الموقف الخامس: الحساب و الشهود :
بعد أن يعطى كل إنسان صحيفة اعماله يبدأ الحساب وهو مشهد عجيب حيث يحاسب جميع الناس في ان واحد وتطول فترة حساب كل إنسان وتقصر حسب اعماله ، واهميتها منهم من يقصر حسابه عن مقدار صلاته ، ومنهم من يطول حسابه مئات السنين بل آلف السنين من سني الدنيا ، ثم في هذا الموقف الرهيب الذي تقف فيه القلوب لدى الحناجر و متروعة وخائفة يبدأ الحكم والقضاء وتفصل جمع القضايا المتعلقة بكل انسان ، وفي كل فقرة تقرأ من أعمال الإنسان لا يسعه إلا أن يعترف ويقر على نفسه لأن الشهود لا يمكن ان ترد شهادتهم ، بإقامة الشهود وتكلمهم يتم الحساب .
الشاهد الأول : الله سبحانه وتعالى :
ومن أهمية الموقف يكون المحاسب والقاضي ومن له القول الفصل هو أول شاهد وهو الله سبحانه وتعالى حيث هو سبحانه على كل شيء شهيد و سوء ذوات الموجودات أو أعمالها
الشاهد الثاني : نبي كل أمة :
وذلك لكون الله تعالى يطلع كل نبي على أعمال امته ومن كان يجب عليه الانضمام تحت لوائه ودينه ، فيشهد عليه انه اتبعه أم لا .
الشاهد الثالث : نبينا محمد :
نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم كما يكون شاهد على أمته يكرمه الله تعالى بالشهادة على جميع الأمم وأنبيائهم .
الشاهد الرابع : بعض الأمة الإسلامية :
هم الذين يكرمهم الله تعالى بالشهادة كرامة لنبيه لأنهم الأئمة على المسلين بعده وقد أختارهم الله تعالى لهداية الناس بعده وأوجب عليهم اتباعهم فيشهدون لمن تبعهم حتى تقبل أعماله .
الشاهد الخامس الأعضاء والجوارح والجلود :
ومن عجيب مواقف القيامة تشهد على الإنسان في يوم القيامة أعضاءه كيديه ورجليه بما عملت وكذلك لسانه بما تكلم وعيناه بما نظرة واذناه بما سمعا وحتى جسمه بما لامس ورجلاه إلى أين ذهب بهما ، فينطقها الله فتقر عليه باعماله صالحة كانت أو طالحة .
الشاهد السادس : الملائكة :
هم الكرام الكاتبين ، وحيث كانوا مع الإنسان في الدنيا يحصون عليه أعماله ويراقبون حركاته و سكناته .
الشاهد السابع : الأرض :
حيث كل بقعة من بقاع الارض سار عليها الإنسان تشد له او عليه أنه عمل فيها صالح او طالح .
الشاهد الثامن : كتابه الذي هو صحيفة أعماله :
وما ذكر من الشهود كلها تقرر وتؤيد ما في صحيفة الأعمال التي كتبها الملائكة الكرام ، وهي تكون أكبر شاهد عليهم : فإما أن يكون كتابه صحيفة مرفوعة مطهرة للمؤمنين فيستعد بعد هذا للارتفاع إلى اعلى عليين ولدخول الجنة ، أو كتاب مرقوم في سجين للفجار ويدخلون به النار ويستعدون للذهاب إلى اسفل سافلين .
الموقف السادس : استرجاع حقوق الناس .
بعد ان يتم الحساب يتبين لكل إنسان ماله وما عليه من حقوق الله تعالى وحقوق الناس فتعادل بالحسنات والسيئات ، ولكن بالنسبة لحقوق الناس ياتي موقف استيفاء حقوقهم كل إنسان ياخذ حقه ممن ظلمة وغصب حقه وآذاه واعتدا عليه ، فتؤخذ من حسنات الظالم وتعطى للمظلوم ، وإذا لم تكن للمظالم حسنات تؤخذ من ذنوب المظلوم وتضاف على ذنوب الظالم ، وأن لم يكن للمظلوم ذنوب يحط من الظالم بما يرتفع به المظلوم ، كما ان الله يفتدي ذنوب عباده الصالحين بحسنات من عنده وهدايا لكي لا ينال الكافر من المؤمن في بعض الحالات .
الموقف السابع : الميزان :
بعد أن يصفى الإنسان ماله وما عليه بحساب دقيق كما عرفت حتى مثقال الذرة من الأعمال الصالحة أو الطالحة يأتى به إلى ميزان الأعمال في هذا الموقف العصيب حيث يقرر المصير النهائي للإنسان ، فتوزن وتوضع الحسنات في جانب والسيئات في جانب آخر حيث توضع الموازين القسط والعدل فلا ظلم اليوم بالكل إنسان يوفى حسابه ، فمن ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية ويلتحق بالمفلحين في جنة عالية قطوفها دانية ، وأما من خفت موازينه وحسناته وثقلت سيئاته فأمه هاوية وهو من الذين خسروا أنفسهم فهو كالح وتلفح وجهه النار .
الموقف الثامن : الشفاعة :
والشفاعة كرامة من الله تعالى لاوليائه ولمن ارتضى الله دينهم من المؤمنين وأول شفيع للأمة الإسلامية للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ويتبعه بالكرامة آله الأطهار ويتبعهم محبيهم وأوليائهم وبالخصوص العلماء والشهداء منهم .
