المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المعصومون الأربعة عشـــــــــــــــــــر, لكل معصوم موضوع خاص به (14 موضوع)



بيسان
09-04-2005, 12:46 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾


الرسول الأعظم محمد بن عبدالله(صلى الله عليه و آله), من المعصومين الأربعة عشـ14ـر


نسبه الشريف :

هو محمد بن عبدالله ابن عبدالمطلب ابن هاشم ابن عبد مناف ابن قصي ابن كلاب ابن مرة ابن كعب ابن لؤي ابن غالب ابن فهر ابن مالك ابن النضر ابن كنانة ابن خزيمة ابن مدركة ابن الياس ابن مضر ابن نزار ابن عدنان .
ونسب النبي ( ص) لا يختلف فيه النسابون إلى عدنان ، ولكن يختلفون فيما بعذه اختلافاً عظيماً في عددها وضبطها . فالذي ينبغي لنا التوقف فيما فوق عدنان ، لِما روي عن النبي :" إذا بلغ نسبي إلى عدنان فامسكوا ".

عقيدتنا فيه :

تعتقد الشيعة الإمامية بأن النبي محمد ابن عبدالله ابن عبدالمطلب النبي الأمي الهاشمي ، خاتم الأنبياء وسيدهم وأفضلهم وأعلمهم وأكرمهم وأشجعهم وأتقاهم وأزهدهم ، وأنه معصوم عن الخطأ والسهو والغلط والنسيان والخطيئة سواء في الأمورالدينية أو الدنيوية ، ومافعل ذنباً طوال حياته قط ، وأنه منذُ ولادته حتى ساعة وفاته لم يعصِ الله أبداً ، لا بجزئية ولا بكلية أبداً .
وتعتقد الشيعة أنه ماترك صلى الله عليه وآله وسلم واجباً أمره الله به إلا وفعله ، وما فعل محرماً حرمه الله حتى المكروهات .
ولم يكن صلى الله عليه وآله وسلم متعبداً بشريعة غيره من الأنبياء كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى لأنه كان نبياً في علم الله وآدم بين الماء والطين ، وله معاجز كثيره منها انشقاق القمر وتسبيح الحصى في كفه والقرآن الكريم الذي هو معجزته الخالدة ، وهو الذي بين أيدينا من دون زيادة ولا نقصان ، ومن توهم الزيادة أو النقصان فهو مشتبه أو مغالط أو مخترق ، وكلهم على غير هدى .

ولادتـــــــــــه :

قالت الإمامية بأن مولده يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأول عند طلوع الفجر عام الفيل سنة 570 م في مكة المعظمة في الدار المعروفة بدار محمد بن يوسف ، وكانت بعد ذلك مسجداً والأن هي مكتبة .
وشذ من الإمامية ثقة الإسلام الشيخ الكليني ، وكذلك المسعودي صاحب كتاب مروج الذهب حيث أنهما يميلان إلى القول بولادته في اليوم الثاني عشر من الشهر نفسه ، وهونفس القول لدى جمهور السنة .
وكان والده قد توفى قبل ولادته ودُفعَ إلى حليمة السعدية لإرضاعه ، ثم عادت به في السنة الرابعة من ولادته ، وقيل السنة السادسة إلى امه ، وفي السنة السادسة خرجت أمه إلى أخواله بالمدينة المنورة لتزورهم ، فلما رجعت بهِ توفيت بالأبواء بين مكة والمدينة ، ثم كفله جده عبدالمطلب إلى وفاته في السنة الثامنة من مولده وكفله عمه أبو طالب حتى توفي في السنة العاشرة للمبعث الشريف .
وبعث بالرسالة في السابع والعشرين من رجب على المشهور وعمره الشريف أربعون سنة .
وقد أسريَ به ليلة السابع والعشرين من رجب ايضاً قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً .

الـــــدعـــــــــوة :

مكث عشر سنوات في مكة المكرمة وهو يدعو قومه ، حتى أذن الله تعالى له بالهجرة ليثرب(المدينة المنورة ) ، وكان في الأول من شهر ربيع الأول ، حتى وصل المدينة في الثاني عشر منه ، فأشرقت به أرجاؤها الزكية وتلقاه الأنصار ، ونزل بقباه وأسس مسجده على التقوى .
وهذا يعني أن السنة الأولى من الهجرة غير كاملة ، فهي تنقص شهرين إذا كان بداية السنة شهر محرم ، أو ستة أشهر بناءً على أن بداية السنة هو شهر رمضان المبارك .

غــــزواتــــــــه :

واصل دعوته في المدينة لمدة ثلاث عشرة سنة ، وكانت هناك غزوات وسرايا ، أشهرها غزوة بدر الكبرى ، حيث كان انتصار المسلمين الأول الذي ثبتَ الدولة الإسلامية الفتية ، ثم تلتها غزوة أحد ثم غزوة بني النضير ، ثم دات الرقاع ، ثم دومة الجندل ، ثم الخندق ، ثم غزوة الحديبية ، ثم فتح مكة المكرمة في شهر رمضان المبارك سنة ثمان للهجرة وأخيراً غزوة حنين ، وقد تخللت تلك الغزوات غزوات وسرايا كثيرة .

أولاده وبـنـــاتـــه :

للرسول ثلاث ذكور واربع إناث كما روي ، وقد ماتوا جميعهم عدا فاطمة الزهراء سلام الله عليها التي استشهدت بعده بخمسة وسبعين يوماً على التحقيق .
وله خصائص كثيرة ، منها زواجه بتسعِ نساء ، اختص بها وحده دون أمته ، ولها حكم كثيرة ، لا يسع المقام لذكرها .

حياته بشكلٍ عام :

عاش ثلاثاً وستين سنة منها ست سنوات مع أمه وثمان سنوات مع جده عبدالمطلب وأثنتين وأربعين سنة مع عمه أبي طالب منها سبع عشر سنة في بيته وخمس وعشرين سنة في بيت زوجته الأولى خديجة وبقي بعد عمه في مكة ثلاث سنوات وفي المدينة المنورة عشر شنوات .

وفـــــــاتــــــــه :

توفي في الثامن والعشرين من شهر صفر من سنة إحدى عشرة للهجرة الشريفة ، على إثر السم الذي دسته امرءة يهودية له في الطعام وهي كتف شاه قبل ثلاث سنوات ، وكانت تأتيه الحمى من أثر السم بين الفينةِ والأخرى حتى اشتدت الحمى به في الحادي والعشرين من شهر صفر ، ومرقده الشريف في المدينة المنورة في بيته وحالياً في المسجد النبوي الشريف .

بيسان
09-04-2005, 12:53 PM
الإمام علي بن أبي طالب(عليه و على آله السلام ), من المعصومين الأربعة عشـ14ـر

نــسبه الشريف :

هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب جد النبي ، فنسبه هو نسب رسول الله نفسه ، وقد كان لعبد المطلب على ما يقال -إثنا عشر إبناً - منهم أبو لهب لعنه الله ، وكانت امهاتهم مختلفة ومتعددة ، ولكن عبدالله والد النبي وأبا طالب والد الإمام علي كانا من أم واحدة ، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم جد النبي فعلي يلتقي في نسبه مع النبي من جهة الأب ومن جهة الأم بل هو أول هاشمي وُلِدَ من هاشميين وكذا أخوته .

مـــــــولــــــده :

ولد في مكة المكرمة ، وسط الكعبة المشرفة على الرخامة الحمراء ، يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب الأصب ، بعد ثلاثين سنة من عام الفيل ، وللنبي ثلاثون سنة، وقبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة ، وقبل البعثة الشريفة بعشر سنوات أو اثنتي عشر سنة ، وبعد زواج النبي من خديجة بثلاث أو بخمس سنوات ، ولم يولد أحد قبله ولا بعده في هدا المكان المقدس , وهي فضيلة خصه الله تعالى بها إجلالاً له ، وإعلاءً لمرتبته ، وإظهاراً لكرامته .

وقد اختص بالرسول ، حيث رباه الرسول وكان يطهره عند غسله، ويوجره اللبن وقت شربه ويحرك مهده عند نومه ، ويحمله على صدره ، وكان يحمله معه دائماً حين يطوف بجبال مكة وشعابها واوديتها .

عقيدتنا فيه وفي الإئمة الأثنى عشر وفاطمة الزهراء :

تعتقد الشيعة الإمامية أن الإمام علي والإئمة الأثنى عشر وفاطمة الزهراء ، أنهم بشر لهم مالنا وعليهم ما علينا ، وإنما هم عباد مكرمون اختصهم الله تعالى بكرامته وحباهم ولايته ، إذ كانوا في أعلى درجات الكمال اللائقة في البشر من العلم والتقوى والشجاعة والكرم والفقه وجميع الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة لا يدانيهم أحد من البشر فيما اختصوا به ، وبهذا استحقوا أن يكونوا أئمة وهداة ومرجعاً بعد النبي في كل ما يعود للناس من أحكام وحِكم ، وما يرجع للدين من بيان وتشريع وما يختص بالقرآن من تفسير وتأويل .
رويَ عن إمامنا الصادق ( ما جاءكم عنا مما يجوز أن يكون في المخلوقين ولم تعلموه ولم تفهموه فلا تجحدوه وردوه إلينا وما جاءكم عنا مما لايجوز أن يكون في المخلوقين فاجحدوه ولا تردوه إلينا )

مـــــقــــــامـــــــــه :

هو أول من أمن بالرسول ووصيه ، وأفضل خلفائه وصفه الله تعالى في كتابه ، ومدحه بأياته ، ومدح فيه اثاره ، فهو الكريم حياً والشهيد ميتاً .

أخـلاقـه وسـجـيــاتــه :

يعجز القلم عن تسطير أخلاق وسجيات هذا العملاق كيف لا وهو ربيب الرسول ، فقد أخذ أخلاق وسيرت الرسول الذي وصفه الله تعالى بقوله ( وإنك لعلى خلق عظيم ) وقوله على ما رويَ " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيَّ بعدي " . إذاَ من هذا الحديث يثبت لعلي ما ثبت لرسول الله عدا النبوة وعدد الأزواج .

حــــــروبــــــــــه:

شارك الإمام على في جميع حروب النبي عدا غزوة تبوك ، وبعد توليه الحكم الظاهري سنة خمسة وثلاثين للهجرة ، خاض معركة البصرة أو وقعة الجمل ، ثم معركة صفين فالنهروان وكان هو المشار إليه في الحروب بلا منازع .

زوجــاته وابـــنـــائه :

تزوج صلوات الله وسلامه عليه فاطمة الزهراء ، ولم يتزوج مع وجودها عليها السلام عليها . ثم تزوج بعد وفاتها بزوجات عديدة .
وولد له أولاد كثيرون ، بنون وبنات ، وصل البعض بعددهم إلى ثمانية وعشرين ولداً ، وكان أفضل أولاده الحسن والحسين عليهما السلام ثم زينب والعباس .

