Abert Sapeel
07-19-2009, 10:51 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
http://www.quran-radio.com/pictures/6.jpg
المبعث النبوي دراسة وتحليل
بدء الوَحي
إنّ التاريخ الإسلامي يبدأ في الحقيقة من يوم بعثة الرسول (صلّى اللّه عليه وآله) بالرسالة، والتي وقعت على أثره حوادث خاصة.
ويوم بُعث النبيُّ الأكرم (صلّى اللّه عليه وآله) لهداية الناس، ودوّى في سمعه الشريف نداء «إنك لرسول اللّه» الصادر عن ملاك الوحي أُلقيت على كاهله مسؤولية كبرى وثقيلة جدّاً، على نمط الوظيفة الهامة التي أُلقيت على كاهل من سبقه من الأنبياء والرسل صلوات اللّه عليهم أجمعين.
منذ ذلك اليوم اتضح هدف أمين قريش، أكثر فأكثر، وتجلت خطته أكثر فأكثر.
ونحن نرى من اللازم قبل شرح الحوادث الأُولى الواقعة عند البعثة أن نعطي بعض الإيضاحات حول مسألتين:
1 - وجوبُ بعث الأنبياء.
2 - دورُ الأنبياء في إصلاح المجتمع.
لقد أودع اللّه تعالى في كيان كُلّ كائن من الكائنات أدوات تكامله، وجهّزه - لسلوك هذا الطريق - بالوسائل المتنوعة، والأجهزة المختلفة اللازمة.
ولنأخذ مثلاً : نبتة صغيرة، فان ثمة عوامل كثيرة تتفاعل في ما بينها وتعمل لتحقيق التكامل فيها.
إن جذور كل نبتة تعمل أكبر قدر ممكن لامتصاص العناصر الغذائية، وتلبية احتياجات النبتة، وتوصل العروق والقنوات المختلفة، عصارة ما تأخذه من الأرض إلى جميع الأغصان والأوراق.
إننا لو درسنا جهاز (وردة) لرأيناه أكثر مدعاة للإعجاب وأشد إثارة للتعجب من تركيب بقية النباتات.
فللكأس وظيفة توفير الغطاء اللازم للأوراق الناعمة اللطيفة في الوردة.
وهكذا الحال بالنسبة إلى بقية الأجهزة في «الوردة» ممّا أُنيط إليها مسؤولية الحفاظ على كائن حيّ، وضمان رشده ونموّه، فإنها جميعاً تقوم بوظائفها المخلوقة لها بأحسن شكل، وأفضل صورة.
ولو أننا خطونا خطوات أكثر وتقدّمنا بعض الشيء لدراسة الأجهزة العجيبة في عالم الأحياء، لرأينا أنها جميعاً وبدون استثناء مُزوّدة بما يضمن بلوغها إلى مرحلة الكمال المطلوب لها.
وإذا أردنا أن نصبّ هذا الموضوع في قالب علميّ لوجب أن نقول: إنّ الهداية التكوينية، التي هي النعمة المتجلّية في عالم الطبيعة، تشمل كل موجودات هذا العالم من نبات، وحيوان وإنسان.
ويبيّن القرآن الكريم هذه الهداية التكوينية الشاملة بقوله: "ربّنا الّذي أعطى كُلّ شيء خلقه ثُمّ هدى" (سورة طه: الآية 50).
فا الله سبحانه .. يصرّح بأن كل شيء في هذا الكون من الذرة إلى المجرّة ينعم بهذا الفيض العامّ، وإنه سبحانه وتعالى بعد أن قدّر كل موجود وكائن، بيّن له طريق تكامله، ورُقيّه، وهيأ لكل كائن مِن تلك الكائنات ما يحتاج إليه في تربيته ونموّه، وهذه هي (الهداية التكوينية العامة) السائدة على كل أرجاء الخليقة دونما استثناء.
ولكن هل تكفي هذه الهداية الفطرية، التكوينية لكائن مثل الإنسان، اشرف الموجودات، وأفضل ما في هذه الخليقة؟!.
بكل تأكيد: لا.
لأن للإنسان حياة أُخرى غير الحياة المادية، تشكل أساس حياته الواقعية، ولو كان للإنسان حيادة مادية جافّة فقط مثلما لعالم النباتات، والحيوانات، لكفت العواملُ والعناصرُ المادية في تكامله، والحال أن للإنسان نوعين من الحياة، يكمن في تكاملهما معاً رمز سعادة الإنسان ورقيّه.
إن الإنسان الأول، ونعني به إنسان الكهوف والحياة البسيطة والفطرة السليمة التي لم يطرأ على جبلته أي اعوجاج لم يكن بحاجة إلى ما يحتاج إليه الإنسان الاجتماعيّ من التربية والهداية.
