المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحج إلى بيت الله الحرام



amili
12-28-2003, 05:52 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين .
قال الله تعالى في كتابه المجيد: وَللّه عَلى النَّاس حجّ البَيْت مَنْ اسْتَطَاع إلَيْه سَبيْلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإنَّ اللّهَ غَنيّ عَن العَالَمينَ .
الحج ركن من أركان الدين وجوبه من الضروريات وتركه مع الاعتراف بثبوته معصية كبيرة، كما أن إنكار أصل الفريضة ـ إذا لم يكن مستنداً إلى شبهة ـ كفر.
يجب الحج على كل مكلّف جامع للشرائط ووجوبه ثابت بالكتاب والسنة القطعية عندما تتحقق شرائطه وهي: البلوغ والعقل والحرّية والاستطاعة , والحج الواجب على المكلّف في أصل الشرع إنّما هو لمرّة واحدة ويسمّى ذلك بحجّة الإسلام .
روى الشيخ الكليني بطريق معتبر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من مات ولم يحجّ حجّة الإسلام، ولم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق معه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهودياً أو نصرانياً .
في عصر الإمام جعفر بن محمد الصادق ـ ع ـ جاءه شخص يدعى ابن أبي العوجاء مع جماعةٍ من أصحابه وتوجّه للإمام قائلاً : يا أبا عبد الله إنّ المجالس أمانات، ولابدّ لكلّ من به سعال من أن يسعل، أتأذن لي في الكلام؟ فقال -ع - تكلّم ، فقال : إلى كم تدوسون هذا البيدر ، وتلوذون بهذا الحجر، وتعبدون هذا البيت المعمور بالطوب والمدر، وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر، إنّ مَن فكّر في هذا وقدّر علم أنّ هذا فعلٌ أسّسه غير حكيم ولا ذي نظر، فقل فإنّك رأس هذا الأمر وسنامه وأبوك أسّه وتمامه؟
فقال –ع - : إنّ مَن أضلّه الله وأعمى قلبه استوخم الحقّ ولم يستعذبه، وصار الشيطان وليّه وربّه وقرينه، يورده مناهل الهلكة ثمّ لا يصدره ، وهذا بيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثّهم على تعظيمه وزيارته، وجعله محلّ أنبيائه، وقبلة للمصلّين إليه، فهو شعبة من رضوانه، وطريق يؤدّي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال، ومجمع العظمة والجلال، خلقه الله قبل دحو الأرض بألفي عام، فأحقّ من أُطيع فيما أمر، وانتهي عمّا نهى عنه وزجر، الله المنشئ للأرواح والصور .
ومن خلال جوابه – ع –فإنه يكشف لنا النقاب عن بعض أسرار الحجّ أهمها :
1 ـ التوجه إلى الكعبة :
سرّ التوجّه أزاء الكعبة أثناء الصلاة لا يعني عبادة الكعبة لأن العبادة لله تعالى وحده , وحال توجّه المصلي نحوها فإنه يخاطب الله سبحانه وتعالى بقوله : إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعِينُ ، وعله توجّهنا هذا لأنها تعتبر أقدم معبدٍ وبيت لتوحيده تعالى حيث بُني بأيدي أنبياء الله -ع - للموحّدين ( إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ ) , وكذلك الحال بما أن الوحدة بين المصلين متجسدة في توجههم أثناء تأديتهم الفرائض حيث أوجب تعالى ذلك يجب أن تستكمل بوحدة متكاملة في كافة شؤون حياتهم كما هي صلاتهم , وهنا يتبين لنا بأن التوجه نحوها ليس بمعنى العابدة للمعبد بل جعله رمزا للوحدة بين المصلين أينما كانوا .
إن النبي – ص - والمسلمين كانوا يصلّون متجهين في صلاتهم تلك نحو المسجد الأقصى لفترة من الزمن لكن بعد سبعة عشر شهراً من الهجرة وجب عليهم بأن يتجهوا نحو المسجد الحرام والكعبة حيثما كانوا ذكرها المولى في قوله تعالى : فَوَلَّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ , وقد ذكّر الإمام الصادق ـ ع ـ سر من أسرار التوجّه نحو الكعبة حال الصّلاة، وقال: وهذا البيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثّهم على تعظيمه وزيارته، وجعله محلَّ أنبيائه، وقبلة للمصلّين إليه. فهو شعبة من رضوانه، وطريق يؤدّي إلى غفرانه .
