الرسالة الثامنة :
مصارحة الذات .. مصارحة لمن حولنا
أيها القارئ الكريم:
سيقول البعض إنها فلسفة أو ربما دردشة ، لملء السطور ، أو ثرثرة من مهرج !! عزيزي القارئ ، أرجوك تمعن معي وركز في كل كلمة تقرأها ، أنا لا أفرض عليك ، لكن لن تخسر شيئاً ....ستأخذ منك دقائق .....أعتبرها عامود في صحيفة وجدتها عند الحلاق ... ،إنك لن تخسر شيئاً ،، فقراءة هذه الرسالة أو الإنصات لها بدون تكلفة ومجاناً ... أقرأها ، وإذا لم تعجبك فأعتبرها غبار مر من أمامك .
*هل حاولت وجلست مع ذاتك لمدة دقيقة واحدة ؟
أعز وأغلى.... وبمعنى أصح الذ لحظات يعيشها الإنسان ، هي عندما يقف دقائق مع نفسه ، أي نعم ... إنهادقائق فقط عزيزي القارئ ، نحتاجها لمخاطبة الذات ، إنها وقفة تأمل مع الذات ، إنهامصارحة النفس ،الاستماع لهمومها وشكواها ، الإنصات لها وكأنك تستمع إلى أبنك الصغيرعندما يشكو لك ...، وإذا لم تكن متزوجاً ، أعتبرها شكوى صادرة من أخوك الصغير، أوتلميذك في المدرسة ..... لكن كيف أستمع إلى شكوى تصدر من نفسي .
*موعد مع الذات :
صدقني إنها بسيطة وسهلة للغاية ، فقط تذكرإن كل إنسان يحمل في داخله نزعة خير، ونزعة شر .... نحن عزيزي سنخاطب الشق الأيمن من ذاتك سنخاطب تلك النزعة ( نزعة الخير الموجودة فيك ) ، قل لنفسك وخاطبها ، أنا عندي موعد معاك ، مثلاً بكرة ، في الكوفي شوب الفلاني ، أو عند الكورنيش ، أو فيالحديقة الفلانية ، أو حتى في السطح لمن لايملك سيارة أو لبنات حواء ، ما رأيك ( إيش رايك ) ، صدقني ستجيبك نفسك ( اتفـقنا ) .
أبتعد عن الزحمة والضوضاء اليومي ، أخرج من الروتين ، أخرج من غرفة نومك ، ومن مكتبك ، ومن عملك ، وأذهب إلى المكان الذي تواعدت فيه للقاء ذاتك ،أعتبره صديق أو زميل في العمل .
أترك كل شئ خلفك ، الماديات والروتينيات ،والأصحاب والأحباب ، وقل ( أنا عندي موعد مع إنسان مهم) .
عند وصولك إلى المكان المحدد ، خذ نفس عميق ( شهيق ) ، ثم زفير ، وأنت تخرج الهواء ، قل ( اللهم صل على محمد وآل محمد ) ، ستحس براحة عظيمة ، وخاصة عندما يكون الطقس لطيف وعليل مساءً .
عزيزي / عزيزتي :
أجلس وتخيل إنك تفتح نافذة تطل على نفسك ، تنفس بهدوء وراحة أعصاب .... وأسأل نفسك ، وكن صادقاً وصريحاً معها وأعتبرها إنسان جالس أمامك ،،،، وأبدأ فيالحوار :
لا تكثر الكلام مع نفسك ، فقط مسألة تنفيس لدقائق، وبعدين عددإيجابياتك فقط وكأنك تخاطب أحد واقف أمامك :
قل أنا إنسان زين ، أنا طيب ، أناحلو اللسان ،أنا أعز أمي وأبي ، أنا محترم مع أصحابي ، وأنا .... وأنا ..بس عنديمشكلة صغيرة مع نفسي ... وهي كذا ... وكذا .. ثم عدد سلبياتك شوي شوي ولا تكثر ...
* لماذا أنا أفعل تلك الأعمال السلبية ؟ ثم أذهب وغادر المكان ، سوف تحس بلحظات جميلة ، ستحس بأريحية لذيذة ، صدقني شئ لا مثيل له ، لا أجد أيتشبيه أخبرك عنه ، أو وصف يحتويه أو يوازيه لأخبرك به ....، ستشعر براحة نفسية وأنت تمشي ، وكأن ثلجاً وضع على قلبك .
