نور علي
10-28-2005, 08:03 PM
· كيف نـتـزوّد من مائدة القرآن الكريم؟
· الشيخ حبيب الكاظمي
·
·
· إن القرآن الكريم هو حديث المولى جلا وعلا مع العبد، بعكس الصلاة التي هي حديث العبد مع الرب.. والقرآن الكريم لا يقل أهمية عن سائر العبادات والطاعات.
· ومن هنا وجب علينا الالتفات إلى أهمية حفظ كتاب الله وتدبره، والاغتراف من بحر عطائه الهائل، وفيض مواهبه اللا متناهية.. ناهيك عن التوفيقات الإلهية المتواترة، وعطاءاته المذهلة للمتزودين من مناهل القرآن، الصافين أقدامهم في جوف الليل للمناجاة والدعاء، يهطلون دموع الرجاء إن مرت عليهم آيات التشويق والترغيب، ودموع الخوف إن قرءوا آيات العذاب والتنكيل.
· إن هناك تجليات لله عز وجل، قد تجلى بها لعباده، منها:
أولاً: التجلي الآفاقي..
قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ}.. إن لهذا النوع من التجلي اتساعا، يصعب حصره.. وكلما ازداد الإنسان توغلا في علوم الطبيعة، كلما ازداد قربا إلى الله عز وجل.. ولكن بشرط أن يكون له لب مدرك.. فالعالم الجاهل بالله، هو والمجهر على حد سواء؛ فكلاهما لا يعي، ولا يفهم حقيقة الأمور.. فالمجهر يلتقط الصور، وعينه تتلقى الصور من غير أن تزيد هذا الإنسان إلا نفورا.
ثانياً: التجلي الأنفسي..
وهذا النوع من التجلي، يكون على هيئتين:
أولهما: التجلي الأنفسي المعنوي: ويكمن تعريف هذا النوع من التجلي، أنه عبارة عن التفاعل مع المعاني، التي أنزلها المولى في كتابه الكريم.. إن القرآن الكريم هو في حد نفسه، منتهى اللطف والتفضل على بني آدم.. حيث أنه يوجه خطابه للناس وللمؤمنين مباشرة، فمن أنت أيها المخلوق، لتنال شرف محادثة الخالق!.. فنحن نقرأ في كتاب الله -عز وجل- آيات عديدة في هذا الصدد، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}، وغيرها الكثير من الآيات التي تخاطب الإنسان، وتأمره بالتكاليف.. فنجد بعض العارفين قد فهم مغزى هكذا آيات من أن (لذة الخطاب تذهب بالعناء) فمن كرم الله تبارك وتعالى، أن جعل خطابه للعبد الحقير مباشرة، ولم يكن خطابه معنا خطاباً عبر حديث قدسي أو حديث نبوي.. بل كان خطابه لنا مباشرا، ومن دون أي واسطة.. لذا فإن عدم تكليم الله لعباده يوم القيامة، هو نوع من أنواع العذاب، حيث يقول تعالى: {اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}.
ثانيهما: التجلي الأنفسي الحالي: وهذا النوع من التجلي يكون غالباً للخواص من عباد الله المؤمنين، وهم الذين يعيشون بوجودهم مع وجود الله عز وجل، وهم الذين يؤدون عبادتهم على أكمل وجه، ومعاشرتهم تكون مرتبطة بالله وفي الله.
· تعريف القرآن، قد ورد تعريفه من خلال آيات منها:
قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ}.. فقد وصف الله تبارك وتعالى هذا القرآن بأحسن الحديث، أي أنه لا يوجد هنالك أي حديث هو أفضل من كلام الله، ومن القرآن الكريم؛ لذا فقد تحدى الله المنكرين للقرآن الكريم في عدة مواضع لأن يأتوا بسورة من مثله.
