أبو سلطان
01-26-2009, 06:38 AM
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
كيف تطور شباب القطيف حتى وصل إلى عصر الكابوريا
في البداية عند ما كنا صغار قبل 70 عاما كانت الحياة جدا بسيطة في كل شيء، فلا يوجد لدينا أكلات جاهزة كالمقرمشات و الشبز و لا حليب بودرة نيدو و لا فيتامينات و لا مناشف صحية كالبامبرز و غيره.
فما هي البدائل كانت ياترى؟:
لكن لدينا البدائل فعلا فبدل الشبز كان عندنا بودرة سلوق مدقوق نأخذ منه مانريد عند الحاجة، و بدل الحليب النيدو كان لدينا حليب البقر و الغنم، و بدل الفيتامينات كان لدينا [المصَر] و بدل المناشف الصحية كانت لدينا [الربطات الخلفية]، وهي عبارة عن ربط الثوب من الخلف و ترك الطفل يوزع محاصيله من حوله كما يشاء، و الطفل يسرح و يمرح بكامل حريته.
تحضير الفيتامينات:
كل أم لابد و أن تكون جهزت التالي قبل وصول المولود المنتظر: قطعة قماش نظيفة خفيفة، و كسرة عصى بطول تقريبا 10 سم و لعلها من شجرة الرمان، و وصلة [شمطوط] للربط، و قليل من التمر و الدهن البلدي.
تعجن التمرات جيدا و تخلط بالدهن البلدي و تلصق بجوانب كسرة العصى بإتقان ثم تصر [تربط] بالخلق من حولها و تربط بـ [الشمطوط] الصغير و تعطى للطفل يمصها من خارج الخلق، و لعل صانعي الآيسكريم [الآن] سرقوا الفكرة من عندنا - أهل القطيف، دون إذن.
فإن كان الطفل صغيرا فأخته الصغرى تساعده أو أمه و إن كان كبيرا فهو يتكفل بنفسه بمسك المصر و يمصه حتى النهاية، و لكن بمشاركة الكثير من الذباب الجائع هو الأخرى من حول وجهه و من حول المصر، و بألف هناء و عافية على الجميع.
سن ما بعد الإرضاع و حلاقته:
هنا يتهيأ الطفل أن يكون يافعا فتتم حلاقته لأول مرة، و يحلق بشكل جديد و مرح و ذلك بحلق ما حول رأسه من الخلف و الجوانب ويبقى الوسط و مقدمة الرأس بدون حلق و تسمى مقدمة الرأس بـ [القُصة] و وسط الرأس بـ [الدروة] يفصل بينهما حد دائري محلوق.
الآن هذا الشخص يطلق عليه إسم (رجيجيل) و هو قابل لبدء مرحلة العمل أو المعلم، و قرار تعليمه يؤخد من عدة عوامل كرقمه في الأطفال و يجب على الأوائل أن تعد للعمل أولا و كذلك دهنه و قابلية حفظه مما يسمعه من المنبر، و أيضا يؤخذ رأي أقرب [ملا] في المسألة.
لباسه:
اول ما يحضر لهذا اليافع هو الثوب و الإيزار و الغترة. الإيزار في البداية أي قطعة قماش بيضاء تدور حول خصره أو مما ترك من هو أكبر منه، و الغترة أي شيء يحصل حوله من غتر أخوته الكبار أو أبوه. و كذلك الثوب إما فسخ إخوته أو جديد من السوق.
شكل الثوب:
الثوب هو كالتالي: ثوب تفصيل عماني بكل التفاصيل و لعله الثوب السائد في كل مناطق الخليج في ذلك الوقت بجناحيه الفضفاضة في الجوانب من الأسفل، و قرصين تحت الإبط و كركوشة في الجيب. و أزرة محيوكة من خيوط، و هذا هو اللبس المعتاد آنذاك في القطيف.
لكن هذا الثوب في زمننا وقتها لابد أن يأخد له حد للنهاية فقد كنا في عصر قلق و متحرك و متغير يومياً تقريبا فكنا في عصر حرج جدا و هو ما بين القديم الفلاحة و البحر، و البترول و [القنطراز] - مقاولي البترول، فلا بد للشباب أن يتحرك في تغيير بيئته كلها و منها الثوب.
