آهات حنونه
02-26-2009, 04:34 PM
لمَ لم تذكر الزهراء ع مأساتها في خطبتها؟
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم
لمَ لم تذكر الزهراء ع مأساتها في خطبتها؟
إنه سؤال ينقدح في الأذهان وهو حجة القائلين بعدم وجود أية أحداث عند بيت البتول ع، ولطالما تشبث البعض بهذا السؤال لإنكار حوادث مؤلمة، ومواقف تحط من عدالة وشأن الشيخين (أبا بكر وعمر).
وقد يقال: لماذا التركيز على مثل هذه المواضيع التي تثير الفرقة بين المسلمين؟
فنقول: لا بد من الحوار حول أي قضية كانت لنفتح متنفساً للصدور لكيلا تنفجر بالصراع، ثم لو أمتنا هذه القضايا وحرّمنا على الفكر مناقشتها نكون قد سمحنا لأخطاء الأجيال الماضية أن تستمر عبرنا إلى الأجيال المقبلة وهذا يعني تمرير الخطأ وتوريط الأجيال.
الزهراء ع امرأة حضارية كانت تسجل مواقف من نور تختزل في عمقها الديمومة والبقاء. وهذا هو أحد أسرار عظمة الأئمة ع والسيدة الزهراء ع لأن مواقفهم كلها حضارية قابلة للامتداد مع الأجيال وتغير الأحوال.
ولو تأملنا في مواقفهم ابتداء من رسول الله ص ومرورا بالزهراء ع وانتهاء بالأئمة ع لأرينا أنهم وضعوا منهجية متكاملة لإيصال الإنسانية إلى الكمال من خلال كلماتهم ومواقفهم العظيمة التي أذهلت الألباب.
فالزهراء ع في مواقفها إنما تتمم مسيرة الأنبياء ع لإنقاذ الإنسانية من الانحراف، ومن هذا المنطق نتخذها أسوة نقتدي بها.
وبعد هذا نقول:
1-الزهراء ع باعتبارها معصومة وإنسانة حضارية يقع على عاتقها الإرشاد والتبليغ والبيان، فما كانت لتمزج أمورها الشخصية مع الأمر الرسالي، فإن الإشارة إلى أمر الخلافة أهم من الإشارة إلى موضوع كسر الضلع والإشارة إلى فدك أهم من الإشارة إلى أحداث الدار وإن كانت مؤلمة لأنه من خلال فدك أظهرت الزهراء ع للأمة جهل وتعدي الخليفة وغصبه لأموال المسلمين: وعليه يكون غير لائق باستلام أمور الأئمة.
2- لو كانت الزهراء ع قد أشارت إلى مأساتها لقيل عنها امرأة عاطفية حالها حال أي امرأة عندما تُضرب فإنها تشتكي للناس، وعليه كيف يصح منها الشكوى إلى الناس دون الله تعالى وهي معصومة؟
3-ثم أنها قد ركزت في خطبتها الثانية على مسألة الخلافة وموقع أمير المؤمنين ع فقالت فيما قالت: "أنى زعزعوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة والدلالة ومهبط الوحي الأمين والطيبين بأمور الدنيا والدين ألا ذلك هو الخسران المبين"
لتدلل للأمة انحرافها وسلوكها غير سبيل الكمال فأرادت أن توقظهم من سباتهم وخمولهم، وهذا غير حاصل فيما لو أشارت إلى مأساتها.
4-أنها أرادت أن تسجل موقفا كليا ينطبق على الخليفة الأول وعلى كل خليفة شرعي وأما إذا كانت قد أشارت إلى فاجعتها ع لانحصر الأمر في الخليفة الأول والثاني فقط. فركزت فقط على موضوع الخلافة وغصب فدك ليظل صوتها يدوي في وجه كل خليفة منحرف ومتطاول على الحدود الإلهية.
5-ما أشار إليه السيد محمد علي القاضي الطباطبائي –رضوان الله عليه- حيث قال: لعل عدم إشارة الصديقة الطاهرة ع إلى أعمال القوم من الضرب واللطم وكذا عدم إشارة أمير المؤمنين ع إلى تلك الأعمال الصادرة منهم في حق الزهراء البتول إنما هو من جهة عدم الاعتناء لما صدر منهم من تلك الأعمال الرذيلة فإن الأكابر والأعاظم من الرجال فضلاً عمن هو في مقام العصمة والولاية لا يعبأون بما يصدر من الأراذل والأخسة في حقهم من الوهن وعدم رعاية الاحترام بمثل الضرب واللطم فإن أولئك الأشخاص في أنظارهم المقدسة كالأنعام بل هم أضل.
6-البلاء بالنسبة إلى المعصوم أمراً طبيعياً بل ضرورياً لأنه يجد كماله الأنور فيه، ولذلك نجد أن البلاء مرافق للأنبياء والأئمة ع، فالبلاء سنة إلهية يفجر الله من خلالها طاقات الإنسان، ومن أجل ذلك كان ضرورياً للقادة لاسيما قادة الأمم (آل محمد ع) لكي يكونوا أسوة لغيرهم، وهكذا الزهراء ع.