ولكن عندما خطى الإنسانُ خطوات أبعد من ذلك، وبدأ الحياة الاجتماعية، وسادت على حياته فكرة التعاون والعمل الجماعي برزت في روحه ونفسيته سلسلة من الانحرافات نتيجة للاحتكاك الاجتماعي، وغيّرت الخصال القبيحة والأفكار الخاطئة صفاتِه الفطرية، وبالتالي اخرج المجتمع من حالة التوازن ..!
إن هذه الانحرافات حملت خالق الكون على أن يرسل إلى البشرية رجالاً أفذاذاً صالحين يتولّون تربية البشر، وليقوموا بتنظيم برنامج المجتمع، والتخفيف من المفاسد الناشئة - بصورة مباشرة - عن النزعة الاجتماعية لدى الإنسان، وليضيئوا - بمشاعل الوحي المشّعة المنيرة - طريق السعادة والخير للإنسانية في جميع المجالات والأبعاد.
إن الذي يتصوره الناس عادة هو أنّ الأنبياء مجرد معلّمين إلهيين بُعِثوا لتعليم البشرية. فكما يتعلم الطفل خلال حركته التعليمية ابتداء من الابتدائية ومروراً بالمتوسطة وانتهاء بالجامعة دروساً معينة ومواضيع خاصة على أيدي الأساتذة والمعلمين، كذلك يتعلم الناس في مدرسة الأنبياء أمورا خاصة، ويكتسبون معارف معينة، وتتكامل أخلاقهم وصفاتهم وخصالهم الاجتماعية جنباً إلى جنب مع اكتسابهم المعرفة والعلم على أيدي الأنبياء والمرسلين.
ولكننا نتصور إن مهمة الأنبياء ووظيفتهم الأساسية هي (تربية) المجتمعات البشرية لا تعليمها، وان أساس شريعتهم لا ينطوي على كلام جديد، وانه ما لم تنحرف الفطرة البشرية عن مسارها الصحيح، وما لم تلفها غشاوات الجهل والغفلة لعرفت وأدركت خلاصة الدين الإلهي، وعصارتها، في غير إبهام، ولا خفاء.
على أن هذه الحقيقة قد أشار إليها قادة الإسلام العظماء.
فقد قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) في نهج البلاغة عن هدف الأنبياء: «أخذ على الوحي ميثاقهم، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم... لِيستأدُوهم ميثاق فِطرتِه، ويُذكرُوهم منسيّ نِعمته، ويحتجّوا عليهم بالتبليغ، ويُثيروا لهم دفائن العُقول»
( نهج البلاغة : قسم الخطب، الخطبة رقم 1).
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
http://www.quran-radio.com/pictures/6.jpg
المبعث النبوي دراسة وتحليل
بدء الوَحي
إنّ التاريخ الإسلامي يبدأ في الحقيقة من يوم بعثة الرسول (صلّى اللّه عليه وآله) بالرسالة، والتي وقعت على أثره حوادث خاصة.
ويوم بُعث النبيُّ الأكرم (صلّى اللّه عليه وآله) لهداية الناس، ودوّى في سمعه الشريف نداء «إنك لرسول اللّه» الصادر عن ملاك الوحي أُلقيت على كاهله مسؤولية كبرى وثقيلة جدّاً، على نمط الوظيفة الهامة التي أُلقيت على كاهل من سبقه من الأنبياء والرسل صلوات اللّه عليهم أجمعين.
منذ ذلك اليوم اتضح هدف أمين قريش، أكثر فأكثر، وتجلت خطته أكثر فأكثر.
ونحن نرى من اللازم قبل شرح الحوادث الأُولى الواقعة عند البعثة أن نعطي بعض الإيضاحات حول مسألتين:
1 - وجوبُ بعث الأنبياء.
2 - دورُ الأنبياء في إصلاح المجتمع.
لقد أودع اللّه تعالى في كيان كُلّ كائن من الكائنات أدوات تكامله، وجهّزه - لسلوك هذا الطريق - بالوسائل المتنوعة، والأجهزة المختلفة اللازمة.
ولنأخذ مثلاً : نبتة صغيرة، فان ثمة عوامل كثيرة تتفاعل في ما بينها وتعمل لتحقيق التكامل فيها.
إن جذور كل نبتة تعمل أكبر قدر ممكن لامتصاص العناصر الغذائية، وتلبية احتياجات النبتة، وتوصل العروق والقنوات المختلفة، عصارة ما تأخذه من الأرض إلى جميع الأغصان والأوراق.
إننا لو درسنا جهاز (وردة) لرأيناه أكثر مدعاة للإعجاب وأشد إثارة للتعجب من تركيب بقية النباتات.
فللكأس وظيفة توفير الغطاء اللازم للأوراق الناعمة اللطيفة في الوردة.
وهكذا الحال بالنسبة إلى بقية الأجهزة في «الوردة» ممّا أُنيط إليها مسؤولية الحفاظ على كائن حيّ، وضمان رشده ونموّه، فإنها جميعاً تقوم بوظائفها المخلوقة لها بأحسن شكل، وأفضل صورة.
