ..
أذهلني منطقه ولهجته المثقفة عن كلِ شيء حولي .. أي جنون يستسلم له هذا الشاب في هذه الحجرة المغلقة ..
خرج صوتي بصعوبة وأنا أسأله:
ـ لماذا أنت هنا؟
لاحت ابتسامةٍ حزينة على شفتيه قبل أن يقول :
ـ عيديني أولاً بأن تزوريني كلما أمكنكِ ذلك بغض النظر عن ظروف قصتي ..
همست دون وعي :
ـ أعدك بذلك ..
ألقى برأسه إلى الوراء وهو يقول بصوت يقطر أسى ومرارة :
ـ باختصار آنا وحيد أمي بين ست بنات .. طلباتي كلها مجابة .. دلال وأموال وعواطف بلا حدود .. أكملتُ مرحلتي
الجامعية بِتفوق .. نعم لاتندهشي رغم كل شيء كنت أحب العلم ومتفوقاً فيه .. ثم أراد والدي أن يكافئني .. وكانت بداية
النهاية، فقد أهداني رحلة طويلة إلى عدد من العواصم العربية والأوروبية .. تعرفتُ أثناءها على عدد كبير من الفتيات، ثم
عدت إلى أرض الوطن .. وفي البداية لم أكن أشعر في شيء معين .. حتى كانت المصيبة عندما أردت التبرع لشقيقتي بدمي
فقد أصابها نزيف شديد أثناء الولادة احتاجت معه إلى نقل دم .. تقدمت للتبرع وفي اليوم التالي طلبني الطبيب على وجه
السرعة .. لم يدر بخلدي أي شيء .. ولم أتوقع أي شيء .. المفاجأة رواها لي الطبيب بهدوء .. قال أنني مصاب بالإيدز !!
رد: روايه (بيت من زجاج)..
وتوقف الشاب عن الحديث ليرى وقع كلماته على وجهي ..
وبالفعل كنتُ مذهولة لكن ليس لدرجة الاشمئزاز والإحتقار كما اعتقد هذا الشاب .. كان إشفاقي أكبر وحزني عليه أكثر ..
تابع بعد سعال تقطع :
ـ كان وقع الأمر على الجميع مذهلاً .. أمي بكت وانتحبت وشقت ملابسها .. اخوتي أخذن ينظرن لي بارتياب والحسرة
تنطق من وجوههن الحزينة .. أبي مرض مرضاً شديداً وأمضى أياماً بلياليها يهذي أنه هو السبب فيما حدث لي وانتابته
حمى شديدة أبت أن تغادره إلا ميتاً .. وبقيت وحدي في مواجهة العاصفة .. صدقيني .. ماحدث لعائلتي قد سلب مني
شعوري وإحساسي بمرضي .. فلم أشعر أنني مريض بهذا المرض قدر فزعي مما آلت إليه حال أسرتي ..
حتى شقيقتي التي كدت أتبرع لها بدمي طلقها زوجها حينما علم بأمري وخاصمتني هي ولم تسمح لي حتى بالنظر إلى طفلتها
الوليدة ..
وبعد ان انفض العزاء من حولنا وخلا الدار إلا مني وأمي واخوتي اتفقنا على كتم الأمر وعدم البوح به لأي كان .. يكفينا
رد الفعل الذي حدث من زوج أختي فماذا سيحدث من الناس الآخرين حتى لو كان أقرب قريب ..
وبعد حوالي شهر من وفاة أبي شعرت بزكام بسيط تدهورت أحوالي بعده .. خافت أمي علي فاضطرت إلى استشارة
خالي دون علمي .. غضب خالي وقال بأن ذهابي إلى المستشفى معناه الفضيحة للعائلة بأسرها وان طلاق أختي ليس هو
بداية الانهيار بل لو علم الناس فلن تتزوج أي من أخواتي الباقيات وسينهار مستقبلنا جميعاً ..
انفرد بي خالي وتكلم طويلاً ، وفهمت من كلامه أن من الأشرف لي أن أبتعد عن عائلتي وأموت بسلام في مكان آخر لا يعلم
رد: روايه (بيت من زجاج)..
فيه بأمري أحد ولا أعذب فيه أحد ، ولا أجني فيه على أحباء لي لاذنب لهم في شيء على الأطلاق ..
