-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
نظرت إلي برثاء وهي تسير إلى فراشها بالية غريبة .. وكأنها قد صدمت بغبائي
وفي الغد أبلغني أبي انه سيغيب طوال اليوم وأنه سيعود في وقت متأخر من المساء ..
لم أجد غير خادمتنا "صفية" أبثها حزني وخوفي .. كانت تشاركني قلقي على ريم
وترى أنه من الضروري تنويمها في أحد المستشفيات حتى تعود طبيعية كما كانت
لا كما تبدو الآن .. مظهرها يخدع وباطنها مترع بالمرارة والأحزان ..
راقبت "ريم" من طرف خفي وأنا أوطن نفسي استقبال كل جديد يفد به القدر حتى
لو كان مراً مرارة العلقم ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
وفي ذات ليلة التي عاد فيها أبي حوالي منتصف الليل تناهى إلى سمعي صوت
شخير مزعج .. لم أكن قد نمت بعد فاخترق هذا الشخير أذني اختراقاً .. إنه لم يحدث
قط في بيتنا .. اتجهت عيناي بلا وعي مني نحو شقيقتي الصغيرة وفطنت لجزعي
بأن الشخير يصدر منها هي بالذات .. اقتربت منها لأتبين صوت حشرجة مكتومة
وخيط دقيق من الدم ينساب من أنفها وفمها .. ناديتها بصوت خافت .. ليعلو صوتي
بعد لحظات بصرخات زلزلت أركان البيت ..
ـ ريم .. ريم .. ياملاكي الصغير ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
اقترب أبي منها .. كانت هادئة مبتسمة وكأنها تحلم أحلاماً سعيدة .. نظر أبي
نحوي بقلق وكأنه يتساءل عن معنى هذه الصرخات المتتابعة دون داع ..
كنت أنتحب بحرقة في ركن من أركان الحجرة .. قلت بصوت متداع :
ـ إنها لا تجيب على النداء ..
هزها أبي برفق .. ثم هزها بقوة ووجهه يتقلص بشدة ثم حملها بسرعة ومضى
خارجاً دون أن يلتفت وراءه .. سقطت بين ذراعي الخادمة "صفية" وأنا أبكي وانتحب..
وشقيقي أحمد يقضم أظافره بعصبية وهو يدور في أنحاء الغرفة بغير هدف ولا اتجاه
وفي الفجر عاد أبي إلى البيت .. عاد محطماً متداعياً وكأنه كبر في السن فجأة ..
لقد أبيض شعره وغارت عيناه ورسمت المأساة خطوطها في وجهه على شكل تجاعيد
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
كأخاديد حفرها الزمان على مرتفعات من الجبال ..
لم أجرؤ على طرح سؤالي اليتيم الذي كان يضج به عقلي وأنا أرى دموع أبي تسيل
على خديه بغزارة .. وأصوات عذبة كترنيمة الملائكة تهتف في جذل .. لقد زفت
العروس .. لقد زفت العروس .. إلى الخلد إن شاء الله ..
كانت إجابة السؤال واضحة على وجه أبي المتقلص ، فأسرعت منكفئة على وجهي
إلى حجرتي أحدق بنظرات زائغة إلى كل شيء حولي وصدري يضيق وأنفاسي تتسارع
والدنيا تضيق وتضيق حتى غدت كخرم إبرة .. ولم أشعر بشيء حولي ..
أفقت لنفسي وأنا على السرير الأبيض وفي كل ذراع إبرة تتصل بأنبوب مغذي ..
تمنيت لو لم أفق .. تمنيت لو طواني العالم الآخر بجناحيه المرعبين وانضممت
إلى أمي الحبيبة وشقيقتي .. ماذا أفعل في هذا العالم الكبير وحدي .. كيف أحيا
وأعيش وقد خلت دنياي من هذين الوجهين الحبيبين .. هل يمكن أن يكون لحياتي
معنى بدونهما .. وأي معنى ؟ وأي حياة ؟ وهتفت من أعماقي .. رباه إرحمني ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
أرحني من هذا العذاب .. أغمضت عيناي على حجارة بهيئة دموع .. حجارة
تدميني وتنزل على خدي الشاحبين .. وأفقت على صوت أبي .. كان يناديني ..
فتحت عيني بصعوبة .. وليتني مارأيته .. كان هيكل رجل يمشي على قدمين ..
شاحب الوجه .. دامع العينين .. في داخله تدور رحى معركة رهيبة تبدو آثارها
على وجهه .. قال بحنان غريب لم أعهده منه :
ـ منى .. ألم تفيقي بعد ؟
ثم أردف بعد هنيهة :
ـ ريم ذهبت يا منى .. ذهبت ولن تعود ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
تغضت ذقنه وشفته السفلى ثم شرع في البكاء .. بكـاء صامت حار موجع .. لأول
مرة في حياتي أرى أبي يبكي بحرارة وصدق .. ألهذه الدرجة كان يحب ريم ..
أمي ألم تكن لها مكانة في نفسه .. ألم تستحق ولو دمعة واحدة من الدموع التي
سفحها حزناً على ريم .. ريم حبيبتي .. عـروس السماء .. الوردة اليانعة التي
تتضوع عطراً وأريجاً .. أذهبتِ حقاً ولن تعودِ ؟ وأحمد .. فجأة تذكرت أحمد الطفل
الصغير المسكين الذي تلقى لطمتين متتاليتين وهو لايزال طفلاً غضاً .. كيف سيحتمل
كل هذا دون أن يكون هناك أحد بجواره .. يجب أن استعيد توازني بسرعة وأحافظ
على لياقتي من أجله هو .. من أجل أحمد ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
ربت على يدي أبي المتغضنتين وقلت له بصوت بدا وكأنه ليس صوتي :
ـ أبي .. لا يزال هناك أحمد وهو في حاجة لك ..
