الادب الرياضى سر تفوقهم
==================
لا بد انك في يوم ما شاهدت مباراة لفريق في الدوري الانكليزي او الاسباني او الايطالي او اي دولة متقدمة كرويا لتتعرف الى حجم الهوة بيننا وبينهم، حتى في اللعب واقصد ان هناك شيئا ما زال الكثيرون منا يسخرون منه وهو تشجيع الفرق الرياضية والذهاب وراءها ايا كان بعد المسافة ومشقة الطريق.
وانت حين تشاهد احدى المباريات الأوروبية تشعر بان كل شيء مدروس، كما قال عادل امام، ولكن هناك فرقا بيننا وبينهم في تطبيق هذه المقولة الشهيرة فكل شيء مدروس لدينا ولكن بالفهلوة والمحسوبية والتلميع الاعلامي للمسؤولين من حين الى آخر والشاطر اللي يطلع اسرع بيان وتصريح قبل الآخرين والامثلة كثيرة ولا تنتهي.
ومن ابسط الفروقات الشاسعة بيننا وبينهم هي انك لا تستطيع شراء تذكرة المباراة الا قبل اقامتها بايام معدودة، وذلك ببساطة لأن جدول المباريات مثل الطقس لا يثبت على حال حتى ولو اعلنت هيئة الارصاد الجوية اعتمادها على احدث الاجهزة في رصد المتغيرات المناخية فلن يصدقها احد لان مقالبها كثيرة، والناس شربوا المر من تصديق كلام هؤلاء.
ولدينا ملاعب ايضا مثلهم ولكن الفرق بيننا وبينهم ان ملاعبهم مفتوحة على الجماهير، واللاعب يستطيع معانقة الجماهير بعد احراز الهدف بكل احترام ودون تعرضه للعناق بل يكتفي الجميع بالاشارة للتحية او السلام باليد وكلها تنم عن رقي في الفكر في التعامل مع الاحداث، اما ملاعبنا فهي مثل الزنازين.. وسياج وأسوار عالية واسلاك شائكة تحول بين قلة من الجماهير المتهورة وبين الملعب بكل من فيه من لاعبين وحكام واجهزة فنية، ولو حدث وتسلق احد من المشجعين المتهورين إياهم كل تلك الحواجز لحدث هرج ومرج ولنادت بقية الجماهير على الشرطة لتتركه لانها تعرف ان مصيره اسود وليلته مش هتعدي على خير نتيجة حماقة ما قام به، ناهيك عن تجاهل اتحاد الكرة لتطبيق اي نوع من الغرامات على النادي الذي ينتمي اليه هذا المتهور.
اما ارضية الملاعب فحدث ولا حرج فأنت تشعر بأن ملاعبهم مصنوعة ومغزولة بالسنتيمتر على يد فنان ماهر يعرف اصول الصنعة، ولم يترك وراءه هفوة، او تأخذه غفوة اثناء عمله.
ورغم ان كثيرين لدينا يتحدثون الانكليزية والايطالية والاسبانية وكل لغات العالم، فاننا مازلنا لم نفهم سر تفوق هؤلاء علينا حتى في ممارسة اللعب، فهم يضربون الكرة باقدامهم كما نفعل تماما.. ولكن شتان بين الضربتين فنحن نضرب الكرة بانتقام وخصام كأننا نضربها تحت الحزام، وهم يضربون لتحقيق متعة وتشويق لانفسهم ولجماهيرهم لانه ببساطة هم احبوا الكرة ولم يتكبروا عليها وتواضعوا لمعرفة اسرارها، اما نحن فقد نبحث عن موهبة جاهزة لا نريد صناعتها ونسينا ان كل شيء اصبح صناعيا، بل واحيانا يتفوق على الموهبة.. لأن العلم نور..
