رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
كم هي بريئة و بسيطة و عفوية !
يا لها من طفلة !
رفعت رأسها فوجدتني أنظر إليها فسألت مباشرة :
" كيف أكتب كلمة ( أتزوج ) ؟ "
فجأة ، أفقت من نشوة التأمل البريء ...
هناك كلمة غريبة دخيلة وصلت إلى أذني ّ في غير مكانها !
حدقت في رغد باهتمام ، و اندهاش ...
هل قالت ( أتزوج ) ؟؟
أتزوج !
ألا تلاحظون أنها كلمة ( كبيرة ) بعض الشيء ! بل كبيرة جدا !
سألتها لأتأكد :
" ماذا رغد ؟؟ "
قالت و بمنتهى البساطة :
" أتزوج ! كيف أكتبها ؟؟ "
أنا مندهش و متفاجيء ...
و هي تنظر إلي منتظرة أن أكتب الكلمة على لوحها الصغير ...
أمسكت بالقلم بتردد و شرود ... و كتبت الكلمة ( الكبيرة ) ببطء ، ثم عرضتها عليها فأخذت تكتبها حرفا حرفا ...
انتهت من الكتابة ، فوضعت اللوح على مكتبي ، في انتظار الكلمة التالية ...
__________________
انتظرت ...
و أنتظرت ...
لكنها لم تتكلم
لم تسألني عن أي شيء
رأيتها تطوي الورقة الصغيرة ، ثم تدخلها عبر الفتحة داخل صندوق الأماني !
( عندما أكبر سوف أتزوج ((.... )) ؟؟؟ )
الاسم الذي تلا كلمة أتزوج هو اسم تعرف رغد كيف تكتبه !
كأي اسم من أسماء أفراد عائلتنا أو صديقاتها ...
كـ وليد ، أو سامر ، أو أي رجل !
رغد الصغيرة !
ما الذي تفعلينه !؟؟
الآن ، هي قادمة نحوي ...
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
و الصندوق في يدها ...
" وليد اكتب أمنيتك ! "
" ماذا صغيرتي ؟؟ "
" أكتب أمنيتك و ضعها بالداخل ، و حينما نكبر نفتح الصندوق و نقرأ أمنياتنا و نرى ما تحقق منها ! هكذا هي اللعبة ! "
إنني قد افعل أشياء كثيرة قد تبدو سخيفة ، أما عن وضعي لأمنيتي في صندوق ورقي خاص بطفلتي هذه ، فهو أمر سأترك لكم أنتم الحكم عليه !
نزعت ورقة من مفكرتي ، و كتبت إحدى أمنياتي !
فيما أنا اكتب ، كانت رغد تغمض عينيها لتؤكد لي أنها لا ترى أمنيتي !
أي أمنية تتوقعون أنني أدخلتها في صندوق الأماني الخاص بصغيرتي العزيزة ...؟؟
لن أخبركم !
بعد فراغي من الأمر ، طلبت مني رغد أن أحفظ الصندوق في أحد أرفف مكتبتي ، لأنها تخشى أن تضيعه أو تكتشف دانة وجوده فيما لو ضل في غرفتها !
" وليد لا تفتح الصندوق أبدا ! "
" أعدك بذلك ! "
ابتسمت رغد ، ثم انطلقت نحو الباب مغادرة الغرفة و هي تقول :
" سأخبر سامر بأنني انتهيت ! "
بعد مغادرتها ، تملكتني رغبة شديدة في معرفة ما الذي كتبته في ورقتها
كدت انقض وعدي و أفتح الصندوق من شدة الفضول ...
لكني نهرت نفسي بعنف ... لن أخيب ثقة الصغيرة بي أبدا
( عندما أكبر سوف أتزوج .......... ؟؟؟ )
من يا رغد ؟؟
من ؟
من ؟؟
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
في عصر اليوم ذاته ، قرر والدي أخذنا لنزهة قصيرة إلى أحد ملاهي الأطفال ، حسب طلب و إلحاح دانة !
أنا لم أشأ الذهاب ، فأنا لم أعد طفلا و لا تثير الملاهي أي اهتمام لدي ، إلا أن والدتي أقنعتني بالذهاب من باب الترويح عن النفس لاستئناف الدراسة !
