( 1 )
" وصل ركب الحسين إلى كربلاء"
" عند وصول ركب الحسين إلى كربلاء كان في مواجهته جيش كبير بقيادة الحر بن يزيد الرياحي وكان الهدف الرئيسي لهذا الجيش هو منع وصول الحسين عليه السلام وأصحابه إلى الكوفة أو الرجوع للمدينة "
ماذا كانت خطبة الإمام الحسين عليه السلام عند ممانعة الحر ّ إياه
وماذا قال في جواب تهديد الحر ّ
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس انها معذرة إلى الله عزوجل وإليكم أنى لم آتكم حتى أتتني كتبكم وقدمت على رسلكم ان أقدم علينا فانه ليس لنا إمام لعل الله يجمعنا بك على الهدى فان كنتم على ذلك فقد جئتكم فان تعطوني ما اطمئن إليه من عهودكم ومواثيقكم أقدم مصركم وان لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين ، انصرف عنكم إلى المكان الذي أقبلت منه إليكم قال فسكتوا عنه وقالوا للمؤذن أقم فأقام الصلاة فقال الحسين ( ع ) للحر : أتريد أن تصلى بأصحابك قال : لا بل تصلى أنت ونصلي بصلاتك قال فصلى بهم الحسين ثم إنه دخل واجتمع إليه أصحابه وانصرف الحر إلى مكانهالذي كان به فدخل خيمة قد ضربت له فاجتمع إليه جماعة من أصحابه وعاد أصحابه إلى صفهم الذي كانوا فيه فأعادوه ثم أخذ كل رجل منهم بعنان دابته وجلس في ظلها فلما كان وقت العصر أمر الحسين أن يتهيؤا للرحيل ثم إنه خرج فأمر مناديه فنادى بالعصر وأقام فاستقدم الحسين فصلى بالقوم ثم سلم وانصرف إلى القوم بوجهه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : اما بعد أيها الناس فانكم ان تتقوا وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله ونحنأهل البيت أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان وان انتم كرهتمونا وجهلتم حقنا وكان رأيكم غير ما أتتني كتبكم وقدمت به على رسلكم انصرفت عنكم .
فقال له الحر بن يزيد انا والله ما ندرى ما هذه الكتب التي تذكر ؟ فقال الحسين يا عقبة بن سمعان ( 1 ) أخرج الخرجين اللذين فيهما كتبهم إلى فأخرج خرجين مملؤين صحفا فنثرها بين أيديهم .
فقال الحر : فانا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك وقد أمرنا إذا نحن لقيناك ألا نفارقك حتى نقدمك على عبيد الله ابن زياد فقال له الحسين : الموت أدنى إليك من ذلك ثم قال لأصحابه قوموا فاركبوا فركبوا وانتظروا حتى ركبت نساؤهم فقال لأصحابه انصرفوا بنا فلما ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الانصراف فقال الحسين للحر : ثكلتك أمك ، ما تريد ؟ قال اما والله لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل الحالالتي أنت عليها ما تركت ذكر أمه بالثكل ان أقوله كائنا من كان ولكن والله ما لي إلى ذكر أمك من سبيل الا بأحسن ما يقدر عليه ، فقال له الحسين فما تريد ؟
قال الحر أريد والله ان انطلق بك إلى عبيدالله بن زياد قال له الحسين إذن والله لا اتبعك فقال له الحر إذن والله لا ادعك فترادا القول ثلاث مرات ولما كثر الكلام بينهما قال له الحر إني لم اومر بقتلك وانما أمرت ان لا أفارقك حتى أقدمك الكوفة فإذا أبيت فخذ طريقا لا تدخلك الكوفة ولا تردك إلى المدينة تكون بيني وبينك نصفا حتى اكتب إلى ابن زياد وتكتب أنت إلى يزيد بن معاوية ان أردت ان تكتب إليه أو إلى عبيد الله بن زياد ان شئت فلعل الله إلى ذاك ان يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من ان أبتلى بشئ من أمرك قال فخذ ههنا فتياسر عن طريق العذيب والقادسية وبينه وبين العذيب ثمانية وثلاثون ميلا ثم ان الحسين سار في اصحابه والحر يسايره .