اسـتـشـهـــــــــاده :

أُستشهد في الليلة الحادية والعشرين من شهر رمضان ، وكانت ليلة الجمعة ، حيث دخل الخارجي عبدالرحمن ابن ملجم الكوفة ، واستعان برجل آخر من الخوارج يقال له شبيب بن مجرة على قتل الإمام علي وحرضتهما على ذلك فطام ( بنت أحد الخوارج ) ، فدخلا الجامع الأكبر فجر ليلة التاسع عشر من شهر رمضان ، والإمام علي في صلاته إماماً ، فضربه شبيب فأخطاه ، ثم ضربه ابن ملجم في السجدة الخيرة ، فشق رأس الإمام ، وهرب اللعينان ، فقبض عليهما ، وقتيلا بعد وفاته .
وبقي يومين بعد ذلك ، وكان له من العمر ثلاث وستون سنة على قدر سني رسول الله وحُمِلت جنازته ليلاً إلى النجف الأشرف المعروف بالغري ، البعيد عن الكوفة ما يقارب مسيرة ساعة ، ودُفن هناك على يدي ولديه الحسن والحسين اللذين اخفيا قبره بوصية منه لهما ، وقد ظل مخفياً إلى زمن الإمام الصادق جعفر بم محمد فبينه وزاره سلامُ الله عليه .

المستجير
09-04-2005, 01:03 PM
الاخت بيسان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك والله يعطيك العافيه على المعلومات الرائعه

بيسان
09-04-2005, 01:16 PM
سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (سلام الله عليها), من المعصومين الأربعة عشـ14ـر

نسبها الشريف :

هي ثاني ( الرابع عشر ) من المعصومين عليهم السلام ، المعصومة من الذنوب ، والمطهرة من العيوب ، كأبيها وكبعلها ، وأولادها الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، بقية النبوة ، وناموس الله الأكبر ، الصديقة الطاهرة ، حبيبة قلب خاتم الأنبياء ، سيدة النساء ، وحليلة سيد الأولياء ، ومشكاة أئمة الهدى ، البتول العذراء فاطمة الزهراء بنت محمد الرسول صلوات الله وسلامه عليها .

خديجة الكبرى عليها السلام :

وأما من جهة الأم فأمها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ، فتلتقي خديجة بالرسول في الجد الرابع وهو قصي وأم خديجة من الفواطم التسع ، وهي فاطمة بنت زائد بن الأصم ، وينتهي نسبها إلى عامر بن لؤي ، ولؤي هو جد الرسول الثامن .

وخديجة من أحسن النساء جمالاً ، واكملهن عقلاً ، وأتمهن رأياً ، واكثرهن عفة وديناً وحياءً ومروة ومالاً ، روي أن الرسول قال - كما في شجرة طوبى - [ إن الله اختار من النساء أربعة ، مريم بنت عمران وأسية بنت مزاحم ، وخديجه بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ] ، وقال على ما روى صاحب شجرة طوبى أيضاً -[ اشتاقت الجنة إلى أربع من النساء ، مريم بنت عمران ، وأسية بنت مزاحم ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة الزهراء بنت محمد ] وفي الخبر عن المصدر السابق عنه " ما كمل من النساء إلا أربعة ، مريم وأسية وفاطمة وخديجة زوجة النبي في الدنيا والآخرة " .

وهي المرأة الجليلة النبيلة الأصيلة ، العقيلة الكاملة العاقلة الباذلة ، العالمة الفاضلة ، العابدة الزاهدة الحازمة ، والحبيبة لله وسوله ولوليه المختار من النساء والصفية البيضاء ، حليلة الرسول وأم البتول ، صفوة النساء الطاهرات ، وسيدة العفائف المطهرات أفضل أمهات المؤمنين ، وأشرف زوجات الرسول الأمين ، وأول من أمنت من النساء ، واسبقهن بعبادة رب الأرض والسماء ، سيدة النسوان بعد ابنتها ، وخاصة الرسول وخلاصة الإيمان ، وأصل العز والمجد وشجرة الفخر والنجد ، والسابقة إلى الإسلام والدين ، في العاجلة والأخرى ، مولاتنا وسيدتنا أم المؤمنين خديجة الكبرى ، وهي أميرة عشيرتها وسيدة قومها ، ووزيرةُ صدقٍ لرسول الله

ولدت قبل عام الفيل بخمس عشر سنة على قول وقيل قبل عام الفيل بثلاث سنوات وهو ما رجحه الكثيرون ، باعتبار أن عمرها حين زواجها من الرسول ثمان وعشرون سنة ، لا كما قاله بعضهم من ان عمرها أربعين سنة انذاك ، وعمر الرسول أنذاك خمس وعشرون سنة ، إذاً فتكبره ( ص) بثلاث سنوات ، وللمزيد انظر سيرة الرسول ج2 ، ص114 ، ط4 ، 1415 هـ .

أما زواجها فعلى التحقيق ، أنها تزوجت الرسول ولم تتزوج قبله ، وإن قيل أنها تزوجت برجلين قبله وهما عتيق بن عائذ بن عبدالله المخزومي ، وأبو هالة التميمي ولها منهما بعض الأولاد .
وقد اختلفوا في اسم أبي هالة ،هو هل النباش بن زرارة أم العكس ، أوهند أو مالك ، وهل هو صحابي ؟ وهل تزوجته قبل عتيق ، أم تزوجت عتيقاً قبله .

وختلفوا في كون هند الذي ولدته خديجة هو ابن هذا الزوج أو ذاك ، فإن كان ابن عتيق ، فهو ذكر وإلا فهو انثى ، وأنه هل قتل مع الإمام علي في حرب الجمل ، أو مات بالطاعون بالبصرة .
ومما يدلل على أنها لم تتزوج قبله ما ذكره ابن شهر أشوب عن البلاذري ، وأبي القاسم الكوفي في كتابيهما ، والمرتضى في الشافي ، وأبي جعفر في التلخيص " أن النبي تزوج بها عذراء" .
وكذلك ما ذكره في كتابي الأنوار والبدع : أن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة . وكذلك ما استبعده صاحب الاستغاثه في ج1 .
وهناك الكثير من الأشكالات حول صحة زواجها من غيره قبله ، وللمزيد من الأطلاع انظر الصحيح من سيرة الرسول ج2 ، ص 121-134هـ ، وانظر كتيب بنات النبي أم ربائبة ، للسيد جعفر مرتضى العاملي أيضاً

ومن جملة شؤنها أنها كانت أول امرأة آمنت برسول الله ، وقد شيد الله دينه بمال خديجة ، كما روي عنه ( ما قام ولا استقام ديني إلا بشيئين مال خديجة وسيف علي بن ابي طالب ) ، وكان لها ثمانون ألف أبل ، كانت تؤجر وتكري ، من بلد إلى بلد ، فبذلت تلك الأموال والجواري والعبيد لرسول الله . حتى بقيت تنام هي ورسول الله في كساء واحد ، لم يكن لهما غيره . ومن جملة شؤونها أيضاً أن الله بلغها السلام عن طريق جبرائل وجعل بطنها وعاءً للإمامة .

توفيت سلام الله تعالى عليها يوم العاشر من شهر رمضان المبارك السنة العاشرة من البعثة الشريفة ، وبعد وفاة أبي طالب بثلاث أيام ، في عام الحزن ، ولها من العمر الشريف ثلاث وخمسون سنة ، ودفنت بمكة المكرمة ، في مقابر قريش .

أسماء الزهراء عليها السلام :

فاطمة وسميت بذلك لأنها فطمت شيعتها ومحبيها من النار ، وتتولى الشفاعة من أبيها لهم ، رزقنا الله شفاعتها ، الزهراء ، الأنسية الحوراء ، الصديقة ، المباركة ، الطاهرة ، الزاكية ، الراضية ، المرضية ، المحدثة ، البتول ، العذراء ، مشكاة الضياء ، البضعة ، سيدة النساء ، أم الأئمة ، الحَصان ، الحرة ، الصديقة الكبرى ، المنصورة ، النورية ، السماوية ، الحانية ، وغير ذلك .

ولادتها عليها السلام :

ولدت سلام الله تعالى عليها في مكة المكرمة يوم الجمعة العشرين من شهر جمادى الأخرة ، بعد بعثة أبيها بالنبوة بخمس سنوات ، وقريش تبني البيت ، فيكون بثلاث سنين بعد الأسراء على المشهور ، أي قبل الهجرة بثمان سنوات ، أي السنة الخامسة والأربعون من عام الفيل ، وهذا هو المشهور .

وقيل أنه بالحساب الواقعي بأربع سنين وعشرة شهور وخمسة وعشرين يوماً بعد البعثة ، أو ثلاثة أيام بدل الخمسة والعشرين والقول الغير المشهور كونه بسنة أو بسنتين بعد البعثة .
وبالجملة كان زمان ولا دتها أيام حكومة يزدجرد بن شهريار من ملوك العجم ، الذي كان دار سلطنته قلعة الجولاء قرب بغداد دار السلام ، وكان أمر سلطنته مستقراً في تلك الأيام إلى أن انهزم في عصر الخليفة الثاني من جيش الإسلام ، ففرّ بعد ان انهُزِم إلى بلاد العجم ، وقُتل بقلعة هرات أو بنبيشابور أو غير ذلك على اختلاف الأقوال والروايات ، وكان أخر ملوك العجم .

وقد ولدت عليها السلام يوم الجمعة وقت الصبح ، أي في أخر جزء من ليلة الجمعة ، وهي الساعة الأخيرة التي هي أفضل الساعات ومحل استجابة الدعوات ، ووجه اختصاص تولدها بتلك الساعة لعلة تكون مستورة عن عيون الأجانبة .

نقش خاتمها :

قيل أن نقش خاتمها " الله ولي عصمتي " ، وقيل كان خاتمها من الفضة ونقشه " نعم القادر الله " وقيل أمن المتوكلون " وقيل أن نقش خاتمها هو نقش خاتم سليمان بن داوود " سبحان من الجم الجن بكلماته " . وذكروا أن لنقش هذه الكلمات في فص الخاتم تأثيراً عجيباً لدفع الأعداء ، وحفظ الأموال والأولاد والبدن ، وعن شر الأنس والجن ، وجميع المكاره والأفات والأسواء والبليات .

مقامها سلام الله عليها :

هي سيدة نساء العالمين ، واحب الناس إلى رسول الله فقد كانت عنده كقلبه ومهجته وروحه التي بين جنبيه ، وكان يعظمها غاية التعظيم بأمر من الله تعالى ، حتى إذا دخلت عليه كان يقوم على قدميه احتراماً لها ، ويستقبلها ويقبل يدها وخدها ثم يضمها إلى صدره الشريف ويقول - كما روي - " إني أشم رائحة الجنة من ابنتي فاطمة ، فإنها قد تكونت من فاكهة من فواكه الجنة أطعمنيها الله تعالى ليلة المعراج ، وإنها الأنيسة الحوراء " . ثم يجلسها في مكانه ، ويجلس هو قدامها أو بجانبها ، حتى حسدتها بعض نسائه .

ولها معجزات كثيرة وآيات باهرة تدل على عصمتها وطهارتها ، وعلو شانها وسمو مقامها مما لا يتسع المقام لذكرها ، حتى أن وجهها كان يزهر لأمير المؤمنين من أول النهار ، كالشمس الضاحية ، وعند الزوال كالقمر المنير ، وعند غروب الشمس كالكوكب الدري ، ولذا سميت بالزهراء ، ومن أهل بيت ، أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم من الرذائل تطهيرا ، وأنزل في مدحههم آيات وسوراً كثيرة في القرآن الكريم ، كآية المباهلة ، وسورة " هل أتى " .