قضينا وقتا جيدا ...
وقفت رغد أمام إحدى الألعاب المخيفة و أصرت على تجربتها !
طبعا لم يوافق أحد على تركها تركب هذا القطار السريع المرعب ، و كما أخبرتكم فإنها حين ترغب في شيء فإنها لن تهدأ حتى تحصل عليه !
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
و حين تبكي ، فإنها تتحول من رغد إلى رعد !
والدي زجرها من باب التأديب ، إذ أن عليها أن تطيع أمره حين يأمرها بشيء
توقفت رغد عن البكاء ، و سارت معنا على مضض ...
كانت تمشي و رأسها للأسفل و دموعها تسقط إلى الأرض !
أنا وليد لا أتحمّل رؤيتها هكذا مطلقا ... لا شيء يزلزلني كرؤيتها حزينة وسط الدموع !
" حسنا يا رغد ! فقط للمرة الأولى و الأخيرة سأركب معك هذا القطار ، لتري كم هو مخيف و مرعب ! "
أعترض والداي ، ألا أنني قلت :
" سأمسك بها جيدا فلا تقلقا "
اعتراضهما كان في الواقع على سماحي لرغد بنيل كل ما تريد
أنا أدرك أنني أدللها كثيرا جدا
لكن ...
ألا تستحق طفلة يتيمة الأبوين شيئا يعوضها و لو عن جزء من المائة مما فقدت ؟
تجاهلت اعتراض والدي ّ ، و انطلقت بها نحو القطار
ركبنا سوية ذلك القطار و لم تكن خائفة بل غاية في السعادة ! و عندما توقف و هممت بالنزول ،
احزروا من صادفت !؟؟
عمّار اللئيم !
" من وليد ! مدهش جدا ! تتغيب عن المدرسة لتلهو مع الأطفال ! عظيم ! "
تجاهلته ، و انصرفت و الصغيرة مبتعدين ، ألا أنه عاد يلاحقني بكلام مستفز خبيث لم أستطع تجاهله ،
و بدأنا عراكا جديدا !
تدخل مجموعة من الناس و من بينهم والدي لفض نزاعنا بعد دقائق ...
عمار و بسبب لكمتي القوية إلى وجه سالت الدماء من أنفه
كان يردد :
" ستندم على هذا يا وليد ! ستدفع الثمن "
أما رغد ، و التي كانت تراني و لأول مرة في حياتها أتعارك مع أحدهم ، و أؤذيه ، فقد بدت مرعوبة و
التصقت بوالدتي بذعر !
عندما عدنا للبيت وبخني أبي بشدة على تصرفي في الملاهي و عراكي ...
و قال :
( كنت أظنك أصبحت رجلا ! )
و هي كلمة آلمتني أكثر بكثير من لكمات عمّار
استأت كثيرا جدا ، و عندما دخلت غرفتي بعثرت الكتب و الدفاتر التي كانت فوق مكتبي بغضب
لا أدري لماذا أنا عصبي و متوتر هذا اليوم ...
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
بل و منذ فترة ليست بالقصيرة
أهذا بسبب الامتحانات المقبلة ؟؟
بعد قليل ، طرق الباب ، ثم فتح بهدوء ...
كانت رغد
" وليد ... "
ما أن نطقت باسمي حتى قاطعتها بحدة :
" عودي إلى غرفتك يا رغد فورا "
نظرت إلي و هي لا تزال واقفة عند الباب ، فرمقتها بنظرة غضب حادة و صرخت :
" قلت اذهبي ... ألا تسمعين ؟؟ ! "
أغلقت الصغيرة الباب بسرعة من الذعر !
لقد كانت المرة الأولى التي أقسو فيها على رغد ...
و كم ندمت بعدها
ألقيت نظرة على ( صندوق الأماني ) ثم أمسكت به و هممت بتمزيقه !
ثم أبعدته في آخر لحظة !
كنت أريد أن أفرغ غضبي في أي شيء أصادفه
إنني أعرف أنني يوم السبت المقبل سأقابل بتعليقات ساخرة من قبل عمّار و مجموعته
و كل هذا بسبب أنت أيتها الرغد المتدللة ...
لأجلك أنت أنا أفعل الكثير من الأشياء السخيفة التي لا معنى لها !