إن هذا ُمجرب ونافع و يستحق التجربة ،... نعم نجحت معي التجربة .....لا تنسى أنا أخطأ مثلي مثلك ، لا تنسى جميعنا خطاؤون ،وهذه التجربة مجاناً ، ولن تخسر شيئاً ، حتى الكوفي أو الشاي الذي ستقدمه لها لنتشربه ، إذا أنت ستدفع لشخص واحد فقط .
في اليوم التالي أو بعد أسبوع ،أعمل موعد آخر ، ممكن تعمله بالتليفون ، أرفع السماعة وخاطب نفسك ، سوف تسمع نفسكعن طريق السماعة .....، غير مكان الموعد ، وبنفس الطريقة والأريحية ، أسألك نفسك بسؤال مقارب للسؤال السابق :
*لماذا أنا أقوم بالأعمال التي تغضب ربي وأهلي ومجتمعي؟
قل لنفسك : أنا أعرف إنها أعمال غير مرغوب فيها ، لكن أنا أفتح عين وأغمض عين !
لماذا لا أحاول أغير طبعي وسلوكي ، مانيخاسر شئ ، خلني أحاول .
صدقني بالحال سوف تجيبك نفسك وستستريح من همّ وكبت كان يغشي عليها ويجثمها ، إنها تتنفس الآن ، حتى لو لم ُتحل المشكلة ، صدقني الكلام فقط والشكوى لطرف آخر يعتبر جزء من حل المشكلة ، أو بمعنى أصح خروج الهواء أثناء السؤال حل أول المشكلة ، وبداية لتخفيف الضغوط التي تقع على النفس كما يقول علماءالنفس الغربيون :
( Your soul is under stress, so Relief it )
عزيزي أنت لست الوحيد المذنب في هذا الكون ، ولست الوحيد الذي يؤنبه ضميره ، كل من حولك يخطأ ، إنهم ليسوا بأنبياء أو أولياء ، لكنستر الله عليهم ، ولا نرى منهم إلا كما قيل : ( لا نعلم بظاهره إلا خيره ) ، إذاالبواطن معلومة فقط عند الباري عز وجل ، وربك رحيم أكثر مما تتصور أو تتخيل .
رحمته وسعت كل شئ ، قال تعالى : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواعَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُالذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (53) سورة الزمر .
وقال تعالى : {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَادُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًاعَظِيمًا } (48) سورة النساء
هلركزت على الآية ياعزيزي : ربك الرحيم يغفر كل ذنب ولمن يشاء هو ، وليس من يشاء العباد . لكن نحتاجإلى مراجعة مع الذات ، الأمر سهل جداً ، فقط فتح نافذة عليها ومصارحتها والآخذ بيدها نحو طريق التوبة منكل الأعمال المنبوذة .
بعد فترة وجيزة ، ستصبح إنسان جديد ، صريح وصادق معنفسه ، يمشي والراحة تملأ جوفه ، نــور سيمر من خلال نافذة عقلك المفتوح ، وسيسقط على قلبكالطيب ... أهآآآت وزفرات طويلة... وتنفيس سوف تخرج معاً براحة وطمأنينة.
ومن تلقاء ذلك وإوتوماتيكياً ، ستصبح صريح مع من حولك ، وبالذات مع زوجتكوأولادك وأصدقائك وأهلك والناس جميعاً ، ستخرج نفسك من قوقعتها ، وسُتصّدر الصراحة والشفافية إلى خارج جسدها ،...أفتح كفك وضع يدك فوق أيدي الآخرين وسر معهم نحوالطريق الصحيح ، وستنعم الدنيا بالثقة والمحبة .
كلمة أخيرة ، سيدي / سيدتي :
إذا صارحت نفسك ووضعتها أمام المحك ، ستعرف ما لك ، وما عليك ، وسيغفر الله لك إن شاء الله ، وهذا سيؤثر على سلوكك وسلوك من حولك ، وهذ هو المطلب من إيجاد بيئة جيدة قدوة لمن حولك وخاصة أهل بيتك من أبناءك وإخوتك ، ولا أعتقد إنك سترفض الخير لهم .
المرشد الدولي