ثوب الكبار:
ثياب الرجل الكبير في الماضي أنواع، فمنهم لباس العمل الفلاحي أو الحمارة و أصحاب المهن، فهؤلاء يلبسون عادة الإزار و القميص القريب من قميص الباكستانيين الآن، إلا إنه أقصر قليلا. أما الأثرياء فإنهم يلبسون على الإزار و القميص ثياب واسعة فضفاضة بأيدي مثلثة طويلة كلبس ثوب النسوان [الهاشمي] و تسما هذه الثياب: ثياب (الأردان).
سوق مياس و تأثيرها على نوعية اللباس:
موقع سوق مياس أصلا ليس في موقعه الآن بل كان في ظهر السكة - (السوق المركزي للقطيف) - مباشرة من الغرب. و فيها بياعين ثابتين من البحرين. و منهم شخص متخصص في جلب ثياب شباب متطورة و معتدلة قليلا و بخلق أنواع جديدة كاللآس و الشفاف [التور] و غيرهم و الأثرياء يلبسون الشفاف في أيام الصيف فوق الإزار و القميص في حين ثوب اللاس الناعم اللماع لا يلبسه إلا الشباب.
و بعدها جلبوا لنا الثوب الحجازي و كان يختلف كثيرا عن بيئتنا لكونه ضيق كثيرا من الأعلى و عريض من الأسفل، شكله شكل ثياب النساء - النفنوف، كان هناك فعلا تخبط في اللباس لا يوصف، و صار تعليق الكبار على لباس الشباب لا حد له ولا يطاق.
في الأثناء جلبوا لنا الثوب الكويتي و كان عريضا جدا و [مخبخب] زيادة على المألوف أكثر من اللزوم، و كانت الحيرة لدى الشباب أيهم يلبسوا.
أما المادة من نقود فهي موجودة لأن الآباء لا تقصر في المصروف فغالبيتهم يعملون في الأرامكو.
حينها حل الإخوة اليمنيين الخياطين ضيوف عندنا و حاولوا الإستماع إلى ما يعانوه الشباب من إشكالات في شكل الثوب المطروح في السوق للبس.
و لحل الإشكالات بمساعدتهم، طلبوا منهم الشباب تفصيل ثوب جديد أسموه ثوب [كويتي حجازي] و هذا هو الثوب الذي بين أيدينا الآن، جهد قدمه شباب أمس للكثير منا اليوم هدية، و قد جاء من بين الإهانات و السخرياء و الإثارات دامت معهم من العمر زمن طويل.
قَصة شعر الشباب:
بعد أن كبرنا و وصلنا العاشرة تقريبا لا بد لشعرنا أن يحلق تماما بالموس فقد كبرنا و وصلنا إلى أعمار الرجال.
و بقي هذا المفهوم سائدا حتى و صلنا إلى عمر انتشار و تأثير عمال أرامكو و القنطراز بالمنطقة و حضور الهنود كحلاقين. و بدأ الشباب يتجرأ تدريجيا بالخروج عن المفهوم من الحسونة بالموس و تتجه إلى ما كان يعرف وقتها بقصة [التواليت]، و هي الحلقة العادية الآن لكل إنسان كبير أو صغير معتدل.
و لكن خد من المسميات الآ أخلاقية التي كانت تطلق بسخرية علينا أكثر مما تسمعها على كثير من الشباب اليوم و المخجلة كانت حقا، من الكثير من أهلنا أصحاب العمر القديم و خصوصا في القرى. لكننا لم نعبه، بل تابعنا مسيرة التحديث حتى رضي بها الجميع و انضم الكل من الكبار إلى ركبنا إلا القليل الملتزمين جدا بالدين.
و في النهاية:
و ها نحن الآن كبرنا و جاءت عصور أخرى كالكابوريا و بناتها و غيرها و عاد تراشق المسميات على الشباب و سوف تبقى كما أظن حتى نهاية العمر.
و ما كان ممنوع و لا أخلاقي أمس، يبقى اليوم ممتاز و حسن القبول لدى الجميع، و لا أحد يتكلم فيه أو يعيبه من قريب أو بعيد، و هكذا تطورت الحياة عندنا في القطيف و تغيرت.