7-ولو تصورنا أنها ذكرت ما فعل أبو بكر وعمر بها من مآسي أمام الناس أو أمام نساء الأنصار في خطبة مرضها، ومن ثم تفاعل الناس معها لقيل أن الزهراء ع استدرت عواطف الناس ولصار موقفها بطولياً وليس حضارياً.
8-ويقوي القول أنها ما كانت بحاجة إلى ذكر مأساتها لأنها انتشرت بشكل واسع جداً وذلك لأمور:
أ.أن بيت فاطمة ع بجوار أو قرب بيوت نساء النبي ص وأي حدث يجري هناك لا شك أنه يجذب أنظار المسلمين إليه.
ب.أن بيت فاطمة ع أشهر وأهم بكثير من بقية البيوت لأنه بيت الوحي الذي لم يزل بابه مطل على المسجد الذي كان يمر به النبي ص كل صباح وقال عنه أنه أفضل بيوت الأنبياء، وهذا الأمر يجعل المسلمون يهتمون به كثيراً دون غيره.
ج. ثم أنه كان في بيت فاطمة ع مجموعة من الهاشميين والصحابة فضلاً عن الذين اجتمعوا خارج البيت، فلا شك أن هؤلاء كلهم شاهدوا الحدث فلا يحتاج الأمر إلى ذكره وقد شاع وذاع صيته. ولكن جرت عليه عمليات الطمس بعد ذلك.
9- لو كانت الزهراء ع قد تحدثت عن مأساتها لما استطاعت أن تسجل موقفاً ضد الخليفة ولم ينجح احتجاجها ولما صلح اعتراضها وغضبها عليه دليلاً على انحراف أبي بكر وعمر لأنه سيقال أن موقفها هذا كان مجرد رد فعل من أحداث الدار.
10-ثم أن الزهراء ع عرفت منذ صغرها بمواقفها العظيمة اتجاه أحداث الساحة سياسية أو اجتماعية، فقد كانت لها مشاركات مع النبي ص في مكة والمدينة، فليس بجديد عليها أن تقف أمام انحراف المسلمين.
11-ثم أن عدم الذكر لا يدل على عدم الحصول والوقوع فهناك كثير من الأحداث وقعت ولكن طمس ذكرها بسبب أو بآخر.
منقول من كتاب (فاطمة الزهراء ع من قبل الميلاد إلى ما بعد الاستشهاد)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم
لمَ لم تذكر الزهراء ع مأساتها في خطبتها؟
إنه سؤال ينقدح في الأذهان وهو حجة القائلين بعدم وجود أية أحداث عند بيت البتول ع، ولطالما تشبث البعض بهذا السؤال لإنكار حوادث مؤلمة، ومواقف تحط من عدالة وشأن الشيخين (أبا بكر وعمر).
وقد يقال: لماذا التركيز على مثل هذه المواضيع التي تثير الفرقة بين المسلمين؟
فنقول: لا بد من الحوار حول أي قضية كانت لنفتح متنفساً للصدور لكيلا تنفجر بالصراع، ثم لو أمتنا هذه القضايا وحرّمنا على الفكر مناقشتها نكون قد سمحنا لأخطاء الأجيال الماضية أن تستمر عبرنا إلى الأجيال المقبلة وهذا يعني تمرير الخطأ وتوريط الأجيال.
الزهراء ع امرأة حضارية كانت تسجل مواقف من نور تختزل في عمقها الديمومة والبقاء. وهذا هو أحد أسرار عظمة الأئمة ع والسيدة الزهراء ع لأن مواقفهم كلها حضارية قابلة للامتداد مع الأجيال وتغير الأحوال.
ولو تأملنا في مواقفهم ابتداء من رسول الله ص ومرورا بالزهراء ع وانتهاء بالأئمة ع لأرينا أنهم وضعوا منهجية متكاملة لإيصال الإنسانية إلى الكمال من خلال كلماتهم ومواقفهم العظيمة التي أذهلت الألباب.
فالزهراء ع في مواقفها إنما تتمم مسيرة الأنبياء ع لإنقاذ الإنسانية من الانحراف، ومن هذا المنطق نتخذها أسوة نقتدي بها.
وبعد هذا نقول:
1-الزهراء ع باعتبارها معصومة وإنسانة حضارية يقع على عاتقها الإرشاد والتبليغ والبيان، فما كانت لتمزج أمورها الشخصية مع الأمر الرسالي، فإن الإشارة إلى أمر الخلافة أهم من الإشارة إلى موضوع كسر الضلع والإشارة إلى فدك أهم من الإشارة إلى أحداث الدار وإن كانت مؤلمة لأنه من خلال فدك أظهرت الزهراء ع للأمة جهل وتعدي الخليفة وغصبه لأموال المسلمين: وعليه يكون غير لائق باستلام أمور الأئمة.