ولو أننا خطونا خطوات أكثر وتقدّمنا بعض الشيء لدراسة الأجهزة العجيبة في عالم الأحياء، لرأينا أنها جميعاً وبدون استثناء مُزوّدة بما يضمن بلوغها إلى مرحلة الكمال المطلوب لها.
وإذا أردنا أن نصبّ هذا الموضوع في قالب علميّ لوجب أن نقول: إنّ الهداية التكوينية، التي هي النعمة المتجلّية في عالم الطبيعة، تشمل كل موجودات هذا العالم من نبات، وحيوان وإنسان.
ويبيّن القرآن الكريم هذه الهداية التكوينية الشاملة بقوله: "ربّنا الّذي أعطى كُلّ شيء خلقه ثُمّ هدى" (سورة طه: الآية 50).
فا الله سبحانه .. يصرّح بأن كل شيء في هذا الكون من الذرة إلى المجرّة ينعم بهذا الفيض العامّ، وإنه سبحانه وتعالى بعد أن قدّر كل موجود وكائن، بيّن له طريق تكامله، ورُقيّه، وهيأ لكل كائن مِن تلك الكائنات ما يحتاج إليه في تربيته ونموّه، وهذه هي (الهداية التكوينية العامة) السائدة على كل أرجاء الخليقة دونما استثناء.
ولكن هل تكفي هذه الهداية الفطرية، التكوينية لكائن مثل الإنسان، اشرف الموجودات، وأفضل ما في هذه الخليقة؟!.
بكل تأكيد: لا.
لأن للإنسان حياة أُخرى غير الحياة المادية، تشكل أساس حياته الواقعية، ولو كان للإنسان حيادة مادية جافّة فقط مثلما لعالم النباتات، والحيوانات، لكفت العواملُ والعناصرُ المادية في تكامله، والحال أن للإنسان نوعين من الحياة، يكمن في تكاملهما معاً رمز سعادة الإنسان ورقيّه.
إن الإنسان الأول، ونعني به إنسان الكهوف والحياة البسيطة والفطرة السليمة التي لم يطرأ على جبلته أي اعوجاج لم يكن بحاجة إلى ما يحتاج إليه الإنسان الاجتماعيّ من التربية والهداية.
ولكن عندما خطى الإنسانُ خطوات أبعد من ذلك، وبدأ الحياة الاجتماعية، وسادت على حياته فكرة التعاون والعمل الجماعي برزت في روحه ونفسيته سلسلة من الانحرافات نتيجة للاحتكاك الاجتماعي، وغيّرت الخصال القبيحة والأفكار الخاطئة صفاتِه الفطرية، وبالتالي اخرج المجتمع من حالة التوازن ..!
إن هذه الانحرافات حملت خالق الكون على أن يرسل إلى البشرية رجالاً أفذاذاً صالحين يتولّون تربية البشر، وليقوموا بتنظيم برنامج المجتمع، والتخفيف من المفاسد الناشئة - بصورة مباشرة - عن النزعة الاجتماعية لدى الإنسان، وليضيئوا - بمشاعل الوحي المشّعة المنيرة - طريق السعادة والخير للإنسانية في جميع المجالات والأبعاد.
إن الذي يتصوره الناس عادة هو أنّ الأنبياء مجرد معلّمين إلهيين بُعِثوا لتعليم البشرية. فكما يتعلم الطفل خلال حركته التعليمية ابتداء من الابتدائية ومروراً بالمتوسطة وانتهاء بالجامعة دروساً معينة ومواضيع خاصة على أيدي الأساتذة والمعلمين، كذلك يتعلم الناس في مدرسة الأنبياء أمورا خاصة، ويكتسبون معارف معينة، وتتكامل أخلاقهم وصفاتهم وخصالهم الاجتماعية جنباً إلى جنب مع اكتسابهم المعرفة والعلم على أيدي الأنبياء والمرسلين.
ولكننا نتصور إن مهمة الأنبياء ووظيفتهم الأساسية هي (تربية) المجتمعات البشرية لا تعليمها، وان أساس شريعتهم لا ينطوي على كلام جديد، وانه ما لم تنحرف الفطرة البشرية عن مسارها الصحيح، وما لم تلفها غشاوات الجهل والغفلة لعرفت وأدركت خلاصة الدين الإلهي، وعصارتها، في غير إبهام، ولا خفاء.
على أن هذه الحقيقة قد أشار إليها قادة الإسلام العظماء.
فقد قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) في نهج البلاغة عن هدف الأنبياء: «أخذ على الوحي ميثاقهم، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم... لِيستأدُوهم ميثاق فِطرتِه، ويُذكرُوهم منسيّ نِعمته، ويحتجّوا عليهم بالتبليغ، ويُثيروا لهم دفائن العُقول»
( نهج البلاغة : قسم الخطب، الخطبة رقم 1).