ابوحسن التونسي
07-24-2008, 10:17 PM
بسمه تعالت قدرته
للشيخ جوادي املي
تفسير الإنسان بالإنسان بمثابة التفسير الأنفسي للقرآن الحكيم
الإنسان هو خليفة الله و معرفة الخليفة علامة على معرفة «المُستخلَف عنه»، و بما أن خير سبيل لمعرفة الله، هو معرفة ذاته القدسية عبر التفكر فيه، كما أن أفضل طريق لمعرفة رسول الله و وليّ الله هو البحث في معنى الرسالة و الولاية: «اعرفوا الله بالله و الرسول بالرسالة و أولي الأمر بالأمر بالمعروف و العدل و الإحسان ...»(1)، و لذا فإن أفضل طريق لمعرفة الخليفة و هو الإنسان هو تقييم هويته و هذا هو «تفسير الإنسان بالإنسان»: «اعرفوا الإنسان بالإنسان».
فكلما تمت معرفة خليفة الله بشكل أفضل، ستتم معرفة الله أيضاً بشكل أفضل، و إن كانت مثل هذه المعرفة لا تصل بتاتاً إلى حدّ معرفة الله بالله. و بالطبع فإن من عرف الله بالله، سيعرف جيداً جميع مظاهره من الرسول و الوليّ و بالتالي حقيقة الإنسان الذي هو خليفته. و من جانب آخر، فإن في تفسير الإنسان بالإنسان صبغة التفسير الأنفسي للقرآن الحكيم.
إن تحليل معنى الإنسان، و التعمّق في مفهوم الروح الإنسانية المجردة، و البحث في معنى العقل النظري و العملي و تقييم كل العناصر المحورية التي لها دور مؤثر في تشكيلة الإنسان المتديّن و المتحضّر، حينما تقع في مدار التعليل المفهومي من منظار الحكمة و الكلام و التبيين الذهني من منظار الحديث و الأخلاق، فهي و إن كانت بالحمل الأولي سير أنفسي و تفسير باطني للإنسان، إلا أنها بالحمل الشائع الصناعي سير آفاقي و تفسير خارجي له، لأن مفهوم الإنسان و باقي المفاهيم المذكورة كلها إنسان بالحمل الأولي، و كذلك تلك الأمور؛ و لكنها بالحمل الشائع غيره و سواها؛ و حتى البرهان الذي يتبلور بالتحليل الفلسفي و الكلامي لنفس الإنسان و تجرّدها و يصل إلى إثبات المبدأ الأول، هو في الواقع من سنخ تقييم الآيات الآفاقية؛ لا الأنفسية، و بالتالي فإن فيها صبغة التفسير الآفاقي للقرآن الحكيم؛ لا تفسيرها الأنفسي. و أما أن تكون معرفة النفس، و تحليل الآيات الناظرة إلى نفخ الروح، و تجرّدها، و سيرها الملكوتي، و بقائها، و مظهريتها لأسماء الله الحسنى متصفة بصبغة تفسير القرآن الأنفسي فذلك لا يتم إلا إذا كان المعروف هو الروح المجردة بالحمل الشائع؛ لا بالحمل الأولي. فإن مثل هذه المعرفة تفوق دائرة الحكمة و حوزة الكلام و منطقة التفسير المفهومي و الاستدلال الحصولي و التقييم الذهني؛ و ذلك كأن يشاهد امرؤ تفسير إحياء الموتى من خلال موته و حياته: ﴿فأماته الله مائة عام ثم بعثه﴾(2)، أو كالنبي يوسف (عليه السلام) الذي كان يطلب معنى الرؤيا وتفسيرها و تعليم الأحاديث فجرّب ذلك باطنياً من خلال ﴿إني رأيت أحد عشر كوكباً و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين﴾(3) و ﴿و خرّوا له سجّداً و قال يأبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً﴾(4)، فإن كلاهما من قبيل تفسير الإنسان بالإنسان و من سنخ التفسير الأنفسي للقرآن الكريم. و إن يوسف المصري لا يظهر بتاتاً من خلال الدرس المفهومي لفنّ «التعبير».
_____________________
1- الكافي، ج 1، ص 85.
2- سورة البقرة، الآية 259.
3- سورة يوسف، الآية 4.
4- سورة يوسف، الآية 100.
