وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ
حفص بن عمر بن سعد
أرسل المختار إلى دار عمر بن سعد فاستل (أبو عمرة) سيفه فضربه ضربة على رأسه فسقط على قفاه، فقال (أبو عمرة) لأعوانه: خذوا رأس عدو الله.
فأخذوا رأسه فجاءوا به حتى وضعوه بين يدي المختار، وابنه حفص واقف بين يدي المختار يريد الشفاعة لعمر.
فقال المختار: أتعرف هذا الرأس يا حفص؟!
قال: نعم هذا رأس أبي، ولا خير لي في العيش بعده.
قال له المختار: تفتخر بأن أباك قتل الحسين (عليه السلام) وحضرت معه كربلاء، فوالله لا تعيش بعده.
فضرب عنقه ثم وضع الرأس بين يديه، وقال: هذا بالحسين(عليه السلام) وهذا بعلي بن الحسين (عليه السلام) ولا سواء ورب الكعبة.
ثم صلب جسديهما منكسين.. ثم اُحرقا بالنار.
ولما أحرقوا الجسدين وبعث بالرأسين، أمر بإحراق داري عمر بن سعد وابنه حفص، فاُحرقا جميعاً.
وفي رواية: جاء حفص بن عمر بن سعد إلى المختار وسلّم عليه، وقال له: أيها الأمير أبي يقرؤك السلام ويقول لك: أتفي لنا بالأمان أم لا؟
فقال له: وأين أبوك؟!
فقال: ها هو في داره.
فقال له: أليس أبوك قد هرب البارحة وكان يريد الشام.
فقال: معاذ الله إن أبي في داره لم يتغيّب أبداً.
فقال: كذبت وكذب أبوك، اجلس هنا حتى يأتي أبوك.
ثم إن المختار استدعى رجلاً من أنصاره وقال له: انطلق إلى عمر بن سعد وأتني برأسه.
فمضى مسرعاً فما لبث هنيئة إذ جاء وبيده رأس عمر بن سعد، فألقاه في حجر ابنه.
فقال حفص: إنا لله وإنا إليه راجعون.
فقال له المختار: يا حفص أتعرف صاحب هذا الرأس؟!
قال: نعم هذا رأس أبي، ولا خير والله في الحياة بعده.
فقال المختار: وإني لا أبقيك بعده، ثم أمر بقتله في الحال، وذلك لأن حفص حضر كربلاء وكان يظهر الفرح بقتل أبيه، الحسين(عليه السلام)، ووضع الرأسان بين يدي المختار...
حكيم بن طفيل الطائي
بعث المختار إلى الحكيم بن الطفيل الطائي وهو الذي أصاب سلب العباس بن علي (عليه السلام) ورمى الحسين (عليه السلام) بسهم فتعلق بسرباله، فكان يقول: إن السهم تعلق بسرباله وما ضرّه.
فقال له المختار: لنرمينّك بنبال تتعلق بثوبك، فانظر هل يضرك ما تعلق؟!
فرموه بنبال حتى سقط ميتاً، فصار كأنه قنفذ لما فيه من كثرة النبل، كما فعلوا بجسم العباس (عليه السلام) مثل ذلك.
حكيم بن طفيل السبيعي
قال موسى بن عامر: أول من بدأ بهم المختار الذين وطئوا الحسين (عليه السلام) بخيولهم، فأخذهم وأتى بهم وأنامهم على ظهورهم وجعل سكك الحديد في أيديهم وأرجلهم، وأجرى الخيل عليهم حتى قطعتهم قطعاً، ثم اُحرقوا بالنار.
حمل بن مالك
وأتي المختار بحمل بن مالك المحاربي ومعه اثنان من الذين حاربوا الحسين (عليه السلام)، فقال لهم المختار: يا أعداء الله أين الحسين بن علي (عليه السلام)؟!
قالوا: اُكرهنا على الخروج إليه.
قال: أفلا مننتم عليه وسقيتموه من الماء؟!
ثم أمر فقتلوا.
خولي بن يزيد
إن عبيد الله بن زياد (لعنه الله) بعد ما عرض عليه رأس الحسين(عليه السلام) دعا بخولي بن يزيد الأصبحي وقال له: خذ هذا الرأس حتى أسألك عنه.
فقال: سمعاً وطاعة..
فأخذ الرأس وانطلق به إلى منزله، وكان له امرأتان، إحداهما ثعلبية والأخرى مضرية، فدخل على المضرية فقالت: ما هذا؟
فقال: هذا رأس الحسين بن علي (عليه السلام) وفيه ملك الدنيا.
فقالت له: أبشر فإن خصمك غداً جده محمد المصطفى..
ثم قالت: والله لا كنت لي ببعل ولا أنا لك بأهل، ثم أخذت عموداً من حديد وأوجعت به دماغه.
فانصرف من عندها، وأتى به إلى الثعلبية، فقالت: ما هذا الرأس الذي معك؟!