( 2 )
" خطبة الإمام الحسين في أصحابه ليلة عاشوراء "
جمع سيّد الشهداء عليه السلام أصحابه عند قرب المساء ليوم تاسوعاء؛ قال عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السلام: فدنوتُ منه لاسمع ما يقول لهم، وكنتُ إذ ذاك مريضاً،
ماذا كانت خطبة الإمام الحسين في أصحابه
؟ ؟؟
روي عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) أنّه قال : جمع الحسين ( عليه السلام ) أصحابه ، بعد ما رجع عمر بن سعد ، وذلك قرب المساء ، فدنوت منه لأسمع ، وأنا مريض ، فسمعت أبي وهو يقول لأصحابه :
( أثني على الله تبارك أحسن الثناء ... أما بعد : فإنّي لا أعلم أصحاباً أولى ولا خيراً من أصحابي ، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله عنّي جميعاً خيراً ، ألا وإنّي أظن يومنا من هؤلاء الأعداء غداً ، ألا وإنّي قد رأيت لكم ، فانطلقوا جميعاً في حلّ ، ليس عليكم منّي ذمام ، هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً ، وليأخذ كلّ رجل بيد رجل من أهل بيتي، ثمّ تفرّقوا في سوادكم ومدائنكم ، حتّى يفرّج الله ، فإنّ القوم إنّما يطلبونني ، ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري ) .
( 3 )
" خطبة الحسين عليه السلام يوم عاشوراء"
يروي ابن طاووس خطبة عن الحسين يوم عاشوراء
فمالذي قاله الإمام الحسين في تلك الخطبة
وروي ابن طاووس الخطبة الغرّاء التالية عن سيّدالشهداء عليه السلام خطبها يوم عاشوراء ، بهذا المضمون :
قالَ الرَّاوي : وَرَكِبَ أَصْحَابُ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ لَعَنَهُمُ اللَهُ ، فَبَعَثَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بُرَيْرَ بْنَ خُضَيْرٍ فَوَعَظَهُمْ ؛ فَلَمْ يَسْتَمِعُوا وَذَكَّرَهُمْ فَلَمْ يَنْتَفِعُوا .
فَرَكِبَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَاقَتَهُ ـ وَقِيلَ فَرَسَهُ ـ فَاسْتَنْصَتَهُمْ فَأَنْصَتُوا. فَحَمِدَاللَهَ ، وَأَثْنَي عَلَيْهِ ، وَذَكَرَهُ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ؛ وَصَلَّي عَلَي مُحَمَّدٍ وَعَلَي الْمَلاَئِكَةِ وَالاْنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ ؛ وَأَبْلَغَ فِي الْمَقَالِ ؛ ثُمَّ قَالَ:
تَبّاً لَكُمْ أَيَّتُهَا الْجَمَاعَةُ وَتَرَحاً حِينَ اسْتَصْرَخْتُمُونَا وَالِهِينَ ، فَأَصْرَخْنَاكُمْ مُوجِفِينَ ؛ سَلَلْتُمْ عَلَيْنَا سَيْفاً لَنَا فِي أَيْمَانِكُمْ ! وَحَشَشْتُمْ عَلَيْنَا نَاراً اقْتَدَحْنَاهَا عَلَيعَدُوِّنَا وَعَدُوِّكُمْ ! فَأَصْبَحْتُمْ ألْباً لاِعْدَائِكُمْ عَلَيأَوْلِيَائِكُمْ بِغَيْرِ عَدْلٍ أَفْشَوْهُ فِيكُمْ ، وَلاَ أَمَلٍ أَصْبَحَ لَكُمْ فِيهِمْ !
فَهَلاَّ ـ لَكُمُ الْوَيْلاَتُ ـ تَرَكْتُمُونَا ؛ وَالسَّيْفُ مَشِيمٌ ، وَالجَأْشُ طَامِنٌ ، وَالرَّأْيُ لَمَّا يُسْتَحْصَفْ ؟! وَلكِنْ أَسْرَعْتُمْ إلَيْهَا كَطَيْرَةِ الدَّبَي ! وَتَدَاعَيْتُمْ إلَيْهَا كَتَهَافُتِ الْفَرَاشِ !
