رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
وافتني أمي بعد قليل و رأتني على هذه الحال
" رغد يا عزيزتي ... لا تأخذي الأمر بهذه الحساسية ! إنه لا يقصد شيئا ... لكنه الحياء ! "
انفجرت و تفوهت بجمل لم أفكر فيها إلا بعد خروجها ، من شدة تأثري ...
قلت :
" إذا كان وجودي في هذا البيت يزعجه فأنا سأرحل إلى بيت خالتي ... ليأخذ حريته التامة في التجول حيثما يريد "
أمي صدمت بما قلت ، و حملقت بي باندهاش ...
" رغد ! كيف تقولين ذلك ؟؟ "
" إنه يتعمد تجاهلي و تحاشي ّ ... كأنني فتاة غريبة و موبوءة ... أ لهذا الحد لم يعد يطيقني ؟ ألم أعد أعني له شيئا ؟؟ ألم يكن يعني لي كل شيء في الماضي ؟؟ "
و سكت ، التقط بعض الأنفاس و أمسح الدموع بكومة من المناديل متكدسة في يدي ... كنت أبكي بانفعال ...
والدتي قالت فجأة :
" و الآن ؟؟ "
نقلت بصري من كومة المناديل المبللة في يدي ، إلى عيني أمي و نظراتها المقلقة ...
و الآن ؟؟
أعتقد أن أمي كانت تلمح إلى شيء ، لم تجرؤ على التصريح به ... و إن قرأت بعض معالمه في عينيها ...
إنها نفس النظرة التي رمقتني بها تلك الليلة ، ليلة رحيل وليد السابق ، قبل أذان الفجر ...
و خفت ... من الحقيقة التي لا أريد أن أكتشفها أو يكتشفها أي كان ... حقيقة الشعور بالحرارة التي تتأجج داخلي كلما كان وليد على مقربة ..
في ذات اليوم ، أصررت على الذهاب إلى بيت خالتي و تناول الغذاء مع عائلتها
كنت أريد أن أبتعد مسافة تسمح لي بالهدوء ، فنبضاتي لا يمكن أن تهدأ و وليد في مكان قريب ...
هناك فوجئت بأمر آخر !
خالتي انفردت بي لبعض الوقت في إحدى الغرف و بدون أية مقدمات سألتني :
" هل صحيح أنك ... أنك لا ترغبين في الزواج من ابن عمك سامر ؟؟ "
دهشت و هالني ما سمعت ... قلت بذهول :
" أنا ؟ من ... قال ذلك ؟؟ "
خالتي كانت تحدثني بجدية و قلق واضحين ...
قالت :
" لقد سمعَتْك سارة تخبرين نهلة بهذا ذات مرة ... و ذكرت الأمر على مسمع مني و من حسام ... و من حينها و هو و أنا معه في جنون ! "
لم أع ِ الأمر بالسرعة المفروضة ، بل بقيت أحملق بدهشة و بلاهة في عيني خالتي ... و ربما هي فسرت صمتي موافقة على ما تقول ...
" رغد ... أخبريني بكل شيء ... فإن لم تكوني ترغبين في الزواج من ذلك المشوه فثقي بأنني لن أسمح لهذا الزواج بأن يتم أبدا "
فيما بعد ، كنت أجلس مع نهلة في غرفتها دون وجود سارة ـ لوحدنا أخيرا !
قلت :
" و تقولين أنها لا تعي شيئا ؟ إنها أخطر مما ظننت ! يا لجرأتها ... كيف تخبر خالتي و حسام بأمر كهذا !؟ هل أنا قلت ذلك ؟؟ "
نهلة تنهدت و قالت :
" هذا ما ترجمه دماغها الصغير ! لقد قلت أنك لا تريدين الزواج الآن ! أخضعتني أمي لاستجواب مكثف ، و أخي حقق معي مطولا بسبب هذا الأمر ! "
" يا إلهي ! "
ابتسمت نهلة ابتسامة سخرية ماكرة ، ثم وقفت فجأة و نفخت صدرها هواء ً ، و رفعت كتفيها عاليا ، و قطبت حاجبيها و عبست بشكل غريب مرعب و قالت بنبرة خشنة ـ تقلد حسام :
" أمي يجب أن تتأكدي من الأمر لأنني إن اكتشفت أنهم أرغموها على هذا الزواج أو استقلوا كونها يتيمة و صغيرة و ضعيفة ، فأقسم بأنني سأشوه النصف الآخر من وجه ذلك اللئيم الماكر "
قفزت أنا واقفة بغضب ...
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
" نهلة ! "
ألا أنها تابعت تمثيل المشهد :
" قلت لك يا أمي ... تدخلي و امنعي هذا الارتباط منذ البداية ... أترين أن فتاة في الرابعة عشر هي مدركة بالقدر الكافي لتحديد مصيرها في أمر كهذا ؟؟ كيف تجرءوا على فعل هذا كيف ؟؟ كيف ؟؟ ويل لذاك المشوه مني "
" يكفي نهلة ... "
قلت بعصبية ، فعادت نهلة إلى شخصيتها الطبيعية ، و قالت :
" هذا ما كان يحصل كل يوم ! تعرفين أن حسام يبغض خطيبك من ذلك الحين ! "
قلت :
" لا أقبل أن ينعته أحد بالمشوه ... و تشوه وجهه ليس شيئا يستحق أن يعير عليه"
نهلة جلست على السرير ، و قالت :
" ليس بسبب التشوه هو ناقم منه ! تعرفين ! إنه بسببك أنت ! لازال مولعا بك ! "
انزعجت من هذا ... فقد كنت أظن أن الأمر قد انتهى ... لكن ...
" أرجوك نهلة لنغير الموضوع ... لقد أكدتُ لوالدتك أن سارة فهمت خطأ ... و إن بدا عليها عدم الاقتناع ... لكن لندع الأمر ينتهي الآن ... "
و أتيت و جلست قربها ... ثم اضطجعتُ مسترخية على السرير ...
" إذن ... ماذا قررت ؟ مع دانه أم بعدها ؟؟ "
تنهدت بانزعاج من الموضوع برمته ... قلت :
" لم أقرر يا نهلة ... لماذا يطاردني الجميع بهذا السؤال ؟؟ "
نهلة أمسكت بيدي اليمنى و أخذت تحرك خاتم الخطوبة حول إصبعي البنصر و تقول :
" لأن هذا الخاتم سئم البقاء حول هذا الإصبع ! إنها أربع سنوات يا رغد ! "
قلت :
" لكنني لا أزال صغيرة ! ألا ترين ذلك ؟؟ أريد أن أتخرج من الجامعة أولا.. و أريد أن ... تتغير علاقتي بسامر فأنا لا أشعر بشيء مميز تجاهه "
كنت أنظر إلى السقف ، و لكن رأس ابنة خالتي ظهر أمامي فجأة ... و أجبرني على النظر إلى عينيها ...
قالت :
" تقصدين لا تحبينه ... "
و كان تقريرا إجباريا لا سؤالا ...