2 - الحجر الأسود واستلامه باليد والهدف من ذلك ؟
يستفاد من الأحاديث الإسلامية أنّ بناء الكعبة كان موجوداً قبل عصر النبيّ إبراهيم –ع - وقد تهدم جداره على أثر طوفان نوح – ع - ، وبعد أن أُمِرَ النبيّ إبراهيم بإعادة بناء الكعبة وَضَعَ الحجر الأسود " الذي هو جزءٌ من جبل أبي قبيس " بأمر الله تعالى في جدارها .
إنّ استلام الحجر ووضع اليد عليه يعتبر نوعاً من العهد والبيعة مع سيّدنا إبراهيم لمحاربة مظاهر الشرك وعبادة الأوثان بأنواعها كونه أول الموحدين الذين حطموا الأوثان وكي لا ننحرف عن الحنيفيّة ولا نخرج عن جادة التوحيد في مظاهر الحياة كافة.
عندما نزلت الآية المباركة: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً أمر – ص - بإحضار إناءٍ فيه ماء ووضع يده المباركة فيه ثمّ أخرجها من الماء وقال: مَنْ أرادت منكنّ أن تبايعني فلتضع يدها في الماء وتبايعني على ما في هذه الآية , ومن هنا أيضاً فإنّ مبايعة رسول الله - ص - تمّت عن طريق وضع اليد في شيء وضع هو يده فيه وتأتي مسألة استلام الحجر الأسود من هذا القبيل أيضاً , من خلال ذلك فإن الهدف أن نبايع الأنبياء – ع – على التوحيد لذا يقول الإمام الصادق عليه السلام : وقل عند استلامك الحجر أمانتي أدّيتها وميثاقي تعاهدتُه لِتَشْهَد لي بالموافاة , ويقول ابن عباس أنه بيعة لمن لم يدرك بيعة رسول الله – ص - وبناءً عليه فإنّ الهدف من تقبيل الحجر واستلامه تجسيدٌ لميثاق قلبي وروحي بين العبد والمعبود .
3 - الهدف من السعي بين الصفا والمروة ؟
إنّ حجّاج بيت الله ومن خلال السعي بين الصفا والمروة يجسّدون حالة السيّدة هاجر أُمّ إسماعيل –ع – التي لم تيأس من رحمة الله تعالى بسعيها في تلك الصحراء الخالية من الزرع والماء بحثاً عن الماء ، وفي نهاية سعيها شملها اللطف الإلهي وتحقق طلبها بعد أن فار الماء تحت أقدام إسماعيل ـ ع ـ .
كما وذكرت بعض الأحاديث أنّ الشيطان قد تجسّد لسيّدنا إبراهيم ـ ع ـ في هذا المكان وأخذ يعقّبه في سعيه ليبعده عن حرم بيت الله وبأدائنا لهذا العمل إنّما نجسّد ذلك العمل المعنوي , وبذبح القرابين فإنّنا نحيي ذكرى فداء سيّدنا إبراهيم ـ ع ـ الذي ضحّى بكلّ شيء في سبيل الله حتى ولده .
4 - الهدف من رمي الجمرات الثلاثة :
إنّ حجّاج بيت الله الحرام يرجمون في أيام العاشر والحادي عشر والثاني عشر أعمدة معيّنة في أرض منى بالحجر وبهذا العمل فإنّهم يرمون في الظاهر نقطة معيّنة بالحجر، وعليهم بذلك أن يرجموا الشيطان في باطنهم لأنّ الشيطان تجسّد لسيدنا إبراهيم ـ ع ـ في الأماكن الثلاثة هذه ورجمهُ إبراهيم بالحجر ليظهر تنفّره منه، وبقي عمل إبراهيم – ع - هذا سنّةً إلهيّة في أعمال الحج , ويجب أن يكون عمل الحجاج هذا مجسداً بنفرتهم من الشيطان وما يمثله برجمهم تلك النقط وتعبيرا عن ابراهيميتهم .
وخلاصة القول فإنّ الذي يتأمّل في تاريخ فرائض الحجّ يتلمّس أنّ الكثير من هذه الأعمال هي مجموعة من الأمور المعنويّة والأخلاقيّة التي تؤدّى بسلسلة من الأعمال بشكل منظّم، وليس الغرض منها عبادة الحجر والطين والجبل مطلقاً .

شاهزنان
12-28-2003, 08:54 PM
الله يعطيك العافية اميلي

على هالموضوع الحو و المفيد

القلب المكسور
12-28-2003, 09:02 PM
مشكور اخوي على الموضوع الحلو المفيد

لؤلؤة البحر
12-28-2003, 09:22 PM
جوزيت خيراً اخي على هالموضوع ..المفيد..


فـ ـ ـروته..