2- لو كانت الزهراء ع قد أشارت إلى مأساتها لقيل عنها امرأة عاطفية حالها حال أي امرأة عندما تُضرب فإنها تشتكي للناس، وعليه كيف يصح منها الشكوى إلى الناس دون الله تعالى وهي معصومة؟
3-ثم أنها قد ركزت في خطبتها الثانية على مسألة الخلافة وموقع أمير المؤمنين ع فقالت فيما قالت: "أنى زعزعوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة والدلالة ومهبط الوحي الأمين والطيبين بأمور الدنيا والدين ألا ذلك هو الخسران المبين"
لتدلل للأمة انحرافها وسلوكها غير سبيل الكمال فأرادت أن توقظهم من سباتهم وخمولهم، وهذا غير حاصل فيما لو أشارت إلى مأساتها.
4-أنها أرادت أن تسجل موقفا كليا ينطبق على الخليفة الأول وعلى كل خليفة شرعي وأما إذا كانت قد أشارت إلى فاجعتها ع لانحصر الأمر في الخليفة الأول والثاني فقط. فركزت فقط على موضوع الخلافة وغصب فدك ليظل صوتها يدوي في وجه كل خليفة منحرف ومتطاول على الحدود الإلهية.
5-ما أشار إليه السيد محمد علي القاضي الطباطبائي –رضوان الله عليه- حيث قال: لعل عدم إشارة الصديقة الطاهرة ع إلى أعمال القوم من الضرب واللطم وكذا عدم إشارة أمير المؤمنين ع إلى تلك الأعمال الصادرة منهم في حق الزهراء البتول إنما هو من جهة عدم الاعتناء لما صدر منهم من تلك الأعمال الرذيلة فإن الأكابر والأعاظم من الرجال فضلاً عمن هو في مقام العصمة والولاية لا يعبأون بما يصدر من الأراذل والأخسة في حقهم من الوهن وعدم رعاية الاحترام بمثل الضرب واللطم فإن أولئك الأشخاص في أنظارهم المقدسة كالأنعام بل هم أضل.
6-البلاء بالنسبة إلى المعصوم أمراً طبيعياً بل ضرورياً لأنه يجد كماله الأنور فيه، ولذلك نجد أن البلاء مرافق للأنبياء والأئمة ع، فالبلاء سنة إلهية يفجر الله من خلالها طاقات الإنسان، ومن أجل ذلك كان ضرورياً للقادة لاسيما قادة الأمم (آل محمد ع) لكي يكونوا أسوة لغيرهم، وهكذا الزهراء ع.
7-ولو تصورنا أنها ذكرت ما فعل أبو بكر وعمر بها من مآسي أمام الناس أو أمام نساء الأنصار في خطبة مرضها، ومن ثم تفاعل الناس معها لقيل أن الزهراء ع استدرت عواطف الناس ولصار موقفها بطولياً وليس حضارياً.
8-ويقوي القول أنها ما كانت بحاجة إلى ذكر مأساتها لأنها انتشرت بشكل واسع جداً وذلك لأمور:
أ.أن بيت فاطمة ع بجوار أو قرب بيوت نساء النبي ص وأي حدث يجري هناك لا شك أنه يجذب أنظار المسلمين إليه.
ب.أن بيت فاطمة ع أشهر وأهم بكثير من بقية البيوت لأنه بيت الوحي الذي لم يزل بابه مطل على المسجد الذي كان يمر به النبي ص كل صباح وقال عنه أنه أفضل بيوت الأنبياء، وهذا الأمر يجعل المسلمون يهتمون به كثيراً دون غيره.
ج. ثم أنه كان في بيت فاطمة ع مجموعة من الهاشميين والصحابة فضلاً عن الذين اجتمعوا خارج البيت، فلا شك أن هؤلاء كلهم شاهدوا الحدث فلا يحتاج الأمر إلى ذكره وقد شاع وذاع صيته. ولكن جرت عليه عمليات الطمس بعد ذلك.
9- لو كانت الزهراء ع قد تحدثت عن مأساتها لما استطاعت أن تسجل موقفاً ضد الخليفة ولم ينجح احتجاجها ولما صلح اعتراضها وغضبها عليه دليلاً على انحراف أبي بكر وعمر لأنه سيقال أن موقفها هذا كان مجرد رد فعل من أحداث الدار.
10-ثم أن الزهراء ع عرفت منذ صغرها بمواقفها العظيمة اتجاه أحداث الساحة سياسية أو اجتماعية، فقد كانت لها مشاركات مع النبي ص في مكة والمدينة، فليس بجديد عليها أن تقف أمام انحراف المسلمين.
11-ثم أن عدم الذكر لا يدل على عدم الحصول والوقوع فهناك كثير من الأحداث وقعت ولكن طمس ذكرها بسبب أو بآخر.
منقول من كتاب (فاطمة الزهراء ع من قبل الميلاد إلى ما بعد الاستشهاد)