مع تحيات: أبو سلطان
كيف تطور شباب القطيف حتى وصل إلى عصر الكابوريا
في البداية عند ما كنا صغار قبل 70 عاما كانت الحياة جدا بسيطة في كل شيء، فلا يوجد لدينا أكلات جاهزة كالمقرمشات و الشبز و لا حليب بودرة نيدو و لا فيتامينات و لا مناشف صحية كالبامبرز و غيره.
فما هي البدائل كانت ياترى؟:
لكن لدينا البدائل فعلا فبدل الشبز كان عندنا بودرة سلوق مدقوق نأخذ منه مانريد عند الحاجة، و بدل الحليب النيدو كان لدينا حليب البقر و الغنم، و بدل الفيتامينات كان لدينا [المصَر] و بدل المناشف الصحية كانت لدينا [الربطات الخلفية]، وهي عبارة عن ربط الثوب من الخلف و ترك الطفل يوزع محاصيله من حوله كما يشاء، و الطفل يسرح و يمرح بكامل حريته.
تحضير الفيتامينات:
كل أم لابد و أن تكون جهزت التالي قبل وصول المولود المنتظر: قطعة قماش نظيفة خفيفة، و كسرة عصى بطول تقريبا 10 سم و لعلها من شجرة الرمان، و وصلة [شمطوط] للربط، و قليل من التمر و الدهن البلدي.
تعجن التمرات جيدا و تخلط بالدهن البلدي و تلصق بجوانب كسرة العصى بإتقان ثم تصر [تربط] بالخلق من حولها و تربط بـ [الشمطوط] الصغير و تعطى للطفل يمصها من خارج الخلق، و لعل صانعي الآيسكريم [الآن] سرقوا الفكرة من عندنا - أهل القطيف، دون إذن.
فإن كان الطفل صغيرا فأخته الصغرى تساعده أو أمه و إن كان كبيرا فهو يتكفل بنفسه بمسك المصر و يمصه حتى النهاية، و لكن بمشاركة الكثير من الذباب الجائع هو الأخرى من حول وجهه و من حول المصر، و بألف هناء و عافية على الجميع.
سن ما بعد الإرضاع و حلاقته:
هنا يتهيأ الطفل أن يكون يافعا فتتم حلاقته لأول مرة، و يحلق بشكل جديد و مرح و ذلك بحلق ما حول رأسه من الخلف و الجوانب ويبقى الوسط و مقدمة الرأس بدون حلق و تسمى مقدمة الرأس بـ [القُصة] و وسط الرأس بـ [الدروة] يفصل بينهما حد دائري محلوق.
الآن هذا الشخص يطلق عليه إسم (رجيجيل) و هو قابل لبدء مرحلة العمل أو المعلم، و قرار تعليمه يؤخد من عدة عوامل كرقمه في الأطفال و يجب على الأوائل أن تعد للعمل أولا و كذلك دهنه و قابلية حفظه مما يسمعه من المنبر، و أيضا يؤخذ رأي أقرب [ملا] في المسألة.
لباسه:
اول ما يحضر لهذا اليافع هو الثوب و الإيزار و الغترة. الإيزار في البداية أي قطعة قماش بيضاء تدور حول خصره أو مما ترك من هو أكبر منه، و الغترة أي شيء يحصل حوله من غتر أخوته الكبار أو أبوه. و كذلك الثوب إما فسخ إخوته أو جديد من السوق.
شكل الثوب:
الثوب هو كالتالي: ثوب تفصيل عماني بكل التفاصيل و لعله الثوب السائد في كل مناطق الخليج في ذلك الوقت بجناحيه الفضفاضة في الجوانب من الأسفل، و قرصين تحت الإبط و كركوشة في الجيب. و أزرة محيوكة من خيوط، و هذا هو اللبس المعتاد آنذاك في القطيف.
لكن هذا الثوب في زمننا وقتها لابد أن يأخد له حد للنهاية فقد كنا في عصر قلق و متحرك و متغير يومياً تقريبا فكنا في عصر حرج جدا و هو ما بين القديم الفلاحة و البحر، و البترول و [القنطراز] - مقاولي البترول، فلا بد للشباب أن يتحرك في تغيير بيئته كلها و منها الثوب.