لم أنقطع عن البكاء وأنا ألملم حاجيات ريم .. أثوابها وألعابها وشرائطها الذهبية
الصغيرة .. جمعتها كلها في حقيبة كبيرة لأودعها دور اللأيتام وقد كان هذا مثار
جدل طويل بيني وبين أبي .. فقد كان أبي يفضل الأحتفاظ بملابسها وأشيائها مدى
العمر وعارضته فقد كنت افضل أن تستفيد منها فتيات الملجأ الصغيرات وأقنعته
إن في هذا العمل الخير كل الخير لريم في قبرها وإن الأحتفاظ بملابسها لن يغير
من الواقع المر شيئاً ..
كان أبي جالساً على المقعد ساهماً يفكر ثم فجأة سألني أين حاجيات أمك يامنى ؟
باغتني السؤال رغم إنني قد توقعته يوماً .. حاولت السيطرة على نفسي بصعوبة
وأنا أقول :
ـ في حجرتها .. هناك ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
نظر بتركيز في عيني المحمرتين من شدة البكاء وكأنه يتأكد من صدقي وأخيراً قال :
ـ أقصد الذهب .. هل هو كما تركته ؟
تلعثمت قائلة :
ـ لا.. لا أعرف ربما باعته المرحومة في الفترة الأخيرة ..
نهض بسرعة واتجه إلى حجرة المرحومة أمي دون أن ينطق بحرف .. عاد بعد
برهة من الزمن مكفهر الوجه بادي الغضب وهو يهتف بقسوة :
ـ يالها من حمقاء .. يالها من حمقاء مجنونة ..
وغادر المنزل في نفس اللحظة لنبقى أنا وأحمد نحدق ببعضنا بعيون دامعة ومظاهر
الحزن والألم تحيط بنا من جميع الاتجاهات .. ونحيب متواصل يصل إلى أسماعنا
بصورة مقطعة يحمل بين طياته أنين العذاب ودهشة الفاجعة ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
(( الجزء الرابع ))
فقد كانت " صفية" الخادمة تبكي ريم .. ضقت ذرعاً بكل شيء ، لكن عندما تذكرت إن
الإجازة الصيفية قد قاربت على الانتهاء وإننا قريباً سنعود للدراسة هدأت نفسي قليلاً
فربما وجدت عندها مايشغلني عن نفسي وهمومي ، لكن أبي هداه الله أبى أن تمر
الإجازة الصيفية بسلام ، ففوجئت به ذات يوم وأنا في المطبخ يدخل مصطحباً امرأة ..
ذهلت حتى عجزت عن النطق .. همست صفية وكأنها تكلم نفسها :
ـ هل وصل به الأمر أن يحضر عشيقاته للمنزل في وضح النهار ..
كتمت شهقة كادت تفلت مني .. فقد كانت المرأة جميلة بل باهرة الجمال وإن شاب
جمالها شيء منفر لست أعرفه يطل من بين ملامحها الفاتنة .. كانت ممشوقة القد
حادة النظرات يتراوح عمرها مابين الثلاثين والخامسة والثلاثين .. رمقتني بنظرة
لم استرح لها وهي تهتف :
ـ إذن فأنتِ منى .. لم أعرف أنكِ كبيرة لهذا الحد ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
ثم التفت إلى أبي ضاحكة وهي تقول بمرح مفتعل :
ـ بالتأكيد إنك رجل عجوز حتى تكون هذه ابنتك ..
نظرت إلى وجه أبي بأسى ففوجئت بأساريره المنطلقة وابتسامته التي تشق وجهه
وعينيه الضاحكتين وكأن الموت لم يخطف منه اثنتين من أعز الناس علينا وفي هذا
البيت بالذات .. رباه إلى هذا الحد تهون سطوة الموت وجبروته لدى أبي أمام هذا
الجمال الفاتن .. ألهذه الدرجة ينسى أمي وشقيقتي بلمح البصر وكأن ماحدث لم يحدث
وما كان لم يكن .. ومن تكون هذه المرأة ولماذا تتحدث بهذه الطريقة وكأنها
سيدة البيت ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
لاحظ أبي ملامح التقزز واضحة على وجهي فقال بمرح يزايله منذ دخلت معه
هذه المرأة بيتنا :
ـ منى .. سلمي على زوجة أبيك الجديدة .. خالتك عواطف ..
فقاطعته قائلة بحدة :
ـ عواطف فقط ..
أيدها أبي بهزة من رأسه وهو يضحك :
ـ منى .. سلمي على عواطف ..
مددت لها يداً باردة كالثلج تلقتها ببرود أكثر ومضت تتجول في أنحاء البيت غير عابئة
بالحزن الذي يمزق أفئدتنا .. لم تعر أحمد انتباهاً وكأنه غير موجود على الاطلاق ..
همست لأبي وأنا أكاد أبكي :
ـ أبي إنها فضيحـة كيف تتزوج ولم يمض على وفاة أمي غير شهرين فقط ..
