معنى التحريف
التحريف لغةً :
تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ الله عَلَى حَرْفٍ) . (الحج 22: 11) قال الزمخشري : أي على
طرفٍ من الدين لافي وسطه وقلبه ، وهذا مثلٌ لكونهم على قلقٍ واضطرابٍ في دينهم ، لاعلى
سكونٍ وطمأنينة .
التحريف اصطلاحاً :
أمّا التحريف في الاِصطلاح فله معانٍ كثيرة :
بتوقيف أو باجتهاد ، فلا خلاف في وقوعه ، إذ كم من آية مكّية بين آيات مدنيّة ، وبالعكس .
مخالفتها للمشهور من تفسيره ، وهذا النوع واقع في القرآن ، وذلك عن طريق تأويله من غير علم
، وهو محرّم بالاِجماع
لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : « من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار « وهو من
التفسير بالرأي المنهي عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « من فسَّر القرآن برأيه
وأصاب الحق فقد أخطأ . وهذا المعنى منحدر عن الاَصل اللغوي لتحريف الكلام .
كقراءة قوله تعالى : ( وَامْسَحُواْ بِرُؤُسِكُمْ وَأرْجُلَكُمْ) (3)بكسر لفظة الاَرجل ونصبها ، وغيرها ممّا
لم يخالف أُصول العربية وقراءة جمهور المسلمين ، وورد به أثر صحيح .
ب ـ تحريف الكلمات ، وهو إمَّا أن يكون في أصل المصحف ، وهو باطل بالاِجماع ، وإمَّا أن تكون
زيادة لغرض الاِيضاح لما عساه يشكل في فهم المراد من اللفظ ، وهو جائز بالاتفاق .
ليس من الكلام المنزل ، والتحريف بهذا المعنى باطلٌ بإجماع المسلمين ، بل هو ممّا عُلِم بطلانه
بالضرورة ، لاَنّه يعني أنّ بعض م
ابين الدفّتين ليس من القرآن ، ممّا ينافي آيات التحدّي والاعجاز ،
كقوله تعالى : ( قُل لئنِ اجتَمَعَتِ الاِنسُ والجِنُّ عَلَى أن يأتُوا بمِثْلِ هَذا القُرْآنِ لا يأتُونَ
بِمِثْلِهِ وَلوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ) (1)(لإسراء17: 88).
الذي نزل من السماء ، بأنْ يكون قد ضاع بعض القرآن على الناس إمّا عمداً ، أو نسياناً ، وقد يكون
هذا البعض كلمةً أو آية أو سورة
، والتحريف بهذا المعنى هو موضوع البحث حيثُ ادّعى البعض
وقوعه في القرآن الكريم استناداً إلى أحاديث هي بمجملها إمّا ضعيفة سنداً ، أو مؤولة بوجهٍ
يُخْرِجها عن إفادة ذلك ، وإلاّ فهي أحاديثٌ وأخبارٌ مدسوسةٌ وباطلةٌ ، قد أعرض عنها محققو
المسلمين على مرّ العصور ، على ما سيأتي بيانه في ثنايا هذا البحث .
يتبع