وهي الشفيعة الكبرى في القيامة وقد أذعن بفضائلها المخالف والمؤالف ،وإن من أحبها فقد أحب الله ورسوله ومن أبغضها فقد أبغض الله ورسوله ، ومن أذاها فقد آذى رسوله ومن آذى رسول الله فقد آذى الله ، ومن آذى الله تعالى فعليه لعنة الله تعالى ، ولعنة المرسلين والملائكة والناس أجمعين ، ومن لعنه الله فقد أدخله ناره وبئس القرار ، ومن أسخطها فهو في غضب الله تعالى .

وبعد فكفاها مقاماً أنها بنت سيد المرسلين ، وكفاها جلالاً أنها زوجة سيد الوصيين ، وكفاها عزاً أنها والدة الأئمة المعصومين سادة الخلائق أجمعين ، وكفاها كرامة أنها بنت أم المؤمنين خديجة الكبرى بنت خويلد ،التي كانت أول من أمن بالرسول من النساء- كما ذكرنا - والتي بذلت نفسها وجميع ما تملكه ، في نصرة رسول الله ، وإعلاء كلمة الإسلام ، حتى قال على ما روي وكما تقدم " إنما قام هذا الدين بسيف علي ومال خديجة " . وهي سيدة الحجاز .

بل يكفي الزهراء فخراً أنها وأمها ، إثنتان من أربع نسوة من سيدات نساء الجنة ، أما الأُخريان فهما أسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ، والدة المسيح ، وفاطمة أفضلهن مطلقاً .

وكان لها خصائص ومعجزات مفصلة في مواضعها ، مثل كونها بعد ولادتها تنشأ في اليوم كالجمعة - أي الأسبوع - وفي الجمعة كالشهر ، وفي الشهر كالسنة ، ومثل تنور جمالها ، وظهور نور وجهها كل يوم لعلي ثلاث مرات - على مامرّ .

وانها كانت أبداً بتولاً عذراء ، وكانت تدعو في أدعية صلاة الليل أولاً لجيرانها ثم لنفسها ، فسألها الحسن في ذلك فقالت : يا بني الجار ثم الدار .
وكانت معصومة مع عدم الإمامة ، ذات معجزات وكرامات مع عدم النبوة والإمامة ، وكانت من أهل العبا ، والكساء والمباهلة ، وقد عُقد عقد تزويجها في السماء ، وكانت تكلمها الملائكة وتحدثها .

ولا غرو أن يوحى للزهراء وتكلمها الملائكة ، ويُرَّد على من ينكر ذلك في حق الزهراء ، بان حشرات النحل قد أوحيَ لها وذلك في قوله تعالى (( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخدي من الجبال بيوتا )) سورة النحل اية 68 وإلى الحواريين كذلك (( وإذ أوحيت إلى الحواريين أن أمنوا بي وبرسولي )) سورة المائدة اية 111 ، وأوحى الله كذلك إلى أم موسى في قوله تعالى (( وإذ أوحينا إلى أمك ما يوحى )) طه اية 38 ، وفي قوله تعالى (( وأوحينا إلى أم موسى أن ارضعيه )) سورة القصص اية 7 ، بل أوحى الله تعالى إلى السموات في قوله تعالى (( فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها )) سورة فصلت اية 12، وإلى الأرض أيضاً في قوله تعالى (( بأن ربك أوحى لها )) سورة الزلزلة اية 5 .

بيسان
09-04-2005, 01:22 PM
تااااااااااااااااااااااااااابع

ولا أدري ، لماذا تقوم قيامتهم إذا قلنا بأن الزهراء يوحي لها ، أو الأئمة ؟! . وقد أثبت الله سبحانه وتعالى ، أنه جل جلاله يوحي إلى من يشاء من خلقه ، فقد أوحى إلى أم موسى وإلى أصحاب عيسى الحواريين بل ثبت في القرآن الكريم أن مالا يعقل يوحى إليه ، كالنحل والسموات والأرض , وآل محمد بشر يعقلون ، فما وجه الغرابة في أن يوحى لهم ، والله سبحانه وتعالى قرر في كتابه المجيد ، أنه أرسل روحه إلى مريم كما أشار في الأية 17 من سورة مريم .

وقد قرر الله تعالى أن اتصاله بالبشر يكون عن ثلاث طرائق ، إما بالوحي ، أو من وراء حجاب أو ارسال رسول . فإذا كانت السماوات والأرض والحشرات يوحى لها وهي لا تعقل ، وإنما هي عبارة عن غازات وأحجار وماء لا تتكلم ولا تتحرك ، وكذلك أصحاب عيسى بشر عاديون ليسوا بانبياء ، وكذلك أم موسى ليست بنبيه بل هي امرأة ، فما وجه نفي الوحي عن أهل بيت الرسالة ، وهم بشر ، بل أفضل البشر قاضبة ؟ فإن من أوحى لاحجار وحشرات ، لقادر على أن يوحي لأفضل بريته بعد رسوله . وإذا رجعت إلى مروياتهم 0 لرأيت العجب العجاب في نزول الوحي على محبيهم ، أو أن الرسول يظن أن الوحي قد نزل على فلانة ؟! إذا تأخر عنه ، فراجع وافهم .

والزهراء أم الأئمة النقباء النجباء ، وانجب الورى من بين النساء ، ساطعاً عطر الجنة من بين ثدييها ، ورسول الله كان يمس وجهها ، ويشم صدرها كل يوم وليلة . و يلتدُ من استشمامها ، ولذا كانت تسمى ريحانة نفس النبي ومهجتها وبهجتها .

ويختص بها التسبيح المشهور بتسبيح فاطمة الزهراء ، مع فضائله المشهورة ، وهو مستحب مؤكد عند النوم ، وبعد الصلاة المفروضة اليومية ، وكانت تتكلم مع أمها في بطنها ، وامتلأت الأرض حين ولادتها من الأزهار والرياحين وغيرها ، وتنور جميع الموجودات من نورها حين ولا دتها .

وكانت إذا اشتغلت ببعض الأمور حين الحاجة إلى الرحى ، والأشتغال بها ، تتحرك الرحى التي في دارها بلا محرك ، وتُطرح الحنطة بنفسها في الرحى ، وقد كانت تدخل يدها في قدر الطعام حين الغليان وتقلبها كالمغرفة .

واُتيت إليها في محرابها بالمائدة من الجنة مراراً عديدة ، كمريم في موارد متعدده مفصلة في الأخبار المأثورة ، وكانت تجعل رغيفين مع قطعة اللحم في طرف ، وتظهر منه طعاماً معطراً ، يشبع الخلق الكثير مع بقائه على حالته .

وظهرت لها أربع جوارٍ من الجنة : سلمى لسلمان ، وذرة لأبي ذر ، ومقدودة للمقداد ، وعمارة لعمار ، - كما ورد في الأخبار - أنها أظهرت لسلمان من رطب الجنة ، ولم يكن له نواة ، وعلمته دعاء الحمى الذي أوله " بسم الله النور " وقد اشتفى به أكثر من ألف نفر بالمدينة المنورة .

وكانت تغلي القدر بلا نار ، ويتلألأ من كسائها النور الذي رهنته عند اليهودي ، حتى أشرق نوره على الحيطان والجدران ، وأسلم جماعة كثيرة من هذه الجهة ، وغير ذلك من الكرامات والمعجزات .
وما ألطف قول من قال :

مجمل حياتها وسنوات عمرها عليها السلام :

ولدت - كما ذكرنا سابقاً - في العشرين من جمادى الثانية ، بعد البعثة بخمس سنوات ، أي أنها ظلت في مكة المكرمة ثمان سنوات ، ثم هاجرت مع على إلى المدينة المنورة ، مع الفواطم ، ثم زوجها رسول الله من علي بعد مقدمها المدينة بما يقرب من سنة وثلاثة أشهر .
وكان التزويج يوم الأول من شهر ذي الحجة على المشهور ، وزفافها في الليلة الحادية والعشرين من المحرم سنة ثلاث للهجرة على المشهور أيضاً .
وفي رواية أن زواجها في السماء كان في ليلة أربعة وعشرين من شهر رمضان ، وفي الأرضِ بأربعين يوماً بعد ذلك وزفافها في ذي الحجة ، أو أن زواجها في الأرض كان في النصف من رجب وزفافها في ذي الحجة ، أو أن زواجها في السماء في رجب وفي الأرض في رمضان ، وزفافها في ذي الحجة .

وقد بقيت في بيت زوجها أمير المؤمنين ، حتى قبض الرسول وكان لها من العمر ثماني عشر سنة . وقد عاشت بعد أبيها على أشهر الروايات خمسة وسبعين يوماً ، وعلى رواية أخرى مشهورة ، أربعين يوماً فقط ، مظلومة عليلة ، باكية العين ، ناحلة الجسم ، منهدة الركن ، مسلوبة حقها مهضومة أرثها يغشى عليها ساعة بعد ساعة .

وباعتبار ولادتها في العشرين من شهر جمادى الثانية السنة الثامنة قبل الهجرة ، واستشهادها في الثالث عشر من شهر جمادى الأولى سنة أحدى عشر للهجرة ، على الرواية الأشهر الخمسة والسبعين يوماً ، يكون مقدار عمرها الشريف سبع عشرة سنة ، وعشرة أشهر ، وثلاثة وعشرين يوماً .
أما الرواية المشهورة الأخرى من أنها قبضت بعد شهادة الرسول بأربيعن يوماً ، أعني اليوم الثامن من شهر ربيع الثاني سنة 11 هـ ، فيكون عمرها الشريف سبع عشرة سنة ، وتسعة أشهر وثمانية عشر يوماً .

أولادها عليها السلام :

كان للزهراء خمسة أولاد : الأول والثاني الحسن والحسين ولها أحد عشر سنة أو اثنتا عشر سنة .

والثالث : زينب الكبرى ، وكانت من الفصاحة والبلاغة والزهد والعبادة والفضل والشجاعة ، اشبه الناس بأبيها وأمها، وقد ولدت في الخامس من شهر جمادى الأولى ، في السنة الخامسة للهجرة الشريفة ، وكانت بعد شهادة الحسين أمور أهل البيت بل جميع بني هاشم قاطبة بيدها ظاهرياً ، وخطبها ومكالمتها مع يزيد وابن زياد لعنهما الله ، مشهورة مأثورة مذكورة في كتب الأحتجاج والخطب ، وكانت زوجة لعبدالله بن جعفر بن أبي طالب وكان لها منه ولدان استهدا في الطف بين يدي الحسين http://www.qatifoasis.com/ib/style_images/1/p2.gif .
وتوفيت في النصف من شهر رجب من العام الخامس والستين من الهجرة على المشهور ، وهو عام المجاعة ( الذي اصاب المدينة المنورة ) ، ودفنت في أحدى قرى دمشق المعروفة برواية من غوطة دمشق على المشهور .

الرابع : زينب الصغرى المكناة بأم كلثوم التي اختلف الأخبار فيها .

الخامس : المحسن وكان قريباً بالوضع ، فسقط بصدمة الباب حينما عُصرت الزهراء ، وفي هذا المقام تفصيلات لا تليق بهذا المختصر .

استشهادها عليها السلام :

قبضت بعد الأحداث التي مرت بها بعد شهادة والدها وتلك الخطبة التي ألقتها في المسجد من وراء ستار ، إضافة لخطبتين أخريين ، ولعلك تدرك تلك الأحداث بمجرد تصفح تلك الخطبة .