قال: رأس خارجي خرج على عبيد الله بن زياد، ثم تركه على التراب وجعل عليه إجانة.
قالت: ومن هو؟
قال: الحسين بن علي (عليه السلام).
فصاحت وخرّت مغشية عليها.
فلما أفاقت قالت: يا ويلك يا شر المجوس، لقد آذيت محمداً في عترته أما خفت من إله الأرض والسماء؟! حيث تطلب الجائزة على رأس ابن سيدة نساء العالمين؟!
ثم خرجت من عنده باكية، وجاءت إلى الإجانة رفعت الرأس وقبلته ووضعه في حجرها وجعلت تقبله وتقول: لعن الله قاتلك، وخصمه جدك المصطفى.
ثم قالت لزوجها: ويلك طلقني فوالله لا جمعني وإياك بيت.
فقال: ادفعي لي الرأس وافعلي ما شئت.
فقالت: لا والله لا أدفعه إليك..
فقتلها وأخذ الرأس، فعجل الله بروحها إلى الجنة في جوار سيدة النساء (عليها السلام).
وعند ما خرج المختار بعث معاذ بن هانئ وأبا عمرة إلى دار خولي بن يزيد الأصبحي الذي حمل رأس الحسين (عليه السلام) إلى ابن زياد، فأتوا داره، فاستخفى في المخرج فدخلوا عليه فوجدوه قد أكب على نفسه قوصرة.
فأخذوه وخرجوا به يريدون المختار.
فتلقاهم في ركب فردوه إلى داره وقتله عندها ثم اُحرق.
وفي رواية: قالت زينب (عليها السلام) بنت أمير المؤمنين (عليه السلام): كنت في ذلك الوقت الذي قتل فيه أخي الحسين (عليه السلام) واقفة في الخيمة، إذ دخل رجل أزرق العينين هو الخولي فأخذ ما كان في الخيمة، ونظر إلى علي بن الحسين (عليه السلام) وهو على نطع من الأديم وكان (عليه السلام) مريضاً فجذب النطع من تحته ورماه إلى الأرض، فما مضت الأيام حتى ظهر المختار يطلب بثأر الحسين (عليه السلام) في الكوفة فوقع ذلك الرجل بيده وهو خولي، فلما وقف بين يديه قال له: ما صنعت يوم كربلاء؟
قال: أتيت إلى علي بن الحسين (عليه السلام) فأخذت نطعاً من تحته، وأخذت قناع زينب (عليها السلام) بنت علي (عليه السلام) وقرطيها.
فبكى المختار وقال: فما قالت لك؟
قال: قالت: قطع الله يديك ورجليك وأحرقك الله بنار الدنيا قبل نار الآخرة.
قال المختار: فوالله لأجيبن دعوة الطاهرة المظلومة (عليها السلام) .. ثم قدمه وقطع يديه ورجليه، ثم اُحرق بالنار.
راشد بن اياس
من جملة ما جرى في وقعة نهر الخازر أنه جاء ابراهيم بن الأشتر(رحمه الله)، فلقي راشد بن أياس ومعه أربعة آلاف فارس.
فقال إبراهيم لأصحابه: لا يهولنكم كثرتهم، فلرب فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين.
فاشتد قتالهم.
وبصر خزيمة بن نصر العبسي براشد وحمل عليه، فطعنه فقتله.
ثم نادى خزيمة: قتلت راشداً ورب الكعبة..
فانهزم القوم وانكسروا واجفلوا اجفال النعام.
ربيعة بن مخارق
ومما جرى أيضاً في معركة نهر الخازر، انه أمر إبراهيم بن الأشتر (رحمه الله) برأس ربيعة ابن مخارق الغنوي ورؤوس أشباههم من رؤساء أهل الشام فقورت ونقضت وكتبت الرقاع بأسماء أصحابها وبعث بها إلى المختار.
الرحيل بن خيثمة
لما هجم القوم يوم عاشوراء على سيد الشهداء (صلوات الله تعالى عليه) وسلبوا ما كان عنده (عليه السلام)، أخذ القوس والحلل الرحيل بن خيثمة الجعفي وهاني بن شبيب الحضرمي وجرير بن مسعود الحضرمي...
فقتلهم المختار ثم اُحرقوا بالنار.
رشيد
ومما جرى في معركة نهر الخازر: بصُر عبد الرحمن بن الحصين برشيد قاتل هانئ بن عروة وهو مع عبيد الله بن زياد.
فقال الناس: هذا قاتل هانئ بن عروة.
فقال ابن عبد الرحمن بن الحصين: قتلني الله إن لم أقتله أو أقتل دونه.. فحمل عليه بالرمح فطعنه فقتله.
رقاد
كان رقاد من جملة قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) فبعث المختار إليه وإلى ثلاثة كانوا معه، عبد الله بن كامل.
فجاء بهم إليه، فقال لهم المختار: يا قتلة سيد شباب أهل الجنة ألا ترون الله قد أقاد منكم؟ فقد أصاركم الورس إلى يوم نحس، وكانوا قد نهبوا الورس الذي مع الحسين (عليه السلام) ثم أمر بهم أن يخرجوا إلى السوق وتضرب أعناقهم.