التفت يمينا فأمسكت هي بوجهي و أعادته حيث كان و أجبرتني على النظر إلى عينيها الناطقتين بالحق ...
" لا تهربي رغد ! أنت لا تحبينه ! "
استسلمت ... و غضضت بصري ... أتحاشى تلك النظرة الثاقبة الفاهمة ...
نهلة هي أكثر شخص يفهمني و أبوح إليه بأسراري و كل ما يختلج مشاعري ...
نهلة مسحت على رأسي بعطف و قالت :
" رغد ... لا تتزوجيه إذا لم تكوني ترغبين في ذلك ... إنه كالأخ بالنسبة إليك ! أبقيه أخا فأنت بحاجة إليه كأخ لا كزوج ! "
" نهلة ! ... "
و ضربت أنفي بإصبعها ضربة خفيفة و هي تقول :
" أليس كذلك ؟؟ "
عدت أحدق بها ... في حيرة من أمري ...
قلت :
" من أتزوج إذن ؟؟ "
هي ابتسمت و قالت بمكر :
" أخي حسام ! "
رفعت رأسي و صدمت جبينها بجبيني عمدا ثم جلست و أخذت هي تمثل دور المتألمة !
" آه ... رأسي ! كسر في الجمجمة ! انجدوني ! "
قلت بنفاذ صبر :
" قلت لك ! لا تتوبين !"
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
قالت و قد بدت عليها الجدية الآن :
" صدقيني يا رغد ... إنه مهووس بك ! "
قلت :
" و الآخر كذلك ! لم تظنينه يلح علي بالزواج ؟ إما أن نتزوج أو يفتش عن وظيفة أخرى تبقيه قربي ! "
قالت ، تنظر إلي بعين شبه مغمضة و حاجبيها مرفوعين أقصاهما :
" من مثلك ! عاشقان في وقت واحد ! يا للحظ ! كم أنا مسكينة ! "
" قلت لك لا تتوبين ! أوه نهلة ! لسوف أطلب من خالتي التفتيش عن عريس لك حتى أتخلص منك كما تخلصت من دانه ! "
ضحكت نهلة و قالت :
" سأتزوج من شقيق زوجك حتى آتي للعيش معك ! لن تتخلصي مني ! "
و استمرت في الضحك ...
الجملة أثارتني كثيرا ... غضبت و قلت بانفعال لا يتناسب و دعابتها العفوية :
" قلت لك دعي وليد و شأنه ... لا تأتي بذكر هذا ثانية أ فهمت ِ ؟؟ "
نهلة ابتلعت ضحكتها و نظرت إلي بشيء من التعجب و الحيرة ...
" ما الأمر رغد ! كنت أمزح ... لم انفعلت هكذا ؟؟ "
خجلت من نفسي فأنا لا أعرف لم انفعلت بهذا الشكل بينما هي تمزح ليس إلا ...
بل ، و حتى لو كان كلامها غير مزاح ... لم علي الانفعال هكذا ؟؟
اعتقد أن وجهي تورد ... فنظرات نهلة توحي بأنها تلحظ شيئا غريبا على وجهي ...
التفت نحو اليسار أخفي شيئا مما قد يكون ظاهرا على وجهي دون أن أملك القدرة على مواراته لكن توتري كان أوضح و أفصح من أن يغيب عن ذهن نهلة ... التي تعرفني عز المعرفة ...
" رغد ... ماذا دهاك ؟؟ "
" أنا ؟ لا شيء ... لا شيء "
و الآن استدرت كليا ، و أوليتها ظهري ... بل و سرت نحو المجلة الموضوعة على المنضدة قرب سرير نهلة ... متظاهرة بالبرود ...
قالت تحاصرني :
" وليد غائب الآن ؟؟ "
قلت :
" لا ... عاد إلينا منذ يوم أمس الأول ... "
و أمسكت بالمجلة ، و جلست على السرير ، و أخذت أقلب صفحاتها و ألْهي نفسي بالتفرج على الأزياء و المساحيق و العطور ... و حتى الأخبار السياسية و الرياضية ... و صور اللاعبين !
" أوف ! "
أغلقت المجلة بسرعة ، بعد أن وقعت عيناي على صورة نوّار يبتسم !
يا إلهي ! كم أنفر من هذا الشخص ! رغم أنه محبوب من قبل الكثيرين و الكثيرات !
" ماذا دهاك ؟؟ "
" إنه ذلك المغرور ! من أمنيات حياتي ... أن أتصفح مجلة ذات يوم ثم لا أجد صورة له فيها ! يا له من شخص بغيض ! أتساءل ما الذي يجذب هؤلاء البشر إليه ؟؟ دانه المسكينة ! "
" و لم مسكينة ..؟ ألست تقولين أنها تحبه ؟؟ "
" كثيرا ! إنه سيعود الليلة من رحلته و ستقيم الدنيا و تقعدها من أجله ! لابد أنها الآن تعد أطباق العشاء و الكعك من أجله ! الحمد لله إنني لست معها في المطبخ هذه الساعة ! "
و ضحكنا بمرح ...
ثم قالت :
" و خطيبك سيرحل اليوم ؟ "
" نعم ... خلال ساعتين "
" إذا ... ألا يجدر بك أن تكوني معه الآن ؟؟ "
وقفت ... و سرت في الغرفة بضع خطوات حائرة ... فقد خرجت من منزلي منذ الصباح ، و هاهي الساعة تتجاوز الثالثة ظهرا ... و لابد أن سامر ينتظر عودتي الآن ...
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
قلت :
" إنه مع وليد ... الكل محتفٍ بعودته و مشغول به ! من سيذكرني هذه اللحظة ؟؟ "
قالت :
" هل سيرحل وليد عاجلا ؟ "
" لا .. على ما أظن و أتمنى "
" تتمنين ؟؟ "
وقعت في شركي ! قلت محاولة التصحيح و التعديل :
" أقصد نتمنى جميعا ... فلا أحد يود رحيله و والداي سيحزنان كثيرا جدا كالمرة السابقة و التي سبقتها إن رحل ... أتمنى أن يستقر هنا و يريح الجميع "
ربما كان الحمرة تعلو وجهي هذه المرة أيضا ...
و الآن ... إي شيء أشغل يدي به تغطية على اضطرابي هذا ؟ ألا يوجد في الغرفة مجلة أخرى ...؟؟
وقع بصري على مجموعة زجاجات العطر أمام مرآة الغرفة ، فذهبت أليها أشمها واحدة تلو الأخرى ...
أقبلت نهلة و وقفت إلى جانبي ...