وقد اختلف في يوم وفاتها وفي مكان دفنها ، فمن قائل أنها عاشت بعد أبيها بأربعين يوماً ، ومن قائل أربعين يوماً ، أو خمسة وتسعين ، أو مائة ، أو ثمانية أشهر .
لكن على وجه التحقيق هناك روايتان مشهورتان :

الرواية الأولى : أنها عاشت بعد أبيها أربعين يوماً ، ويوافق يوم شهادتها الثامن من شهر ربيع الثاني سنة إحدى عشرة للهجرة وهي مشهورة .

الرواية الثانية : أنها عاشت بعد أبيها خمسة وتسعين يوماً ، ويوافق اليوم الثالث عشر من شهر جمادى الأولى لسنة إحدى عشرة للهجرة الشريفة ، وهي الأشهر ، فالأفضل إقامة عزائها في هذين اليومين كما هو المعمول عندنا .

وقد قبضت ما بين المغرب والعشاء على المشهور وقيل بعد موهن من الليل ، وقيل بعد الظهرين وقت العصر ، ولها من العمر ما عرفت من قبل .
فلما قبضت غسلها الإمام علي ليلاً ، ولم يحضرها غيره والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم ، وفضة جاريتها ، وخواص اصحاب أمير المؤمنين كالمقداد وعمار وأبي ذر ، ونفر من بني هاشم ، ودفنها في الروضة ، وقيل في البقيع ، وقيل في بيتها ، ولعل الروضة هي المشهورة .

وقد كانت اعتلت بما جرى عليها بعد استشهاد والدها بسبعة وعشرين يوماً .
ولما علم المسلمون بشهادتها جاؤوا للبقيع ، فوجدوا فيه أربعين قبراً ، فأشكل عليهم قبرها من سائر القبور ، فعزموا على نبش القبور ، فلم ياذن لهم الإمام علي بذلك وتوعدهم .

بيسان
09-04-2005, 01:32 PM
الإمام الحسن بن علي الزكي (عليه السلام), من المعصومين الأربعة عشـ14ـر
نــسـبــه الـشـريـــف :

هو الإمام الهمام ، قرة عين محمد المصطفى وثمرة فؤاد على المرتضى وفلذة كبد فاطمة الزهراء ، والثاني من أئمة الهدى ، السبط الأول للرسول والإمام والخليفة بعد جده وأبيه وحجته الكبرى وآيته العظمى ، واحدى الريحانتين ، وأكبر السبطين ، وسيد شباب أهل الجنة كأخيه الحسين .
ابو محمد الحسن بن علي أمير المؤمنين ، وأمه الصديقة فاطمة الزهراء بنت رسول الله فسلامٌ عليه وليداً طاهراً من والدين طاهرين .

ولادتــــــــــــــه :

وُلِدَ في المدينة المنورة ، في السنة الثانية للهجرة النبوية المباركة ، وفي سنة بدر الكبرى ، فجر الثلاثاء الخامس عشر من شهر رمضان المبارك ، عاش مع جده رسول الله سبع سنين وأشهراً ، ومع أبيه أمير المؤمنين علي ثلاثين سنة ، وكانت مدة إمامته بعد شهادة أبيه عشر سنوات ، فيصبح مجموع عمره الشريف سبعاً وأربعين سنة وأشهراً .

كـنـيـتـه وألـقــابـــــه :

كنيته أبو محمد ، وله ألقاب كثيرة ، منها المجتبى ، والزكي ، والسبط الأول ، والأمين ، والحجة ، والأثير ، والزاهد، والتقي ، وكريم أهل البيت ، والسيد ، والطيب ، وغيرها .

أوصـــــافـــــــــه :

كان اشبه جده ولم يكن احد في زمانه أشبه بالنبي منه ، وكان وجهه أبيض مُشربّاً بالحمرة ، أدعج العينين (أي سوادهما مع سعتهما ) ، سهل الخدين ( بمعنى ملاستهما وعدم حلزونتها ) ، رقيق الوجه ، كث اللحية ، ذا وفرة كأن عنقه أبريق فضة ، ليس بالطويل ولا القصير ، عظيم الكراديس ( وهما عظمان التقيا في المفصل ، بعيدٌ ما بين المنكبين ) .
وكان مليحاً ، حسن البدن ، جعد الشعر ، يختضب بالسواد .

زوجــاتــه وأولاده :

لقد تعرض الإمام الحسن لهجمة شرسة ، فقالوا إنه تزوج بالعديد من النساء ، فقال بعضهم بان عدد زوجاته يتراوح بين الستين والسبعين ، وقال آخر بانه تزوج باكثر من مئتين وخمسين أو ثلاثمائة ، وأن أباه كان يتضجر من ذلك فقال يوماً على المنبر : إن الحسن مطلاق فلا تزوجوه .

كل هذه الروايات مكذوبة على سيد شباب أهل الجنة ، فإن الرواة لم يثبتوا له إلا عشر نساء على التحقيق ، وقد برر بعضهم زواج الحسن بقوله إنه كان يحلل المطلقات ثلاثاً لأزواجهن ولا يثق الأزواج بغيره في هذه المهمة ، فأساء إلى الإمام وإلى أهل البيت من حيث لا يقصد ، وفي الوقت نفسه أتاح لبعض الجهلة أن يتناولوه بالنقد والتجريح ، وأن يلصقوا به ما لا يرضاه لنفسه كرام الناس ، فضلاً عن سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله وأشبه الناس به خَلقاً وخُلُقاً .

فما المقصود بأنه يحلل المطلقات لأزواجهن ؟ فهل يرضى أحد الناس بذلك لنفسه ؟ وهل كان الإمام الحسن همه شهواته ؟؟ ولا شئ عنده سوى الزواج والطلاق ؟ ثم إذا كان كذلك -على فرض صحته - فأين أولاده .
فالتاريخ يحدثنا أن أكثر الروايات في ذلك تنسب للإمام الحسن إثنين وعشرين ولداً ، خمسة عشر منهم من الذكور وسبعه من الإناث .
وعلى ما يبدو أن الذين الصقوا بالإمام الحسن كثرة الزواج والطلاق ثلاثة وهم : المدائني والشبلنجي وأبو طالب المكي ، وعنهم أخذ المورخون والكتاب من السنة والشيعة والمستشرقون .
اما علي بن عبدالله البصري المعروف بالمدائني والمعاصر للعباسيين فهو من المتهمين بالكذب في الحديث ، ومضعف ، كما جاء ذلك عن الذهبي وامتنع مسلمٌ عن الرواية عن المدائني في صحيحه . كما نص ابن حجر في لسان الميزان بوضعه للأخبار . كل ذلك مما يبعث على الأطمانان بان رواية السبعين التي لم يروها غيره - أي المدائني - من موضوعاته لمصلحة الحاكمين اعداء العلويين .
على أن المدائني نفسه الذي ادعى أنه ( ع) تزوج بسبعين ، قد احصى له عشر نساء لا غير وعدهن بأسمائهن كما جاء في المجلد الرابع من شرح النهج .
واما رواية التسعين فقد ارسلها الشبلنجي في كتابه نور الأبصار ولم ينسبها لأحد ، كما انه لم يتحرى الصحيح في مروياته التي رواها في كتابه المذكور كما يبدو ذلك للمتتبع .
والمرسل إذا لم يكن مدعوماً بشاهدٍ من الخارج او الداخل للأستدلال يصبحُ ساقطاً ، في حين ان الشواهد والقرائن ترجح بان من صنع الحاقدين على أهل البيت عليهم السلام .
واما رواية المكي في قوت القلوب فهي أقرب للأساطير من غيرها لأنها لم ترد على لسان احد من الرواد ، أضف إلى ذلك ان أبا طال بالمكي كان مصاب بالهستيريا كما نص على ذلك معاصروه .

إمامته ومجمل سيرته خلالها :

كانت مدة إمامته عشر سنوات ، وبويع له بالخلافة بعد شهادة أبيه وكان له من العمر سبع وثلاثون سنة .
ثم أصبحت هناك خلافات بين الإمام الحسن ومعاوية بن ابي سفيان ، انتهت بصلح الإمام الحسن مع معاوية بن ابي سفيان حفاظا على بيضة الإسلام ، وعدم رجوع الناس عنه ، بشروط شرطها على معاوية التي نقضها فيما بعد ، وإليكها :
1- أن يعمل معاوية في المسلمين بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخلفاء الصالحين .
2- أن لا يعهد معاوية الأمر بعده إلى أحد ، بل تكون للحسن ، وإن حدث له شيئ فهو للحسين .
3- أن يترك معاوية واصحابه سب أمير المؤمنين والأمور غير اللائقة به في قنوت صلواتهم ، وبقية أوقات ليلهم ونهارهم ، وان لا يذكر علي إلا بخير .
4- ان تكون شيعة علي امنين ، وكذلك بقية الناس حيث كانوا من بلاد الدنيا ، وألا يتعرض للأمام الحسن ولا لأخيه الحسين بسوء .
5- تسليم المر لمعاوية لا يشمل ما في بيت المال في الكوفة ، كماا ان على معاوية أن يرسل للحسن مليوني درهم يفرقها على بني هاشم و شيعة علي .

يتبادر سؤال مفاده : لماذا صالح الحسن بن علي معاوية بن ابي سفيان ؟
جواب : نفس هذا السؤال يتبادر إلى الذهن حول صلح الرسول مع مشركي مكة في الحديبية . قبل الجواب بشكلٍ مختصر عن صلح الإمام الحسن لا بد من القاء الضوء على ظروف جيش الإمام الحسن وجيش معاوية .
أولاً : جيش الإمام الحسن اقتصرعلى أهل الكوفه الذين خاضوا معاركاً طاحنة أيام أمير المؤمنين علي ، في حروب الجمل وصفين والنهروان ، مما أدى إلى سقوط الكثير من أهل الكوفة ، وبالتالي فإن الإمام الحسن استلم جيشاً منهد الأركان من ناحية العدد والعتاد . على عكس جيش معاوية من الشام باكملها ( وهي فلسطين ولبنان وسوريا والأردن حالياً ) ، وكذلك عدم خوض اهل الشام الحروب الطاحنة ، حيثً أبرم معاوية اتفاقاً مع ملك الروم بعدم الحرب ، للتفرغ للإمام الحسن ، وبالتالي فان جيشه في كامل قوته وعتاده التي يجلبها من الروم .

ثانياً : أن جيش الإمام الحسن يبلغ سبعين الف مقاتل ، لكننا نرى أن للجيش قواداً ، لكل قائذٍ عددٍ من المقاتلين فمثلاً عبيدالله بن العباس كان تحته عشرون الف مقاتل ، مما حدا بمعاوية ان يرسل مئة ألف دينار فاشتراه ، فمال بجيشه نحو معسكر معاوية ، كما اشترى بقية قواد الإمام ، ولم يبق مع الإمام الحسن سوى عشرون ألف ، وهذا يعني ان خمسين ألف مقاتل من جيش الإمام قد مال إلى معاوية فأصبح جيشه مئة وسبعون ألف مقابل عشرين ألف مع الإمام الحسن .

ثالثاً : إن معظم المقاتلين الذين مع الإمام الحسن غير مدركين صلاحيتة وصلحه ، وقد بلغ الأمر ببعظهم ان هاجمو الإمام الحسن ونهبوا امتعته ، وطعنوه في فخده بساباط المدائن ، ولعل هؤلاء هم رسل معاوية لهده الغاية ، وليس ذلك ببعيد على ابن هندٍ وزبانيته الذين بلغوا القمة في غدرهم وخيانته لكل ما جاء به الإسلام من سننٍ واخلاقٍ واداب وتشريعات .

