نور علي
04-19-2006, 07:04 AM
حقيقة الملائكة
حقيقة الملائكة" هي الفقرة الأولى من محاضرة عن الملائكة ألقاها حضرة ميرزا بشير الدين محمود أحمد ( رضي الله عنه ) الخليفة الثاني للإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام. وكان ذلك في إجتماع عقدته الجماعة الإسلاميّة الأحمديّة في أواخر ديسمبر من سنة 1920.
هل الملائكة مخلوقة?
قد يتبادر إلى الذهن أنّ الملائكة ليست مخلوقة و هذا تصوّر خاطئ إنساق إليه المسيحيّون فتوهّموا أنّ روح القُدُس غير مخلوق و أنّما هو جزءٌ من الله تعالى و يؤدّي ذلك إلى أنّ جبريل عليه السلام هو الله. و على العكس من ذلك فإنّ الإسلام يُعلن صراحة أنّ الملائكة مخلوقة, فقد جاء في سورة الصّافات:
أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ (151)
(الصافات:151)
و يعني ذلك أنّ الملائكة مخلوقة و أنّ خالقها هو الله تبارك و تعالى. و هنا قد يًعنّ للبعض أن يسأل: هل هم خالدون أم ميّتون؟ ثمّ إنّ المفروض أنّ كلّ مخلوق لا بدّ من أن يموت و هذه مسألة أُخرى.
وعلى كلّ حال فالجواب أنّه لمّا كانت روح الإنسان محفوظة فبالمثل تظلّ الملائكة باقية أو ربّما يفنى بعضها أو يبقى بعضها محفوظًا. و نُشير بهذه المناسبة إلى أنّ بعض المذاهب الأخرى ترى خلاف هذا الذي ذكرناه, فاليهود يعتقدون أنّ كلّ إلهامٍ جديد يأتي به ألوفٌ من الملائكة الجدد ثمّ يهلكون بعد انتهاء مهمّتهم. أماّ المذهب الزرادشتيّ فإنّه يقول بعدم فناء الملائكة و هو قولُ يتفق و ما قلنا آنفًا.
رؤية الملائكة
و النقطة الثانية عن حقيقة الملائكة هي ما إذا كان من الممكن رؤيتها أم لا. و الواقع أنّه يستحيل على الإنسان رؤية الملائكة بالعين الطبيعيّة لأنّها مخلوقات روحانيّة, و قد جاء في القرآن الكريم ردًّا على مطالبة الكفّار إنزال ملكين من السماء
وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (10)
(الأنعام - 10)
أي أنّه يستحيل رؤية الملائكة على حقيقتها بالعين البشريّة فإنّما يكون ذلك في هيئة أُخرى خلاف وجودهم الحقيقيّ أمّا رؤيتهم على صورتهم الحقيقيّة فلا تكون إلّا بالعين الروحانيّة.
رُبَّ سائلٍ يسأل: لماذا لا تنزل الملائكة في شبه إنسان كي يراهم الناس؟ و الجواب على ذلك أنّه لو نزل مَلَكٌ في صورة إنسان لكان موضع شُبهة و لَشكَّ الناس في أمره هل هو ملَك أو إنسان..و بذلك يظلّ ما في قلوبهم من شك موجودًا كما هو و بالتالي يشكّون أيضًا في ما إذا كان ما يقول هذا الرجل هو كلام ربّ العالمين أم هو كلام الرجل نفسه, و من ثُمّ لا فائدة من نزول الملائكة بحيث يراهم الناس بعيونهم الماديّة لأنّ الشكّ و الاعتراض يظلان قائمين.
نوع الملائكة
و النقطة الثالثة الجديرة بالذكر هي أنّ هذه المخلوقات ليست ذكورًا و لا إناثًا بدليل الآية:
أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ (151)
(الصّافات: 151)
و قد سبق الاستشهاد بها في مجالٍ آخر في الفقرة الأولى. و ليس المقصود هنا نفي الأنوثة عن الملائكة و إثبات الذكورة. فحَسَب سياق الكلام يتّضح أنّ الآية تتضمّن تسفيه زعم من قالوا أنّ الملائكة إناث فجاء الردّ هنا مؤكّدًا نفي هذا الزعم مبيّنًا أنّ القول بأنّ الملائكة إناث أو ذكور لا أساس و لا سند له لأنّهم لم يشهدوا خلقهم, ثمّ إنّ ذلك التنوّع لا يكون إلّا في الأشياء الماديّة و أمّا في الأمور الروحانيّة فلا تذكير و لا تأنيث. و بالمثل ينبغي ألّا يُفهم بأنّ روح الذكر مذكّرة و روح الأنثى مؤنّثة ذلك لأنّ التذكير و التأنيث إنّما هو في شكل الوعاء أي الجسم و أمّا ما يحتويه أي الروح فشيءٌ آخر.
