بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف المخلوقات ابو القاسم محمد وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين
القسوة
للانسان قوتان قوة العقل والفكر وقوة العاطفة الإنسانية، الجهاز الذي يستطيع الإنسان من خلاله فهم الحقائق يقال له
عقل، وكل ما يدركه الإنسان ويفهمه يتم من خلال عقله.
أمّا العاطفة فهي القوة التي يتمكن الإنسان من خلالها ادراك القضايا الاخلاقية مثل الحب والبغض، فنحن مثلا نتأثر من
جراء سماعنا للمجازر الجماعية التي ترتكب من قبل اناس فقدوا العاطفة في الدولة المسلمة (الجزائر). أو نتأثر بالاوضاع
المتأزمة لافغانستان الذي ابتلي بحب وبغض بعض الزعماء الانانيين.
إنّ هذه الاحاسيس تتعلق بقوة العاطفة الإنسانية، والشعوب الانسانية حية ما دامت عواطفها حية، وفي الحقيقة ان موت
هذه العواطف يعني موت المجتمعات البشرية.
تباً للإنسان في اليوم الذي تموت فيه عواطفه حباً للدنيا; فإنّه يصبح انذاك انساناً خطراً اخطر من الحيوان المفترس والوحشي!
من الذي صنع القنابل الكيمياوية؟ العلماء الذين فقدوا عواطفهم حباً للدنيا، اولئك الذين اشتروا العواطف الانسانية
بالدولارات وغضوا اطرافهم عن الذين قتلوا في حلبجة! من هم الذين قصفوا مدينتي هيروشيما وناكازاكي وقتلوا فيهما
مئات الالاف بالقنابل النووية في لحظة.
انهم العلماء الذين ماتت عندهم العواطف والذين لم يأثروا من الإنسانية شيئاً، والذين يرون اللذة في تدمير الاخرين! من
هم الذين زرعوا اكثر من عشرين مليون لغم من النوع المضاد للافراد على سطح الكرة الارضية؟ هم اولئك الذين اتسموا
بصفات حيوانية ولم يأثروا من الانسانية الا اسمها وما كان لهم نصيب من العواطف الإنسانية.
اختلاف الإنسان عن الحيوان في أنَّ الاول يتمتع بالعقل والعاطفة، أو بتعبير آخر يمكنه الادراك والشعور، أمّا الحيوان
فانه يفقد هذين الامتيازين. ورغم أنَّ بعض الحيوانات تحضى بذكاء واحساس ضعيفين وفي بعضها نرى نوعاً خاصاً من
العاطفة البسيطة، كدفاع الدجاجة عن افراخها عند الاحساس بالخطر، فإنَّ هذا لا يعد شيئاً بالنسبة للعاطفة الإنسانية،
بل إنَّ بعض الحيوانات تأكل أفراخها وبعضها الاخر تطرد افراخها عند البلوغ.
إن الإنسان إذا فقد عقله عُدَّ احمقاً ولا يستحق اطلاق الإنسان عليه، أمّا إذا فقد العاطفة فسوف لا يرى معنى للترحم
والمروة والحب والعشق، فهو حينئذ بهيمة بل أسوأ حالا.
الدين أو المذهب هو اهم عامل يقوي العاطفة الانسانية; وذلك لأن الدين عُرّف في الروايات (بالحب والبغض) أي محبة المسلمين وبغض الكافرين
جاء في رواية عن الصادق(عليه السلام) يسأله فضيل بن يسار عن الحب والبغض، أمن الايمان هو؟ فقال: «وهل الايمان
الا الحب والبغض»؟!(2) ونقرأ في رواية أخرى أن رسول الله(صلى الله عليه وآله)قبّل الحسن والحسين(عليهما السلام)
فقال الاقرع بن حابس: إنَّ لي عشرة من الاولاد ما قبلت واحداً منهم.
فقال: «ما علي ان نزع الله الرحمة منك».
القلب الذي يخلو من الحب ليس قلباً بل قطعة من الحجر، وليس اهلا لاستقبال نعم الجنة، بل اهل لعقوبة جهنم.