رابعاً : عمل معاوية على تصفية قواد الإمام الحسن الأجلاء ، فقد دس السم في العسل إلى بعض اصحاب الإمام وقال معاوية قولته المشهورة : إن لله جنوداً من عسل .

في ظل هده الظروف وفي هذا الجو المحموم ، قبل الإمام الحسن الصلح لأنه أهون الضررين ، هذا بالإضافة إلى انه لو مضى بمن معه وحارب معاوية بتلك الفءة القليلة كحال غيره من العلويين الذين نهضوا خلال العصور الإسلامية يهتفون بالإصلاح ويدعون إليه ، ثم غلبوا على امرهم ولم يبقَ من ذكرهم إلا اسماؤهم في التاريخ .
اضف إلى ذلك إلى ان الحرب ستؤدي إلى قتل الإمام الحسن واهل بيته في ظل تلك الظروف إذ ما الذي يمنع معاوية الذي امتلاء قلبه ضيقاً وحقداً من فعل الموبقات والجرائم ، واستئصال أهل البيت ، ثم يصبح الإمام الحسن هو الملام بعدم قبوله للصلح .

وقد اخد بعض الوضاعين بوضع الأحاديث على لسان النبي ومن تلك المرويات إن ابني هذا - أي الأمام الحسن - سيدٌ سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ، على حد تعبير الراوي . وقد أخذ الرواة بها وكانها من المسلمات وقرت بهذه الرواية عين واضعها معاوية ، لأنها اعتبرته إحدى الفئتين المسلمتين ، في حين ان القرآن الكريم يراه من البغاة الذين يجب على المسلمين قتالهم حتى يفئوا ألى امر الله تعالى ، كما اعتبره الرسول باغياً كما يستفاد ذلك لعمار : " تقتلك الفئة الباغية " .
ولعل المصدر الوحيد لهد هالرواية هو أبو بكرة شقيق زياد بن عبيد لأمه سمية ، وهى من موضوعاته ، أو انها وضعت ونسبت إليه ليثبت أن معاوية من المسلمين لا من البغاة ، بعد ان وصمه القرآن بهذه الصفة ، وأكذها النبي في حديثه مع عمار الذي رواه اكثر الصحابة ، والذي يعتبر من اكثر الحاديث شيوعاً وانتشاراً ، إضافةً إلى ذلك أن ابا بكرة ادعى أنه راى الحسن إلى جانب جده على المنبر ، يلتفت إليه تارة ، وإلى المسلمين اخرى ، وقال قولته ، وكما شاهده إلى جانبه على المنبر لابد وأن يشاهده ويسمع منه جميع من كان حاضراً تحت المنبر ، فلماذا تفرد وحده بروايته . بالإضافة إلى ان ابا بكرة كان منحرفاً عن عليٍ وآله ، ولم يشترك معه في حروبه . اضف إلى ذلك أن الذين رووا عن ابي بكرة يدعون أن النبي قد قال ذلك للحسن وهو طفلٌ في حدود الثلاث سنوات من عمره ، أي في حدود السنة الخامسة للهجرة المباركة ، وأبو بكرة نفيع ابن الحارث بن كلدة يوم ذاك كان لا يزال مشركاً في الطائف ، فكيف روى ذلك ولم يسنده إلى غيره ؟ وهذا يعطي اطمئناناً بوضع مثل هده المرويات .

إن صلح الإمام الحسن هو البذرة الاولى واللبنة الأساسية لنهضة سيد الشهداء ، حيثُ يعتبر الصلح القواعد الأساسية لنهضة الإمام الحسين ، واتى الإمام الحسين بالبناء على هذه القواعد ، ولهذا فإن للإمام الحسن الدور الأكبر في قيام الإمام الحسين في وجه الظلم والطغيان .

استشهاده :

استُهد سلام الله عليه مسموماً ، متأثراً بالسم الذي دسته إليه زوجته جُعدة بنت محمد الأشعث الكندي ، يوم الخميس السابع من شهر صفر سنة خمسين للهجرة ، ودفنه الإمام الحسين بالبقيع بالمدينة المنورة عند قبر جدته فاطمة بنت أسد بوصيةٍ منه

بيسان
09-04-2005, 01:43 PM
الإمام الحسين الشهيد عليه السلام, من المعصومين الأربعة عشـ14ـر

نســـبه الـشـريـــــف :

هو الإمام أبو عبدالله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وأسم الحسين تصغير لأسم أخيه الحسن ، وهما إسمان خصهما الله تعالى بهما دون سواهما ، ولم يُسمَّ بهما أحد قبلهما ، إلا ابني هارون أخي كليم الله موسى بن عمران ( على نبينا وآله وعليهم السلام ) ووصيه ، غير أن الأسمين لابني هارون كانا بلسان العبرانية (شبراً - شُبيراً ) وترجمتهما بالعربية الحسن والحسين .
وحيث أن علياً كان من رسول الله بمنزلة هارون من موسى لحديث المنزلة المروي عنه فكان علي لرسول الله كما كان هارون لموسى - أخاً ووصياً ووزيراً ونائباً في جميع صفاته وخصائصه وعلومه التي خصه الله تعالى بها ، عدا النبوة وعدد الأزواج .
لذا سمى الله تعالى ابني علي خليفة رسول الله ، بأسم إبني هارون ، خليفة موسى ابن عمران .

كــنـيـــتـــــــه :

أما كنيته فهي أبو عبدالله ، وألقابه كثيرة منها : سيد شباب أهل الجنه ، والسبط الثاني ، والرشيد ، والطيب ، والوفي ، والمبارك ، والتابع لمرضاة الله ، والمظلوم ، والشهيد ، وسيد الشهداء ن والغريب ، والعطشان ، وغيرها .

ولادتــــــــــــــــه :

ولد بعد أخيه الحسن بأقل من مدة الحمل وهي ستة أشهر عشية الخميس ليلة الجمعة الثالث من شهر شعبان المعظم ، عام الخندق ، في السنة الرابعة من الهجرة المباركة .
وهو ثاني السبطين لرسول الله وهو وأخيه الحسن سيدا شباب أهل الجنة ، وريحانتا المصطفى ، واحد الخمسة من آل العبا ، وامهما فاطمة الزهراء بنت سيد الكونين

زوجــــاتـــه وأولاده :

تزوج الإمام الحسين زوجات عديدة منهن أم الإمام علي بن الحسين الملقب بزين العابدين وهي شاه زنان بنت كسرى يزدجرد ، وأم علي الأكبر الذي استشهد في يوم عاشوراء هي ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي ، والرباب بنت أمرئ القيس بن عدي الكلبي وهي أم عبدالله الصغير وسكينة ، وأم اسحاق بنت طلحة بن عبدالله تيمية ، وهي أم فاطمة بنت الحسين ، وقد رزق سلام الله عليه على ماروي عشرة أولاد ، ستة من الذكور وأربع من الإناث .

حـــيـــــاتــــــه :

عاش ستاً وخمسين سنة وأشهراً وكان له منها مع جده رسول الله ست سنين وأشهر وأقام مع أبيه أمير المؤمنين بعد جده رسول الله ثلاثين سنه ومع أخيه الحسن بعد أبيه عشرين سنه ، وعاش بعد أخيه المجتبي عشر سنين ، فهذا تمام ست وخمسين سنة وأشهر .

شـــــهــــادتــــــــه :

استشهد يوم العاشر من محرم الحرام سنة إحدى وستين للهجرة في كربلاء بالعراق ودفن هناك وله مزار عظيم يتكدس على اعتابه الذهب ، في بناءٍ تعب الفن المعماري الإسلامي لإخراجه ، فكان كما أراد الله عظمة وسمواً ورفعه يقصده مئات الألوف من الزوار .

وقد استشهد مع سبعة عشر من أهل بيته وأثنين وسبعين من أنصاره ، ليس لهم على وجه الأرض من مثيل قُتيلوا شهداء مظلومين عطاشى صابرين محتسبين ، ثائرين على الظلم والفساد ، والباطل ن وهم على مقربة من نهر الفرات ومياهه العذبة المتدفقة .

وقد بقيت أجسادهم الطاهرة ملقاة على وجه التراب بلا رؤوس ثلاثة أيام بلياليها إلى أن قدم الإمام زين العابدين ودفنهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وساعده في ذلك أناس من بني أسد لم يشهدو وقعة كربلاء ، فدفنوا جثثهم الطاهرة الزكية بلا غسل ولا حنوط ولا كفن فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وإنا لله وإنا إليه راجعون .

وأيام الحسين أيام خالدة أنارت الدرب للناهضين والمجاهدين ، للمستضعفين والمحرومين ، وحياة الحسين كلها مشاعل اضاءت طريق الأحرار الذين لا يقبلون الذل والهوان ، ويرفضون العبودية إلا لله الواحد القهار .

لقد وقف الحسين بوجة يزيد بن معاوية الذي مارس مختلف أنواع المحرمات ، وقتل النفس المؤمنة بغير حق ، واستعبد الأمةالإسلامية وأعاد الأيام الجاهلية الأولى . ويزيد هو الذي استباح المدينة المنورة في وقعة الحرة لجنوده ، فهتكت الأعراض ، وقتلت الأنفس ، وكان كل مدني بعد تلك الوقعة يزوج ابنته ولا يشترط بكارتها ، وهو الذي أمر عاملة الحجاج بضرب الكعبة المشرفة بالمنجنيق ، فتصدعت حيضانها واشتعلت النيران فيها ، بسبب تحصن عبدالله بن الزبير فيها ،فأي شخصِ هذا الذي يبايعه الحسين .
وكانت نهضة الإمام الحسين رفضاً للظلم وطلباً للإصلاح في الأمة الإسلامية ، وفي كربلاء الحسين انتصر الدم على السيف ، فأين ذكر يزيد بن معاوية ( لعنه الله ) وأتباعه ، بينما ذكر الحسين باق في كل مكان ، وكل زمان .

وتسابق آل بيت الرسول وهم بني هاشم على نصرة الحسين والدفاع عنه ، وتقدمهم الأنصار الذين رفضو الأنصياع والأنقياد إلى زمرة الظلم والجور والعدوان ، ونالوا شرف الشهادة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، أمثال العباس بن علي بن ابي طالب والحر بن يزيد الرياحي وزهير بن القين وحبيب بن مظاهر الأسدي وأمثالهم ممن اقترنوا مع الحسين في الدنيا والأخرة .