قالت :
" ربما لديه ارتباطات هامة هناك ! عمل ... منزل ... عائلة ... زوجة ! "
استدرت إليها و قد اكفهر وجهي ... و قلت بسرعة :
" إنه غير متزوج "
" أحقا ؟؟ "
كانت نظراتها تشكيكية مخيفة ! قلت :
" طبعا ! و هل تظنين أنه سيتزوج دون إبلاغنا ! مستحيل ! ما يبقيه هناك هو العمل ... ليته يجد فرصة للعمل هنا و يستقر معنا ... "
قالت :
" لتضمنوا عدم رحيله ... زوجوه ! "
و أضافت و هي تبتسم بمكر :
" أنتم الثلاثة في ليلة واحدة ! و نتخلص منكم ! "
رفعتُ إحدى زجاجات العطر أمام وجهها بغتة و تأهبتُ لرش العطرعلى عينيها !
" أوه لا لا رغد كنت أمزح ! "
و فرّت و صرت أطاردها حتى جلسنا على السرير نضحك بشدة !
بعد قليل ... قلت :
" علي العودة للبيت ! سامر ينتظر اتصالي ! "
و قمت ، متوجهة إلى الهاتف الموضوع على مكتب نهلة ...
و اتصلت بالمنزل ... و إذا بالدماء تتصاعد من جديد و بغزارة إلى وجهي ... و نهلة تقترب مني و تراقبني ...
" وليد ؟ إنها أنا "
" ( مرحبا ... رغد ) "
" إمم .. أود التحدث إلى سامر "
" ( سامر ... أظنه يستحم الآن ! هل تريدين شيئا ؟ ) "
" أأأ ... أريد أن يأتي إلي ّ ... هل لا أبلغته بأنني أنتظره ؟ "
" ( حسنا ) "
" شكرا "
" العفو ... صغيرتي "
و أغلقت السماعة بصعوبة ... فقد كانت يدي ترتجف !
و بدأت أتنفس بعمق و أشعر بالحر ... و أيضا ... أتصبب عرقا !
نهلة وقت أمامي مباشرة تشاهد الاضطراب الذي اعتراني فجأة ... بحيرة و فضول
" رغد ... "
" نعم ؟؟ "
" لماذا تنفعلين كلما جيء بذكر وليد !؟ "
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
" أنا ؟؟ من قال ذلك !؟ "
و مدت نهلة يدها و تحسست جبيني براحتها ...
" إنك تغلين ! وجهك أحمر ناضج و جبينك مبلل بالعرق ! "
أربكتني كثيرا كلمات نهلة ... و حاولت التملص من نظراتها لكنها حاصرتني ...
ابتعدت عنها و ذهبت إلى حيث أضع عباءتي لأرتديها استعدادا للمغادرة !
" و لكن خطيبك لم يحضر بعد ! "
" سأستعد ... "
كنت أريد أن أنشغل بشيء بعيدا عن نظرات نهلة التي تخترق أعماقي ...
كنت أضبط حجابي مولية إياها ظهري ...
قالت :
" خطيبك شاب جيد يستحق فتاة رائعة مثلك ! "
تابعت ترتيب حجابي دون أن أعير جملتها هذه اهتماما ...
قالت :
" و أخي شاب جيد و يستحق فتاة رائعة مثلك ! "
و لم ألتفت إليها ! حتى لا أدع لها مجالا لفتح الموضوع مجددا !
و تابعت ارتداء عباءتي ...
" و وليد شاب جيد و يستحق فتاة رائعة مثلي ! "
استدرت فجأة نحو نهلة ... باضطراب و توتر و انزعاج جلي شديد ! ...
اصطدمت نظراتنا الحادة العميقة ... و بقينا لبضع ثوان نحملق في بعضنا البعض ...
نهلة أوقعت بي ...
إنها خبيثة !
كنظراتها التي ترشقني بها الآن ...
أتت نحوي ... و رفعت يدها و أمسكت بعباءتي و سحبتها ...
" رغد يا ابنة خالتي العزيزة ... لن تخرجي من هنا حتى أعرف ما حكايتك مع وليد ! "
بعد عشر دقائق كنت أجلس في السيارة إلى جانب سامر ...
" هل تحبين أن نتجول قليلا قبل العودة ؟؟ "
" كما تشاء "
قضينا قرابة الساعة نجول في شوارع المدينة ... و نتبادل الأحاديث ...
سامر ... و الذي لم يجد الفرصة السانحة قبل الآن لفتح الموضوع ، سرعان ما تطرق إليه ...
" الوقت يمضي يا رغد ... لقد بدأت أضيق ذرعا بالوحدة هناك ... لا أريد أن أخسر وظيفة ممتازة كهذه ، لكنني لا أريد أن أبقى بعيدا أطول من ذلك ... "
حرت و لم أجد تعقيبا ملائما ... و ربما صمتي أحبط سامر ... ففقد حماسه للمتابعة بعد بضع جمل ...
حينما وصلنا إلى المنزل ، وجدنا والدي ّ و وليد يجلسون في الفناء الخارجي ، حول الطاولة الصغيرة القريبة من الشجرة الطويلة ، بجانب الباب الداخلي ...
كان الجو جميلا ... و العصافير تغرد بحماس على أغصان الشجرة ... و الدخان يتصاعد من أقداح الشاي الموزعة على الطاولة ...
سامر كان يمسك بيدي ، ثم أطلقها و سار نحوهم بسرعة ...
" شاي أم وليد ! أين نصيبي ؟؟ "
و انضم إليهم ...
ألقيت نظرة على وليد فرأيته ينظر نحوي و لكن سرعان ما بدد نظراته نحو الفراغ ... لم يكن يريد النظر إلي ...
علي أن أنصرف قبل أن ينهض مغادرا ظانا بأنني سأنضم إليهم ...
توجهت نحو الباب و دخلت إلى الداخل ...
كنت بالفعل أتمنى أن أشاركهم ! و لكن لو فعلت ... فبالتأكيد سيغادر وليد ...
ما أن دخلت حتى وصلتني رائحة الكعك الشهية ! و سرت إلى المطبخ !
" دانه ! رائحة كعكتك زكية جدا ! دعيني أتذوقها ! "
" عدت ِ أخيرا ! لا يا عزيزتي ! هذه لنوّار و نوّار فقط ! "
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
" و هل سيأكل الكعكة كاملة ! مسكين ! كيف سيلعب إذا انفجرت معدته ؟ "
نظرت إلي ّ بانزعاج و صرخت :
" رغد ... انصرفي فورا ! "
ضحكت و خرجت ، متوجهة إلى غرفتي حيث وضعت حقيبتي و عباءتي ، و وقفت أمام المرآة أتأمل وجهي ...
لم يكن الإفلات من محاصرة نهلة سهلا ... أي حكاية لي مع وليد ؟؟؟ ما أكثر الحكايات !
أريد أن أنضم إليهم !
على الأقل ... سأراقبهم من النافذة !
و بسرعة خرجت من غرفتي قاصدة الذهاب إلى النافذة المشرفة على الفناء الأمامي ... حيث هم يجلسون ...
من تتوقعون صادفت في طريقي ؟؟
نعم وليد !
دخل للتو ... و حينما رآني توقف برهة ... ثم سار مغيرا طريقه ...
ربما كان يود القدوم من ناحيتي ألا أنه غير مساره و انعطف ناحية المطبخ ...