ثوب الكبار:
ثياب الرجل الكبير في الماضي أنواع، فمنهم لباس العمل الفلاحي أو الحمارة و أصحاب المهن، فهؤلاء يلبسون عادة الإزار و القميص القريب من قميص الباكستانيين الآن، إلا إنه أقصر قليلا. أما الأثرياء فإنهم يلبسون على الإزار و القميص ثياب واسعة فضفاضة بأيدي مثلثة طويلة كلبس ثوب النسوان [الهاشمي] و تسما هذه الثياب: ثياب (الأردان).
سوق مياس و تأثيرها على نوعية اللباس:
موقع سوق مياس أصلا ليس في موقعه الآن بل كان في ظهر السكة - (السوق المركزي للقطيف) - مباشرة من الغرب. و فيها بياعين ثابتين من البحرين. و منهم شخص متخصص في جلب ثياب شباب متطورة و معتدلة قليلا و بخلق أنواع جديدة كاللآس و الشفاف [التور] و غيرهم و الأثرياء يلبسون الشفاف في أيام الصيف فوق الإزار و القميص في حين ثوب اللاس الناعم اللماع لا يلبسه إلا الشباب.
و بعدها جلبوا لنا الثوب الحجازي و كان يختلف كثيرا عن بيئتنا لكونه ضيق كثيرا من الأعلى و عريض من الأسفل، شكله شكل ثياب النساء - النفنوف، كان هناك فعلا تخبط في اللباس لا يوصف، و صار تعليق الكبار على لباس الشباب لا حد له ولا يطاق.
في الأثناء جلبوا لنا الثوب الكويتي و كان عريضا جدا و [مخبخب] زيادة على المألوف أكثر من اللزوم، و كانت الحيرة لدى الشباب أيهم يلبسوا.
أما المادة من نقود فهي موجودة لأن الآباء لا تقصر في المصروف فغالبيتهم يعملون في الأرامكو.
حينها حل الإخوة اليمنيين الخياطين ضيوف عندنا و حاولوا الإستماع إلى ما يعانوه الشباب من إشكالات في شكل الثوب المطروح في السوق للبس.
و لحل الإشكالات بمساعدتهم، طلبوا منهم الشباب تفصيل ثوب جديد أسموه ثوب [كويتي حجازي] و هذا هو الثوب الذي بين أيدينا الآن، جهد قدمه شباب أمس للكثير منا اليوم هدية، و قد جاء من بين الإهانات و السخرياء و الإثارات دامت معهم من العمر زمن طويل.
قَصة شعر الشباب:
بعد أن كبرنا و وصلنا العاشرة تقريبا لا بد لشعرنا أن يحلق تماما بالموس فقد كبرنا و وصلنا إلى أعمار الرجال.
و بقي هذا المفهوم سائدا حتى و صلنا إلى عمر انتشار و تأثير عمال أرامكو و القنطراز بالمنطقة و حضور الهنود كحلاقين. و بدأ الشباب يتجرأ تدريجيا بالخروج عن المفهوم من الحسونة بالموس و تتجه إلى ما كان يعرف وقتها بقصة [التواليت]، و هي الحلقة العادية الآن لكل إنسان كبير أو صغير معتدل.
و لكن خد من المسميات الآ أخلاقية التي كانت تطلق بسخرية علينا أكثر مما تسمعها على كثير من الشباب اليوم و المخجلة كانت حقا، من الكثير من أهلنا أصحاب العمر القديم و خصوصا في القرى. لكننا لم نعبه، بل تابعنا مسيرة التحديث حتى رضي بها الجميع و انضم الكل من الكبار إلى ركبنا إلا القليل الملتزمين جدا بالدين.
و في النهاية:
و ها نحن الآن كبرنا و جاءت عصور أخرى كالكابوريا و بناتها و غيرها و عاد تراشق المسميات على الشباب و سوف تبقى كما أظن حتى نهاية العمر.
و ما كان ممنوع و لا أخلاقي أمس، يبقى اليوم ممتاز و حسن القبول لدى الجميع، و لا أحد يتكلم فيه أو يعيبه من قريب أو بعيد، و هكذا تطورت الحياة عندنا في القطيف و تغيرت.
مع تحيات: أبو سلطان