فَسُحْقاً لَكُمْ يَا عَبِيدَ الاْمَّةِ ! وَشُذَّاذَ الاْحْزَابِ ! وَنَبَذَةَ الْكِتَابِ ! وَمُحَرِّفِي الْكَلِمِ ! وعُصْبَةَ الآثَامِ ! وَنَفَثَةَ الشَّيْطَانِ! وَمُطْفِئِي السُّنَنِ ! أَهَؤُلاَءِ تَعْضُدُونَ ؟! وَعَنَّا تَتَخَاذَلُونَ ؟!
أَجَلْ وَاللَهِ غَدْرٌ فِيكُمْ قَدِيمٌ ! وَشَجَتْ إلَيْهِ أُصُولُكُمْ ! وَتَأَزَّرَتْ عَلَيْهِ فُرُوعُكُمْ ! فَكُنْتُمْ أَخْبَثَ ثَمَرٍ شَجاً لِلنَّاظِرِ ! وَأُكْلَةً لِلْغَاصِبِ !
أَلاَ وَإنَّ الدَّعِيَّ ابْنَ الدَّعِيِّ [3]قَدْ رَكَزَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ : بَيْنَ السِّلَّةِ وَالذِّلَّةِ ؛ وَهَيْهَاتَ مِنَّا الذِّلَّةُ !
يَأْبَي اللَهُ ذَلِكَ لَنَا وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَحُجُورٌ طَابَتْ وَطَهُرَتْ ، وَأُنُوفٌ حَمِيَّةٌ ، وَنُفُوسٌ أَبِيَّةٌ ، مِنْ أَنْنُؤْثِرَ طَاعَةَ اللِئَـامِ عَلَي مَصَـارِعِ الْكِرَامِ .
أَلاَ وَإنِّي زَاحِفٌ بِهَذِهِ الاْسْرَةِ مَعَ قِلَّةِ الْعَدَدِ ، وَخَذْلَةِ النَّاصِرِ . ثُمَّ أَوصَلَ كَلاَمَهُ بِأَبْيَاتِ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ الْمُرَادِيِّ :
فَإنْ نَهْزِمْ فَهَزَّامُونَ قِدْماً وَإنْ نُغْلَبْ فَغَيْرُ مُغَلَّبِينَا [4]
وَمَا إنْ طِبُّنَا جُبْنٌ وَلَكِنْ مَنَايَانَا وَدَوْلَةُ آخَرِينَا [5]
إذَا مَا الْمَوْتُ رَفَّعَ عَنْ أُنَاسٍ كَلاَكِلَهُ أَنَاخَ بِآخَرِينَا
فَأَفْنَي ذَلِكُمْ سُرَوَاءَ قَوْمِي كَمَا أَفْنَي الْقُرُونَ الاْوَّلِينَا
فَلَوْ خَلَدَ الْمُلُوكُ إذاً خَلَدْنَا وَلَوْ بَقِيَ الْكِرَامُ إذاً بَقِينَا
فَقُلْ لِلشَّامِتِينَ بِنَا أَفِيقُوا سَيَلْقَي الشَّامِتُونَ كَمَا لَقِينَا
ثُمَّ أَيْمُ اللَهِ لاَ تَلْبَثُونَ بَعْدَهَا إلاَّ كَرَيْثِمَا يُرْكَبُ الْفَرَسُ ، حَتَّي تَدُورَ بِكُمْ دَوْرَ الرَّحَي ! وَ تَقْلَقَ بِكُمْ قَلَقَ الْمِحْوَرِ ! عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيَّ أَبِي عَنْ جَدِّي ؛ فَأَجْمِعُو´ا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُو´ا إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ !
إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَي اللَهِ رَبِّي وَ رَبِّكُم مَا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ ءَاخِذُ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَي' صِرَطٍ مُسْتَقِيمٍ .
اللَهُمَّ احْبِسْ عَنْهُمْ قَطْرَ السَّمَاءِ ؛ وَابْعَـثْ عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِني يُوسُفَ ؛ وَسلِّطْ عَلَيْهِمْ غُلاَمَ ثَقِيفٍ ! فَيَسُومَهُمْ كَـأْساً مُصَبَّرَةً ؛ فإنَّهُمْ كَذَّبُونَا وَخَذَلُونَا وَأَنْتَ رَبُّنَا ! عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإلَيْكَ أَنَبْنَا وَإلَيْكَ الْمَصِيرُ ! [6]