ولم يكتفِ عمر بن سعد (لعنه الله ) بقتل الحسين ، حتى اوطئ الخيل صدر الحسين سلام الله عليه ، بعد قتله وسبي نساءه بغير ستر ولا وطاء بأمر من يزيد بن معاوية ( لعنه الله ) وذهبو بأل الرسول إلى الكوفه ثم أرسلوهن إلى الشام على دربٍ طويل .
ولقد غربت شمس يوم عاشوراء عن عقائل بيت النبوة وهن ثاكلات حائرات بلا محامي أو كفيل وحولهن اليتامى يتضاغون من الجوع والعطش هذه تندب أخاها والأخرى تندب ولدها وتلك تندب عمها وأباها

وكان يزيد بن معاوية (لعنه الله ) عند وصول السبايا إلى الشام على جبل جيرون خارج دمشق يتنزه فلما رأى السبايا والرؤوس على اطراف الرماح فرح فرحاً شديداً وأنشأ يقول :

لما بدت تلك الرؤوس وأشرقت ... تلك الشموس على ربى جيرون

نعِبُ الغراب فقلت : صح أو لا تصح ... فلقد قُضيت من الرسول ديوني


وأدخلوهن مجالس الرجال ، وضربوهن وأهانوهن ، واستقبلهم اهل الشام بفرحٍ وسرور، وزينة وحبور ، ضاربين الدفوف ، وكان المنادي يصيح بهم في الشام بالخوارج ، وأدخل زين العابدين والسيدة زينب على يزيد وأخد يعبر عما في نفسه من حقد وكره ، وأدخل رأس الحسين ووضع في طشت من ذهب فأخذ يزيد (لعنه الله) القضيب وجعل ينكث ثغر الحسين وهو يقول معبراً عن انتقامه من الرسول ومن الإمام علي وما صنعه ( الإمام علي ) بأشياخ قريش في يوم بدر وحنين وكافة الغزوات :

ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل

لأهلوا و استهلوا فرحاً ... ثم قالوا يايزيد لا تُشل

قد قتلنتا القوم من ساداتهم ... و عدلناه ببدرٍ فعتدل

لعبت هاشم بالملك فلا ... خبر جاء ولا وحي نزل

لست من خندق إن لم انتقم ... من بني أحمد ما كان فعل


وبعد أن ساد الوعي وتنبه الناس إلى قبح ما ارتكبه يزيد ( لعنه) ، وكثرالنقد له ، والتنديد به خاف يزيد ( لعنه) وقوع الفتنة في الشام فعجل بإخراج أهل البيت وأعادهم إلى المدينة المنورة .

من ملحمة الطف للشاعر الكبير آية الله الشيخ حسن الدمستاني (قد)

ألا لعنة الله على القوم الظالمين ، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين . والصلاة والسلام على الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى الشهداء بين يدي الحسين جميعاً ورحمة الله وبركاته

بيسان
09-04-2005, 01:51 PM
الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام, من المعصومين الأربعة عشـ14ـر

نـــسبـــــه الشريف :

هو سيد الساجدين وقبلة العارفين ، وقدوة الموحدين ، وزين العابدين ، مولانا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وهو الإمام الرابع والخليفة بعد أبيه الحسين وأمه شهربانو أو شاه زينان وتعني ملكة النساء بنت يزدجرد ابن شهريار بن كسرى أكبرملوك الفرس في عصره واخرهم .
فنسب الإمام من الأب ينتهي بسيد الخلائق أجمعين محمد ومن طرف الأم بسيد ملوك العجم واعظم سلاطين دهره ، ولذا روي عن الإمام زين العابدين (( أنا ابن الخيرتين ))

كــنـيـتـه وألـقــابه :

هو علي بن الحسين الأصغر ، ويخطئ من يقول بأن الإمام السجاد هو الأكبر لكون المقتول في كربلاء هو الأكبر ، وينعت بعلي الأوسط وليس في هذا القول مخالفة لما ذكرنا من ان الأتفاق على ان المقتول هو الأكبر ، وان السجاد اصغر منه ، فإن غاية ما عندهم أن زين العابدين اوسط اولاد الحسين ، ويتفق مع القول بأنه أصغر من الشهيد بالطف .
ولكن القول الأخير بان للحسين ثلاثة أولاد يسمون بعلي بعيد عن الصحة ، وان صححه بعض الأعلام لاعراض الكثير من الأعلام عن هذا الرأي ، فالمعروف والثابت عند أهل النسب والسيرة أن للحسين علياً الأكبر وعلياً الأصغر وهو السجاد وعبدالله الرضيع وجعفر ترعرع في أيام أبيه ، كما لم يثبت صحيحاً من البنات غير فاطمة وسُكينه . وقال آية الله العظمى المرعشي النجفي ( قد) من ( أن الأصح والأشهر بين علماء التاريخ والنسب كون علي الأكبر ، أكبر سناً من الإمام سيد الساجدين وإن كلامهم حجة إذ هم خبراء الفن ) .... وكون الأكبر شهيد الطف أكبر سناً من الإمام زين العابدين هو الحق الحقيق بالقول .
بل لقد صرح بكون الأكبر أكبر سناً منه ، حين قال له ابن زياد أليس قتل الله علياً ؟ فقال الإمام كان لي أخ أكبر مني يسمى علياً فقتلتموه ( أو قتله الناس )

واما كنيته فهي أبو محمد وقيل أبو الحسن أيضاً .

وأما القابه فهي كثيرة منها : سيد الساجدين ، وزين العابدين وهو أشهرها ، وسيد العابدين ، والسجاد وذو الثفنات ، والزكي ، والأمين ، والرهباني ، والخالص ، والزاهد ، والخاشع ، والبكاء ، والمتهجد ، وغيرها .

مـــــولـــــــــــــــده :

ولد يوم الخميس وقيل يوم الثلاثاء ، والأول أصح ، في الخامس من شهر شعبان من سنة ثمان وثلاثين للهجرة الشريفة ، قبل استشهاد جده أمير المؤمنين بسنتين وتزوج الإمام الحسين شاه زنان في خلافة الثاني ، مع أنها ولدت زين العابدين في أواخر زمن خلافة أمير المؤمنين فتكون إقامتها في بيت زوجها الحسين مدة مديدة تقرب العشرين سنة بلا حمل .

زوجـــــــاتــــــــــه وأولاده :

تزوج زوجات عديدة ، أولدهن خمسة عشر ولداً ذكوراً وإناثاً ، احداهن ولعلها افضلهن أم الحسن بنت الحسن الزكي وهي والدة الإمام محمد الباقر والذي يعتبر حفيداً لكلا الإمامين الحسن والحسين ، وله عبدالله والحسن والحسين الأكبر ، وزيد الذي يعتبر أفضل أولاد الإمام زين العابدين بعد الباقر ، وعمر بن علي بن الحسين المعروف بعمر الأشرف ، والحسين الأصغر ، وعبدالرحمن ، وسليمان ، ومحمد الأصغر وعلي الذي كان أصغر ولده ، وعلية وفاطمة ، وأم كلثوم ، وخديجة .

عـمـره وحيـاتـــه بــشـكـلٍ عام :

عاش سبعاً وخمسين سنة ، على عدد سني عمر أبيه الحسين منها سنتان مع جده أميرالمؤمنين وعشر سنوات مع عمه الحسن وعشر سنوات أيضاً مع أبيه الحسين وكانت مدة إمامته مع أبيه خمساً وثلاثين سنة.

نشاً وترعرع في بيت أبيه الحسين بن علي في بيت النبوة ومهبط الوحي ، تحمل أقصى مايتصور من الألم والمصائب والمحن في سبيل المبدأ والعقيدة دفاعاً عن الإسلام والقرآن ، استقبل في بداية حياته الشريفة محنة جده أميرالمؤمنين وشاهد مصرعه في محرابه ومحنة عمه الحسن الزكي وكبده المقطعة بالسم تخرج من فمه عندما قتله معاوية بن سفيان ابن هند ( التي اكلت كبد الحمزة بعد مقتله في غزوة احد فسميت أكلة الأكباد ) وأيام أبيه الحسين حدث ولا حرج ، وما شاهده في تلك الفاجعة ، ثم ظل خمسة وثلاثين سنة يبكي أباه ، حتى عُد خامس البكائين ( وهم أدم ، ويعقوب ، ويوسف ، والزهراء ، وهو خامسهم ) .

أخلاقه وصفاته :

كان قمةٌ في الأخلاق ، وآية في الزهد والعبادة . حتى لقب بزين العابدين "والسجاد " والكتب والمصادر مليئة بأخبار عفوه وكرمه وحلمه وأخلاقه وصبره ، وتواضعه ، وصدقاته ، وعباداته ، ومكارم أخلاقه ، وتدهشك نجاواه ، وأدعيته الزهدية والتعبدية في الصحيفة المعروفة (( بالصحيفة السجادية )) وكذلك في رسالة الحقوق
والكتب المطولة تتحدث عن معجزاته وكراماته ، واخباره بالمغيبات ولا غرو فإنه ثمرة من ثمار شجرة النبوة ، وفرع من فروع غصن الولاية وبقية من بقايا صفوة الإمامة .

طواغــيـــت عـصـــره :

عاصر في عهده ملوك من الأسرة الأموية الذين كانوا بحكم قوانين الوراثة والتربية من المحبين لأفكار الجاهلية وتقاليدهم ، ومن ثم فقد جهد الكثيرون منهم على قمع التطور الإسلامي ، وإماتة الوعي الديني بين المسلمين . والحكام الذين عاصرهم هم :
معاوية ، يزيد بن معاوية ، ومعاوية بن يزيد ، ومروان بن الحكم ( طريد الرسول -ص - ) ، ثم عبدالملك بن مروان ، وعبدالله بن الزبير الذي كان حكمه مقارناَ لحكم عبدالملك بن مروان .

وكان ابن الزبير قد اعلن نفسه خليفة على الناس في مكة المكرمة بعد مقتل الحسين زين العابدين في المدينة المنورة ، فلما ملك عبدالملك بن مروان وفرغ له ، أرسل إليه الحجاج بن يوسف الثقفي ، قائداً للجيش وعاملاً من قبله على الحجاز ، وكان الحجاج واحداً من أقسى حكام التاريخ ن وجباراً لا يرتاح إلا بالقتل وبالدم ، وبخاصة دماء آل علي وعترة النبي فقتل عبدالله بن الزبير وهدم الكعبة بالمنجنيق واحرقها .
وحدثت وقعة الحرة في عهد الإمام زين العابدين بالمدينة المنورة على يد مسلم بن عقبة ( لع ) وأباحها ثلاثة أيام في عهد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ( لع).

اســتــشــهـــــاده :

دس عبدالملك بن مروان السم للإمام عن طريق أخيه هشام بن عبدالملك ، ونفذ ذلك ، وقد تفاعل السم في بدن الإمام ، فأخد يعاني أشد الألام وأقساها ، وبقى حفنة من الأيام على فراش المرض يثب شكواه إلى الله تعالى ، ونص على إمامة ولده الباقر حتى حل يوم السبت الخامس والعشرين من شهر محرم الحرام . في المدينة المنورة ، ومضى شهيداً مسموماً ، في السنة الخامسة والتسعين للهجرة الشريفة ، ودفن ببقيع الغرقد بجانب قبر عمه الإمام الحسن المجتبى في المحلة التي فيها قبر العباس بن عبد المطلب عم النبي .

بيسان
09-04-2005, 01:53 PM
الإمام محمد بن علي الباقر عليهما السلام, من المعصومين الأربعة عشـ14ـر


نسبه الشريف :

هو باقر علوم الأولين والأخرين ، ووارث جده خاتم النبيين ، ومشيد شريعة جده سيد المرسلين ، ومن أوصى له بالخلافة والإمامة بعده أبوه زين العابدين وخليفة الرسول الخامس ، وهو الذي قيل بشأنه أن رسول الله قال لجابر بن عبدالله الأنصاري : إنك ستبقى حتى تلقى ولدي محمد بن علي ..... أسمه أسمي وشمائله شمائلي ، يبقر علم الدين بقراً ، أي يشقه شقاً ، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام .
أما نسبه لأبيه فهو الإمام محمد بن الإمام علي بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام ، الملقب بالباقر . أما أمه فهي فاطمة بنت الإمام الحسن بن علي أي أن أباه زين العابدين كان متزوجاً من أبنة عمه ، فالإمام الباقر كان أول هاشمي من هاشميين ، وعلوي من علويين ، وفاطمي من فاطميين .