وريم إن ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
قاطعني بقسوة :
ـ اصمتي أنتِ لا تفهمين شيئاً ألا يكفي إنني قد تحملت الكثير أثناء مرض أمك ولم
أتكلم أو أشكو .. اصمتي وإلا ضربتك ..
شهقت باكية وأنا ألوذ بسريري اهتف من أعماقي حبيبتي يا ماما أين أنتِ .. أين أنتِ؟
فوجئت بأحمد يندس بجواري وهو ينتحب بحرقة .. ضممته لصدري وأنا أواسيه
بكلمات مشبعة بالدموع ..
وبقيت أرقب بألم المظاهر الجديدة التي بدأت تتوالى على بيتنا الصغير الحزين ..
رأيت تلك المرأة وهي تحتل حجرة أمي بعد أن ألقت بباقي أثاثها في الشارع ..
وحضر الأثاث الجديد وحجرة النوم الجديدة ثم أمتد التغيير إلى الصالة الكبيرة التي
أثثتها المرحومة أمي ركناً ركناً ، فبدلت كل شيء وغيرت كل ماستطاعت تغييره
، وأبي ينظر إليها فرحاً مبهوراً وكأنه يتفرج على تحفة جديدة لم يرى لها مثيلاً
من قبل .. وبدأت تمارس سيطرتها علي وعلى أخي بعد أن تمكنت من أبي ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
قالت لي ذات يوم :
ـ أنتِ أيتها الفتاة .. أنا لا يعجبني كسلك ودورانك في البيت هكذا بدون عمل ..
قلت باستسلام :
ـ وماذا تريدين مني أن أعمل ؟ فالمدرسة على الأبواب ..
قالت وكأنها تحادث نفسها :
ـ مدرسة .. آه .. نعم ..
ثم أردفت بحدة :
ـ ولكنني لن أتحملك هكذا حتى تفتح المدارس ..
أجبتها بنفس الاستسلام ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
ـ وماذا تريدين مني أن أفعل .. الخادمة تقوم بكل عمل البيت ..
ردت علي بعنف :
ـ ولماذا تعتمدين على الخادمة .. أنكِ مازلت فتاة صغيرة وإذا اعتدتِ على الخادمة
منذ الآن ، فلن تنجحي في حياتك الزوجية مستقبلاً ..
ثم التفتت تحادث أبي :
ـ أليس كذلك يا عبدالله ؟
أجاب أبي يؤيدها :
ـ بلى .. أنتِ محقة في كلامك يا عواطف .. لقد أفسدتها أمها بالتدليل .. لن تنفع
لبيت أو زواج إذا ظلت على حالتها هذه .. رمقت أبي بعتاب طويل أهذه هي النهاية
يا أبي .. تهينني وتذلني أمام هذه الغريبة المسيطرة .. أنسيت كل شيء ..
ألا يشفع لي أن أكون ابنتك قبل كل شيء ؟؟
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
وقررت حينها أمراً لن أرضخ لهذه الحقارة والأنانية .. سأتحداهما .. وسأضع حداً
لهذه الدخيلة وسأبين لها من أكـون ؟؟
سأنتصر لأمي الراحلة وبيتنا الذي كان يجمعنا ذات يوم .. لن أسمع لها بالسيطرة
أكثر من ذلك ولو اشتعل البيت بالنيران .. وفي نفس الليلة طلبت مني أن أغسل
لها مجموعة من الثياب .. لم أبكِ وأنا أتلقى أوامرها فقد قررت بيني وبين نفسي أمراً
حاولت صفية انتزاع الثياب مني لتغسلها وتتوسل بشفقة :
ـ حرام أن تغسيليها أنتِ يا منى .. حرام ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
صددتها بلطف وأنا أتوجه نحو الغسالة الكهربائية .. ألقيت الثياب بلا اهتمام وسكبت
معها كمية لا بأس بها من مبيض الغسيل لتتحول ملابسها بعد لحظات إلى كومة
باهتة من الملابس لا لون لها ولا قوام ..
احتملت صراخها .. احتملت تعنيفها .. احتملت صفعتها المدوية على وجهي ولم أرد
سوى بكلمة واحدة :
ـ أنا لم أغسل يوماً أي ثوب ولا أعرف كيف يتم ذلك ..
شدتني بعنف نحو المطبخ وهي تهتف :
ـ ستتعلمين كل شيء وفوراً ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
ثم أمرت صفية أن تعلمني كيفية غسيل الملابس وخرجت وهي تهدر غضباً ..
جلست في المطبخ هادئة مرتاحة البال وكأنني لم أفعل شيئاً يذكر .. يكفيني إنني
أشعلتها وأفسدت يومها .. لا يهمني شيء بعد ذلك ..
لكن سعادتي لم تدم طويلاً فبعد أن جعلتني الخادمة الخصوصية لغسيل ملابسها ..
تدرجت حتى جعلتني أقوم بجميع أعمالها الخاصة من غسيل ملابس إلى تنظيف
حجرتها وترتيب شعرها وتدليك قدميها .. كنت أتألم داخلياً وإن لم يبدو ذلك واضحاً
في ملامحي .. فلم أكن أرغب في أن يشعر أحمد بآلامي فيزيد عذابه ويزيد مقته
لهذه المرأة القاسية .. فكرت مراراً في مخرج يبعد عني ما أقاسيه من إذلال وهوان ..