زحر بن قيس
وسبق زحر بن قيس برأس الإمام الحسين (عليه السلام) إلى دمشق حتى دخل على يزيد.. فلم يصله بشيء.
زياد
كان زياد من جملة قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) فبعث المختار إليه وإلى ثلاثة كانوا معه، عبد الله بن كامل.
فجاء بهم إليه، فقال لهم المختار: يا قتلة سيد شباب أهل الجنة ألا ترون الله قد أقاد منكم؟ فقد أصاركم الورس إلى يوم نحس، وكانوا قد نهبوا الورس الذي مع الحسين (عليه السلام) ثم أمر بهم أن يخرجوا إلى السوق وتضرب أعناقهم.
زيد بن رقاد
زيد بن رقاد هو الذي رمى عبد الله بن مسلم بن عقيل، وكان يقول: لقد رميت فتى منهم بسهم وانه لواضع كفه على جبهته يتقي النبل فأثبت كفه في جبهته، فما استطاع أن يزيل كفه عن جبهته! وإنه قال: اللهم انهم استقلونا واستذلونا، اللهم فاقتلهم كما قتلونا واذلهم كما استذلونا.
ثم إنه رمى الغلام بسهم آخر، فقتله.
فكان يقول: جئته ميتاً، فلم أزل انضنض السهم من جبهته حتى نزعته وبقي النصل مثبتاً في جبهته ما قدرت على نزعه.
فبعث المختار خلفه عبد الله بن كامل الشاكري، فلما أتى داره أحاط بها واقتحم الرجال عليه، فخرج مصلتاً سيفه.
فقال ابن كامل: ارموه بالنبل وارجموه بالحجارة.
ففعلوا به ذلك حتى سقط وبه رمق ثم قتله عبد الله.
سنان بن أنس الأيادي
وأقبل سنان بن أنس الأيادي حتى أدخل رأس الحسين بن علي(عليهما السلام) على عبيد الله بن زياد وهو يقول:
املأ ركابي فضة وذهبا***أنا قتلت الملك المحجبا
قتلت خير الناس أماً وأباً***وخيرهم إذ ينسبون نسباً
فقال له عبيد الله بن زياد: ويحك فإن علمت أنه خير الناس أباً وأماً لم قتلته إذن؟!
فأمر به، فضربت عنقه وعجل الله بروحه إلى النار.
سنان بن أنس النخعي
لما خرج المختار (رحمه الله) على قتلة سيد الشهداء (عليه السلام) أسر جماعة كان سنان بن أنس النخعي من جملتهم، فقال له: يا ويلك صدقني، ما فعلت يوم الطف؟!
قال: ما فعلت شيئاً غير إني أخذت تكة الحسين من سرواله..
فبكى المختار وقتله، ثم اُحرق بالنار.
سنان بن أنس
في يوم عاشوراء نزل سنان بن أنس (عليه اللعنة) إلى الإمام الحسين (عليه السلام) فضربه بالسيف في حلقه الشريف وهو يقول: والله إني لأحتز رأسك واعلم انك ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخير الناس أباً وأماً، ثم احتز رأسه الشريف.
وقد هرب سنان إلى البصرة، فهدم المختار داره، وأرسل إليه من أخذه وجاء به، فأخذه المختار فقتله.
وروي أنه قبل ذاك قد اعتقل لسانه وذهب عقله، فكان يحدث ويأكل عذرته.
شبث بن ربعي
لما خرج إبراهيم بن مالك الأشتر (رحمه الله) للانتقام من قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) وسلطه الله على شبث، قال لشبث: أصدقني ما فعلت يوم الطف؟
قال: ضربت وجهه الشريف بالسيف.
فقال إبراهيم له: يا ويلك ما خفت من الله ولا من جده رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟!
ثم قطع إبراهيم رأسه، وأحرقوا جثته بالنار.
شرحبيل
أمر المختار بإحضار من كان في واقعة نهر الخازر من الأسارى الذين أصابهم ابراهيم الأشتر (رحمه الله) وكان فيهم جماعة ممن كان المختار في طلبهم، منهم: شرحبيل فإنه كان قد ضرب الحسين (عليه السلام) على عارضه يوم كربلاء من خلفه.
فقال المختار له: الحمد لله الذي أمكنني منك.
فأمر به فقتل، ثم أحرق بالنار.
طارق
استدعى ابن زياد (عليه اللعنة) بحجام يقال له: طارق فأمر أن يقور الرأس الشريف ويخرج دماغه وما حول الدماغ من اللحم.
فهم الحجام بقطع اللحم الذي حول الرأس فيبست يداه وورمت عليه وانتفخت ووقعت فيها الآكلة فقطعت يداه ومات فيها..
وكان له ولد يعيّرون به بعد ذلك.
وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ
وللحديث بقيه