و الأشياء المهولة ... التي تعني أكثر من شيء ... و كل شيء ...
و التي يترتب عليها مصائر و مستقبل ...
كما سترون ...
__________________
الحلقة الرابعة من اهم الحلقات
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
نواصل
الحلقـــة الرابعة
******************
لم استطع النوم تلك الليلة
جعلت أتقلب على فراشي و الأمور الثلاثة : الدراسة ، الحرب ، و رغد تآمرت علي و سببت لي أرقا و صداعا شديدا
أوه يا إلهي ... أنا متعب ... متعب !
فلتذهب الدراسة للجحيم !
ولتذهب الحرب كذلك للجحيم !
و رغد ...
رغد ...
فلأذهب أنا إلى رغد !
قفزت من سريري في رغبة ملحة جدا لرؤية الصغيرة ...
لابد أنها غارقة في النوم الآن ... كم كنت قاسيا معها ! كم أنا نادم !
سرت ببطء حتى دخلت غرفة رغد ، و تعجبت إذ رأيت الظلام مخيما عليها !
صغيرتي تخاف النوم في الظلام الشديد و تصر على إضاءة النور الخافت
اقتربت من السرير و أنا أدقق النظر بحثا عن وجه الصغيرة ، ألا أنني لم أره
أشعلت المصباح الخافت المجاور لسريرها ، و أصبت بالفزع حين رأيت السرير خاليا ...
نهضت مذعورا ... و تلفت من حولي ... ثم أنرت المصباح القوي و دققت النظر في كل شيء ... لم تكن رغد في الغرفة ...
خرجت من الغرفة كالمجنون و ذهبت رأسا إلى غرفة دانة ، ثم سامر ، ثم جميع غرف المنزل و أنحائه و لم أبق منه مترا واحدا دون تفتيش ... عدا غرفة والديّ
سرت و أنا أترنح و متشبث بأملي الأخير بأن تكون رغد هناك ...
توقفت عند الباب ، و رفعت يدي استعدادا لطرقه فخانتني قواي
ماذا إن لم تكن رغد هنا ؟
أين يمكن أن تكون ؟
القلق بل الفزع و الخوف على رغد تملكاني و ألقيا جانبا أي تفكير سليم من رأسي
طرقت الباب طرقات متوالية تشعر أيا كان بالذعر !
ثوان ، و إذا بأمي تقف أمامي في فزع :
" وليد ؟ خير يا بني ؟ "
التقطت عدة أنفاس متلاحقة ثم قلت :
" هل رغد هنا ؟ "
كنت أحدق بعين والدتي و كأنني أريد أن أخترقها إلى دماغها لأعرف الجواب قبل أن تنطق به ...
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
قولي نعم أمي ... أرجوك !
" نعم ! نامت هنا "
كأن جبلا جليديا قد وقع فوق رأسي لدى سماعي إجابتها
ارتخت عضلاتي كلها فجأة ، فترنحت و أنا أعود خطا للوراء حتى جلست على أحد المقاعد
والدتي أقبلت نحوي ، و ألقت نظرة سريعة على ساعة الحائط ، ثم عادت تنظر إلي بقلق ...
" وليد ؟ ما بك عزيزي ؟ "
أغمضت عيني لثوان ، و أنا عاجز عن تحريك أي عضلة من جسمي ...
ثم نظرت إليها و قلت بصعوبة :
" قلقت حين لم أجدها في غرفتها ... بل كدت أموت قلقا ... "
اقتربت مني والدتي ، و مسحت على رأسي و قالت :
" هوّ ن عليك يا بني ... جاءتني تبكي البارحة و تقول أنك غاضب منها و أخرجتها من غرفتك !
كانت حزينة جدا ! "
ربما تريد أمي معاتبتي لتصرفي مع رغد
أرجوك أمي يكفي فأنا قد نلت من تأنيب الضمير ما يكفي و يزيد ...
ألا ترين أنني لم أنم حتى هذه الساعة بسبب ذلك ...؟؟
" آسف لإزعاجك أماه ، تصبحين على خير "
رغد !