وقال تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ}.. فحينما نفسر هذه الآية المباركة تفسيراً عابراً، نجد هنالك ربطاً بين قسم الله بالنجوم، وبين الكتاب الكريم.. فالنجوم بالرغم من انتشارها في لوحة الكون البديع من غير خلل، ومحتفظة بالقوانين الإلهية، وباقية وراسخة في أماكنها، ولازالت محتفظة بمواقعها على مر السنين.. فهكذا القرآن أيضاً احتفظ بمكانته، وسيحتفظ بها إلى يوم الدين .
وقال تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}.. فالفرق واضح بين كلام الخالق وكلام المخلوق، فالله -عز وجل- يبين أن القرآن لو كان من عند غيره، لوجد اختلاف واضح في أفكاره، وتضارب بين في معانيه ومبانيه .
وعليه، بناء على ما تقدم نعرف القرآن بالقرآن، ومن خلال استعراضنا للآيات السابقة، نجد أن القرآن الكريم وحقائقه، تمر في مراحل عدة فالآيات للوهلة الأولى تكون فكرة، ومن ثم تستقر في القلب، ومن ثم تترجم في الحواس، وفي التصرفات.. فالقرآن الكريم إذا أحببنا أن نتعرف عليه بشكل أكثر وضوحاً، لابد لنا من أن نقرنه بقرينة، وهم العترة الطاهرة (إنما يعرف القرآن من خوطب به) ومن هذا المنطلق فنحن لا نملك سوى أن نعرف القرآن إلا كما عرفه الأطهار عليهم السلام، وعلى لسان أمير الموحدين عليه السلام قال: (إن القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق.. لاتفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه).
· وبعد التعريف بالقرآن، اتضح لنا وبشكل جلي، أن لهذا القرآن الكريم والعظيم القدر، مكانة عالية ورفيعة عند الله عز وجل.. وعليه، فلا بد لنا ومن هذا المنطلق، أن نتزود بالمقدار الأكبر من معين القرآن، من خلال قراءته وتلاوته.. وبالتالي، علينا أن نفهم كيفية قراءة القرآن، لنتزود بالمقدار الأكبر من عطائه الجم!..
· الشيخ حبيب الكاظمي
·
·
· إن القرآن الكريم هو حديث المولى جلا وعلا مع العبد، بعكس الصلاة التي هي حديث العبد مع الرب.. والقرآن الكريم لا يقل أهمية عن سائر العبادات والطاعات.
· ومن هنا وجب علينا الالتفات إلى أهمية حفظ كتاب الله وتدبره، والاغتراف من بحر عطائه الهائل، وفيض مواهبه اللا متناهية.. ناهيك عن التوفيقات الإلهية المتواترة، وعطاءاته المذهلة للمتزودين من مناهل القرآن، الصافين أقدامهم في جوف الليل للمناجاة والدعاء، يهطلون دموع الرجاء إن مرت عليهم آيات التشويق والترغيب، ودموع الخوف إن قرءوا آيات العذاب والتنكيل.
· إن هناك تجليات لله عز وجل، قد تجلى بها لعباده، منها:
أولاً: التجلي الآفاقي..
قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ}.. إن لهذا النوع من التجلي اتساعا، يصعب حصره.. وكلما ازداد الإنسان توغلا في علوم الطبيعة، كلما ازداد قربا إلى الله عز وجل.. ولكن بشرط أن يكون له لب مدرك.. فالعالم الجاهل بالله، هو والمجهر على حد سواء؛ فكلاهما لا يعي، ولا يفهم حقيقة الأمور.. فالمجهر يلتقط الصور، وعينه تتلقى الصور من غير أن تزيد هذا الإنسان إلا نفورا.
ثانياً: التجلي الأنفسي..