طبقات الملائكة
و الحقيقة الرابعة التي نعرفها عن الملائكة هي أنّهم ثلاث طبقات و ليسوا من قسم أو نوعٍ واحد, و يُشير إلى ذلك قوله تبارك و تعالى:
الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (8)
(غافر: 8)
و يتبيّن من هذه الآية أن ّفئات الملائكة ثلاث: إثنتان بدلالة النصّ و الثالثة بإشارة النصّ. فالنوع الأولّ يحملون العرش, و النوع الثاني هُم من حول العرش, وأمّا النوع الثالث فهم الذين تُبعث معهم الأحكام الشرعيّة إلى الأرض. أي أنّ هناك طبقة من الملائكة دون الذي من حول العرش. و يُؤيّد ذلك الأحاديث الشريفة إذْ يَثبت منها أنّ فريقًا من الملائكة مًخصّصون لأشياء مختلفة. و مِثل هذا المفهوم موجود عند الزرادشتيين فهم يقولون بوجود سبعة ملائكة, و ما من شيءٍ في هذ الحياة الدنيا إلّا و له علاقة بهؤلاء السبعة.
و كذا ورد في القرآن الكريم أنّ عرش ربّ العالمين يحمله يوم القيامة ثمانية (سورة الحاقّة – الآية 18) و لا يعني ذلك أنّ هناك إيوانًا من الذهب و الفضّة و إنّما ترمي الآية إلى تصوير وصفٍ أسمى يُظهر أُلوهيّة الله تعالى. ففي العالم الثاني – أي عالم القيامة – يتجلّى ذلك بالملائكة الثمانية. و لكن في هذا العالم كما هو ثابت من الاستدلال يتجلّى من سبعة ملائكة. و حاصل القول أن ّالملائكة تنقسم إلى ثلاثة أقسامٍ أو أنواع: ألاوّل يحمل العرش, و الثاني أدنى درجة و هو كمعاون للنوع الأوّل و لكنّه من المقرّبين أيضًا إذ أنّه حول العرش, و الثالث هو الطبقة الدُنيا و يقوم بمختلف الأعمال. و تِبْعًا لقوله تعالى:
وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ ( 32 )
(المُدّثِّر : 32)
فإنّه يستحيل عد أو حصر هذه الطبقة من الملائكة. هذا و من الثابت من أقوال كثير من الأنبياء أنّ كُلّ شيءٍ يحدث بفعل الملائكة.
يتبع >>>
حقيقة الملائكة" هي الفقرة الأولى من محاضرة عن الملائكة ألقاها حضرة ميرزا بشير الدين محمود أحمد ( رضي الله عنه ) الخليفة الثاني للإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام. وكان ذلك في إجتماع عقدته الجماعة الإسلاميّة الأحمديّة في أواخر ديسمبر من سنة 1920.
هل الملائكة مخلوقة?
قد يتبادر إلى الذهن أنّ الملائكة ليست مخلوقة و هذا تصوّر خاطئ إنساق إليه المسيحيّون فتوهّموا أنّ روح القُدُس غير مخلوق و أنّما هو جزءٌ من الله تعالى و يؤدّي ذلك إلى أنّ جبريل عليه السلام هو الله. و على العكس من ذلك فإنّ الإسلام يُعلن صراحة أنّ الملائكة مخلوقة, فقد جاء في سورة الصّافات:
أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ (151)
(الصافات:151)
و يعني ذلك أنّ الملائكة مخلوقة و أنّ خالقها هو الله تبارك و تعالى. و هنا قد يًعنّ للبعض أن يسأل: هل هم خالدون أم ميّتون؟ ثمّ إنّ المفروض أنّ كلّ مخلوق لا بدّ من أن يموت و هذه مسألة أُخرى.
وعلى كلّ حال فالجواب أنّه لمّا كانت روح الإنسان محفوظة فبالمثل تظلّ الملائكة باقية أو ربّما يفنى بعضها أو يبقى بعضها محفوظًا. و نُشير بهذه المناسبة إلى أنّ بعض المذاهب الأخرى ترى خلاف هذا الذي ذكرناه, فاليهود يعتقدون أنّ كلّ إلهامٍ جديد يأتي به ألوفٌ من الملائكة الجدد ثمّ يهلكون بعد انتهاء مهمّتهم. أماّ المذهب الزرادشتيّ فإنّه يقول بعدم فناء الملائكة و هو قولُ يتفق و ما قلنا آنفًا.
