بسم الله الرحمن الرحيماخواني واخواتي ابنائي وبناتي جميعاالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتهكنت اطالع كتاب (التكامل في الاسلام ) بقلم . .( أحمد أمين )ووجدت هاذا الموضوع وقد شدني وقرأته وتمعنت به فوجدته مفيد وفيه عبر كثيرةوقد طبعته لكي انقله لكم ( وارجوا ان تعذروني اذا وجدتم بعض الاخطاء )
لماذا ابكي حسينا (ع)
ما هذا الحزن الذي يحيط بالعالم الاسلامي عند هلال محرم الحرام ؟ ما هذا الأسى الذي يتداخل كل مسلم في هذه الايام ؟ ما هذا الوجوم الذي يعم الأفاق ؟ لماذا هذه المآتم وهذه المجالس المتعددات في شرق العالم وغربه لماذا تغلق الماجوس حوانيتها ثلاثة ايام في هذا الشهر ؟ لماذا اتباع براهما بوترا في الهند يقيمون المآتم ويبذلون وينفقون ؟لماذا تصرف الاف الدنانير لاطعام الفقراء والمساكين في هذه الايام ؟
ذلك لان حدثا عظيما يهز العالم هزا، ذلك لان الفضيلة تصطدم بالرذيلة فيكون من نصيبها الخفوق أولا ثم الفتح والانتصار ذلك لأن الضلال يريد أن يعود فيأتيه( الحسين عليه السلام) بنفسه ونفيسه فيقمعه قمعا ذلك لأن الجاهلية الجهلاء تريد أن تبرز من جديد فيقابلها السبط بما عز لديه بطفله وولده وسبي رحله وذراريه ذلك لأن الشرك يريد أن يخرج من قرن الشيطان فتتداركه رحمة الله الواسعة ( حسين عليه السلام) فيمحقه محقا بأخبية تحرق وستور تهتك وثغور تقرع . كيف لا يهتز العالم لهذا الحدث العظيم وان حياته فيه : ألا وهي الخلود في نعيم أبدي بتطهير النفس من الدنس والرجس وبعبادة الرحمن : ذلك الذي خلق الانسان لأجله . كيف لا يضطرب العالم شكرا وتقديرا ، فأنه لولا هذا الحدث الجلل لكان مستغرقا في عبادة الشمس واللات والعزى فلو بذل العالم كل ما فيه من مال وذاب حزنا وأسى وكآبة وسال دموعا لما وفى حقا من حقوق محيي الشريعة ومجددها
(اعني الامام الحسين عليه السلام )
ما هذا البكاء ؟ انما هو زفرات يزفرها الانسان مصحوبة بالدموع بصورة غير اختيارية اعترافا بعظمة
( الحسين عليه السلام) وتقديرالأعماله الجبارة الخالدة . انما هو مظهر من مظاهر الحب والولاء . انما هو امارة من امارات العشق والوداد .
وقد جاء في الحديث : "هل الدين الا الحب والبغض ؟)
نسمع كثيرا ان كبار الرجال من سياسيين عظام الذين لم يسمع أنهم بكوا لحادثة ، يذكرون في تاريخ حياتهم أنهم بكوا مرتين أو ثلاثة طيلة حياتهم أما على ام لهم توفيت أو اب خطفه ريب المنون . كل ذلك لحب يتجلى فيسيل دموعا ساخنات .( وحسين عليه السلام ) والله قد خدم البشرية اضعاف ما يخدم الوالد ولده والوالدة ولدها .لأنه احيا نفوس العالم الضالة وأخرجها من الحيرة الى نور الهداية وهداهم سواء السبيل
لقد حضرت في احدى العواصم حفلة رائعة لتخليد ذكرى الكيميائي الشهير : برثلو (berthelot)
وأن أكثر مدن العالم قد احتفلت في نفس اليوم بذكرى هذا الكيميائي الذي خدم العالم خدمات مادية تفيد البدن خاصة وما هي نسبة احياء النفس الانسانية بصورة أبدية الى خدمة بدنية يقدمها الكيميائي مع تقديرنا لخدمته
ان الشرع الاسلامي قد نهى عن البكاء لأمور تافهة دنيوية وأمر بالصبر وجعل البكاء مبطلا للصلاة واستثنى البكاء أثناء الصلاة خوفا من الله تعالى أو حبا( للحسين السبط عليه السلام ) ولذلك يقول صلوات الله عليه :