أ لهذا الحد لا يريد أن يراني أو حتى يمر من ممر أقف أنا فيه ؟؟
" وليد "
ناديته بألم ... إذ أن تصرفه هذا جرحني ...
لم يلتف إلي ، و رد ببرود :
" نعم ؟ "
تحشرج صوتي في حنجرتي ... و بصعوبة نطقت ، فجاء صوتي خفيفا ضعيفا لم أتوقع أنه سمعه ... لكنه سمعه !
" أريد أن أتحدث إليك "
" خيرا ؟ "
كل هذا و هو مدير ظهره إلي ... أمر ضايقني كثيرا ...
" وليد ... أنا أحدثك ! أنظر نحوي ! "
استدار وليد بتردد ، و نظر إلى عيني نظرة سريعة ثم طارت أنظاره بعيدا عني ...
كم آلمني ذلك ...
قلت :
" لماذا لا تود التحدث معي ؟؟ "
بدا مضطربا ثم قال :
" تفضلي ... قولي ما عندك "
و تنهد بضيق ...
قلت بمرارة :
" إذا كنت لا تود الاستماع إلي ... و لم يعد يهمك أمري ... فلا داعي لقول شيء "
وليد التزم الصمت ...
ثم و بعد أن طال الصمت بنا ، استدار راغبا في الانصراف ...
أنا جن جنوني من إهماله لي بهذا الشكل ... و أسرعت نحوه و قبضت على يده و قلت بحدة و مرارة :
" انتظر ... "
وليد سحب يده و استدار نحوي بغضب ... و رأيت النار تشتعل في عينيه ... كان مرعبا جدا ...
الدموع تغلبت علي الجفون ... و تحررت من قيودها و شقت طريقها بإصرار و شموخ على الخدين ...
وليد توتّر ... و تلفت يمنة و يسرة ... ثم قال :
" لماذا تبكين الآن ؟؟ "
قلت بعدما أغمضت عيني أعصر دموعها ... ثم فتحتهما :
" لماذا لم تعد تهتم بي ؟ لماذا تتحاشاني ؟ لماذا تعاملني بهذه الطريقة القاسية و كأنني لا أعني لك شيئا ؟؟ "
الرعب ... و الذعر و الهلع ... أمور أثارتها نظراته الحادة المخيفة التي رماني بها بقسوة ... قبل أن يضربني بكلماته التالية :
" يا ابنة عمي ... لقد كبرت ِ و لم تعودي الطفلة المدللة التي كنتُ أرعاها ... أنت الآن امرأة بالغة ... و على وشك الزواج ... لدي حدود معك لا يجوز تخطيها ... و لديك سامر ... ليهتم بأمرك من الآن فصاعدا "
و تركني ... و سار مبتعدا إلى الناحية التي كان يريد سلكها قبل ظهوري أمامه ...
اختفى وليد ... و اختفت معه آمال واهية كانت تراودني ... وليد الذي تركني قبل تسع سنين ، لم يعد حتى الآن ..
مسحت بقايا دموعي و آثارها ... و خرجت إلى حيث كان والدي ّ و سامر يجلسون حول الطاولة ...
أقبلت نحوهم فوقف سامر مبتسما يزيح الكرسي المجاور له إلى الوراء ليفسح المجال لي للجلوس ...
سامر ... كان دائما يعاملني بلطف و اهتمام بالغ ، و يسعى لإرضائي و إسعادي بشتى الوسائل ...
اقتربت من سامر و نقلت بصري منه ، و إلى والديّ ، ثم إلى أكواب الشاي و الدخان الصاعد من بعضها ... ثم إلى الخاتم المطوق لإصبعي منذ سنين ... ثم إلى عيني سامر اللتين تراقباني بمحبة و اهتمام ... ثم قلت :
" سامر ... لقد اقتنعت ... سنحتفل مع دانه "
---------------------
نهايه الحلقه الـ19
ترقبوا الحلقة الـ20
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
مشكوره على المرور
الحلقه العشرون
~ نهاية المطاف ~
كنت قد دخلت إلى داخل المنزل لإحضار سيجارة ...
فكلما شعرت بالضيق ، عكفت على التدخين بشراهة ...
و رؤية رغد و سامر يقبلان نحونا ... و أصابعهما متشابكة جعلت شعبي الهوائية تنقبض و تنسد ...
سامر جلس معنا ، و ذهبت رغد إلى الداخل ...
بعد قليل دخلت قاصدا الذهاب إلى غرفة سامر و إحضار السجائر ، فرأيتها أمامي ...
الغضب الذي كان يسد شعبي مع ذلك الهواء خرج فجأة باندفاع مصبوبا عليها ... فتحدثت معها بقسوة رافضا الإصغاء إلى ما كانت تود إخباري به ...
الآن أنا في الغرفة أشعر بالندم ...
لماذا أصبحت أعاملها بهذه الطريقة ؟؟
أليست هذه هي رغد ... طفلتي الحبيبة المدللة ؟؟
رغد ...
أتسمعون ؟؟
أتدركون ؟؟
إنها رغد ! رد !
حملت سجائري و ذهبت في طريقي إلى الخارج ...
عند عبوري الممر قرب المطبخ لمحت أختي دانه ، و كانت ترتدي مريلة خاصة بالمطبخ و توشك على المسير نحو الباب ...
" وليد ! ... أوه سجاغئر ! "
ثم مسكت أنفها بإصبعيها كمن يمنع رائحة كريهة من اقتحام أنفه !
" لن أدخن هنا ! "
قالت :
" أنا أيضا ذاهبة لوداع سامر ! رغد الكسولة تركتني أعمل وحدي ! "
و خرجنا سوية ..
رغد كانت تجلس قرب سامر ... الذي يبدو على وجهه الانفعال و السرور !
قالت دانة :
" آسفة سامر سأودعك الآن و أعود للمطبخ ! "
و وجهت كلامها إلى رغد :
" فالكسالى يجلسون هنا ! و لكن بعد أن أتزوج ستقع على رؤوسهم أعمال المنزل
رغما عنهم ! "
سامر ضحك ، و كذلك والدي ... أما رغد فألقت نظرة لا مبالية على دانه ثم أخذت تشرب الشاي ...
والدتي قالت :
" بل على رأسي أنا ! فأنتما ستخرجان من هنا في ليلة واحدة ! "
أنا صعقت ... و اكفهر وجهي ... و حملقت في رغد ... أما دانه فقالت :
" ماذا ... أمي ؟؟ هل ...؟؟ "
سامر قال :
" قررنا أخيرا !! "
دانه سارت نحو رغد ببهجة فوقفت الأخرى و تعانقتا ...
" أيتها الخبيثة ! هل تريدين سرقة الأضواء مني ؟؟ "
و ضحكتا بمرح ...
ثم عانقت دانة سامر و تمتمت ببعض الكلمات ، ثم ودعته و عادت إلى الداخل ...
" يجب أن أغادر الآن ! "
قال ذلك سامر ... فوقف والدي ، و احتضنهما و قبل رأسيهما ...