ما الذي تفعلينه بي !؟
نهضت متأخرا في الصباح التالي ، و حينما ذهبت إلى المطبخ وجدت أمي مشغولة في إعداد الطعام فيما تلعب رغد ببعض الدمى إلى جوارها
عندما رأتني رغد ، ابتسمت لها ، ألا أنها قامت و التصقت بأمي ، كأنها تطلب الحماية !
تضايقت كثيرا من هذا ... هل أصبحت طفلتي الحبيبة تخاف مني ؟؟
" رغد ! تعالي إلي ... "
لم تتحرك بل تشبثت بوالدتي أكثر ، الأمر الذي أشعرني بضيق شديد جدا فغادرت المطبخ فورا
ستنسى بعد قليل ... إنها مجرد طفلة و الأطفال ينسون بسرعة !
بل من الأفضل ألا تنسى حتى تبقى بعيدة عني و أتخلص من أحد همومي !
في المساء ، حضرت أم حسام بطفليها حسام و نهلة لزيارتنا
أم حسام هي خالة رغد الوحيدة و التي كانت ترعاها في السابق ، بعد وفاة والديها
حسام هو ابنها الأكبر و البالغ من العمر سبع سنوات على ما أظن ، أما نهلة فتصغر رغد ببضعة أشهر
و يبدو أن ( أخا جديدا ) على وشك الانضمام لهذه العائلة !
رغد تحب خالتها هذه كثيرا ، و الخالة تتردد علينا من حين لآخر للاطمئنان على رغد
تحوّل بيتنا إلى ملعب أطفال ... لعب ، ضحك، بكاء ، شجار ، عراك ، هتاف ، صراخ !
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
كانوا جميعا سعداء ، أما أنا فقد لزمت غرفتي عكفت على الدراسة .
اختفت الأصوات تماما فيما بعد ، فاستنتجت أن الضيوف قد رحلوا .
في وقت العشاء ، كنت أول الجالسين حول المائدة فقد كنت جائعا ، و لم أكن قد تناولت أي وجبة رئيسية لهذا اليوم .
الكرسي المجاور لي هو الكرسي الذي تجلس عليه صغيرتي رغد عادة
و كنت أساعدها في تناول الطعام دائما
اجتمع أفراد أسرتي حول المائدة ، ألا أن الكرسي المجاور ظل شاغرا !
" أين رغد ؟؟ "
وجهت سؤالي إلى والدتي ، فأجابت :
" أصرت على الذهاب مع خالتها و بما أن الغد هو يوم جمة تركتها تذهب لتبات عندهم ! "
اندهشت ، فهي المرة الأولى التي يحدث فيها شيء كهذا ... لطالما كانت الخالة تزورنا فلماذا تصر على الذهاب معها اليوم و اليوم فقط ؟؟
لقد فقد شهيتي للطعام ، و لم أتناول منه إلا اليسير ...
مساء الجمعة ذهبت مع أبي لإحضار رغد من بيت خالتها
دخلت أنا للمنزل فيما ظل والدي ينتظر في السيارة
لقد كان الأطفال ، رغد و نهلة و حسام ، يلعبون ببعض الألعاب في إحدى الغرف
عندما رأوني توقفوا عن اللعب ، و اخذوا يحدقون بي !
هل أبدو مرعبا ؟؟
ربما لأنني طويل و ضخم البنية نوعا ما !
ابتسمت لهذه المخلوقات الصغيرة ثم قلت :
" مرحبا أعزائي ! ألم تكتفوا من اللعب ! "
لم يبتسم أي منهم أو يحرك ساكنا !
وجهت نظري إلى صغيرتي رغد ، و قلت أخاطبها :
" صغيرتي الحلوة ! حان وقت العودة إلى البيت "
" لا أريد "
كانت أول جملة تنطق بها رغد ! إنها لا تريد العودة للبيت !
" ماذا رغد ؟ يجب أن نعود الآن فغدا ستذهبين إلى المدرسة ! "
" سأبقى هنا "
" رغد ! سوف نأتي بك إلى هنا لتلعبي كل يوم إن أردت ! هيا فوالدنا ينتظر في السيارة "
لم يبد أنها عازمة على النهوض .