(أنا قتيل العبرة لايذكرني مؤمن الا استعبر ) فالبكاء على (الحسين عليه السلام ) من علامات الايمان الواقعي الحقيقي .كان الامام الصادق عليه السلام يقول ( الحسين عليه السلام ) "عبرة كل مؤمن "
ليس البكاء على امحاء الفضيلة يبعث على الذل والمسكنة كما يضنه البعض .فان النفوس لتصدأ كما يصدأ النحاس ، ولا يزيل هذا الصدأ الا البكاء من خشية الخالق والبكاء على ملتقى الفضائل ومجمع التضحيات
(الحسين عليه السلام )
كان صديق لي من الافاضل في النجف الاشرف يقول لي " اني أشعر أن نفسي تصدأ ان لم أحضر مجلس
( الحسين عليه السلام ) في كل اسبوع مرة فأبكي ، فاذا بكيت أشعر بعد البكاء بارتياح وفرح وسرور واطمئنان وترفع عن العالم المادي " فالميزة الفارقة بين البكاء الباعث على الذل والهوان هو ذلك البكاء الذي يتعقبه حزن وكآبةوظلمات ، ولكن البكاء من عقاب الخالق أو البكاء للندم الحاصل من جراء ما اقترفت يداه من الذنوب يريح النفس ويبعث على السرور والفرح وكل من جرب ذلك يصدقني فيما اقول
ولقد شاهدت أناسا كثيرين يبكون ( حسينا عليه السلام ) باخلاص لا تأخذهم في الله لومة لائم جربتهم وسبرتهم فرأيتهم من خيار الناس وابرارهم . فكان هذا البكاء الخالص لو كان معرفة يؤثر في النفس فيهديها سواء السبيل ، فتبدو آثار هذه الهداية في الافعال والمعاملات . أليست التجربة مدار البحث في علم النفس الحديث أو بالحرى في علم مظاهر النفس . أليس أكثر مقتبسات علم النفس الحديث تتم بطريقة آنكت (enquete ) أي السؤال والتتبع والفحص عن نفسيات ثلة من الناس . وقد وجدت الذين لا يرتضون البكاء على (الحسين عليه السلام ) أقل عطفا وحنانا من الطبقة الأولى المارة الذكر . فأني أرى أن الانسان الكامل أن يحزن ويبكي لهذا الحادث العظيم الذي به تجلى الدين وبه عرف الله وبه عبد . كيف لا ويزيد يقول متمثلا بقول :: ابن الزعبري :
"لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزللست من خندق ان لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل
فهذا البكاء بكاء للدين ولله تعالى وهذه الدموع يتجلى فيها التقدير والشكر والثناء ، ومن تتبع أدوار هذا البكاء الحسيني علم كيف يأخذ بالأنسان فيجعله في واد كله صفاء وكله نور ....ولا يسع المجال أن أنقل مقالا اضافيا طالعته في مجلة الكلية التي تصدر ببيروت عن فوائد البكاء المادية وكيف يفيد العين وكيف يكون سببا لقتل كثير من الجراثيم التي تصاب بها العين . ذلك لأ كل ما جاء في الشرع المحمدي من أعمال لها فوائد روحية تؤدي الى كمال النفس الانسانية وفوائد مادية تفيد الحياة المادية والاجتماعية
ثم اليس عظماء الدين كانوا غزيري الدمعة مع بسالتهم وشجاعتهم وقيامهم بأعمال خارقة . هذا علي عليه السلام ، " يصفه ضرار بن ضمرة : ( كان والله غزير الدمعة ...الى ان قال : لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه ، قابضا على لحيته الشريفة يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ....ألخ
ليس البكاء على الفقيد ببدعة والأدلة على ذلك كثيرة : منها الاصل العملي يقتضي اباحة البكاء على الفقيد ورثاءه بالقريض وتلاوة مناقبه ومصائبه والجلوس حزنا عليه والانفاق عنه في وجوه البر
