المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إلى الغيب نسير



شاهزنان
02-03-2004, 06:35 AM
إلى الغيب نسير

إلى الغيب نسير
لـ سامي وناس
مات أبوها منذ زمن غير قصير ولم يورثها سوى اسمه وشقائه وكوخ حقير قائم بين أشجار الحور والطلح، ورحلت أمها ولم تخلف لها سوى دمعة في العين وغصة في القلب .

ظعن أخوها في بلاد الله وتركها وحيدة غريبة غارقة في الأسى والذل، متحسرة على الأيام الخوالي.

دفعها يتمها وفاقتها إلى الرحيل، فهامت على وجهها... ذات يوم اشتد عليها أوار الهجيرة وأحست بغلّة شديدة، لكنها ما وجدت منهل ماء تكرع منه وتشفى به ظمأها.. استندت إلى شجرة باسقة وغطت في نوم عميق، نوم لم تفق منه ألا على مرأى وجه وسيم القسمات ويد ناعمة تداعب خصلاتها الأنعم.

نفضت الدائرة العسجدية خيوطها عن المكان ورجعت قافلة إلى مضجعها السرمدي خلف الجبال... ها هو ذا يسري متجولا بين الأزقة.

فجأة استرعت انتباهه تلك الغادة الحسناء فمن شفتين لمياوين الى أنف شامخ الى عينين زرقاوين كأنهما اليم في هيجانه... غادة أيقظت شعوره العميق الكامن في كيانه. اختلج فؤاده الرقيق وتجرع عقله ذاك الشعور اللطيف مبتدعا صورا من وحي خياله ومشاهد حاكتها رغبته في الأمان، وما لبثت قدماه أن تحركتا متبعتين إياها.

ولجت أزقة وطافت بأخرى وهو يقتفي أثرها، والتعب آخذ منه أي مأخذ، وفي تلك الأزقة القذرة حيث يختمر الهواء العفن الفاسد بأنفاس الهلاك الخانقة، وبين جحافل الدجى المنعطفة المنحنية انحناءات الأفاعي والأصلال السوداء، أذنت الشمس بالمغيب مرسلة آخر دفقات النور والدفء على الأرض، التفّت الأزقة في غلالة سمراء من شفق الغروب وأخذت حياة النهار طريقها الى السكون وسرى في الجو دبيب حياة المساء... اعتادت هذه الأزقة الضيقة المفعمة بالأدران أن تعيش في شبه عزلة عما يحدق بها من مسارب الدنيا، فلها حياتها الخاصة، تضج بها غير عابئة بما يدور حولها، حياة تتصل في أعماقها بجذور الحياة البدائية وتحتوي الى ذلك على قدر وافر من أسرار العالم المنطوي. تهدم بنيان هذه الأزقة مع مرور الزمن وغدوه وصارت أشبه بالأطلال والرسوم .

ظل يتبعها ورجلاه لا تقويان على حمله حتى أتت كوخا قد نالت منه السنون... كوخ لا يدري كيف صمد أمام زمهرير الشتاء وزوابعه وأمام حرارة الصيف وأنواء الخريف، كوخ ما هو بكوخ... أخشاب حقيرة بكماء منخورة من كل زواياها، وضعت عليها ألوان وضروب من خرق وبقايا متآكلة من دثار إنما هي في واقع الأمر أسمال معفرة وأطمار كثياب الشحاذين قد لفقت تلفيقا حتى غلبت الرقع الجديدة على النسيج الأصلي. مهما يكن من أمر الكوخ وحقارته، فقد حانت منها التفاتة فأبصرته، وخفق قلبها الصديع، خفق بقوة وأحست وكأن يدا دافئة تعتصر شغاف فؤادها المحزون برمته. طفح وجهها نورا دون أن تشعر، ثم مالبثت أن تحركت شفتاها الرقيقتان: "ماذا تريد أيها الرجل الغريب عن ديارنا؟...أتمنى أن تحمل إلينا طلعتك البهية الخير وتبعد عنا الشقاء والتعاسة..." تكلمت فانهمر الكلام من فيها وتدفق إلى داخله فشفى غلته وروى مساحات الجفاف في صدره المكلوم، أحس برقتها وعذوبتها وأحس بموجة فرح عارمة تعتريه وتهزأوصاله. نظر إلىعينيها العميقتين بشغف ومحبة وقال صادقا: "لا أروم سوى قلبك ذاك الأبيض" نظرت إليه بما يشبه الإمتنان، ثم تنهدت تنهدة حارة زفرت بها الهواء المكتوم في رئتيها وكأنها تنفض عن نفسها أعباء الحزن والألم. وضعت يدها البضة على وجهها الملائكي كأنها تروم أن تستر ذاتها من أمام الذكرى، وبعد سكينة ممزوجة بالتأوه والأنين سمع صوتها السحري يطرق أذنه فقال والسرور يغمره ويغرقه في ثناياه: "أريدك من كل قلبي... أريدك لأسعد بك وأسعدك...أريدك لي وحدي..."