و الآن ؟؟ ماذا افعل مع هذه الصغيرة ؟؟
كيف يجب ان يكون التصرف السليم ؟؟
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
تدخلت أم حسام قائلة :
" بنيتي رغد ، غدا سيحضرك وليد إلى هنا من جديد . و كل يوم إذا أردت اللعب مع نهلة فتعالي و أحضري ألعابك أيضا "
" لا أريد "
ثم بدأت بالبكاء ...
ربما تظن خالتها أننا نسيء إليها بشكل ما !
ماذا جرى لهذه الصغيرة ؟ لماذا أصبحت لا تريد الاقتراب مني ؟ أكل هذا لأنني
أخرجتها من غرفتي بقسوة تلك الليلة ؟
أم حسام أخذت تمسح على رأس الصغيرة و تهدئها و تكرر
" غدا سيحضرك وليد إلى هنا عزيزتي "
قلت ، محاولا إغراءها بالحضور بأي طريقة :
" سنمر بمحل البوضا و نشتري لك النوع الذي تحبين ! "
يبدو أن الفكرة أعجبتها ، فتوقفت عن البكاء و آخذت تنظر إلي ...
قالت خالتها مشجعة :
" هيا بنيتي ، و عندما تأتين غدا سنشتري لك و لنهلة و حسام المزيد من البوضا و الألعاب "
و أخذت تقربها نحوي حتى صارت أمامي مباشرة
رفعت رغد رأسها الصغير و نظرت إلي
إنها نظرة لا أستطيع نسيانها ما حييت ...
كأنها تعاتبني على قسوتي معها ... و تقول ... خذلتني !
مددت يدي و رفعت الصغيرة عن الأرض و ضممتها إلى صدري و قبلت جبينها
كيف لي أن أعتذر ؟
إنها اليتيمة التي و لو بذلت الدنيا كلها لأجلها ، ما عوضتها عن لحظة واحدة تقضيها في حضن أمها أو أبيها ...
قلت :
" ماذا تودين بعد ؟ لعبة جديدة أم دفتر تلوين جديد ؟ "
قالت :
" أريد لعبة و أريد دفترا "
قلت :
" يا لك من سيدة طماعة ! حاضر ! كما تأمرين سيدتي ! "
فابتسمت لي أخيرا ...
شعرت بشيء ما يحرك بنطالي ...
نظرت إلى الأسفل فإذا بها نهلة تمسك ببنطالي و تهزه ، ثم تقول :
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
" احملني ! "
نظرت إليها بدهشة و استغراب !
" رغد تقول أنك قوي جدا و كنت تحملها مع دانة سوية "
ربّاه !!
في تلك الليلة ، جعلت رغد تنام على سريري للمرة الأخيرة ... و لونت معها كثيرا و قرأت لها أكثر من قصة ، و طبعا اشتريت لها أكثر من لعبة و أكثر من دفتر تلوين إضافة إلى البوضا !
ربما كانت هذه طريقتي في الاعتذار !
إن كنت أدلل صغيرتي كثيرا فهذا لأنني أحبها كثيرا ...
و هي نائمة على سريري بسلام ، أخذت أتأملها بعطف و محبة ...
كم هي رائعة !
و كم أنا متعلق بها !
كم يبدو هذا جنونا !
ذهبت إلى حيث وضعت صندوق الأماني
ذهبت إلى حيث وضعت صندوق الأماني ، فأخذته و جعلت أنظر إليه بحدة
كم تمنيت لو أن بصري يخترق الصندوق إلى ما بداخله !
ليتني أعرف ... الاسم الذي تلا هذه الجملة
( عندما أكبر سوف أتزوج .... ؟ )
عندما تكبرين يا رغد ...
فقط عندما تكبرين ....
فإنني ...
في أحد الأيام ، قررنا تناول بعض المشويات في المنزل
في حديقة المنزل أعد والدي ما يلزم و أشعل الفحم
كان يوما جميلا ، و كنا مسرورين لهذه ( النزهة المنزلية ) التي قلما تحدث
الأطفال ، سامرـ إن كنت أعتبره طفلا ـ و دانة و رغد كانوا يتجولون هنا و هناك
سامر مهووس بدراجته الهوائية و التي لا يتوقف عن قيادتها و العناية بها في جميع أوقات فراغه ، و رغد تهوى كثيرا الركوب معه ، و قد تعلمت كيف تقودها بنفسها
كانت تقود الدراجة فيما يجلس سامر على المقعد الحفي ، و كانت تترنح ذات اليمين و ذات الشمال و تسقط بالدراجة من حين لآخر
ألا أنها كانت سقطات خفيفة غير مؤذية ، يستمتعان بها و يضحكان مرحين !