ثم أمسك بيدي رغد ، و ضمها إليه في عناق طويل ...
كل هذا و أنا واقف كالشجرة التي إلى جانبي ... أشعر بالصواعق تضربني من كل جانب ، و أعجز عن فعل شيء ...
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
و الآن ... يقبل الخائن نحوي أنا ... يريد توديعي ...
ابتعد يا سامر فأنا أشعر برغبة جنونية في ضربك ! و لا أعرف أي قوية امتلكت لحظها و منعت يدي من أن تحطم وجهه ...
صافحته و عانقته عناقا باردا خال من أية مشاعر ... و تركته يذهب ...
بعدما خرج ، تجاوزت الطاولة و من يجلس حولها ، و وقفت بعيدا لئلا أزعج أحدا بدخان سجائري ...
كنت أسمع أصوات الثلاثة ، أبي و أمي و الخائنة يتحدثون عن أمور الحفلة و الإعداد لها ...
و كنت أشعر بأن طبقة سميكة من الإسمنت قد صبت على صدري و يبست و كتمت أنفاسه ...
أمي ذهبت بعد ذلك للمطبخ لتساعد دانه ، و بقي والدي مع رغد ...
كنت أختلس نظرة ناحيتهم من حين لآخر ... والدي كان يجلس موليا ظهره إلي أما الخائنة فكانت تواجهني
و لم يحدث أن التفت ُّ إلا و اصطدمت نظراتنا ، فزادت الإسمنت على صدري طبقة بعد طبقة ...
والدي تلقى مكالمة عبر هاتفة المحمول ، ثم انصرف إلى الداخل ...
و بقيت صغيرتي وحدها تشرب الشاي ... توقفت عن الالتفات إلى الوراء ... و شردت في اللاشيء الذي لا أراه أمامي ...
و الآن شعرت بحركة خلفي ... و بقيت كما أنا أرتقب ... و ظهر ظل أمامي يكبر و يكبر ... و الفتاة الواقفة خلفي تقترب و تقترب ... و الآن توقفت ...
لثوان معدودة ... ظلت رغد واقفة خلفي و أنا لا أملك من الشجاعة و القوة ما يمكنني من الاستدارة إليها ... و لكني أرى ظلها أمامي ... و أرى يدها تتحرك نحوي ... ثم تتراجع ... ثم تستدير ... ثم تنسحب ...
عندما ابتعدت استدرت أنا للخلف و رأيتها و هي تسير مبتعدة و يدها تمسح ما قد يكون دموعا منسكبة على وجهها مددت يدي ... أريد أن أمسك بها ... أمسك بظلها ... أمسك بطيفها ... أمسك بدمعها ... أمسك بذرات الهواء التي لامستها ... و اختفت رغد ... و عادت يدي فارغة لم تجني غير الحسرة و الألم ...
عندها ، تلوّت معدتي أيما تلوي ... و عصرت كما تعصر الملابس المبللة باليدين ...
في تلك الليلة ، حضر نوّار خطيب شقيقتي و قد جالسته لبعض الوقت ...
و رغم أنه دمث الخلق ، ألا أن نفسه لا تخلو من الغرور و التعالي ... و قد أحرجني لدى سؤاله لي عن دراستي المزعومة و أعمالي و خبراتي المعدومة !
و كنت أختصر الإجابات ببعض جمل غامضة ، و سرعان ما انسحبت تاركا الخطيبين يستمتعان بعشائهما ...
و لشدة الآلام ـ الجسدية منها و النفسية ـ فإنني اكتفيت بقدر يسير من الطعام ... و ذهبت إلى غرفة سامر متحججا بالنعاس ...
رغد لم تكن قد شاركتنا الوجبة ، فلا أظنها تفكر في فعل ذلك بعد الطريقة الفظة التي عاملتها بها ...
الندم يقرصني و يوخز جميع أعصابي الحسية ... إضافة إلى آلام المعدة الحادة ...
و مرة أخرى خرجت الدماء من جوفي و زاد قلقي ... لابد أنني مصاب بمرض ... و لابد لي من مراجعة الطبيب ...
على السرير تلويت كثيرا حتى قلبت المفارش و البطانيات و الوسائد رأسا على عقب ...
أفكاري كانت تدور حول رغد ... كيف لي أن أهدأ لحظة واحدة ... و موعد زفافها قد تحدد !
لو كان باستطاعتي تأجيله قرنا بعد ... فقط قرن واحد ... أضمن فيه أنها تبقى معزولة عن أي رجل ... و تموت دون أن يصل إليها أحد ...
أخرجت صورة رغد الممزقة و جعلت ألملم أجزاءها ، و أتاملها ، ثم أبعثرها من جديد
و أعود لتجميعها كالمجنون ...
نعم مجنون ... لأن تصرف كهذا لا يمكن أن يصدر من كائن عاقل ...
تركتها ملمومة على المنضدة التي بجواري ... و قمت أذرع الغرفة ذهابا و جيئة كبندول الساعة !
اقتربت الساعة من الواحدة ليلا ... و أنا ما بين آلم معدتي الحارق و ألم قلبي المحترق ... حتى رغبت في تناول أي شيء من شأنه أن يهدئ الحريق المشتعل بداخلي ...
و تنفُّس أي شيء يطرد الضيق من صدري ...
أخذت علبة سجائري ... و خرجت من الغرفة ... تاركا الباب مفتوحا ...
ذهبت أولا إلى المطبخ و حملت علبة حليب بارد معي فقد لاحظت تأثيره المهدئ على معدتي ، و خرجت إلى الفناء ... و بدأت بشربه و التدخين معا ...
~ ~ ~ ~ ~ ~
لا أستطيع أن أنام و أنا أفكر ... و أفكر و أفكر ... فيما قاله وليد لي ... و الصداع يشتد لحظة بعد أخرى ...
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
كم آلمني ... أن أكتشف أنه لم يعد يهتم بي أو يرغب في رعايتي كالسابق ...
لقد تغير وليد ... و أصبح قاسيا و مخيفا ... و غريبا ...
كنت أبكي حسرة و مرارة ... فأنا فقدت شيئا كان يشغل حيزا كبيرا من حياتي ...
و منذ ظهوره ، و أنا في صراع داخلي ...
بقيت فترة طويلة أتأمل صورته التي رسمتها قبل شهور ... و لم أتمها ...
و إذا بي أرى نفسي ألّون بياض عينيه باللون الأحمر الدموي ... ! غضبا و حسرة ...
صار مخيفا ... مرعبا ...
دانه كانت تمضي وقتا غاية في السعادة و المتعة مع خطيبها الذي تحبه ... و هذا يجعلني أتألم أكثر ... لأنني لا أحظى بالسعادة التي تحظى بها ... و لا أشعر بالمشاعر التي تشعر هي بها تجاه خطيبها ...
غدا هو يوم دراسة ، و يجب أن أنام الآن و إلا فإنني سأنام في القاعة وسط الزميلات !