وهذا النوع من التجلي، يكون على هيئتين:
أولهما: التجلي الأنفسي المعنوي: ويكمن تعريف هذا النوع من التجلي، أنه عبارة عن التفاعل مع المعاني، التي أنزلها المولى في كتابه الكريم.. إن القرآن الكريم هو في حد نفسه، منتهى اللطف والتفضل على بني آدم.. حيث أنه يوجه خطابه للناس وللمؤمنين مباشرة، فمن أنت أيها المخلوق، لتنال شرف محادثة الخالق!.. فنحن نقرأ في كتاب الله -عز وجل- آيات عديدة في هذا الصدد، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}، وغيرها الكثير من الآيات التي تخاطب الإنسان، وتأمره بالتكاليف.. فنجد بعض العارفين قد فهم مغزى هكذا آيات من أن (لذة الخطاب تذهب بالعناء) فمن كرم الله تبارك وتعالى، أن جعل خطابه للعبد الحقير مباشرة، ولم يكن خطابه معنا خطاباً عبر حديث قدسي أو حديث نبوي.. بل كان خطابه لنا مباشرا، ومن دون أي واسطة.. لذا فإن عدم تكليم الله لعباده يوم القيامة، هو نوع من أنواع العذاب، حيث يقول تعالى: {اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}.
ثانيهما: التجلي الأنفسي الحالي: وهذا النوع من التجلي يكون غالباً للخواص من عباد الله المؤمنين، وهم الذين يعيشون بوجودهم مع وجود الله عز وجل، وهم الذين يؤدون عبادتهم على أكمل وجه، ومعاشرتهم تكون مرتبطة بالله وفي الله.
· تعريف القرآن، قد ورد تعريفه من خلال آيات منها:
قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ}.. فقد وصف الله تبارك وتعالى هذا القرآن بأحسن الحديث، أي أنه لا يوجد هنالك أي حديث هو أفضل من كلام الله، ومن القرآن الكريم؛ لذا فقد تحدى الله المنكرين للقرآن الكريم في عدة مواضع لأن يأتوا بسورة من مثله.
وقال تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ}.. فحينما نفسر هذه الآية المباركة تفسيراً عابراً، نجد هنالك ربطاً بين قسم الله بالنجوم، وبين الكتاب الكريم.. فالنجوم بالرغم من انتشارها في لوحة الكون البديع من غير خلل، ومحتفظة بالقوانين الإلهية، وباقية وراسخة في أماكنها، ولازالت محتفظة بمواقعها على مر السنين.. فهكذا القرآن أيضاً احتفظ بمكانته، وسيحتفظ بها إلى يوم الدين .
وقال تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}.. فالفرق واضح بين كلام الخالق وكلام المخلوق، فالله -عز وجل- يبين أن القرآن لو كان من عند غيره، لوجد اختلاف واضح في أفكاره، وتضارب بين في معانيه ومبانيه .
وعليه، بناء على ما تقدم نعرف القرآن بالقرآن، ومن خلال استعراضنا للآيات السابقة، نجد أن القرآن الكريم وحقائقه، تمر في مراحل عدة فالآيات للوهلة الأولى تكون فكرة، ومن ثم تستقر في القلب، ومن ثم تترجم في الحواس، وفي التصرفات.. فالقرآن الكريم إذا أحببنا أن نتعرف عليه بشكل أكثر وضوحاً، لابد لنا من أن نقرنه بقرينة، وهم العترة الطاهرة (إنما يعرف القرآن من خوطب به) ومن هذا المنطلق فنحن لا نملك سوى أن نعرف القرآن إلا كما عرفه الأطهار عليهم السلام، وعلى لسان أمير الموحدين عليه السلام قال: (إن القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق.. لاتفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه).
· وبعد التعريف بالقرآن، اتضح لنا وبشكل جلي، أن لهذا القرآن الكريم والعظيم القدر، مكانة عالية ورفيعة عند الله عز وجل.. وعليه، فلا بد لنا ومن هذا المنطلق، أن نتزود بالمقدار الأكبر من معين القرآن، من خلال قراءته وتلاوته.. وبالتالي، علينا أن نفهم كيفية قراءة القرآن، لنتزود بالمقدار الأكبر من عطائه الجم!..