بيد أن الأبواب موصدة ولكل منها قفل ضخم يحتاج فتحه إلى أطنان من التضحيات
والدموع ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
حتى بدأت أيام الدراسة ولأول مرة أذهب لمدرستي الثانوية فرحة مستبشرة وكأنني
أخرج من سجني المؤبد إلى حيث أهلي و أحبائي و أصحابي ..
بادرتني صديقتي "إيمان" بصرخة :
ـ منى .. غير معقول .. لقد تغيرتِ كثيراً وقل وزنكِ إلى النصف .. إنكِ تبدين كعود
من الحطب ..
ابتسمت بحرارة وأنا أقول :
ـ تعرفين ظروفي يا إيمان وفاة أمي ثم شقيقتي .. وخنقتني العبرة فلم أكمل جملتي ..
ربتت إيمان على كتفي بحنان وهي تهمس :
ـ أنا آسفة .. لم أقصد أن أذكرك بشيء ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
مسحت دموعي بظهر كفي وأنا أنهض لأستقبل حصتي الأولى في المدرسة وقد
أحسست بانقباض غريب يشمل كياني بأسره وكأن الدنيا قد أغلقت أبوابها في وجهي
فجأة .. أستدعتني المعلمة أثناء فترة الفسحة في أحد الأيام وقالت بهدوء :
ـ منى أنتِ طالبة متفوقة وطوال فترة مكوثك بيننا وأنا أعدك من القليلات المتميزات
ماذا حدث لكِ ؟ شرود دائم في الحصص وعدم انتباه وتركيز باللإضافة إلى انعزالك
بنفسك والابتعاد عن زميلاتك .. لقد تدهورتِ تدهوراً ملحوظاً ليس على المحور
الدراسي فقط بل تعداه إلى المستوى الاجتماعي .. مكانك بين زميلاتك .. لقد أدركت
هذا الأمر منذ أول يوم لحظوركِ للمدرسة .. نقصان وزنك اللافت للنظر .. وجهك
الشاحب .. شعركِ المتقصف وحتى حيويتك فقد ذهبت أدراج الرياح ..
لاتخافي شيئاً علي فقد أستطيع مساعدتك وانتشالك مما أنتِ فيه ..
هل تعانين من مرض ما يا منى ؟
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
قلت بصوت أقرب إلى الهمس ودموعي تحرق جفني :
ـ كلا ..
جاءني صوتها ممتلئاً بالدهشة :
ـ هل يحاول أهلكِ إجبارك على الزواج ؟
قلت وأنا أبكي :
ـ أمي ماتت ..
لم أكمل جملتي .. أخذتني معلمتي بين ذراعيها وهي تبكي بحرارة وكأن أمها هي التي
ماتت وليست أمي أنا .. وبعد أن هدأت حدة البكاء قليلاً .. قالت معلمتي وهي
لاتزال تمسح دموعها :
ـ إنني أشعر بما تعانين يا منى لأنني قد عانيته في يوم ما .. يا لكِ من بائسة صغيرة
وماذا يفعل أبوكِ المسكين الآن .. بالتأكيد هو مريض ..
قلت ببطء :
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
ـ كلا .. فقد تزوج ..
فغرت فاها دهشة وذهولاً وسألتني بإلحاح :
ـ أتقولين تزوج .. إن العطلة الصيفية بأسرها لم تكن إلا مايقارب الثلاثة أشهر ..
معنى هذا أن أباكِ تزوج بعد وفاة أمكِ بفترة قصيرة ..
نكست رأسها بأسى وهي تفكر ثم قالت بعد برهة :
ـ وزوجة أبيكِ الجديدة هل هي طيبة ؟
أجبتها بحزن :
ـ كلا للأسف ..
وحكيت لها عن عذابي مع زوجة أبي وعن وفاة شقيقتي الصغيرة إثر وفاة أمي
وعن شقيقي أحمد وحزن تشفق الأضلاع عن حمله ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
والمعلمة تسمع وتتعجب وحتى ضاعت الحصة التالية للفسحة وأنا أتحدث وأبكي ..
وأخيراً طلبت مني أن أبلغها بكل مايجد من أموري ووعدتني بأن تساعدني بكل
طريقة ممكنة وكأنها شقيقتي الكبرى ..
أحسست بالأمان وقتها فمهما يكن قد حدث من أمور فهناك من يهمه أمري ويسأل
عني ويساعدني في الملمات ..
نفخت في نفسي كلمات معلمتي قوة عضمى أجهلها تكمن في نفسي فعزمت على
النجاح والتفوق كما كنت دائماً عندما كانت أمي الحبيبة على وجه الوجود ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
واصلت الليل والنهار وأنا أتشوق لنيل شهادتي الثانوية بتفوق يؤهلني لدخول كلية
الطب التي أتمناها .. حاولت الجمع بين عملي تحت خدمتها ودراستي .. أرهقني ذلك
ولكنه وضعني على حافة سلم النجاح ونسيت قراري برفض الظلم وتحديه .. نسيت
كل شيء عدا مستقبلي .. حتى أحسست بالتعب ذات يوم وانهار كل عضو من جسدي
يطلب الراحة المحروم منها ..
