الفصل 11
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل علي محمد وال محمد و عجل فرجهم
*من كنت مولاه فهذا على مولاه*
وهذه الرواية الثانية التي تبين ان الامام يُوصل الحجة ويبلغها بحيث نقرّ نحن امامه عليه السلام في زيارة امين الله؛ بان لك مع الحجج البالغة ؛ حجج انت توصلها وتبلغها ؛ و بالشكل الذي انت اعلم به منا ؛ تعالوا لنقرء الرواية الثانية :
بحارالأنوار 48
حَجَّ هَارُونُ الرَّشِيدُ وَ ابْتَدَأَ بِالطَّوَافِ وَ مُنِعَتِ الْعَامَّةُ مِنْ ذَلِكَ لِيَنْفَرِدَ وَحْدَهُ فَبَيْنَمَا هُوَ فِي ذَلِكَ إِذِ ابْتَدَرَ أَعْرَابِيٌّ الْبَيْتَ وَ جَعَلَ يَطُوفُ مَعَهُ فَقَالَ الْحَاجِبُ تَنَحَّ يَا هَذَا عَنْ وَجْهِ الْخَلِيفَةِ فَانْتَهَرَهُمُ الْأَعْرَابِيُّ وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ سَاوَى بَيْنَ النَّاسِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ:
سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَ الْبادِ فَأَمَرَ الْحَاجِبَ بِالْكَفِّ عَنْهُ فَكُلَّمَا طَافَ الرَّشِيدُ طَافَ الْأَعْرَابِيُّ أَمَامَهُ فَنَهَضَ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لِيُقَبِّلَهُ فَسَبَقَهُ الْأَعْرَابِيُّ إِلَيْهِ وَ الْتَثَمَهُ ثُمَّ صَارَ الرَّشِيدُ إِلَى الْمَقَامِ لِيُصَلِّيَ فِيهِ فَصَلَّى الْأَعْرَابِيُّ أَمَامَهُ فَلَمَّا فَرَغَ هَارُونُ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَدْعَى الْأَعْرَابِيَّ فَقَالَ الْحُجَّابُ :
أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
فَقَال :
َ مَا لِي إِلَيْهِ حَاجَةٌ فَأَقُومَ إِلَيْهِ بَلْ إِنْ كَانَتِ الْحَاجَةُ لَهُ فَهُوَ بِالْقِيَامِ إِلَيَّ أَوْلَى قَالَ صَدَقَ فَمَشَى إِلَيْهِ وَ سَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ فَقَالَ هَارُونُ:
اجْلِسْ يَا أَعْرَابِيُّ ؟
فَقَالَ :
مَا الْمَوْضِعُ لِي فَتَسْتَأْذِنَنِي فِيهِ بِالْجُلُوسِ إِنَّمَا هُوَ بَيْتُ اللَّهِ نَصَبَهُ لِعِبَادِهِ فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَجْلِسَ فَاجْلِسْ وَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَنْصَرِفَ فَانْصَرِفْ فَجَلَسَ هَارُونُ وَ قَالَ:
وَيْحَكَ يَا أَعْرَابِيُّ مِثْلُكَ مَنْ يُزَاحِمُ الْمُلُوكَ !
قَالَ:
نَعَمْ وَ فِيَّ مُسْتَمَعٌ قَالَ فَإِنِّي سَائِلُكَ فَإِنْ عَجَزْتَ آذَيْتُكَ قَالَ :
سُؤَالُكَ هَذَا سُؤَالُ مُتَعَلِّمٍ أَوْ سُؤَالُ مُتَعَنِّتٍ؟
قَالَ:
بَلْ سُؤَالُ مُتَعَلِّمٍ.
قَالَ :
اجْلِسْ مَكَانَ السَّائِلِ مِنَ الْمَسْئُولِ وَ سَلْ وَ أَنْتَ مَسْئُولٌ فَقَالَ هَارُونُ:
أَخْبِرْنِي مَا فَرْضُكَ ؟
قَالَ:
إِنَّ الْفَرْضَ رَحِمَكَ اللَّهُ وَاحِدٌ وَ خَمْسَةٌ وَ سَبْعَةَ عَشَرَ وَ أَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ وَ أَرْبَعٌ وَ تِسْعُونَ وَ مِائَةٌ وَ ثَلَاثُونَ وَ خَمْسُونَ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ وَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ وَاحِدٌ وَ مِنْ أَرْبَعِينَ وَاحِدٌ وَ مِنْ مِائَتَيْنِ خَمْسٌ وَ مِنَ الدَّهْرِ كُلِّهِ وَاحِدٌ وَ وَاحِدٌ بِوَاحِد.