حيث ياذن الله تعالى لهم بالشفاعة لمواليهم ومحبيهم لمن ارتكب كبيرة ولم يتب منها ويكون دخوله النار بسبها بعد إن كان مؤمن خالص ولكن خلط عمل صالح مع عمل سيئ ولم تفي حسناته بسيئاته ، فتتداركه رحمة الله فيأذن للنبي محمد وآله ومحبيهم لتبين كرامتهم وفضلهم فيشفعون فيه ويخلصون من الذهاب للنار .
وعلى هذا الشفاعة اخر موقف من القيامة قبل الذهاب للجنة أم النار ، و بعض تتداركهم شفاعة النبي بعد دخول النار حسب ذنبه الذي لابد أن يدخل به النار ولم تصح به الشفاعة في يوم القيامة بل بعد دخول النار ولو بمئات السنين من دخول النار .
الموقف التاسع : الصراط :
وهو الطريق والجسر الذي يجب سلوكه لدخول الجنة وهو ممتد على النار فيسر عليه الناس فمنهم من يسقط في النار بأول خطوة وكل إنسان حسب حسناته وسيئاته ، ومنهم يجوزه اسرع من البرق الخاطف كلاً حسب عمله ، والمؤمن الذي يسير على السراط ببطىء تخاطبه النار جزني يا مؤمن فإن نورك اطفئ ناري ولا يحترق بلهيبها وإن تأخر من دخول الجنة فترة قد يعتد بها ويسبقه بالدخول المخلصون حتى يغيرهم النعيم ولذيذ عيش الجنة .
وأعلم أن الصراط الدنيا هو أتباع نبينا محمد وآله لانهم هم الذين انعم الله تعالى عليهم بالطهارة بآية التطهير ونفي عنهم الكذب بآية المباهلة :ما امر الله تعالى بحبهم واتباعهم بأية وجوب مودة القربى
الموقف العاشر : المواقف الخاصة للنبي وآله :
بعد ما عرفة دور النبي محمد وآله في جميع مواقف القيامة وما كرمهم الله تعالى من الحوض والشهادة في الحساب والشفاعة توجد لهم مواقف أخرى مشهودة في يوم القيامة وهي خاصة بهم وهي من كرامات الله تعالى عليهم .
والمهم منها موقفان :
بعد ما يأمر الله بالناس للمسير على الصراط لكي يستقروا أما في الجنة أوفي النار ، فالإمام لكل السائرين إلى الجنة من جميع الأنبياء والأمم هو النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ويكون جميع الانبياء ومن صدقهم وكذلك أتباع النبي ومحبيه جماعة واحدة يتقدمهم النبي للمسير إلى الجنة وهو أول من يدخلها ثم الاقرب منه منزلة فالأقرب .
وفي أول المسير يعطي الله للنبي كرامة له لواء وراية من نور أسمه لواء الحمد ليقود المؤمنين إلى الجنة فيدفع هذا لواء لحامل لواء دينه في جميع مواقف الدنيا ليحمله في الآخرة ايضاً فيعطي لواء الحمد هذا للإمام علي ابن ابي طالب عليه السلام ليكون أمام الناس ليتبعوه إلى الجنة ويحف به آله الأطهار والأنبياء ومحبيهم ثم يتبعهم تابعيهم الأقرب منزلة منهم فالأقرب فيسيرون في موكب النور إلى الجنة يتقدمهم النبي تم الوصي وهذا يشبه موقف الورود على الحوض كما عرف في أوائل مواقف القيامة بعد الحشر .
الثاني : الأعراف :
عندما يسير النبي في موكب النور ويتبعه آله والأنبياء ومحبيه إلى الجنة يشرفون على من سقط في النار باول خطوة وهم اشد معاديهم ومن حرفوا ومنعوا الناس من أتباع الحق ، فتدور بينهم محاورة ويعرفون أئمة الحق وهم النبي وآله والانبياء أشد عدائهم بسيماهم وينظرون إليهم في النار كما أن أصحاب النار ينظرون لموكب النور ويعرفون أئمة الحق ، فتتم فرحة النبي وآله والأنبياء بهلاك أعدائهم وتزيد حسرة اعدائهم يحيث يرون موكب نور يتقدمه لواء الحمد ليدخل الجنة .
ملاحظة :
طبعا توجد في يوم القيامة مواقف للحساب شديدة لبعض الناس كما ان أول مظلومية ترفع هي مظلومية آل النبي ثم مظلومية الأرحام وقطعها ثم حقوق الناس .
واختصاص النبي وآله بالكرامات التي عرفتها في جميع مواقف القيامة بل لهم من الكرامات حتى في ساعة الموت والقبر وفي البرزخ لم يسع المختصر ذكرها .
وبيان فضل نبينا محمد وآله وأتباعهم وما عندهم من العزة عند الله تعالى هو لآن سادات وأئمة وولاة الناس في الدنيا هم ولاتهم يوم القيامة ، وقد عرفت في بحث النبوة والإمامة هذا المعنى بالدليل النقلي والعقلي وعرفي والبرهان المحكم والحجة القاطعة الدليل الذي لا ينقض ، كما أن هنالك عقبات خاصة كثيرة مرتبطة بحسب اهمية الأعمال الطالحة وخطرها .
وما ذكرنا هنا هو ما يهدي إليه البحث وفق آيات القرآن والسنة المطهرة وأن شاء الله سنفصل البحث في المستقبل ، وأرجو من لله تعالى أن يغفر ذنوبنا إن نسينا أو أخطأنا ولله الحمد أولاً واخرا .