وفهمت أنني يجب أن أسافر وأبتعد فلا أمل في علاج أو حياة شريفة بعد ذلك .. ودعت أمي وأخوتي والدموع تفر من عيوننا
جميعاً .. حتى شقيقتي التي طلقها زوجها بسببي صفحت عني وبللت وجهي دموعاً وتقبيلاً .. فوجئت بخالي يقودني إلى
هنا بدلاً من المطار .. تساءلت لكنه أخرسني بقوله :
ـ لاحق لك أن تحتج على شيء فلا مكان لك سوى هنا .. ولا حاجة لنا بالمزيد من العار والفضائح فالزم مكانك حتى يقدر
الله لنا بعد ذلك أمراً .. وقبعت في زنزانتي الأنيقة أواصل الليل بالنهار أنتظر أملاً لا يجئ وقدراً لا مفر من انتظاره لا أرى
فيها سوى وجه خالي الذي امتلأ قرفاً واشمئزازاً وهو ينظر لي .. لقد كان في الماضي يجلني ويحترمني ويتمنى أن أوافق
على الزواج بابنته .. لكنني أنا .. أنا من ضيعت نفسي بنفسي .. أنا السبب ..
وانكفأ على وجهه يبكي ..
امتلأت عيناي دموعاً وقبل أن أتكلم نظرت إلى الساعة ، ففلتت مني شهقة فزع على الرغم مني .. لقد كانت الساعة تقترب
من الثالثة فجراً دون أن أشعر بالوقت ..
التفت لي بسرعة والدموع لاتزال تغرق وجهه .. قلت بصوت أجش وكأنه ليس صوتي :
ـ آسفة سأذهب فإن الوقت متأخر ..
قال بصوت متهدج :
ـ أتعدينني بان تزوريني من وقت لآخر ..
رد: روايه (بيت من زجاج)..
بسم الله الرحمن الرحيم
عذرا خيتو كنت ناويه احط الجزء باكمله بس انشغلت اشوي انشالله بكره اكمله
دمت بود
تحياتي
ريووش
رد: روايه (بيت من زجاج)..
مشكوره خيتو
الله يعطيش العافيه
وما قصرتين
تحياتي
رد: روايه (بيت من زجاج)..
بسم الله الرحمن الرحيم
اهلين خيتو بكمله اللليه وعذرا على التاخير
تحياتي
ريووش
رد: روايه (بيت من زجاج)..
لم اجب .. فأردف بحرارة :
ـ لاتخافي فلست وحشاً مفترساً ولا مسخ إنسان .. إنما فقط أريد الترويح عن نفسي ، فأنا أعلم بأنني مريض وسأموت
خلال أشهر أو أسابيع أو أياماً معدودة .. ولن يضيرك شيء عندما تمنحين بعض دقائق من وقتك لإنسان مريض يسير
نحو حتفه ..
هتفت بالرغم مني :
ـ حسناً أعدك بذلك .. إلى اللقاء ..
وخرجت بهدوء وأغلقت عليه الباب بالمفتاح دون أن يطرف له جفن أو يتحرك ولو حركة واحدة .. تلفت حولي بحذر ..
كان البيت غارقاً في السكون كما ودعته قبل ساعات .. عرجت على حجرة الخادمة فإذا بها غارقة في سبات عميق .. مشيت
على أطراف أصابعي حتى حجرة نومي والقيت بنفسي على السرير كجثة هامدة لكنني لم انم .. بقي عقلي مستيقظاً نشطاً
رد: روايه (بيت من زجاج)..
وقد غيرت هذه الأحداث من مسار تفكيري ، وكأنني لم أعد أنا .. أمعقول هذا الذي يحدث ؟ وكأنني أعيش فيلماً سينمائياً
سخيفاً .. خال يحبس ابن أخته في حجرة من حجرات منزل كأي قطة أو حيوان أخرس ويطعمه وهو ينتظر موته ؟؟
أنني لم أسأل الشاب أخاله هذا هو زوجي العم صالح ؟ ولماذا كان هذا الشاب يصرخ تلك الصرخات المرعبة ؟
أكانت آلام المرض تعصف به أم كان تعبيراً عن الغضب والوحدة والملل أم أنه يعيش كآبة لا تحتمل .. أو ربما هذه الأشياء
جميعاً ..
ذهلت من نفسي كيف استطعت الجلوس إليه والاستماع إلى قصته بمنتهى السهولة والبساطة وكأنني مع صديقة لي أو كاتمة
أسراري المعلمة فاطمة .. وهو أنني حتى لا أعرف أسمه .. بعينيه الذابلتين ووجهه الشاحب الحزين .. وكان يعاملني كشاب
مثله كصديق رآه فجأة بعد فترة انقطاع طويـلة .. أو كشيء أليف لديه ..