مــــــولـــــــده:

ولد الباقر في المدينة المنورة ، يوم الجمعة الأول من شهر رجب المرجب ، من السنة السابعة والخمسين من الهجرة النبوية الشريفه .

كــــنيته وألـقـــــابه :

أما كنيته فهو (( أبو جعفر )) وأما القابه ، فهي: "باقر العلوم " و تخفف فيقال "الباقر " ، والشاكر لله ، والهادي .

عمره وحياته بشكل عام :

عاش سبعاً وخمسين سنة ، منها ثلاث سنوات مع جده الحسين ، وبعدها مع أبيه الإمام السجاد خمساً وثلاثين سنة إلا شهرين ، ثم كانت إمامته بعد وفاة أبيه تسع عشرة سنة وشهرين ، فعمره بمقدار سنوات عمر جده الحسين وأبيه السجاد http://www.qatifoasis.com/ib/style_images/1/p2.gif .
أما حياته : فقد شهد في بداية حياته الشريفه واقعة الطف ، ومجزرتها علي أيدي الأمويين وأنصارهم من اهل الكوفة ، وعاش المحنة التي مرت على اهل البيت في طفولته ورافق الرزايا ، والمصائب التي توالت على أبيه زين العابدين http://www.qatifoasis.com/ib/style_images/1/p2.gif وبعد أبيه ما تقرب العشرين سنة من حكام الجور في ذلك العصر ، وبعد أبيه ما يقرب العشرين سنة.

ولقد نص على إمامته وخلافته الإمام زين العابدين عليهما السلام في كثير من المناسبات منها قوله : ألا وأنه الإمام أبو الأئمة معدن العلم ، يبقره بقراً ، والله لهو أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله ......الخ .

زوجـــاتــــه وأولاده :

تزوج الإمام الباقر زوجات عديدة ، وولد له منهن سبعة اولاد ، خمسة ذكور وبنتان ، أولهم وأفضلهم الإمام السادس أبو عبدالله جعفر محمد الصادق وهو الإمام الموصى إليه بعد أبيه ، وثانيهم عبدالله وقد يشار إله بالفضل والصلاح ، وأمهما فاطمة المكناة بام فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر بن أبي قحافة .
وإما بقية أولاده فهم عبيدالله ، وإبراهيم ، وعلي ، وأم سلمة ، وزينب ، وهم من أمهات شتى .

مجمل عهد إمامته ومعاصروه من طواغيت بني امية :

بدأت إمامة الباقر في عهد الوليد بن عبدالملك ، وقد استمرت إمامته بقية خلافة الوليد ، ثم خلافة أخيه سليمان بن عبدالملك ثم خلافة عمر بن عبد العزيز ، فيزيد بن عبدالملك ، فخلافة هشام بن عبدالملك . وهنا تختلف الروايات في شخص أخر خليفة أموي عاصره الإمام ، فبعضها ترى ان استشهاد الإمام الباقر كان في عهد هشام بن عبد الملك هذا . وهو قول الشيخ الطبرسي في إعلام الورى - وهذا الرأي هو الأرجح - ، وبعضها ترى ان الإمام عاش بعد هشام في عهد أبن أخيه الوليد بن يزيد بن عبدالملك ، وبعضها ترى انه عاش بعد الوليد أيضاً في عهد عمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك ، وإبراهيم بن الوليد بن عبدالملك .

بعض الوقائع التي ابتليى بها الإمام مع الطواغيت:

إن وقائع هذا الإمام المظلوم المسموم مع خلفاء بني أمية هؤلاء ومع سواهم من الحساد والمتنكرين ، لإمامته ، والمصائب والمحن التي لقيها من اولئك وهؤلاء لكثيرة لا يسع المقام لذكرها ، وقد تحملها الإمام صابراً محتسباً ، كما تحمل قبله أباؤه وعمه (الحسن) عليهم السلام ، وكان كالطود رسوخاً وشموخاً وتعالياً وكرامة .

ويكفي أن نشير إلى نموذجٍ من جبروت من سلاطين بني امية ، إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، من انه فتح المصحف الشريف يوماً متفئلاً ، فجُوبه بقوله تعالى (( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد )) فغضب اللعين ، ورمى المصحف بعيداً ، ثم أمر ان يرفعوه ليجعلوه له هدفاً ، ثم رماه بالنشاب وهو يقول :

تهددني بالجبار عنيدٍ … فها أنا ذاك جبارٌ عنيدٍ

إذا ما جئت ربك يوم حشرٍ ... فقل يارب مزقني الوليدُ


ويروى أيضاً أنه فتح المصحف يوماً آخر ، فرأى فيه آيات الحساب في يوم القيامة ، فرماه أيضاً بالسهام وهو يقول :

تذكرني الحساب ولست أدري ... أحق ما تقول من الحساب

فقل لله يمنعني طعامي ... وق لله يمنعني شرابي


ومثله وربما ألعن منه وأكثر كفراً وحقداً ومحاربة لآ ل رسول الله ، عمه هشام بن عبدالملك الذي مرّ في سيرة السجاد http://www.qatifoasis.com/ib/style_images/1/p2.gif ما كان ينقمه هذا اللعين على الإمام الرابع والد الباقر http://www.qatifoasis.com/ib/style_images/1/p2.gif من احترام الناس له ولبيته ، وكيف حاول الأزراء بالإمام وتوهينه ، مما أثار الشاعر الفرزدق ، وحبسه على قصيدته الغراء التي تقدمت .

ولم يقل هشام ايداء وتوهيناً للإمام الباقر من ايذائه وتوهينه لأبيه( ع) ، فقد أمر هشام باشخاص الباقر مقيداً من المدينة المنورة إلى دمشق الشام ، إمعاناً في إذلاله وتعذيبه ، بل يقال أنه هو الذي قتله .

عــــلــــــمــــــــــــه :

كان الإمام الباقر بحراً في العلم ، وكان في المعرفة الذروة التي لا يبلغها بالغ ، ولذا كان لقب (( باقر العلم )) منطبقاً عليه تمام الأنطباق ، ولذا كان أيضاً يتهيبه سلاطين بني أمية ، وخاصتهم بسبب مكانته العظمى بين العلماء وبين الناس ، فما كانوا يجدون سبباً يتخذونه ذريعة للبطش بالإمام ، إلى أن اضطروا إلى قتله بالسم سراً .

وعرف عليه السلام بمنطقه وقوة حججه في المجادلات الفقهية والكلامية وفي أحكام الشريعة الغراء ، وكانت له مجالس مع علماء زمانه الذين كانوا يقصدون لسألون ويناقشون ويستفيدوا منه سلام الله عليه .

اســــتــشـــهــاده :

استشهد الإمام الباقر بسم دسه له الخليفة الأموي في سرج فرسٍ اركب الإمام عليه، عندما أرجعه من دمشق ألى المدينة بعدما أشخصه منها إلى الشام . وكان ذلك السلطان علىالأرجح -هشام بن عبدالملك (لع) ، وقد كان الإمام سميناً ، فسرى السم من السرج إلى لحمه ، فأثر في رجله ثم أمرضه ثلاثة أيام ، وقبض يوم الأثنين السابع من شهر ذي الحجة الحرام من سنة أربع عشرة ومئة من الهجرة النبوية المباركة بالمدينة المنورة .
وقد أوصى إلى أبنه عبدالله بن جعفر الصادق بالإمامة بعده ، وأودعه ودائع الإمامة ، وجدد له وصاياه وتعاليمه ، وكان في جملة وصاياه ان يشقوا قبره كما لحد لرسول الله وعين ثمان مئة درهم لمأتمه ، وكان يرى ذلك من السُّنة المقدسة .
ثم اوصى بوقف من ماله لِنوادب يندبنه عشر سنين ، أيام منى من الحج ، واوصى بعمامة وبردٍ وأثواب أخر لكفنه وروي عنه انه قال (( إن الموتى يتباهون بأكفانهم )) ثم قضى نحبه مظلوماً شهيداً مسموماً ، ودفن في البقيع من المدينة المنورة ، في البقعة التي فيها العباس بن عبد المطلب ، أي حيث دفن أبوه السجاد وعمُّ أبيه الحسن المجتبى ، بقرب جدته فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب .

بيسان
09-04-2005, 01:59 PM
الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام, من المعصومين الأربعة عشـ14ـر

نسبه الشريف :

هو الإمام السادس من أئمة الشيعة الأثنى عشر والمعصوم المحيي من الدين كل طامس ٍ ، وكاشف الحقائق ، وباهر الخلائق ، جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام ، وقد نُسب إليه الشيعى الأثنى عشرية ، فيقال لهم أيضاً ( الجعفرية )
فنسبه هو نسب والده الإمام الباقر والأئمة الأطهار عليهم السلام المنحدرين من الإمام الحسين فالنسب المشترك لأمير المؤمنين علي والنبي محمد .
وأما امه فهي أم فروة وأسمها قريبة او فاطمة ، بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وقد كانت ام فروة حفيدة لأبي بكر من طرف أبيها ومن طرف أمها أيضاً ، لأن امها كانت أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، أي والد أم فروة هو القاسم بن محمد بن ابي بكر ، وكان متزوجاً من بنت عمه عبدالرحمن ولذا يحكى عن الإمام الصادق أنه قال : ولدني أبو بكر مرتين :
والقاسم بن محمد بن أبي بكر ، والد أم فروة ، وجد الإمام الصادق لأمه ، كان في الوقت نفسه ، أبن خالة الإمام زين العابدين أيضاً جدالإمام الصادق لأبيه ، ذلك لأن الروايات تذهب إلى انه وقع في أسر المسلمين اثناء فتح بلاد فارس ، أثنتان أوثلاث من بنات يزدجرد أخر اكاسرة الفرس ، فتزوج الإمام الحسيم واحدة منهن هي شاهزنان او شهربانو ، وتزوج الثانية محمد بن أبي بكر وقد أولد سيدُ الشهداء الأولى ابنه السجاد و الإمام علي بن الحسين ، واولد محمد بن أبي بكر الثانية ولده القاسم بن محمد ، فالمولودان ( جدا أم فروة ) هما إبنا خالة ، وهما حفيدا يزدجرد أيضاً ، ولهذا يقول الشاعر مهيار الديلمي عن لسان حال الإمام :

قد ورثت الدين عن خير نبي

وورثت المجد عن خير أبِ

سوٌدد الفرس ودين العرب


مــــــولـــــــده :

ولد الإمام الصادق سلام الله عليه في المدينة المنورة يوم الأثنين ، السابع عشر من شهر ربيع الأول ، وهو اليوم الذي وُلد فيه جده النبي ، وكانت ولادة الإمام سنة ثلاثة وثمانين من الهجرة النبوية المباركة ، وقيل سنة ثمانين للهجرة والقول الأول أشهر .