حدث ذلك اليوم في المدرسة كانت الفسحة المدرسية توشك على الانتهاء حين ألم
بي دوار مفاجئ ، فلم أستطع الثبات وسقطت على الأرض في انهيار تام .. حملتني
زميلاتي إلى حجرة المشرفة الطلابية التي تعهدتني بالراحة والعناية حتى حضرت
معلمتي الحبيبة التي أكاشفها بكل مايحدث لي .. أصرت على أن أذهب للبيت وأرتاح
لم يجد رفضي إلا اصراراً لديها على مغادرتي المدرسة .. وهمست لي قائلة :
ـ حتى تصدق زوجة أبيكِ عند خروجك من المدرسة إنكِ مريضة وبحاجة إلى الراحة
علها تعفيك من بعض الأعمال ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
خرجت من المدرسة وعدت للمنزل وما إن فتحت الباب بمفتاحي الخاص ودخلت
حتى أحسست بأجواء غير طبيعية في البيت .. كان مجرد إحساس ، ولكنه تعاظم
حين لم أجد الخادمة صفية في المطبخ كعادتها كل صباح .. بحثت عنها في أرجاء
البيت ولم أجدها .. التزمت الهدوء كيلا أوقظ زوجة أبي التي اعتقدت أنها نائمة
في هذا الوقت من الصباح .. لكن دهشتي الشديدة سمعتها تتحدث إلى رجل ما في
حجرتها .. أخفيت بسرعة وأنا أرقب حجرتها من بعيد .. فوجئت بها وهي تخرج
من الحجرة وبرفقتها رجل غريب لم أره يوماً .. رأيتهما يتهامسان .. اختفيت وقلبي
يخفق بسرعة عجيبة وأوصالي ترتجف بعنف وتساؤلات حادة تخترق رأسي
بنصلها السام .. ترى من يكون هذا الرجل ؟ هل هو شقيقها أو أحد أقاربها الرجال ؟
لكن لا .. مستحيل .. إن شقيقها لا يزورها خفية في الصباح وبعيداً عن أعين الجميع
حتى أبي .. وأين في حجرة نومها ؟
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
كلا .. واستبعدت هذا الخاطر تماماً من ذهني ..
هل يكون عشيقها .. يا إلهي .. أتكون زوجة أبي من هذا النوع الخائن من الزوجات
أمعقول هذا الذي يحدث أم أني في كابوس فظيع ..
ومرت عدة دقائق وأنا في ذهول حتى دخلت زوجة أبي الحجرة التي أجلس بها ..
فوجئت حين رأتني وكأنها ترى وحشاً مرعباً ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
تعبببببببببببببببببببببببببت وانا انقش خلااااااااااااااااااص
اذا رديتو بكمل واذا مارديتو بزعل وبخليها ناقصه
ردوا عاد وقدروا مجهودي
تحياتي
ريوووش
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
بسم الله الرحمن الرحيم
افاااااااااااااا ولاحد رد بس يالله الله يسامحكم انا بكملها بس لاني بديتها
انا زعلت خلاص وذذي اخر روايه انا راح احطها
تحياتي
ريووووووووش
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
(( الجزء الخامس ))
فوجئت حين رأتني وكأنها ترى وحشاً مرعباً ..تراجعت صارخة بذعر ثم تمالكت نفسها
بعد برهة قائلة كأي سيدة شريفة :
ـ أهذه أنتِ أيتها التافهة الحقيرة ماالذي أتى بكِ إلى البيت في هذه الساعة ؟
كدت أصرخ بوجهها قائلة : لقد عدت لأرى حقارتك وتفاهتك ..
لكنني أمسكت بلساني وأنا أفكر .. يجب ألا أبدو خاضعة ذليلة لها بعد الآن فتستمرئ
ذلك .. يجب أن أقف لها وجهاً لوجه وأفهمها بقوتي المفاجئة بأنني قد عرفت كل
شيء وأستطيع أن أفعل أي شيء ..
لم أنكس رأسي كعادتي وأتهته بالكلام .. بل رفعت رأسـي عالياً وأنا أواجهها
بنظراتي وقلت لها بهدوء ينبض بالتحدي :
ـ عدت لأنني مريضة وقد صرفتني المدرسة باكراً لأرتاح ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
كفأر وقع في مصيدة أخذت تنظر في كافة الأتجاهات وكأنها تبحث عن معين لها في
هذه المحنة .. قالت بعد لحظات وهي تبتلع ريقها بصعوبة :
ـ منذ متى وأنتِ هنا ؟
علت ابتسامة سخرية شفتي رغم كل شيء .. كدت أقول لها ساخرة : منذ وداع
الحبيب .. لكنني قلت وأنا انظر في عينيها بجسارة :
ـ منذ نصف ساعة تقريباً ولم أجد صفية في البيت ..
ثم ركزت على كلماتي وأنا أقول :
ـ وكنت أحسبك نائمة ..
اضطربت اضطراباً واضحاً وابتلعت ريقها مرتين وكأنها ستقول شيئاً ، ولكنها
صمتت في النهاية ثم قالت بارتباك ملحوظ :
ـ ارتاحي الآن وسأعود فيما بعد ..
وما أن غادرتني حتى هنأت نفسي على ذكائي .. كان هذا هو الطريق الوحيد أمامي
لإخضاعها وكسر شوكتها .. لم يكن هناك بد من أن اقف أمامها بهذه القوة ..
لم أسمعها يوماً تطلب مني أن أرتاح ولكن بعد أن شكت في كشفي لحقيقتها
عاملتني بكل اللين والود ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
غلبني النوم وأنا في دوامة من أفكاري لأفيق وصفية تضع أمامي صينية الطعام ..