دانة كانت تساعد أمي في إعداد اللحم ، فيما والدي يهف الجمر فيزيده اشتعالا
كنت أنا أراقب الجميع في صمت و برود ظاهري ، بينما أشعر بشيء يتحرك و يشتعل في صدري مثل ذلك
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
الجمر ... لا أعرف ما يكون ...؟؟
ذهب والدي لإحضار شيء ما ...
و ابتعاده عن الجمر أعطاني مجالا أوسع لأراقب اشتعاله و تأججه ...
و جحيمه !
إن عيني ّ كانتا تتنقلان بين رغد و سامر على الدراجة ، و بين الجمر المتقد ...
ثم شردت ...
فجأة ... ترنحت الدراجة و هي تسير بسرعة ، تقودها رغد الصغيرة ، و قبل أن يتمكن سامر من إيقافها ارتطمت بشيء فسقطت ...
كان يمكن لهذه السقطة أن تكون عادية كسابقاتها ن لو أن الشيء الذي ارتطمت الدراجة به لم يكن صينية الجمر المتقد ....
تعالت الأصوات و انطلق الصراخ القوي يزلزل الأجواء ...
ركضنا جميعا نحو الاثنين بفزع ...
والدتي تولول ، و دانة تصرخ ... و رغد تصرخ ... و وليد يتخبط مستنجدا ... صارخا ... من فرط الألم ...
جمرة واحة أصابت رغد بحرق في ذراعها الأيسر ...
أما سامر ...
فقد انتهى بوجه مشوه مخيف ، و جفن منكمش يجعل العين اليمنى نصف مغلقة ... مدى الحياة ...
لقد كان حادثا سيئا جدا ... و انتهى يومنا الجميل بندبة لا تمحى ...
و رغم العمليات التي خضع لها ، ألا أن وجه سامر ظل يحمل أثر الحادثة المشؤومة إلى الأبد
رغد و التي خرجت من الحادث بأثر حرق واحد في الذراع ، خرجت منه بآثار عميقة لا تمحى في الذاكرة و القلب
أما دانة ، فقد غرست في نفس رغد الاعتقاد الأكيد بأنها السبب فيما حدث لسامر لأنها من كان يقود الدراجة وقتها
رغد أصبحت مرعوبة فزعة متوترة معظم الأوقات ... و أصبحت تخشى النوم بمفردها و تصر على أن أبقى إلى جانبها حتى تدخل عالم النوم ، و كثيرا ما كانت تستيقظ فزعة من النوم في أوائل الأيام ... و تركض إلي ...
و المرة التي كنت أعتقد أنها الأخيرة ، تلتها مرات أخرى ، نامت فيها الصغيرة
في غرفتي ... طالبة الأمان و الطمأنينة ...
" وليد أنا خائفة ... النار مؤلمة ... "
" وليد لن أركب الدراجة ثانية ً ... "
" وليد لا أريد أن أبقى وحدي ... الجمر يلاحقني ... "
" وليد ... عندما أكبر سأصبح طبيبة و أعالج سامر " !
و في إحدى تلك المرات ، كتبت إحدى أمانيها و أدخلتها في ذلك الصندوق !
و هذه المرة لم تسألني عن أية كلمة ...
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
لكنني أكاد أجزم بأنها كتبت :
( يا رب اشف سامر ) !
توالت الأيام و الشهور ... و تأقلم الجميع مع ما حدث ، و سامر اعتاد رؤية وجهه المشوه في المرآة و تقبله
و استسلم الجميع إلى أنها حادثة قضاء و قدر ...
أما أنا ...
فأشك في أن شيطانا قد خرج من صدري و قاد الدراجة نحو الجمر المتقد ...
و احرق سامر و رغد بنار كانت في صدري ...
و لم تزد النار صدري إلا اشتعالا
و لم تزد الحادثة الاثنين إلا اقترابا ...