ظهر وجهها من خلف يدها فرأى وجها غير الذي أيقظ في فؤاده ذاك الشعور الغريب... انقلب الجمال دمامة والعذوبة استحالت مرارة وتحول السرور إلى ألم فقال بجنون: "لا... ما أريدك ولن أريدك أبدا... أنا ما أردتك على هذه الشاكلة قط." انكفأ على وجهه... ادلهمت الدنيا من حوله... انقلب النور ظلمة والضياء غيهبا... تاه بين تلافيف ليل دامس... أحس أن ألما يعتصره... شعر بأنه غدا ورقة جافة في مهب رياح عاتية عصفت به وملأت وجدانه وروحه وحشة. ما كاد ينطق بهذا الكلام، حتى عاد وجهها إلى ما عليه كان... عاد بديعا صبيحا قد غادرته الأسقام، صارت رقيقة وكأنها غصن بان أو كأن البدر صورتها والبدر منير للظلام، غدت وكأنها قضيب من قضب الريحان... نظر إليها مدهوشا وعلى محياه الاستسلام، وقف حيرانا تتآكله النيران، توجع واعتصرته الآلام، بدا وكأنه قد فقد البيان، ما أدرك كنه ما يحيط به وخاله أضغاث أحلام...ما عرف إن كانت حبيبته من الإنس أو الجان، وحسبها لحظة وهما من الأوهام... ظن أنه ظل على حاله تلك عدة أعوام، ذاق فيها من الحزن أصنافا عدة وشتى الألوان، أحس وكأنه سكران دون مدام. رآها منبطحة على سرير، شحبت وامتقع وجهها، اهتزت كما تهتز الأفنان العارية أمام صر الشتاء، أدارت وجهها إلى الحائط، علها تروم أن تختفي به من ظلمة الدنيا ووحشية بشر لا تعيرون اهتماما إلا للجمال الخارجي الزائف، أما البهار الباطني فلا... "أنتم تحبون الدار الدنيا وهي زائلة فانية وتغفلون عن الآخرة وهي سرمدية خالدة، إنما حياتنا حلم وآخرتنا يقظة، نحن نسير في درب لا عودة منه ولا إياب، علينا أن نتحلى أثناء قطعه بالخلق الحميدة والشيم الكريمة، لكنكم لا تهتمون بالقيم والخصال والأفعال الخيرة وتصبون اهتمامكم على الملذات والملاهي وتغرقون في المرح وتعشقون البهرج، أنتم متيمون بالظواهر، أنتم تحتقرون المبادىء الإنسانية والجمال الباطني الذي هو جوهر بني آدم والذي يجعل الإنسان مفضلا عن الحيوان، لقد جبلنا على حب الخير والحق ولكنكم حدتم عن الطريق السوية وشققتم عصا الطاعة ولوحتم بالعصيان فأغراكم الشيطان وملأ قلوبكم بالأحقاد والأضغان، أنتم تعجبون بالزهرة جميلة الألوان وبغصنها الريان وبشذاها العطر، لكنكم تفقدونها ألوانها فيذبل فننها ويضيع أريجها وتلقونها عنكم وتلفضونها كالنواة، كأنما هي شر مبين...أنتم تستعبدون الناس وتسخرونهم لخدمتكم فإذا تقدمت بهم السنون، طردتموهم ونسيتم ما قدموه إليكم... تستخدمونهم لحما وتلقونهم عظما دون ملجأ يؤويهم أو طعام يسد رمقهم أو ماء يشفي غلتهم. قلوبكم تطفح بالآثام والعدوان، صدوركم ملوثة بالأدران، الشرور تسري في عروقكم محل الدماء، قطعت منكم حبائل الآمال ويئست منكم، صرت أحس برد اليأس بين جوانحي وأنا متألمة مما غدت عليه حالكم فدنياكم دنيا تشتت وزوال، لقد كان لي الزمان مؤدبا وأبصرت السمت إلى الهدى إني أبصر عري حياتكم وقد تصدعت وتهاوت أسسها، إني أرى آيات فنائكم واضحة جلية، إنما حياتكم وهم وسراب، سماؤكم تنذر بالوبال والثبور، سماؤكم مكفهرة بالسحاب الخلب، أنتم ، ما أنتم؟ أنتم سراب، أرضكم لا تنبت إلا الشوك والحنظل وفي هوائكم تختلج الآلام والهموم، كلامكم كذب وبهتان وصمتكم على ريائكم خير برهان، تتنافسون في الدنيا ولعمري أنكم سبب خطوبها، ولا تكترثون بسريع دبيبها، لن يدوم لكم طلوع الشمس في الأفق ولا حتى غروبها، سيطرق هادم اللذات أبوابكم وما لكم منه مناص، سيخنق أنفاسكم العطنة، ستلف أجسادكم في الأكفان وتحملون إلى حفرة يساكنكم فيها الشيطان ثم لتلتهمنكم النيران ولتملأن قلوبكم الحسرة والأشجان... أما علمتم أنه ليس إلى طول الحياة سبيل؟ ألم تصبحوا بالموت موقنين؟ أم تروا أن للدهر حوادث تمضي وتغتدي والموت فيها جليل؟ كل نفس ذائقة الموت لا محالة وكل روح واردة على منزل الحق الذي لكل حي إليه يوما رحيل. ألا ترون عيوبكم وأنتم من لا يخفى عنه جميل؟ ستنوؤون بأوزاركم ويومئذ لن ينفعكم مال كثير أو قليل وسيعرض عن ذكراكم الخليل، كلكم صائر إلى تباب، كلكم عائد إلى التراب، سيحل محلكم يوما الخراب... سيزول عنكم الشباب، وتخف سورتكم وتدعون حينها للحساب وقد تقلدتم العظام من الآثام، ستنالون لذلك العقاب، أفيقوا وعودوا إلى الصواب، إني أكلمكم منذ زمن ولا أسمع أي جواب، لم ابتعدتم عن الخير وانقلبتم عنه هذا الانقلاب؟ ألا تطعمون من الله في الثواب أم تريدون أن تخلدوا في عذاب؟ للدهر صروف وألوان وما لكم عليه من سلطان فعودوا إلى الإحسان واتركوا الزور والبهتان وافعلوا الخير في كل زمان ومكان، سيخبو نوركم بعدما انتلق وسيأفل نجمكم بعدما شرق، سيغيب عن حياتكم الفلق وستعيشون في غسق، ولن ينقذكم أحد من الغرق،، ستلبسون يومها الخرق ولن تجدوا ما يسد الرمق...