رؤية الملائكة
و النقطة الثانية عن حقيقة الملائكة هي ما إذا كان من الممكن رؤيتها أم لا. و الواقع أنّه يستحيل على الإنسان رؤية الملائكة بالعين الطبيعيّة لأنّها مخلوقات روحانيّة, و قد جاء في القرآن الكريم ردًّا على مطالبة الكفّار إنزال ملكين من السماء
وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (10)
(الأنعام - 10)
أي أنّه يستحيل رؤية الملائكة على حقيقتها بالعين البشريّة فإنّما يكون ذلك في هيئة أُخرى خلاف وجودهم الحقيقيّ أمّا رؤيتهم على صورتهم الحقيقيّة فلا تكون إلّا بالعين الروحانيّة.
رُبَّ سائلٍ يسأل: لماذا لا تنزل الملائكة في شبه إنسان كي يراهم الناس؟ و الجواب على ذلك أنّه لو نزل مَلَكٌ في صورة إنسان لكان موضع شُبهة و لَشكَّ الناس في أمره هل هو ملَك أو إنسان..و بذلك يظلّ ما في قلوبهم من شك موجودًا كما هو و بالتالي يشكّون أيضًا في ما إذا كان ما يقول هذا الرجل هو كلام ربّ العالمين أم هو كلام الرجل نفسه, و من ثُمّ لا فائدة من نزول الملائكة بحيث يراهم الناس بعيونهم الماديّة لأنّ الشكّ و الاعتراض يظلان قائمين.
نوع الملائكة
و النقطة الثالثة الجديرة بالذكر هي أنّ هذه المخلوقات ليست ذكورًا و لا إناثًا بدليل الآية:
أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ (151)
(الصّافات: 151)
و قد سبق الاستشهاد بها في مجالٍ آخر في الفقرة الأولى. و ليس المقصود هنا نفي الأنوثة عن الملائكة و إثبات الذكورة. فحَسَب سياق الكلام يتّضح أنّ الآية تتضمّن تسفيه زعم من قالوا أنّ الملائكة إناث فجاء الردّ هنا مؤكّدًا نفي هذا الزعم مبيّنًا أنّ القول بأنّ الملائكة إناث أو ذكور لا أساس و لا سند له لأنّهم لم يشهدوا خلقهم, ثمّ إنّ ذلك التنوّع لا يكون إلّا في الأشياء الماديّة و أمّا في الأمور الروحانيّة فلا تذكير و لا تأنيث. و بالمثل ينبغي ألّا يُفهم بأنّ روح الذكر مذكّرة و روح الأنثى مؤنّثة ذلك لأنّ التذكير و التأنيث إنّما هو في شكل الوعاء أي الجسم و أمّا ما يحتويه أي الروح فشيءٌ آخر.
طبقات الملائكة
و الحقيقة الرابعة التي نعرفها عن الملائكة هي أنّهم ثلاث طبقات و ليسوا من قسم أو نوعٍ واحد, و يُشير إلى ذلك قوله تبارك و تعالى:
الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (8)
(غافر: 8)
و يتبيّن من هذه الآية أن ّفئات الملائكة ثلاث: إثنتان بدلالة النصّ و الثالثة بإشارة النصّ. فالنوع الأولّ يحملون العرش, و النوع الثاني هُم من حول العرش, وأمّا النوع الثالث فهم الذين تُبعث معهم الأحكام الشرعيّة إلى الأرض. أي أنّ هناك طبقة من الملائكة دون الذي من حول العرش. و يُؤيّد ذلك الأحاديث الشريفة إذْ يَثبت منها أنّ فريقًا من الملائكة مًخصّصون لأشياء مختلفة. و مِثل هذا المفهوم موجود عند الزرادشتيين فهم يقولون بوجود سبعة ملائكة, و ما من شيءٍ في هذ الحياة الدنيا إلّا و له علاقة بهؤلاء السبعة.
و كذا ورد في القرآن الكريم أنّ عرش ربّ العالمين يحمله يوم القيامة ثمانية (سورة الحاقّة – الآية 18) و لا يعني ذلك أنّ هناك إيوانًا من الذهب و الفضّة و إنّما ترمي الآية إلى تصوير وصفٍ أسمى يُظهر أُلوهيّة الله تعالى. ففي العالم الثاني – أي عالم القيامة – يتجلّى ذلك بالملائكة الثمانية. و لكن في هذا العالم كما هو ثابت من الاستدلال يتجلّى من سبعة ملائكة. و حاصل القول أن ّالملائكة تنقسم إلى ثلاثة أقسامٍ أو أنواع: ألاوّل يحمل العرش, و الثاني أدنى درجة و هو كمعاون للنوع الأوّل و لكنّه من المقرّبين أيضًا إذ أنّه حول العرش, و الثالث هو الطبقة الدُنيا و يقوم بمختلف الأعمال. و تِبْعًا لقوله تعالى:
وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ ( 32 )
(المُدّثِّر : 32)
فإنّه يستحيل عد أو حصر هذه الطبقة من الملائكة. هذا و من الثابت من أقوال كثير من الأنبياء أنّ كُلّ شيءٍ يحدث بفعل الملائكة.
يتبع >>>