خرجت من غرفتي و في نيتي ابتلاع قرص مسكن من الأقراص الموجودة في الثلاجة ، و فيما أنا أعبر الردهة لاحظتُ باب غرفة سامر مفتوحا ...
تملكني الفضول !
سرت بحذر و هدوء نحو الغرفة !
وقفت على مقربة و أصغيت جيدا ... لم أسمع شيئا ...
اقتربت أكثر خطوة بعد خطوة ، حتى صرت عند فتحة الباب ، و أطللت برأسي إلى الداخل بتهور ... لكني لم أجد أحدا !
عندها فتحت الباب على مصراعيه بسرعة ... و بذعر و هلع صحت :
" وليد ! "
قفزت و أنا أركض كالمجنونة ... أجول في أنحاء المنزل و في رأسي الاعتقاد الصاعق بأن وليد قد فعلها و رحل خلسة ...
الدموع تسللت من عيني من شدة ما أنا فيه ، و شعرت برجلي ّ تعجزان عن حملي فصرت أترنح في مشيتي مخطوفة الفؤاد ... منزوعة الروح ...
و انتهى بي الأمر إلى باب المدخل ...
وقفت عنده و مسكت قبضته و ركّزت كل ثقلي عليها لتدعمني لئلا أقع ... فإن انفتح الباب ... فلا شك أن وليد قد غادر و تركه مفتوحا ...
و انفتح الباب و انهرت أنا مع انفتاحه ...
لقد فعلها و فر خلسة دون وداعي ... خارت قواي و أخذت أبكي و أنحب بصوت عال ...
" لماذا ؟ لماذا يا وليد لماذا ؟؟ "
فجأة ... ظهر شيء أمامي !
كنت أجلس عند الباب بلا حول و لا قوة ... و شعرت بشيء يتحرك فأصابني الذعر الشديد ... فإذا به وليد يظهر في المرأى ...
" رغد !!؟ "
لم أصدّق عيني ... هل هذا شبح ؟؟ أم حقيقة ؟؟
جسم كبير ... طويل عريض ... متخف في الظلام ... يتقدم نحوي ... لا يُرى شيءٌ منه بوضوح غير لهيب السيجارة التي بين إصبعيه ...
" رغد ... ما ... ماذا تفعلين هنا ...؟؟ "
و كدمية كهربائية قد فُصِل سلكها عن المكبس ، شللت ُ عن الحركة ...
حتى رأسي الذي كان ينظر إلى الأعلى ... الأعلى .. حيث موضع عيني وليد ، هوى إلى الأسفل ... متدليا على صدري سامحا للدموع بأن تبلل الأرض ...
لم أجد في بدني أي مقدار من القوة لتحريك حتى جفوني ...
وليد وقف مندهشا متوجسا برهة ... ثم جلس القرفصاء أمامي ... و قال بصوت حنون جدا ...
" صغيرتي ... ؟؟"
الآن ... كسبت من الطاقة ما مكنني من رفع رأسي للأعلى و النظر إليه ...
و بقيت أنظر إلى عينيه و تحجبني الدموع عن قراءة ما فيهما ...
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
" ما الذي تفعلينه هنا ؟؟ "
" هل تريد الرحيل دون وداعي ؟؟ "
لم تخرج الكلمات كالكلمات ... بل خرجت كالبكاء الأجش ...
" الرحيل ؟؟ من قال ذلك ؟؟ "
" ألست ... ألست تريد الرحيل ؟؟ "
" لا ... خرجتُ أدخّن ! ... لكن ... ما الذي تفعلينه أنت هنا في هذا الوقت ؟؟ "
أخذت نفسا عميقا و أطلقت الكلمات التالية باندفاع و بكاء :
" ظننت أنك رحلت ... دون علمي و وداعي ... كما فعلت في قبل سنين ...
تركتني وحيدة ... في أبشع أيام حياتي ... "
مد وليد يده فجأة و بانفعال نحوي ، ثم أوقفها في منتصف الطريق ، و سحبها ثانية ...
قلت :
" حتى لو لم أعد أعني لك شيئا ... لا ترحل دون علمي يا وليد ... أرجوك لا تفعل ... عدني بذلك ... "
وليد ظل صامتا لا يجرؤ على شيء سوى الإصغاء إلي ...
قلت :
" عدني بذلك وليد أرجوك ... "
هز رأسه إيجابا و قال :
" أعدك . "
نظرت إليه بتشكك ... كيف لي أن أثق بوعوده ... ؟؟ ...
قلت :
" اقسم "
وليد تردد قليلا ثم قال :
" أُقسِم ... لن أرحل دون علمك ... صغيرتي ... "
شعرت بالراحة لقسمه ... و سحبت نفسا عميقا ليهدئ من روعي ...
وليد حملق بي قليلا ثم وقف ... و رفع سيجارته إلى فمه و سحب بدوره نفسا عميقا ...
وقفت أنا ، و سمحت للباب الذي كنت أستند عليه و أحول دون انغلاقه أن ينغلق
نفث هو الدخان للأعلى ، ثم قال و هو لا يزال ينظر عاليا :
" لم استيقظت الآن ؟؟ "
قلت ، و أنا أراقب الدخان يعلو و ينتشر ...
" لم أنم بعد "
قال :
" لم ؟ ألن تذهبي غدا إلى الكلية ؟ "
قلت :
" بلى ... لكن ... لدي أرق "
و صمت ...
ثم سألته :
" و أنت ؟ "
قال :
" كذلك ، لذا خرجتُ أدخن ... في ساعة كهذه "
قلت :
" هل ... يريحك التدخين ؟؟ "
وليد لم يجب مباشرة ، ثم قال :
" نعم ... إلى حد ما ... يرخي الأعصاب ... "
قلت :
" دعني أجرب ! "
وليد التفت إلي بدهشة و نظر باستغراب !
" ماذا ؟؟ "
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
" أريد أن أجرب ! "
اعتقد أنها ابتسامة تلك التي ظهرت على إحدى زاويتي فمه !
قال :
" هل تعنين ما تقولين ؟؟ "
" نعم ... أتسمح ؟؟ "
وليد هز رأسه اعتراضا و قال :
" لا ... لا أسمح "
" لم ؟ "
" لا أسمح لشيء كهذا بدخول صدرك ... "
" لكنه يدخل صدرك ! "
قال :
" أنا صدري اعتاد على حمل السموم و الهموم ... "
ثم رمى بالسيجارة أرضا و سحقها تحت حذائه ...
و علت وجهه علامات التألم ، و ضغط بيده على بطنه و قال :
" لندخل "
و حينما دخلنا ، قال :
" تصبحين على خير "
و اتجه نحو المطبخ ...
أنا تبعته إلى هناك فرأيته يخرج علبة حليب بارد و يجلس عند الطاولة و يرشف منها ...
و بعد رشفة أو رشفتين سمعته يتأوه ... و يسند رأسه إلى الطاولة في وضع يوحي للناظر إليه بأنه يتألم ...
دخلت المطبخ ... فأحس بوجودي ... فرفع رأسه و نظر إلي ...