إني أناشدكم أن تفيقوا وأن تسموا عن هذا الرغام وأن تسيروا قدما إلى الأمام وأن تسعوا باطراد للخير والسلام، ومن الله يسكون لكم الوحي والإلهام، إن الخارج شكل زائف كاذب والباطن هو الجوهر والحقيقة، فالدر يظل نفيسا حتى ولو تعفر بالتراب، والحقير يظل كذلك حتى غطيته بالتبر والنضار وغمسته في اللجين والسجنجل، انظروا هذه الرموس والأجداث حولكم... انظروا هذه القبور التي تكاد تغطي أديم الأرض وتسد الأفق وتحجب نور الشمس بكثرتها...انظروا إليها مليا واعتبروا، فلو دامت الدنيا لغيركم لما آلت إليكم، أعرف أنكم لن تصلوا إلى الحق إلا بعد لأي ومشقة، لكن أطول المسيرات تبدأ بخطوة واحدة...آه منكم...لقد تعبت من نصحكم...إني أنادي ولكن ما من مجيب.

صمتت وكأنما تسترد أنفاسها : ظل هو يحملق إليها بذهول وكأنه لم يع شيئا مما قالت ولافقه كلمة مما نطق وكأن ما سمع هذيان أو كلام ما هو ببيان، ، نظرت إليه بناظرة محزونة :" لو تعلم ما جنيته على ...لو تحس بما اقترفته من ذنب في حقي وحقك، كل هذا بسبب تسرعك في أحكامك وعشقك المفرط للمظاهر..."زفرت هواء حارا كأنما هو يصاعد من صميم فؤادها ثم قالت له: "فلتعلم أولا أنني أختك، قد عرفتك من ذلك الوشم على ساعدك وقد رحلت وتركتنا، وكنت أنا صغيرة السن، أتذكر حينما كنت تلاعبني حينما أغضب، وتضحكني حين أبكي، وتضمني إلى صدرك حين أبرد؟ أظن أنك نسيتني كما نسيت والدنيا والحق أن قنطت ويئست من عودتك لكن حين رأيتك خفق قلبي وأحسست أنك أخي وتأكدت منك حين رأيت ساعدك المعلم. "غصت حنجرته ...صعقه قولها وألجمه.

