بتول تتغلب على حروق غطت جسمها وتعود إلى المدرسة بـ«إصرار وعزيمة»
بواسطة
نشر في 01-16-2010 12:48 AM
لم تستعد بتول بعد رحلة علاجية طويلة في فرنسا، أجزاءً من بشرتها التي أخفتها حروق ألمت بها قبل أعوام، بل استعادت أيضاً، ثقتها في نفسها، التي مكنتها من الاختلاط في المجتمع،
دون خوف من التعليقات والنظرات الغريبة التي كانت مصوبة عليها. قبل 11 عاماً، رافقت بتول والدتها، إلى إحدى حفلات الزفاف في بلدتها القديح (محافظة القطيف). ولم يخطر في بالهما حينها أن العرس هو بداية «مأساتهم».
خرجت بتول، التي أكملت حينها عامها الخامس، وهي أصغر أشقائها، يتيمة من ذلك العرس، بعد ان فقدت فيه والدتها، إضافة إلى حروق من الدرجة الثالثة، وبنسبة 70 في المئة.
بعد عودتها من فرنسا، رفضت بتول الحديث إلى «الحياة»، فتكلمت نيابة عنها شقيقتها الكبرى، التي قالت: «بتول متكتمة جداً، ولا تشتكي، ولا تتحدث عن وضعها مطلقاً، إلا بعد إلحاحنا في السؤال، فقد عانت كثيراً على مدى 11 عاماً، فإضافة إلى الحروق التي خلفت فيها أثراً نفسياً وجسدياً، فقدت والدتها، وهي في سن أحوج ما تكون فيه إلى حنان الأم، ما جعلها قليلة الكلام»، مضيفة «كان الوضع صعباً جداً علينا جميعاً، فقدان أمنا من جهة، وما حدث لبتول من جهة أخرى». وأضافت «كان وضعها مأساوياً، فقد تضرر نصف رأسها لا يوجد به شعر، ويد متضررة بالكامل، إضافة إلى الوجه والظهر». أدخلت الطفلة بداية إلى المستشفى العسكري، الذي بقيت فيه فترة تصل إلى ثمانية أشهر، وكان يتضح على وجهها علامات النقص في النمو، فلم تكن ترغب في الخروج من المنزل، ولا تحبذ رؤية الفتيات من سنها، ما أدى إلى تأجيل دراستها سنة كاملة، نتيجة رفضها الاختلاط مع زميلاتها. وتقول أختها «حاولنا إقناعها بدخول المدرسة، وبالتعاون مع مديرة المدرسة، وافقت على ذلك، إلا أننا واجهنا صعوبات عدة، فباعتبار زميلاتها في المدرسة صغيرات في السن، لم يتقبلنها بينهن. وزاد الأمر عن ذلك، فحتى بعض الأمهات طالبن المديرة بإخراج بتول من المدرسة، لأن زميلاتها يخفن منها. إلا أن مديرة المدرسة وقفت وقفة لا تنسى، فرفضت طلب الأمهات، ووبختهن. وأكدت لهن على ضرورة شرح حال بتول لزميلاتها».
ويتسلم هشام شقيقها الأكبر الذي رافقها في رحلتها العلاجية إلى فرنسا، دفة الحديث، قائلاً: «بتول هي الحالة الثانية من بين ضحايا حريق القديح الذين يصل عددهم إلى العشرات، التي تعود من فترة علاج كاملة في فرنسا، ضمن خطة جمعية مضر الخيرية لعلاج المتضررين من الحريق». وأضاف «عدم وجود مرافق لها في البداية، كان يحول دون البدء في علاجها، ولم يكن يوجد أحد غيري للسفر معها. وكنت أعمل في إحدى الشركات الخاصة. وبعد أن قررت الجمعية أن تتوجه بتول للعلاج في الخارج، قدمت طلباً إلى الشركة لأحصل على إجازة لمدة ستة أشهر، ووافقوا عليها، إلا أن إجراءات استخراج تأشيرة السفر تأخرت في السفارة الفرنسية، ما أدى إلى انتهاء الإجازة، فرجعت إلى العمل. وبعد شهرين صدرت التأشيرة. وقدمت طلب إجازة آخر، إلا أنهم رفضوه. ولم يتبق أمامي خيار سوى الاستقالة، للسفر مع بتول». ويكمل هشام «وضع بتول الآن مستقر، ومنذ بداية فترة العلاج التي استمرت عاما ونصف العام، كانت قوية وصلبة. وأكملت دراستها في فرنسا (انتساب) في إحدى المدارس السعودية، وأنهت الصف الثاني المتوسط. وكانت تشغل نفسها بدراستها. وحظيت بدعم وتشجيع صديقاتها ومعلماتها هناك»، مضيفاً «تكلفت الرحلة كاملة مليون ريال، تحملتها جمعية مضر الخيرية. وعندما تبقى مبلغ بسيط، تكاتفت الأسرة وأشخاص من القديح والمشايخ، لجمع المبلغ. وكنت اعتقد أن فتره العلاج ستطول لسنوات، فبعض الحالات تُعالج في أميركا منذ 10 أعوام. ونقل مرافقوهم أعمالهم إلى هناك. إلا أن حال بتول لا تقارن بهم، خصوصاً ان بينهم من يحتاج إلى زراعة أعضاء. أما أختي فكانت العمليات التي أجريت لها عبارة عن تقنية البالون، وزراعة جلد، إضافة إلى عمليات الترقيع وعمليات ليزر، لتليين وتبييض الجلد، وستة أشهر من العلاج الدوائي».
وتعود شقيقها إلى الحديث، قائلة: «هناك فرق كبير بعد عودة بتول من فرنسا. وأكد الأطباء أن نتائج العلاج ستظهر بشكل لافت خلال الأشهر المقبلة»، مضيفة «بعد دراستها في فرنسا، عزمت على إكمال دراستها الآن. وتوجهت إلى المدرسة. وطلبوا ورقة تفيد بإنهائها الصف الثاني المتوسط، من جانب المدرسة في فرنسا. وننتظر إرسالها من طريق الفاكس، فكلها عزيمة وإصرار لإكمال دراستها. وبعد ان أصبح عمرها 16 سنة، قضت ثلثها في المستشفيات».
رسالة إدارية
حدثت الأخطاء التالية عند الإرسال