قلت لها بهدوء :
ـ صفية .. أين كنت في الصباح .. لقد بحثت عنك في كل مكان ..
قالت هامسة :
ـ ليس هذا الصباح فقط يا منى .. بل كل صباح .. مدام عواطف تبعث بي إلى
والدتها لأنظف لها البيت وأطهو لها الطعام ثم أعود سريعاً قبل أن تعودون جميعاً..
أطرقت برأسي مفكرة وقد أدركت الموضوع ككل .. إن هذه المرأة المخادعة ليست
تلك العفيفة الشريفة كما يظنها أبي ونظنها نحن ، بل هي امرأة حرباء خائنة ..
تخدعنا جميعاً وأولنا أبي .. وتبادر في ذهني سؤال مر .. ولماذا لا أبلغ أبي بكل
مارأيته وهو يتصرف التصرف المناسب ؟ لكن ترى هل سيصدقني ؟ وإذا افترضنا
أنه صدقني هل سيعاقبها في صمت أم سيواجهها فوراً وأتحمل أنا كل شيء ..
إذن هل أتغاضى وكأن شيئاً لم يكن .. لكن كيف .. كيف أستطيع الصمت وبركان هائل
ينفجر داخل بيتنا وهذه المرأة تلقي بكرامتنا في الأوحال وتشوه سمعتنا .. انتهيت
من تساؤلاتي الحادة إلى لاشيء ، فأبي يحب هذه المرأة حباً شديداً ولا يرفض لها
طلباً ولو شاءت أن يركع أمام قدميها فكيف يقنع بروايتي بسهولة .. قررت أخيراً
أن أستشير معلمتي فاطمة في هذا الأمر ، فهي أكبر مني وستخبرني بالحل الصحيح .
مضى اليوم وزوجة أبي في وجوم شديد تتحاشى النظر إلى وجهي وتحاول إشغال
نفسها بأي شيء سوى الجلوس .. سألها أبي على مرأى مني :
ـ مابكِ يا عواطف تبدين متعبة هذا اليوم .. هل أعرضكِ على طبيب ؟
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
اغتصبت ابتسامة وهي تقول :
ـ كلا .. لاشيء ..ثم نظرت إلي وقد تبدلت نظراتها على نحو مفزع مخيف وهي تتابع:
ـ إن منى هي المريضة فقد أتت اليوم من المدرسة متعبة بعض الشيء ..
لم يكلف أبي نفسة ويقترب مني ليسألني عن أحوالي ، وكأن هذا العمل جريمة يخشى
منها .. اكتفى بأن ألقى عليّ نظرة لا مبالية وهو يقول بفتور :
ـ إنه ارهاق من المذاكرة فقط لا غير ..
ومضى غير عابئ بشيء ..
حكيت لمعلمتي كل شيء حدث في منزلنا .. نظرت إليّ بتركيز شديد ثم صرخت قائلة :
ـ لقد أخطأتِ يا منى .. لم يكن عليك أن تواجهيها بهذه الطريقة السافرة .. أنتِ مخطئة
أجبتها ببراءة :
ـ على العكس يا أبلة فاطمة لقد أخضعتها بهذه الطريقة وبعدها لن تجرؤ على إذلالي
وتحطيمي ومعاملتي كالخادمة ..
قالت المعلمة وعلى وجهها إمارات الاستياء الشديد :
ـ كلا .. كلا .. يا منى أنتِ بتلك المواجهة أخفتيها حقـاً لكن ليس لدرجة أن تتنازل
لكِ عن كل شي بسهولة فهي أقوى من هذا بكثير .. إني خائفة عليكِ يا حبيبتي ..
لكن اطمئني لن تستطيع إيذائك .. والأفضل أن تخبري أباكِ بكل شيء ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
قلت بلهفة :
ـ ولكن أخشى ألا يصدقني ..
قالت بحسم :
ـ بل سيصدقك وحتى لو لم يصدقك فهو سيشك في الأمر من جميع وجوهه أولاً ..
قالت بإشفاق :
ـ حسناً يا منى .. ولكن لا تتأخري كثيراً في إبلاغة ..
كانت معلمتي على حق ، وكنت قد تأخرت فعلاً في إبلاغ أبي .. رغم أن التأخير لم
يدم سوى أربع وعشرين ساعة فقط لكن هذه الحرباء كانت تفكر بسرعة أكثر مني
لتقضي عليّ وكانت الضربة في الصميم .. وتلقيت أكبر صدمة في حياتي وأقوى صفعة
فقد عدت ذلك اليوم من المدرسة لأجد أبي أمامي منتفخ الاوداج .. متغير الوجه وقد
انقلبت سحنته انقلاباً عظيماً .. نظرت إليه بخوف وقد سقط قلبي بين أقدامي فقد
قدرت انه ربما يكون قد اكتشف خيانة زوجته له .. لكن الصفعـة القوية على وجهي
أيقظتني من كل أحلامي .. وفوجئت بأبي يهدر بغضب :
ـ تكلمي أيتها السافلة .. من هذا الشاب الذي تستقبلينه في البيت في غيابنا ؟
فغرت فاهي دهشة وذهولاً .. أنا .. أنا .. لكنني لم أستطع النطق .. لم أستطع حتى
الصراخ .. تابع أبي صراخه :
ـ أيتها المجرمة القذرة .. مثل أمك .. لو لم أربيها لسلكت سلوكك المشين .. إنكِ
تستحقين القتل لندفن العار ..