نظر إليها بعينين قد خبا ضياؤهما...نضج وجهه حزنا وكآبة، ضاقت به الجواء بما اتسعت...عادت تخاطبه قائلة: "بعد أن ضاقت بي سبل الحياة وعرفت طعم الجوع والصدى خرجت أبحث عن رزقي فألفت الأقدار في طريقي شابا وسيما، ألفاني نائمة...سحرني بمنظوم كلامه المنمق وزائف ألفاظه ومغزول عباراته. فرافقنه، لكن ما لبثت أن تكشفت لي الحقيقة...أزال قناع اللطف المصطنع وكشر عن أنيابه، لم يكن سوى ساحر شرير له ثأر من أبي، فجعلني على الشكل الذي رأيته: صورة للقبح والدمامة إن جاز أن تكون للقبح صورة، قال لي أنه إذا أتى أخي وقبل العيش معي فسيبطل مفعول سحره وإذا ما أبى فإني هالكة لا محالة...قد أضحيت فضلات نفس متقطعة عما قريب يشتريها الموت براحة القبر، ولست حزينة على انقضاء أجلي بقدر ما أنا حزينة عليك وعلى أمثالك من بني جنسي...أعلم يا أخي أن لا أحد أقوى من نفسك على إرشادها إلى الخير فلا تهافت على الحياة وملذاتها فمن كرمت عليه نفسه، هانت عليه شهواته ولا تبالغ في الاهتمام بدنياك، فإن كثرة الطعام تميت القلب كما تميت كثرة الماء الزرع والنبات، فماذا يفيد الانسان لو ربح العالم برمته وخسر نفسه؟.

شاهزنان
02-03-2004, 06:37 AM
اعتبر بما صار لي ولك واتعظ بأخبار السابقين، فان المنايا قسمت على الأنفس ويوما سيأتي دورك ليصعد سرك الرباني إلى بارئك...دنا من فراشها مشدوها وكأن ذاك الكلام نبال أو سهام اتخذت من قلبه موضعا، صاح قائلا: "لا تقولي هذا يا أختاه...فمهما عبثت بنا الأقدار فلن تفرقنا وسنعيش كما كنا ونحن صغار... قاطعته قائلا: "صه...عد من حيث أتيت قبل أن يراك أحدهم في هاته الحجرة المملوءة بالأقذار...إني كالأبرص الساكن بين اللحود، الفار من البشر الذين استحالت قلوبهم كالجلمود فلا تقربني وفز بجلدك حتى لا يقولوا أنك قتلتني ، إن الذئاب تفترس الشاة في غيهب الدجى لكن آثار نجيعها تظل على حصباء الوادي حتى يجيء الفجر وتبزغ الشمس، وإن هي لدليل قاطع وحجة دامغة على الوحشية التي تحملها الذئاب في داخلها...هيهات أن تسنح لنا برهة من الزمن نحيا فيها معا...قال لها وهو في منتهي الشجن: "...لست كالأبرص وان سكنت بين اللحود ولست دنسة وان لامستك أيدي الدنسين ...لن يضيع حقك وان وطأت الذئاب أرضك...فأدران الأجساد النجسة لا تعلق بصفاء النفس النقية...إذا تكلم قاطعته: نعم ...حقا، أنا زهرة مسحوقة تحت الأقدام بعد أن مص رحيقها وضاع أريجها وريحها...لقد مرت بي أيام عسيرة لياليها مظلمة طويلة تتلقفني فيها أيادي الأقدار العابثة وتنظر إلي الأعين شامتة لما أحاق بي من ضرر وأخطار. "صمتت...رفعت عينيها المظلمتين المتظلمتين إلى السماء وقالت باستسلام "أيها الحق...أنت يا أيها الكامن وراء نفسي الحفية، السامع خفقات قلبي... المنصت إلى دعائي وابتهالاتي... أنصفني..."لكن قاطعتها المنية واختطفت براثنها روحها من جنباتها...امتقع لونها...ارتخت أوصالها وصمتت إلى الأبد...لم تجب أخاها وهو يناديها، فقد ولجت الدرب الذي لا عودة منه...أحس أخوها بالوحشة إلى جانب جثتها الهامدة ثم أنه ناح وبكى، وخرج من الكوخ وأقبل خلفه صوت المؤذن ينبسط عرضا ويمتد طولا، وامتلأ الجو من حوله ضياء يوقظ الأشياء وغناء يوقظ الأحياء، لكنه لم يسمع غناء ولم يؤنس ضياء...قد سدت أذناه وادلهمت في وجهه الدنيا ومضى صوب جعفر وقوة فاترة تدفعه إلى ذلك دفعا، لم يقاوم هذه القوة أو أنه لم يرد أن يقاومها وكأنما هي قد امتلكت كيانه وملأت نفسه فلم يستطع لها مقاومة...ومضى مترفقا كأنه الزمن في ترفقه، حتى أحس أنه يخطو في فراغ...ثم ما أحس شيئا وما أحسه شيء، وإنما دخل عليه شيء عجيب واستشعر بردا يكتنفه من جميع أقطاره، ثم مضى إلى الغيب كما تمضي في كل لحظة أشياء عدة إلى الغيب، وهو منه ليس بعائد كما تؤوب في كل لحظة أشياء عدة من الغيب.

http://www.nadiadab.edunet.tn/bibli...hr/sami2002.htm

مضراوي
07-27-2008, 05:04 AM
يسلموووووووووو