السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلي على محمد آل محمد
القرآن ربيع القلوب
حث الإمام الباقر (عليه السلام) المؤمنين على تلاوة القرآن، لأنه المنبع الأصيل والدستور الدائم لهداية الناس واستقامتهم في حياتهم الفردية والاجتماعية. فالقرآن يحيي القلوب بنوره. ويمد قارئه بطاقات من الوعي ونشاط البصيرة إلى حد بعيد.
وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل قراءة القرآن. كتاب الله الذي وصف رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال:
(فإن هذا القرآن حبل الله المتين فيه إقامة العدل، وينابيع العلم، وربيع القلوب).
وحبل الله المتين طرف منه بيد الله عز وجل والطرف الآخر بيد العترة الطاهرة أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) وبذلك يصبح القرآن عصمة للمعتصمين، ونوراً للمستضيئين.
والقرآن ينابيع العلم: لأنه يبين للناس أبواب العلم وطرقه، ويفقه من اكمته وقد شبهه بينابيع العلم المتفجرة، وعيونه المستنبطة ولأن العلم يحي العليل بعد الشك المحير، كما يبدو الماء الغلة بعد العطش المبرِّح.
والقرآن ربيع القلوب: فالقلوب الواعية هي بمنزلة الربيع للإبل الداعية لأن القلوب تنتفع بتدبر القرآن وتأمله، كما تنتفع الإبل بتحمض الربيع وتنقله. فهذا غذاء للأرواح وذلك غذاء للأجسام. لذلك دعا الإمام (عليه السلام) إلى تلاوة القرآن فروي (عليه السلام) ما قاله جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) في فضل تلاوته.
فالأوصياء بلاشك هم الذي عندهم علم الكتاب، ظاهره وباطنه، وقد تضامرت الأدلة بوجوب الرجوع إليهم في تفسير القرآن.
وقد روي الكثير من تفاسير الإمام الباقر (عليه السلام). ونرد هنا بعض الآيات التبين فيها أسلوب الإمام في تناوله للآيات:
قال تعالى: (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلما).
قال (عليه السلام): الغرفة: هي الجنة وهي جزاء لهم بما صبروا على الفقر في الدنيا.
وقال تعالى: (ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى).
سئل الإمام (عليه السلام) عن غضب الله؟ فقال: طرده وعقابه.
وقال تعالى: (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى).
وقد فسر (عليه السلام) الهداية بالولاية لأهل البيت (عليهم السلام) وقال: فو الله لو أن رجلاً عبد الله ما بين الركن والمقام. ولم يجيء بولايتنا إلا كبه الله في النار على وجهه.
وقد قال تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك).
قال: يعني بذلك تبليغ ما أنزل إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) في فضل علي. وقد روى (عليه السلام) أن الله عز وجل أوحي إلى نبيه ان يستخلف علياً فكان يخاف ان يشق على جماعة من أصحابه فانزل الله تعالى هذه الآية تشجيعاً له على القيام بما أمره الله بأدائه.
وقال تعالى: (وأن لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماءً غدقا).
قال (عليه السلام): يعني لو استقاموا على ولاية أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب) والأوصياء من ولده، وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم لاسقيناهم ماءً غدقاً يعني أشربنا قلوبهم الإيمان. والطريقة: هي الإيمان بولاية علي والأوصياء.
وقال تعالى: (بل هو آيات بينات في صدور الذين آوتوا العلم).
قال (عليه السلام): عن (الذين أوتوا العلم) فقال: هم أئمة أهل البيت (عليه السلام).
وروى أبو بصير أن الإمام (عليه السلام) قرأ هذه الآية واومأ إلى صدره.
وقال تعالى: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير).
فقال (عليه السلام): الظالم لنفسه: الذي لا يعرف الإمام. والمقتصد العارف الإمام والسابق بالخيرات: الإمام.
لذلك ذم الإمام أبو جعفر (عليه السلام) المحرفين لكتاب الله، وهم الذين يؤولون آيات الله حسب أهوائهم، فقد كتب (عليه السلام) في رسالته إلى سعد الخير: (وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده، فهم يرونه ولا يرعونه، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية).
http://14masom.com/aalam/08/03.htm