وانهال يضربني بكل ما أوتي من قوة .. ومن بين دموعـي رأيتها تلك الأفعى زوجة
أبي تحاول أن تنقذني من بين يديه وهـي تقول :
ـ طيش شباب يا عبدالله .. لإنها مازالت فتاة مراهقة والعيب ليس عليها بل عليك
أنت ..
هتف علياً :
ـ وماذا أفعل ؟ أسجنها في البيت .. أفصلها من المدرسة .. كل بنات العائلات
المحترمة يدرسن ولا يقترفن هذه الآثام .. إنها مجرمة .. مجرمة وتستحق القتل
مثل أمها ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
وانساب دموعي بغزارة لتغرق وجهي وتبلل ثيابي .. وما ذنب المرحومة أمي في
هذه المؤامرة الدنيئة التي مثلتها هذه المرأة .. ما ذنب أمي المتوفاة لتنال كل هذا
السيل من الشتائم والتجريح ..
لم أستطع الدفاع عن نفسي وهذا الاتهام البشع يلتصق بـي كثمرة محرمة .. لم
أستطع الكلام وأبي يهجم عليّ هذا الهجوم الصارخ الجارح .. لم أستطع أن أعبر
عن جراحي ولو بصرخة ألم تذيب قلب هذا الأب المقدود من حجر ..
وأخيراً تركني أبي بعد أن أحال جسدي إلى خرقة بالية لا تستطيع التحرك إلا بصعوبة
ساعدتني صفية على الأنتقال إلى سريري وأبي يغلي كمرجل من الغضب وهو يهتف
بين الفينة والأخرى :
ـ سأؤدبها .. سأربيها ..
وتلك الفاجرة ترد عليه بكلام لم أستطع أن أتبينه لشدة تعبي ووهني ..
حطمتني الفاجعة وضيعت مابيني وبين أبي إلى الأبد .. لقد قطعت عليّ هذه الأفعى
الطريق ، فلن يكون بيني وبين أبي حديث بعد اليوم .. وأي حديث وقد تقطعت الأواصر
ووهنت العلاقات .. حتى أحمد كرهه أبي لكرهي وأصبح ينأى أن يحدثه أو حتى يسأله
عن أحواله ..
لقد حولت تلك الأفعى كل شيء لمصلحتها وأرادت أن تحطمني قبل أحطمها ومازلت
حتى اليوم أذكر ابتسامتها الساخرة وهي تطل عليّ وتسألني إن كنت أريد شيئاً وكنت
أدير وجهي جهة الحائط وأبكي بحرارة ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
لماذا تنهال كل هذه المآسي على رأسي بغزارة حتى نسيت طعم السعادة .. وقد خلت
حياتي منها .. ومن كنت أنتظر منه الأمان تخلى عني بقسوة ولم يسمع دفاعي عن
نفسي أو حتى يسمح لي بكلمة حق أو اعتراف بذنب .. حتى معلمتي الحبيبة فاطمة
حينما فوجئت بانقطاعي عن المدرسة حاولت أن تحادثني أو تزورني .. لكن أبي رفض
رفضاً قاطعاً أن أكلم أو أستقبل أحداً حتى يبت هو في أمري ..
وبت في أمري للأسف الشديد .. فقد فوجئت بعد أسبوع من الواقعة وحين استرددت
بعض قواي ، بأبي يلقي عليّ ثوباً طالباً مني أن أرتديه .. وبعد لحظات دخل علي
الحجرة شيخ طاعن في السن .. فوجئت .. التصقت بالجدار من هول الصدمة ..
هل هذا أنس أم جن .. هل هو شيخ حقيقي من لحم ودم أم هو .. ماذا ؟
أيكون أبي قد جن حتى يسمح لرجل كان من كان باقتحام حجرتي .. هتفت بصوت
مبحوح من كثرة البكاء والصراخ :
ـ من أنت .. اخرج هيا بسرعة ..
جاءني صوت أبي داخلاً إلى الحجرة وهو يبتسم لأول مرة منذ أسبوع :
ـ هذا زوجك يا منى .. العم صالح .. هيا حضري نفسك لتذهبي معه .. بسرعة ..
وخرج أبي معه هذا الشيخ الطاعن في السـن ، لأتهاوى تحت أحد الجدران باكية
بعنف .. سامحك الله يا أبي .. ماذا فعلت لتدفنني وأنا في عز الشباب .. ومع من
مع شيخ يكبر أبي بعشرين سنة على الأقل .. إن الموت أحب إلي من هذا ..
لم ينفعني بكائي وهذه المرأة تدخل عليّ تسحبني من يدي لترتب شعري وتزيين
وجهي وهي تأمر صفية بتجميع كل ملابسي .. وأنا أبكي وأحمد يبكي وهو متعلق
بي يصيح :
ـ منى .. لا تتركيني .. منى أرجوكِ لا تتركيني ..
صرخت به زوجة أبي :
ـ أسكت أيها الولد الشقي .. أختك ستتزوج وستذهب مع زوجها .. هيا ويكفي هذا
التدلل ..
تركتها ترتب شعري .. جفت دموعي فجأة وداخلي يغلي كالبركان وقلت لأحمد بصوت
هادئ وكأنه ليس صوتي :
ـ أطمأن يا أحمد .. سأعود ..