" ألن تخلدي للنوم ؟ الوقت متأخر "
شعرت بقلق شديد عليه ... قلت :
" ما بك ؟؟ "
أبعد نظره عني و قال :
" لا شيء "
لكني كنت أرى الألم باد على وجهه ... و عاد يشرب الحليب جرعة بعد جرعة ...
" وليد ... هل أنت مريض ؟؟ "
تنهد بنفاذ صبر و شرب بقية الحليب دفعة واحدة ، ثم نهض ... و خطا نحوي ...
" تصبحين على خير "
و تجاوزني ، و ذهب إلى غرفة سامر ... و أغلق الباب ...
~ ~ ~ ~ ~ ~
صحوت من النوم على صوت والدتي توقظني من أجل تأدية صلاة الفجر ...
كنت قد نمت قبل ساعة و نصف ، و أشعر بإعياء شديد ...
أفقت من النوم فوجدتها واقفة قربي ... نهضت و ذهبت للتوضؤ ، و عندما عدت وجدتها لا تزال واقفة عند نفس المكان تنظر إلى المنضدة ...
ما أن أحست بوجودي حتى استدارت نحو بسرعة ، و قالت :
" والدك ينتظرك ... "
ثم خرجت من الغرفة ....
ألقيت نظرة على المنضدة التي كانت أمي تراقبها قبل مجيئي ... فإذا بي أرى صورة رغد الممزقة ... التي نسيتُ إعادتها إلى محفظتي ليلا ...
شعرت بالقلق ... لابد أن أمي رأت الصورة واضحة ... و لابد أن شكوكا قد راودتها
إلا إذا كان احتفاظ رجل لصورة ممزقة لطفلة كان متعلقا بها بجنون ... هو أمر مألوف و مشهد تراه كل يوم ... !
أدينا الصلاة في مسجد قريب و عدت إلى السرير و نمت بسرعة قياسية ...
عندما نهضت ، كان ذلك قبيل الظهر و لم يكن في البيت غير والدتي ، فوالدي في مكتبه ، و رغد في الكلية ، و دانه مدعوة للغداء في مطعم ، مع خطيبها ...
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
أمي لم تشر إلى أي شيء بحيال تلك الصورة ... لذا ، تجاهلت الأمر ... و أقنعت نفسي بأنها نسيت أمرها ...
لم أرَ صغيرتي ذلك النهار ، إذ يبدو أنها عادت من الكلية عصرا و ذهبت للنوم مباشرة في وقت كنت أنا فيها مشغول بشيء أو بآخر ....
و في الليل ... و قبل ذهابي إلى غرفة المائدة لتناول العشاء ، مررت بالمطبخ فرأيت صغيرتي تأكل وجبتها منفردة هناك ...
عندما رأتني توقفت عن الأكل و انخفضت بعينيها إلى مستوى الأطباق ... في انتظار مغادرتي ...
آلمني أن أراها وحيدة هكذا فيما نحن مجتمعون معا ... قلت :
" تعالي و انضمي إلينا "
رغد حملقت بي قليلا متشككة ثم سألت :
" ألا يزعجك ذلك ؟؟ "
قلت :
" لا ... صغيرتي "
و سرعان ما حملت أطباقها و طارت إلى غرفة المائدة ... بمنتهى البساطة !
فيما نحن نتحدث عن أمور شتى ، قال والدي :
" أيمكنك يا وليد اصطحاب رغد من و إلى الجامعة يوميا ؟؟ إن تفعل تزيح عن عاتقي مشوارا مركبا "
و لأنه لم يكن لدي ما أقوم به ، لم أجد حجة تمنعني من الموافقة ... لكن بعض الاستياء ظهر على وجه والدتي ... أنساني إياه البهجة التي ظهرت على وجه رغد ... أو ربما توهمت أنها ظهرت على وجه رغد !
في اليوم التالي كان علي أن أنهض باكرا من أجل هذه المهمة ، و رافقتنا والدتي هذه المرة ....
المشوار كان يستغرق قرابة العشرين دقيقة .
رغد كانت تركب المعقد الخلفي لي ، ذهابا و إيابا ... و كانت تلتزم الصمت معظم المشوار إلا عن تعليقات بسيطة عابرة ...
في المساء ، كنا نقضي أوقاتا ممتعة في مشاهدة أحد الأفلام ، أو مزعجة في متابعة الأخبار و ما آلت إليه الأوضاع الأخيرة ، أو محرقة في الحديث عن الزفاف المرتقب ...
أتناول وجباتي معها ... آخذها إلى الجامعة أو أي مكان تود ... أتبادل بعض الأحاديث معها بشأن دراستها و ما إلى ذلك ... أتفرج على لوحاتها الجديدة ...
أرافقها هي و دانة و أمي إلى الأسواق ... أنصت باهتمام كلما تحدثت و أراقبها دون أن أشعر كلما تحركت ...
كل هذا ... قد أثار جنوني ... و ذكريات الماضي ... فصرت أشعر بأنها عادت لي ... طفلتي الحبيبة التي أعشقها و أعشق رعايتها ...
أخذني جنوني إلى التفكير بعدم الرحيل ...
كيف لي أن أبتعد عنها و أنا متعلق بها بجنون ...
كيف لي أن أسمح للمسافات و الزمن بتفريقنا ؟؟؟
إنني سأبقى حيث تكون رغد ... لأنه لا شيء في هذه الدنيا يهمني أكثر منها هي ...
سأبحث عن عمل ، و استقر هنا إلى جانبك ...
سأبقى قربك يا رغد ... نعم قربك يا صغيرتي الحبيبة ...
ثم ... و باتصال هاتفي واحد من سامر ... يتحطم كل شيء ، و أسقط من برج الأوهام الطرية ، إلى أرض الواقع القاسية الصلبة ... و يتدمر كل شيء ...
لم تكن صغيرتي تملك هاتفا في غرفتها ، لذلك فإن مكالماتها تكون على مرأى و مسمع من الجميع ... و كلما تحدثت إلى سامر غمرتني رغبة في تقطيع أسلاك الهاتف و الكهرباء ... في المنزل برمته !
في أحد الأيام ، كنت ذاهبا لإحضارها من الجامعة ، و صادف أن الشارع كان مزحوما و شبه مسدود بسبب حادث مروري ...
طال بي المشوار و أنا أسير ببطء شديد بسبب الحادث ... و عوضا عن الوصول خلال 20 دقيقة وصلت بعد 40 دقيقة على الأقل ...
عادة ما تكون صغيرتي تنتظرني عند الموقف حيث تقف الطالبات ، ألا أنني الآن لم أجدها ...
انتظرت بضع دقائق ، لكنها لم تخرج ... وقفت في مكاني حائرا
ثم اتجهت إلى الحارس و أخبرته بأنني أنتظر قريبتي و لم أرها ، فطلب اسمها ثم اتصل برقم ما ، و بعدها بدقيقتين رأيت رغد تخرج من البوابة ... مع بعض الفتيات
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
...