ويستفاد من الادلة اللفظية والسيرة القطعية والأصل العملي استحباب البكاء اذا كان الفقيد مستجمعا لصفات الفضل أو مضحيا نفسه في سبيل احياء الفضيلة ، كي يتأسى به الاخرون ويقتدي به الباقون فتنمو الفضيلة وتستأصل الرذيلة . ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بكى يوم أحد على عمه حمزة حتى قال ابن البر في ترجمته : " لما رأى النبي (ص) حمزة قتيلا بكى ، فلما رأى ما مثل به شهق " (وذكر الواقدي أن النبي (ص) كان يومئذ اذا بكت صفية يبكي ، واذا نشجت يشنج قال : وجعلت فاطمة (ع) تبكي فلما بكت بكى رسول الله (ص)
وقد اخرج البخاري : ان النبي بكى على جعفر وزيد وقال : "اخواي مؤنساي ومحدثاي "...وقد بكى الرسول (ص) يوم مات ولده ابراهيم كما في الجزء الاول في صحيح البخاري صفحة : 148 . فقال له عبد الرحمن بن عوف : وأنت يارسول الله (ص) ؟ فقال " ان العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول الا ما يرضي ربنا وأنا بفراقك يا ابراهيم لمحزونون "
ومنها يوم ماتت احدى بناته (ص) فجلس على قبرها كما في صحيح البخاري وعيناه تدمعان . ومنها يوم مات صبي لاحدى بناته اذ فاضت عيناه يومئذ _ كما في صحيح البخاري وصحيح مسلم _ فقال له سعد : ما هذا يارسول الله (ص) ؟ قال : "هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وانما يرحم الله من عباده الرحماء
وقد ذكر ابن عبد البر في استيعابه ما لفضه : دخلت فاطمة (ع) وهي تبكي وتقول واعماه. فقال رسول الله (ص) : " على مثل جعفر فلتبك البواكي " وان اهل المدينة الطيبة لا يزالون الى الان اذا ناحوا على ميت بدأوا بالنياحة على حمزة . وما ذلك الا مواساة لرسول الله (ص) بمصيبته في عمه وأداء لحق تلك الكلمة التي قالها في البعث على البكاء عليه وهو قوله (ص) "لكن حمزة لا بواكي له "
وأخرج ابن سعد كما في الفصل الثالث من الباب الحادي عشر من الصواعق المحرقة لابن حجر عن الشعبي قال: مر علي (عليه السلام ) بكربلاء عند مسيره الى صفين وحاذى نينوى فوقف وسأل عن اسم الارض فقيل كربلاء .فبكى (ع) حتى بل الارض من دموعه . ثم قال (ع) "دخلت على رسول الله (ص) وهو يبكي فقلت ما يبكيك (بابي انت وامي )؟ قال (ص) " كان عندي جبرائيل آنفا ، واخبرني أن ولدي(الحسين عليه السلام ) يقتل بشاطىء الفرات بموضع يقال له كربلاء "
واخرج الملا (كما في الصواعق ايضا ) أن عليا (ع) مر بموضع قبر( الحسين عليه السلام ) فقال : " ها هنا مناخ ركابهم وها هنا موضع رحالهم وها هنا مهراق دمائهم .فتية من آل محمد (ص) يقتلون بهذه العرصة تبكي عليهم السماء والارض "
ومن حديث أم سلمة كما نص عليه ابن عبد ربه المالكي جيث ذكر مقتل (الحسين عليه السلام ) في الجزء الثاني من العقد الفريد. قالت " كان عندي النبي (ص) ومعي (الحسين عليه السلام ) ، فدنا من النبي (ص) فأخذته ، فبكى ، فتركته فدنا منه ، فأخذته فبكى ، فتركته .فقال له جبرائيل أتحبه يامحمد ؟ (ص) قال : ان امتك ستقتله وان شئت أريك الأرض التي يقتل بها فبكى النبي صلى الله عليه وآله وسلم
فالى تعضيم الشعائر والى احياء وتقوية الدين بتخليد اسم من خلد الدين وأحياه وأعني به(حسين الفضيلة وحسين الأباء أدعوا اخواني المسلمين)منقولعن كتاب ( التكامل في الاسلام )تأليف أحمد أمين