و لم تزدني الأيام إلا تعلقا و تشبثا و جنونا برغد
--------------------
ترقبوا الحلقه الخــــامسه
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
الحلقة الخامسة
********
أنهيت دراستي الثانوية أخيرا !
إنني أريد الالتحاق بالجامعة ، ألا أن القصف الجوي الذي تعرضنا له مؤخرا دمر مبنى الجامعة التي كنت أريدها
كما دمّر جزءا من المصنع الذي يملكه والدي
أوضاع بلدنا في تدهور ، و الحرب منذ أن اندلعت قبل عامين تقريبا لم تتوقف ...
مستوانا المادي تراجع نتيجة لهذه الأحداث .
الدراسة تعني لي الكثير الكثير ، خصوصا بعدما حدث ...
إنها أحد أحلام حياتي ...
ما أكثر الأحلام !
أتذكرون صندوق الأحلام الخاص برغد و الذي صنعته لها قبل ثلاث سنوات ؟
أضفت إليه حلما جديدا يقول :
( أريد أن أصبح رجل أعمال ضخم ! ) !
اعتقد أن الأمور الإدارية تليق بي كثيرا !
وجدت فرصة هبطت علي ّ من السماء لأبتعث للدراسة في الخارج ، شرط أن أجتاز أحد امتحانات
القبول ، و الذي سأجريه بعد الغد
و ما اقرب بعد الغد !
إن مصيري و مستقبلي معلّق بذلك اليوم ...
إنني قد عدت لقراءة بعض المواضيع من المواد الدراسية المختلفة استعداد له
ادعوا لي بالتوفيق !
في الوقت الراهن أنا بدون شاغل ، أو لنقل ... عاطل عن المستقبل !
خلال السنوات الثلاث الماضية ازداد طولي وحجمي كثيرا و أصبحت عملاقا و ضخما !
تعديت طول والدي و أصبحت أشعر ببعض الخجل كلما وقفت إلى جانبه !
أما صغيرتي المدللة ، فلم تتغير كثيرا !
لا تزال نحيلة و صغيرة الحجم ، كثيرة المطالب ، و شديدة التدلل !
و المنافسة بينها و بين دانة حتى على الأشياء البسيطة لا تزال قائمة !
و اعتقد أنكم تتوقعون أنني ...
لازلت مهووسا بها كما السابق ، بل و أكثر ...
وصلت الآن إلى بوابة المدرسة الابتدائية ، و ها أنا أرى الفتاتين تقبلان نحو السيارة !
راقبوا ما سيحصل !
تتسابق الاثنتان نحو الباب الأمامي ...
تصل إحداهما قبل الأخرى بجزء من الثانية
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
تحاول كل واحدة فتح الباب و الجلوس في المقعد المجاور لي
تتنازعان
تتشاجران
تحتكمان إلي !
" وليد ! أنا وصلت قبلها "
" بل أنا يا وليد ... أليس كذلك ؟ "
" وليد قل لها أن تبتعد عني "
" أنا من وصل أولا ! دعها تركب خلفك وليد "
" كفى ! "
كل يوم تتكرر نفس القصة ! و الآن علي ّ أن أضع جدولا مقسما فيما بينهما !
" حسنا ... من التي كانت تجلس قربي يوم أمس ؟ "
أجابت دانة :
" أنا "
قلت :
" إذن ، اليوم تجلس رغد و غدا دانة و هكذا ! اتفقنا ؟؟ "
و بزهو و نشوة الانتصار ، ركبت السيدة رغد و جلست على الكرسي الأمامي بجانبي !
فيما ترمق دانة بنظرات ( التحسير ) !
كم سأفتقد هاتين المشاكستين !
" وليد تعلمنا درسا صعبا في ( الرياضيات ) أريدك أن تساعدني في حل التمارين "
" حسنا رغد "
" و أنا أيضا أريدك أن تساعدني في تمارين القواعد "
" حسنا دانة ! "
قالت رغد بسرعة :
" لكن أنا أولا فأنا سألتك أولا "
قالت دانة :
" درسي أنا أصعب . أنا أولا يا وليد "
أنا أولا ... أنا أولا ... أنا أولا ...
ويلي من هاتين الفتاتين !
كلا ! لن أفتقدهما أبدا !
