ليتني إمرأة ..!!
يرى البعض من معشر الرجال إن التشبه بالنساء من الأشياء المعيبة والتي تخدش حياء وكبرياء الرجل وتقلل من حجمه ووزنه ، وكأن صنف النساء صنف نمرود يطيح بهيبة الرجال الأشاوس ويحطم هرم الرجال الشامخ ..!! وأنا ها أنا وبكل ما لدي من قوة الوعي والتركيز وكل ما أملكه من كامل الإدراك التام أطلق صيحتي أمام الكون بأسره متمنياً أن أكون إمرأة ..!!
يرمقني أحدهم فيقول : منذ متى وأنت تتمنى هذه الأمنية اللامسبوقة ؟
منذ هذه اللحظة فالمرأة كيان وصرح رفيع وقد أكرمها الله عزوجل في الكثير من آياته الكريمة وضمّنها بعض السور الشريفة كسورة النساء وسورة مريم وهذا يدل على أنفة المرأة وسمو شأنها !! والرسول (ص) جاء ليزيدها جمالاً ورفعة ليعلنها صريحة في وجه الرجل بأن الجنة تحت أقدام الأمهات ..!! فينبرى لي أحدهم ليقول نافياً إياي : قال الرسول (ص) إن الجنة تحت تراب أقدام الأمهات وليس السيدات ؟! فأردّ له ساخراً : وهل الأمهات ماهنّ إلا جنس حواء؟!
يدور الآن السؤال حول ماهية السر خلف هذه الأمنية ؟
إنها الجنة التي تملكها المرأة تحت أقدامها ، فلماذا المرأة بالذات هي من خصّت بهذه المكرمة دون الرجل ؟ الإجابة واضحة ومعروفة فالدور التي تقوم به المرأة دور كبير وشجاع لا يقوى على حمله بعض الرجال بل كل الرجال خصوصاً إذا كانت المرأة في مقام الأم المربية والفاضلة والأم المدرسة التي تتخرج على أياديها النسل الصالح والأجيال الإيمانية ، إنها القوة الخارقة والعزيمة والطاقة الفذّة التي تملكها المرأة ، فهي تحمل في صندوقها الثمين نطفة الرجل وتكابده طوال تسعة أشهر ، وكل شهر له من العناء لون خاص به ينفرد عن الشهر الآخر وكلما مرّ شهر تضاعف العبء الثقيل وازدادت المسؤولية العظيمة ، وكل هذا الحمل في كفة وساعة الولادة في كفة أخرى ..!!
حيث اضطر الأستاذ المبجل عبد القوي أن يسجل حضور في غرفة ولادة النساء برفقة زوجته حيث أشار عليه أحد المشائخ ليحضر هذا الجو الانساني المؤلم ليخرج بالعظة والفائدة ، فما قصة هذا المدعو/ عبد القوي الذي دخل على موضوعنا ؟
هو رجل نبش الشيطان رأسه وزيّن له المعصية فتجرأ على والدته ونكر جميل معروفها عليه فصار عاقاً لوالدته بعد أن فارق والده الحياة إثر مرض عضال أودى بوفاته ، فبقيت الوالدة ترعاه وتلعب دور الأب والأم في آن واحد ، ولكن ماذا كان حظّها من هذا الولد غير العقوق والخروج عن طاعتها والتمرد عليها ؟
لا أطيل عليكم فلقد تزوج هذا الرجل من إمرأة وحانت ساعة ولادتها ، ولأن مشكلة هذا الرجل مع والدته لم تزل عالقة دون حل بسبب تعنته وتجبره الأمر الذي استدعى تدخل أحد المشائخ للصلح بينهما مع أن الأمر لا يستدعي لأنه واجب على الإبن أن يركع تحت أقدام والدته طلباً للرضا والعفو ولكن الشيخ كان ذكي فأوصى الرجل بالحضور ساعة ولادة زوجته ليرى كيف تبدوا المعاناة وكيف تخرج الروح من الروح ، وبالفعل حضر الرجل ورأى كيف تنازع زوجته الموت وكيف تغص بألم وريح الولادة وطلق خروج الجنين الصغير ؟ مما اهتز على أثر ذلك وجدان الرجل فخر في البكاء وخرج من غرفة الولادة فوراً إلى حيث أحضان أمه معتذراً يقبل رأسها ورجليها ..!
خلاصة الكلام هو إن المرأة ذو شأن عظيم لا يستهان به لاسيما إذا استطاعت أن تصل بنفسها إلى تلك العظمة من خلال المسحة الإيمانية والأخلاق الحميدة ، فهل يستطيع الرجل أن يصنع نفسه دون أن يعيش في مصنع المرأة ؟ وهل يمكن للرجل أن ينفي إنه خلق من رجل آخر دون أن يكون للمرأة بصمة ودور في حضانته وتربيته ووصوله إلى هذا المستوى المرموق ؟
ليتني إمرأة ولا فخر أجمل من هذا الفخر ..!! ليس تجرداً من الرجولة وليس اعتراضاً على خلقتي !! لا .. بل على العكس من ذلك فكم رجل لا يكتمل إلا بالمرأة ، وكم رجل ملك الدنيا ولكنه لا يملك مثلما تمتلكه المرأة ؟ إننا نفخر بأن وراء كل رجل عظيم إمرأة ؟ ولا عجب أن نتمنى أن نكون نساء في قدراتهن وإن لم يكن فنصف ما يملكن من قدرات ، فالعمل الشاق الذي يلقى على كاهلهن في إدارة المنزل لا يمكن لأي رجل مفتول العضلات أن يقوى على حمل هذه المسؤولية الجسيمة ، وتأتي المرأة بقوتها الخفية لتحمل كافة أعباء المنزل بما فيه من أولاد ومن بينهم الرجل لتعطي المنزل بكافة رعاياه حقه من الخدمة والعطاء السخي ..!!
وجهة نظر قد تؤدي بي إلى الفوضى ؟؟
تحياتي
يوم سعيد