ٍ قَالَ فَضَحِكَ الرَّشِيدُ وَ قَالَ:
وَيْحَكَ أَسْأَلُكَ عَنْ فَرْضِكَ وَ أَنْتَ تَعُدُّ عَلَيَّ الْحِسَابَ!؟
قَالَ:
أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الدِّينِ كُلَّهُ حِسَابٌ وَ لَوْ لَمْ يَكُنِ الدِّينُ حِسَاباً لَمَا اتَّخَذَ اللَّهُ لِلْخَلَائِقِ حِسَاباً ثُمَّ قَرَأَ وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَ كَفى بِنا حاسِبِينَ قَالَ:
فَبَيِّنْ لِي مَا قُلْتَ وَ إِلَّا أَمَرْتُ بِقَتْلِكَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَقَالَ الْحَاجِبُ تَهَبُهُ لِلَّهِ وَ لِهَذَا الْمَقَامِ قَالَ فَضَحِكَ الْأَعْرَابِيُّ مِنْ قَوْلِهِ فَقَالَ الرَّشِيدُ:
مِمَّا ضَحِكْتَ يَا أَعْرَابِيُّ؟
قَالَ:
تَعَجُّباً مِنْكُمَا إِذْ لَا أَدْرِي مَنِ الْأَجْهَلُ مِنْكُمَا الَّذِي يَسْتَوْهِبُ أَجَلًا قَدْ حَضَرَ أَوِ الَّذِي اسْتَعْجَلَ أَجَلًا لَمْ يَحْضُرْ؟
فَقَالَ الرَّشِيدُ:
فَسِّرْ مَا قُلْتَ قَالَ:
أَمَّا قَوْلِي الْفَرْضُ وَاحِدٌ فَدِينُ الْإِسْلَامِ كُلُّهُ وَاحِدٌ وَ عَلَيْهِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ وَ هِيَ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَ أَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ سَجْدَةً وَ أَرْبَعٌ وَ تِسْعُونَ تَكْبِيرَةً وَ مِائَةٌ وَ ثَلَاثٌ وَ خَمْسُونَ تَسْبِيحَةً وَ أَمَّا قَوْلِي مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ وَاحِدٌ فَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْراً وَ أَمَّا قَوْلِي مِنَ الْأَرْبَعِينَ وَاحِدٌ فَمَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ دِينَاراً أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ دِينَاراً وَ أَمَّا قَوْلِي مِنْ مِائَتَيْنِ خَمْسَةٌ فَمَنْ مَلَكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَ أَمَّا قَوْلِي فَمِنَ الدَّهْرِ كُلِّهِ وَاحِدٌ فَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَ أَمَّا قَوْلِي وَاحِدٌ مِنْ وَاحِدٍ فَمَنْ أَهْرَقَ دَماً مِنْ غَيْرِ حَقٍّ وَجَبَ إِهْرَاقُ دَمِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
النَّفْسَ بِالنَّفْسِ فَقَالَ الرَّشِيدُ:
لِلَّهِ دَرُّكَ وَ أَعْطَاهُ بَدْرَةً فَقَالَ:
فَبِمَ اسْتَوْجَبْتُ مِنْكَ هَذِهِ الْبَدْرَةَ يَا هَارُونُ بِالْكَلَامِ أَوْ بِالْمَسْأَلَةِ؟
قَالَ:
بِالْكَلَامِ.
قَالَ:
فَإِنِّي سَائِلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَإِنْ أَتَيْتَ بِهَا كَانَتِ الْبَدْرَةُ لَكَ تَصَدَّقْ بِهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الشَّرِيفِ وَ إِنْ لَمْ تُجِبْنِي عَنْهَا أَضَفْتَ إِلَى الْبَدْرَةِ بَدْرَةً أُخْرَى لِأَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فُقَرَاءِ الْحَيِّ مِنْ قَوْمِي فَأَمَرَ بِإِيرَادِ أُخْرَى وَ قَالَ:
سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ .
فَقَالَ:
أَخْبِرْنِي عَنِ الْخُنْفَسَاءِ تَزُقُّ أَمْ تُرْضِعُ وَلَدَهَا فَحَرِدَ هَارُونُ وَ قَالَ:
وَيْحَكَ يَا أَعْرَابِيُّ مِثْلِي مَنْ يُسْأَلُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ؟!
فَقَالَ:
سَمِعْتُ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه واله يَقُولُ:
مَنْ وَلِيَ أَقْوَاماً وُهِبَ لَهُ مِنَ الْعَقْلِ كَعُقُولِهِمْ وَ أَنْتَ إِمَامُ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَجِبُ أَنْ لَا تُسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ دِينِكَ وَ مِنَ الْفَرَائِضِ إِلَّا أَجَبْتَ عَنْهَا فَهَلْ عِنْدَكَ لَهُ الْجَوَابُ؟
قَالَ هَارُونُ :
رَحِمَكَ اللَّهُ لَا فَبَيِّنْ لِي مَا قُلْتَهُ وَ خُذِ الْبَدْرَتَيْنِ فَقَالَ:
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ الْأَرْضَ خَلَقَ دَبَّابَاتِ الْأَرْضِ الذي [زائد] مِنْ غَيْرِ فَرْثٍ وَ لَا دَمٍ خَلَقَهَا مِنَ التُّرَابِ وَ جَعَلَ رِزْقَهَا وَ عَيْشَهَا مِنْهُ فَإِذَا فَارَقَ الْجَنِينُ أُمَّهُ لَمْ تَزُقَّهُ وَ لَمْ تُرْضِعْهُ وَ كَانَ عَيْشُهَا مِنَ التُّرَابِ.
فَقَالَ هَارُونُ:
وَ اللَّهِ مَا ابْتُلِيَ أَحَدٌ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَ أَخَذَ الْأَعْرَابِيُّ الْبَدْرَتَيْنِ وَ خَرَجَ فَتَبِعَهُ بَعْضُ النَّاسِ وَ سَأَلَهُ عَنِ اسْمِهِ فَإِذَا هُوَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليه السلام فَأُخْبِرَ هَارُونُ بِذَلِكَ فَقَالَ:
وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْوَرَقَةُ مِنْ تِلْكَ الشَّجَرَةِ.!
نعم قارئي العزيز هل سمعت ؟
كيف ابلغ امامنا عليه السلام الحجة لهذا الجبار وهولا يعرفه ! وكذلك هو في كل يوم وكل زمان .
واما الرواية الثالثه ..