كنت لا أزال واقفا قرب الحارس ، نظرت هي باتجاهي و ظلت واقفة حيث هي ... و تتحدث إلى زميلاتها ...
شكرت الحارس ثم تقدمت ُ إليها فودعتهن و أتت نحوي ...
" أنا آسف ... تأخرت ُ بعض الشيء "
" بل كثيرا "
قالت بغضب ... ثم سارت نحو السيارة ...
بعدما اتخذنا مقعدينا ، و قبل أن ننطلق عدت ُ أقول :
" آسف صغيرتي ... "
و لكنها لم تجب ، و فتحت نافذة السيارة لأقصى حد ... يبدو أنها مستاءة و غاضبة !
و نحن نسير بالسيارة مررت من حارس الأمن ذاته فألقيت التحية عبر النافذة و انطلقت ...
" كيف تلقي تحية على شخص بغيض و غير مهذب كهذا ؟؟ "
تعجّبت من سؤالها ! قلت :
" لم تقولين عنه ذلك ؟؟ "
" كلما خرجت ُ لأرى ما إذا كنت َ قد وصلت َ أم لا ، وجدته ينظر باتجاه المدخل ... كان أجدر بك أن تصفعه ... لقد كنت أخرج فأجد والدي في انتظاري هنا كل يوم ... إياك و أن تتأخر ثانية "
يا له من أسلوب !
قلت :
" حاضر ... أنا آسف "
صمتت برهة ثم قالت :
" و كذلك ابق هاتفك المحمول مشغلا ، كلما اتصلت وجدته مغلقا "
و أخرجت هاتفي من جيبي فاكتشفت أنه كان مغلقا سهوا ...
" حسنا ... لم انتبه له "
و أيضا صمتت برهة ثم عادت تقول :
" و لا تخرج من السيارة ... ابق حيث أنت و أنا سآتي إليك "
عجبا لأمر هذه الفتاة ! قلت :
" و لم ؟؟ "
قالت بعصبية :
" افعل ذلك فقط ... مفهوم ؟؟ "
قلت باستسلام :
" مفهوم ... سيدتي !! "
لحظتها اجتاحتني رغبة بالضحك ، كتمتها عنوة !
و توقفت عن الكلام ...
و طوال الوقت ظلت صامتة بشكل لم يرحني ... لابد أنها لا تزال غاضبة لأنني تأخرت ...
حينما شارفنا على بلوغ المنزل ... راودتني فكرة استحسنها قلبي و استسخفها عقلي ... لكنني قبل أن أقع في دوامة التردد طرحت السؤال التالي :
" هل ... هل ترغبين ببعض البوضا ؟؟ "
طبعا السؤال كان غاية في السخف و الحماقة ... لكنني كنت أسيرا للذكريات ... ففي تلك الأيام ... كنت أغدق العطاء بالبوضا و غيرها على صغيرتي كلما غضبت لإرضائها !
شعرت بالندم لأنني تفوهت بهذه الجملة الغبية ... و كنت على وشك الاعتذار ألا أن رغد قالت بمرح و على غير ما توقعت :
" نعم ... بالتأكيد ! "
أوقفت السيارة عند محل لبيع البوضا ، قريب من المنزل ... و سألتها :
" أي نوع تفضلين ؟؟ "
قالت :
" هل ستتركني وحدي ؟؟ سآتي معك "
و فتحت الباب هامة بالنزول
رد: *¤•° أنــت لــــــــــي.. قصه رائعه جداً مستمرة °•¤*
دخلنا المحل ، و كان يحوي عددا من الناس ، ما جعل رغد تسير شبه ملتصقة بي ...
بعد ذلك ... انتهى بنا المطاف إلى المنزل ، و لو تركت الساحة لأحلامي لأخذتني مع صغيرتي في نزهة ... كما في السابق ...
ألا أنني طردتها بعيدا و عدت بالصغيرة إلى المنزل ... و أنا مسرور و مرتاح ... فرائحة الماضي أنعشت رئتي ...
ليت الأقدار لم تفرقني عنك يا رغد ...
ليتك تعودين إلي !
ليتنا نتناول البوضا أو البطاطا المقلية سوية ... كل يوم ...
ما أجملها من لحظات ...
و نحن نحمل البوضا اللذيذة برضا و سرور دخلنا إلى داخل المنزل ، ثم إلى غرفة المعيشة ... حيث فوجئت بالنار تصهر ما بيدي ... و ما بصدري ... و ما بجوفي و داخلي ...
هناك كان سامر يجلس مع والدي ّ و دانه ...
حضر على غير توقع و دون سابق إبلاغ ...
حينما رآنا نهض بسرور و جاء يرحب بنا ...
نصيبي من الترحيب كان محدودا ... مقابل نصيب الفتاة التي تقف إلى جواري ... تحمل البوضا في يد ، و الحقيبة في اليد الأخرى ...
السعادة المؤقتة التي أوهمت نفسي بها تلاشت نهائيا ... و أنا أرى سامر يطوقها بذراعيه ...
" اشتقت إليك عروسي ! "
البوضا وقعت و لوثت الأرض ...
بل قلبي هو من وقع أرضا و لوثت دماؤه الكرة الأرضية بأكملها ...
انثنيت نحو الوضا المنصهرة أود التقاطها ...
" دعها بني ، أنا أرفعها "
و أقبلت أمي لتنظف ما تلوث ...
" ملابسك تلوثت وليد "
" حقا ؟ سأذهب لتغييرها "
أهي ملابسي من تأذت ؟؟
و انصرفت مسرعا ... لا يحركني شيء غير الغضب و الغيرة المشتعلة في صدري ... و رغبة مجنونة في أن أوسع سامر ضربا ... إن بقيت انظر إليه دقيقة أخرى بعد ...
محال أن أبقى في هذا المنزل ليلة أخرى ... و الليلة بالذات ... سأرحل و بلا عودة .
~ ~ ~ ~ ~ ~
بدأت أشعر بأن وليد يهتم بي ... إلى حد ما ... و هو شعور جعلني أحلق في السماء ...
و اليوم ، تأخر عن موعد حضوره للجامعة عصرا ، و بعدما وصل خرجت أنا و بعض زميلاتي كل واحدة في طريقها لسيارتها ...
وليد كان يقف قرب حارس البوابة ... و هو شخص غير محترم ... نبغضه جميعنا..
رأتني إحدى زميلاتي أنظر ناحية وليد فسألتني :
" إلى من تنظرين !؟ "
قلت باستياء :
" من تظنين ؟ الحارس ؟ طبعا إلى ابن عمّي "
قالت و هي تنظر إليه :
" تعنين هذا الرجل ؟؟ "
" نعم "
قالت :
" واو ! كل هذا ابن عمك !؟ حجم عائلي ! "
و ضحكت هي و فتيات أخريات ضحكات خفيفة !
و قالت أخرى :
" ما شاء الله ! مع أنك صغيرة الحجم ! أنت و ثلاث أخريات معك مطلوبات من أجل التوازن ! "
و ضحكن كلهن !