المصدر:تفسير انسان به انسان (تفسير الإنسان بالإنسان)، ص 22-24
للشيخ جوادي املي
تفسير الإنسان بالإنسان بمثابة التفسير الأنفسي للقرآن الحكيم
الإنسان هو خليفة الله و معرفة الخليفة علامة على معرفة «المُستخلَف عنه»، و بما أن خير سبيل لمعرفة الله، هو معرفة ذاته القدسية عبر التفكر فيه، كما أن أفضل طريق لمعرفة رسول الله و وليّ الله هو البحث في معنى الرسالة و الولاية: «اعرفوا الله بالله و الرسول بالرسالة و أولي الأمر بالأمر بالمعروف و العدل و الإحسان ...»(1)، و لذا فإن أفضل طريق لمعرفة الخليفة و هو الإنسان هو تقييم هويته و هذا هو «تفسير الإنسان بالإنسان»: «اعرفوا الإنسان بالإنسان».
فكلما تمت معرفة خليفة الله بشكل أفضل، ستتم معرفة الله أيضاً بشكل أفضل، و إن كانت مثل هذه المعرفة لا تصل بتاتاً إلى حدّ معرفة الله بالله. و بالطبع فإن من عرف الله بالله، سيعرف جيداً جميع مظاهره من الرسول و الوليّ و بالتالي حقيقة الإنسان الذي هو خليفته. و من جانب آخر، فإن في تفسير الإنسان بالإنسان صبغة التفسير الأنفسي للقرآن الحكيم.
إن تحليل معنى الإنسان، و التعمّق في مفهوم الروح الإنسانية المجردة، و البحث في معنى العقل النظري و العملي و تقييم كل العناصر المحورية التي لها دور مؤثر في تشكيلة الإنسان المتديّن و المتحضّر، حينما تقع في مدار التعليل المفهومي من منظار الحكمة و الكلام و التبيين الذهني من منظار الحديث و الأخلاق، فهي و إن كانت بالحمل الأولي سير أنفسي و تفسير باطني للإنسان، إلا أنها بالحمل الشائع الصناعي سير آفاقي و تفسير خارجي له، لأن مفهوم الإنسان و باقي المفاهيم المذكورة كلها إنسان بالحمل الأولي، و كذلك تلك الأمور؛ و لكنها بالحمل الشائع غيره و سواها؛ و حتى البرهان الذي يتبلور بالتحليل الفلسفي و الكلامي لنفس الإنسان و تجرّدها و يصل إلى إثبات المبدأ الأول، هو في الواقع من سنخ تقييم الآيات الآفاقية؛ لا الأنفسية، و بالتالي فإن فيها صبغة التفسير الآفاقي للقرآن الحكيم؛ لا تفسيرها الأنفسي. و أما أن تكون معرفة النفس، و تحليل الآيات الناظرة إلى نفخ الروح، و تجرّدها، و سيرها الملكوتي، و بقائها، و مظهريتها لأسماء الله الحسنى متصفة بصبغة تفسير القرآن الأنفسي فذلك لا يتم إلا إذا كان المعروف هو الروح المجردة بالحمل الشائع؛ لا بالحمل الأولي. فإن مثل هذه المعرفة تفوق دائرة الحكمة و حوزة الكلام و منطقة التفسير المفهومي و الاستدلال الحصولي و التقييم الذهني؛ و ذلك كأن يشاهد امرؤ تفسير إحياء الموتى من خلال موته و حياته: ﴿فأماته الله مائة عام ثم بعثه﴾(2)، أو كالنبي يوسف (عليه السلام) الذي كان يطلب معنى الرؤيا وتفسيرها و تعليم الأحاديث فجرّب ذلك باطنياً من خلال ﴿إني رأيت أحد عشر كوكباً و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين﴾(3) و ﴿و خرّوا له سجّداً و قال يأبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً﴾(4)، فإن كلاهما من قبيل تفسير الإنسان بالإنسان و من سنخ التفسير الأنفسي للقرآن الكريم. و إن يوسف المصري لا يظهر بتاتاً من خلال الدرس المفهومي لفنّ «التعبير».
_____________________
1- الكافي، ج 1، ص 85.
2- سورة البقرة، الآية 259.
3- سورة يوسف، الآية 4.
4- سورة يوسف، الآية 100.
المصدر:تفسير انسان به انسان (تفسير الإنسان بالإنسان)، ص 22-24