والتقت نظراتنا في المرآة .. نظراتي المهددة والمتوعدة بنظراتها المطمئنة وإن كانت
تحمل بعض الخوف .. وما أن ضمنا البيت الكبير الموحش أنا وزوجي حتى صرخت
به قائلة :
ـ ابتعد .. ابتعد عني .. إذا اقتربت فسأصرخ عالياً حتى يجتمع الناس عليك ..
قال بحنان افتقدته منذ زمن طويل :
ـ أطمئني يا منى .. أنتِ في بيتك ولا تخافي مني .. سأترككِ بمفردك حتى تهدئي ..
جلست أحدق ذاهلة في كل ماحولي .. كان كل شيء يدل على الثراء الفاحش
الاسطوري .. فلم يسبق لي أن رأيت مثل هذه الجدران اللامعة والثريات الكبيرة
العملاقة وهذه التحف والرياش .. لم يسبق لي أن رأيت أي شيء من هذا في حياتي
سوى في الأفلام التلفزيونية .. وأدركت أن أبي قد باعني لهذا الرجل .. باعني
ليضرب عصفورين بحجر واحد .. يتخلص من عاري كما يعتقد ويكسب الأموال الطائلة
أخذت أفكر بسرعة وذكائي يرسم لي طريق .. لن أستفيد شيئاً من عراكي مع هذا
العجوز الذي اشتراني .. لن أستفيد شيئاً من جفائي وعنادي وبكائي بل على العكس
من ذلك ربما أخسر من حيث أعتقد أنني أكسب فربما طلقني وأعادني إلى بيت والدي
إلى تلك الأفعى البغيضة التي لاتتورع على فعل أي شيء لتبعدني عن طريقها .. هذه
المرة كان الإبعاد بالفضيحة والزواج من هذا العجوز فما يدريني مايتفتق عنه ذهنها
في المرة القادمة .. ربما قتلتني أو زجت بي في السجن أو أعظم من ذلك فهي
لاتخاف الله ومن لايخاف الله يجب أن نخاف منه .. هكذا علمتني أمي .. وعلى هذه
الحكمة عشت حياتي وعندما تخليت عنها برهة حدث لي ماحدث ..
لا أنكر أن الطلاق من هذا العجوز هو هدفي ، لكن ليس الآن وفي بيتنا يحدث مايحدث
يجب أن أروض نفسي على الصبر والتحمل حتى أجد لي مخرجاً .. كما أنني قد عرفت
هذا الرجل العجوز وأدركت للوهلة الأولى حنانه الواضح .. ربما كان هذا الحنان لهدف
تهدئتي .. لكنني سأستغل كل شيء لصالحي ، فإنني وبهذه الظروف لن أجد من يشفق
عليّ غيره فبيده مصيري ومصير حياتي المقبلة .. سأحاول أن اكسبه لصفي
بقدر ما أستطيع ...
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
انتظروا الجزء اللي بعدواااااااااااا
اطيب امنياتي
ريوووش
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
مشكوره خيتو على الروايه الحزينه
االله يعطيش الف عافيه
ننتظر التكمله
تحياتي
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
الرواية رووعة
قريتها من زماان لكن في كتاب
هي أعتقد حق الكاتبة .. قماشة العليان .. صح ؟
المهم تسلمي على القصة الحلووة
وأنصح الأعضاء بقرائتها
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
بسم الله الرحمن الرحيم
مشكووووووووووووورين حبايبي على المرور
واسفه على التطويله والتاخير بس ماكنت موجوده
انشالله اكملها لكم عن قريب
تحياتي
ريوش
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
(( الجزء السادس ))
بدلت ثيابي وأخذت أتجول في الفيلا الكبيرة .. كان الدور الثاني يتكون من خمس حجرات للنوم عدا حجرة نومي الكبيرة ..
وفي الدور الأول سبع حجرات منها حجرة واحدة مغلقة لم أستطع فتحها .. وفي تجوالي بالبيت لفتت نظري خادمة سوداء
ترقبني بعينيها اللامعتين .. وحين رأتني أنظر إليها افتر ثغرها عن ابتسامة أظهرت أسنانها البيضاء .. كانت ترتدي ملابس
رثة لا تتناسب وفخامة هذا البيت ..
سألتها عما إذا كانت تعرف العربية فأومأت بالإيجاب .. كدت اسألها عن الرجل العجوز أين هو ولكن اكتشفت ياللسخرية
أنني لا أعرف حتى اسمه الأول .. قلت لها بهدوء :
ـ أين السيد .. هل خرج ؟
قالت ببساطة :
ـ لا أدري ..
-
رد: روايه (بيت من زجاج)..
كدت ألقي عليها أسئلة أخرى عن هذا الرجل وهل له زوجة وأولاد ، لكنني أيقنت بأنها لن ترد على أي من أسئلتي ..
جلست في الصالة الكبرى التي تعلوها ثريا ضخمة تتلألأ فيها عشرات الأضواء حتى حضر زوجي الشيخ الذي تطلق عليه
الخادمة اسم " عمي صالح " ..
لأول مرة منذ غادرت معه منزل أبي أراه بوضوح ..
قصير القامة محني الظهر تملأ وجهه لحية كبيرة بيضاء يناهز السبعين من العمر .. تبدو عليه سيماء رجل الأعمال بادرني
قائلاً وضحكة كبيرة تملأ وجهه :
ـ هل أعجبكِ بيتك الجديد يامنى ؟
حاولت جاهدة أن أتماسك وأنا أجيب :
ـ نعم ..