كنت معتادا على تعليم الفتاتين في أحيان كثيرة ، خصوصا بعد تخرجي من المدرسة ...
مواقف كثيرة ، و كثيرة جدا ، هي التي حصلت خلال السنوات الماضية و لكنني اختصرت لكم
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
قدر الإمكان ...
حينما وصلنا إلى البيت ، بالتحديد عندما هممت بإدخال المفتاح في الباب لفتحه ، بدأت منافسة جديدة ...
" أعطني المفتاح أنا سأفتحه "
" لا لا ، أنا سأفتحه وليد "
" لا تقلديني ! "
" أنت لا تقلديني "
و احتدم النزاع !
أوليت الباب ظهري و وقفت بين الفتاتين و عبست في وجهيهما !
قلت بحدة :
" أنا من سيفتح الباب و إن سمعتكما تتجادلان على هذا المفتاح ثانية فتحت رأسيكما و أفرغت ما بهما "
المفروض أن نبرتي كانت حادة و مهددة ، و تثير الخوف ! ألا أن رغد أخذت تضحك ببساطة !
التفت إليها و قلت :
" لم الضحك ؟؟ "
قالت و هي تقهقه :
" لن تجد شيئا في رأس دانة من الداخل ! "
قالت دانة :
" بل أنت الجوفاء الرأس ! أتعلمين ماذا سيجد وليد في رأسك ؟ "
رغد :
" ماذا ؟ "
دانة :
" البطاطا المقلية التي تلتهمينها بشراهة كل يوم ! "
رغد ـ و هي تضحك بمرح ـ
" و أنت الفاصولياء التي أكلتها البارحة "
و تبادلت الاثنتان مجموعة من الأكلات و الأطباق المفضلة في رأسي بعضهما البعض حتى
أصابتاني بالصداع و التخمة !!
قلت :
" يكفي ! إنني من سيفتح رأسي أنا حتى ارمي بكما إلى الخارج منه "
و استدرت ، و فتحت الباب ، فأسرعت دانة بالدخول لتسبق رغد ، بينما سارت رغد ببطء و انتظرتني حتى دخلت ، ثم أقفلت الباب ...
" وليد ! "
التفت إليها و أنا ممتلئ ما يكفي و يزيد من سخافاتهما ، و قلت بتنهد :
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
" ماذا بعد ؟؟ "
قالت :
" أنا لا أريد أن أخرج من رأسك "
اندهشت ! نظرت إليها باستغراب ، و قلت :
" عفوا ؟؟ ! "
رددت "
" أنا لا أريد أن أخرج من رأسك "
" و لماذا ؟؟ "
ابتسمت بخبث و قالت :
" لكي أستطيع رؤية الناس من الأعلى فأنت طويـــــــــــــــــــل "
ابتسمت لها بهدوء ، ثم فجأة ، مددت يدي نحوها و رفعتها عن الأرض على حين غفلة منها إلى الأعلى عند رأسي و أنا أقول :
" هكذا ؟؟ "
رغد أخذت تضحك بسعادة و بهجة لا توصف !
أتذكرون كم كانت تعشق أن أحملها !؟
لا تزال كذلك !
دخلت المنزل ، ثم المطبخ و أنا لا أزال احملها و هي تضحك بسرور ، ثم أجلستها على أحد المقاعد و ألقيت التحية على والدتي ، و التي كانت مشغولة بتجهيز أطباق المائدة
قالت أمي :
" رغد ، هيا اذهبي و أدي صلاتك ثم اجلسي عند مائدة الطعام "
قامت رغد ، و هي تنزع الحقيبة المدرسية عن ظهرها و تنظر إلى أمي و تقول :
" بطاطا مقلية ؟ "
" نعم ! حضرتها لأجلك "
و انطلقت رغد فرحة ، و غادرت المطبخ .
للعلم ، فإن صغيرتي هذه تحب البطاطا المقلية كثيرا !
والدتي استمرت في عملها و حدثتني دون أن تنظر إلي :
" لم تعد صغيرة ! "
ركزت بصري عليها ، و قلت :
" رغد ؟ لقد كبرت قليلا ! "
" لم تعد صغيرة لتحملها على ذراعيك "
غيرت كلمات والدتي هذه مجرى ما فهمت ...