كنيته وألقابه :

أشهر كناه أبو عبدالله ومنها أبو إسماعيل وأبوموسى وأما ألقابه فمنها الصادق والفاضل والطاهر والقائم والصابر والكافل والمنجي .
ولقب الإمام جعفر بالصاد ق ، لإنطباق صفة الصدق عليه وللحديث المروي عن الإمام زين العابدين في وجه تسمية حفيده الإمام "بالصادق" ، إن هذا اللقب أريذ به تمييز الإمام من شخص آخر من سلالة الإمام إسمه جعفر يدعي الإمامية بغير وجه حق ، بل إن البعض ينسب هذا الحديث إلى الإمام زين العابدين منقولاً عن جده أمير المؤمنين عن رسول الله والظاهر إن هذا القول إشارة إلى جعفر ابن الإمام العاشر الإمام علي الهادي فقد ولد له إبن كان اسمه جعفر ، كما سيجئ في حالاته إن شاء الله تعالى .

عمره وحياته بشكل عام :

عاش خمساً وستين سنة على المشهور ، أقام مع جده الإمام زين العابدين أثنتي عشر سنة ، وبعده مع والده الإمام محمد الباقر تسع عشر سنة ، وبعده في إمامته وخلافته أربعاً وثلاثين سنة .

طواغيت عصره :

عاصر سبعة من طواغيت عصره ، خمسة من طواغيت الأمويين وهم الأخيرون وأثنان من طواغيت بني العباس . والخمسة الأخيرون من بني أمية الذين عاصرهم الإمام الصادق فاولهم هشام بن عبدالملك الذي استشهد الإمام الباقر وبدات إمامة الصادق في عهده ، وبعده الوليد بن يزيد بن عبدالملك ، ثم إبن عمه يزيد بن الوليد ، وأخيه إبراهيم بن الوليد ، ثم أبن عم أبيهما مروان بن محمد المعروف بالحمار الذي كان اخر ملوك بني امية ، وقد انتهى عهد مروان بمقتله وبانتصار بني العباس ، وبدء الحكم العباسي سنة 132من الهجرة النبوية المباركة .

أما طاغيتا بني العباس اللذان عاصرهما الإمام جعفر بن محمد الصادق ، فأولهما مؤسس الدولة العباسية ، وهو أبو العباس عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس بن (عبدالمطلب ع ) ، والجد الأخير الذي انتسبوا إليه ، أي العباس بن عبدالمطلب هو عم النبي وعم أمير المؤمنين علي .
ولُقب اول ملوك بني العباس بالسفاح لفرط جوره وظلمه وكثرة ما سفح من دم وقتل من الناس الكثيرين وقد دام حكمه أربع سنوات وثمانية أشهر .

اما الطاغية الثاني الذي عاصره الإمام الصادق بعد السفاح فهو أخوه أبو جعفر المنصور الذي كان أسمه عبدالله أيضاً وكان له لقب اخر وهو الدوانيقي ، نسبة ألى الدوانيق ( الدوانيق جمع دانق ، وهو اصغر جزء من النقود في عهده) ، لأن ابا جعفر كان ، ولفرط شحه وبخله وحبه للمال ، يحاسب حتى على الدوانيق ، وكان استشهاد الإمام الصادق في السنة العاشرة من حكم ابي جعفر المنصور الذي استمر أثنتين وعشرين سنة إلا شهراً واحداً .

زوجـــــاتــــه واولاده :

تزوج عليه السلام زوجات عديده منهن فاطمة بنت الحسين الأثرم ابن الحسن بن علي بن أبي طالب وكان أبوها ابن عم زين العابدين ومنهن حميدة البربرية والدة الإمام موسى الكاظنم
وولد له من الأولاد أحد عشر ولداً سبعة من الذكور وأربع إناث فاما الذكور فهم : إسماعيل الأعرج ، وعبدالله ، والأمام موسى بن جعفر وإسحاق ، ومحمد ، وعلي ، والعباس ، وأما الإناث فهن فاطمة وأسماء وفاطمة الصغرى ، وام فروة .
وكان الإمام شديد الولوع بولده البكر إسماعيل وكثيرالأشفاق عليه ، ولذا كان قوم من الشيعة يظنون انه الإمام بعد أبيه، ولكن إسماعبل توفي في حياة والده وقد حزن عليه الإمام كثيراً ، ثم إنه ودفعاً للشبهه عن الناس ، ومنعاً للإلتباس أوألأحتمال الظن بإمامة إسماعيل أوبقائه على الحياة كشف الإمام الصادق عن وجه أسماعيل مرات عديده بعد وفاته ، وأشهد ثلاثين من صحابه على موته فشهدوا بذلك ثم أمر بغسله وتجهيزه وحمله إلى قبره في البقيع من المدينة المنورة ، ووضعه في لحده وأهال التراب عليه ودفنه ، واستشهد أصحابه على دفنه أيضاً من رؤساء قومه ، فشهدو كلهم على موته ودفنه ، ومع ذلك كله لما استشهد الإمام الصادق بقي فريق من الناس يقولون بإمامة اسماعيل مدعين حياته . وقال فريق منهم وهم اكثر عدداً بإمامة أبنه محمد بن إسماعيل ، وذهبوا إلى أن الإمامة في ولده إلى أخر الزمان ، وكلا الطرفين من الطائفة المعروفة بأسم الإسماعيلية ، واما بقية الشيعة القائلين بإمامة إسماعيل ، فقد رجعوا إلى الحق وقالوا بإمامة الإمام موسى الكاظم بعد استشهاد أبيه الصادق .

وكان إسماعيل رجلاً تقياً عالماً باراً مطيعاً لأبيه ، بخلاف أخيه عبدالله الذي كان بعده ، والذي يعرف بلقب الأفطح ، لأنه أفطح الرأس أوالرجلين - أي كان عريض الرأس والرجلين - فإنه كان متهماً بمخالفة أبيه في الأعتقاد ، ويقال أنه كان يخالط الحشوية ، ويميل إلى مذهب المرجئة ، كما عارض أخاه الإمام موسى في الإمامة ، وادعى الإمامة بعد أبيه لنفسه ، احتجاجاً بانه اكبرأخوته الباقين ، واتبعه بعض أصحاب الإمام الصادق ورجع اكثرهم إلى إمامة الإمام موسى الكاظم ، وأقام نفر منهم على القول بإمامة عبدالله وهو المعروف بالفطحية ولكن عبدالله لم يعش بعد أبيه الصادق ألا سبعين يوماً ومات .
وأما إسحاق بن الصادق فقد كان ثقة ومن أهل الفضل والورع والأجتهاد وكان يقول بإمامة أخيه الإمام موسى الكاظم .
واما محمد بن الصادق ، كان سخياً شجاعاً ، ولكنه كان يرى رأي الزيدية في الخروج بالسيف ، فخرج على المامون بمكة المعظمة ، واتبعه الزيدية ، فقاتله المأمون في خراسان حين كان عاملاً عليها من قبل أبيه هارون ، فلما انتصر عليه أشخصه لخراسان ، ولم يؤذه ، بل أكرمه وأدنى مجلسه ، وبقي محمد بن جعفر عند المأمون في خراسان حتى مات ودفن هناك .
وأما علي بن جعفر فقد كان راوياً للحديث كثير الفضل وقد لزم الإمام موسى بن جعفر وروى عنه ، وكذلك كان العباس .

ولكن أجلهم قدراً وأعظمهم محلاً وأبعدهم في الناس صيتاً هو أخوهم الإمام السابع ، حجة الله على الخلائق أجمعين ، وباب الحوائج إلى الله الإمام موسى بن جعفر المنصوص على إمامته من أبيه وأجداده

رواج العلم والدين في عهده ، وسبب نسبة الشيعة إليه عليه السلام:

عاش الإمام الصادق كأبيه الباقر في حقبة من الزمن كان الصراع على أشده بين الحكام الأمويين والعباسيين وأخصامهمم ، فانشغال الحكام بالحكم ، واستغراق ارباب السلطة وطلابها جعلهم حتى حدٍ ، ينصرفون عن التعرض للمؤمنين فاستغل الإمام الصادق هذه الفرصة . ونشر أحكام الدين وعلوم أهل البيت ، في ظل تخفيف الضغط والتضييق على الموالين لآل البيت ، وصار الشيعة وأئمتهم في ذلك العهد أحسن حالاً من ذي القبل ، وقل الخوف والتقية بينهم ، ولذا ترى أن معظم أحكام الرسول وأخبار الشيعة ، مروية على لسان الإماميين المعصومين محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق اللذين عاصرا حقبة الصراع السياسي والعسكري هذه .

بيسان
09-04-2005, 02:05 PM
وجو الحرية الإيمانية والفكرية هذا ، في اواخر العهد الأموي وأوائل العصر العباسي ، ولَّدا أفكاراً ومذاهب وفرقاً دينية متعددة ، وفلسفات ومدارس فكرية مختلفة ، إنتسب كل واحد لمؤسسها ، فانتسب الشيعة للإمام جعفر بن محمد الصادق وصار يقال لهم الشيعة الجعفرية ، أفتخاراً بعلم جعفر الصادق ومكانته الشامخه ، واعتداداً بارتباطهم به هو لا سواه :

الله أظهر دينه ... و أعزه بمحمد

والله أكرم بالخلا ... فةِ جعفر بن محمد


مقامه العلمي وكراماته ، ومحاججاته :

كان ، وكذا اباؤه وابناؤه المعصومون ، القمة العليا والذروة القصوى في العلم والخلق معاً ، وكان يضرب به المثل في الجمع بين الشرف والمعرفة ، وفي الأخبار عنه أنه كان يحضر درسه اربعمائة رجل من وجوه المسلمين تلاميذ وعلماء ومجتهدين ، وروي عنه وحدث من الثقات أربعة آلاف نفر ، منهم مالك بن أنس وشعبة بن الحجاج ، وسفيان الثوري ، وأحمد بن حنبل وأبو حنيفة الذي كان من تلامذته والذي يقول ( لولا السنتان لهلك النعمان ) أي السنتين اللتين درسهما عند الإمام جعفر بن محمد الصادق وغيرهم . وكان عدد كبير من أعلام الفقهاء والصوفية يفتخرون بالنقل عنه ، أمثال أبي يزيد ، ومالك والشافعي وابن جريح وابراهيم بن ادهم ، ومالك ابن دينار ، بل أن مالك بن أنس كان يقول ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر ، أفضل من جعفر الصادق فضلاً وعلماً وورعاً وعبادة

ومناقشاته ومحاججاته الكثيرة مع أهل العلم ، ومع المخالفين من أرباب الديانات والمذاهب الأخرى ، ومع الملحدين ومع منكري البعث وسواهم والتي القمت اخصامه دائماً حجراً ، تبهر العقول وتحير الألباب ، وله معجزات كثيرة وكرامات خارقه ، ليست مستغربة قط من أهل بيت النبوة وفروع الدوحة العلوية .

اسـتـشـهـــــــاده :

إن المكانة التي كانت للصادق علماً وإمامة ، جعلته كآبائه وأهل بيته عامة ، عرضه للحسد والعداوات من قبل الخلفاء والحكام ، وقد تحمل الإمام الصادق بخاصة من معاصريه ومن مدعي الإمامة ، ومدعي العلم والفضل في زمانه أذايا وبلايا كثيرة ، ولا سيما من بعض أرحامه وأقاربه .

ولكن الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور الدوانيقي(لع) كان أشدهم في تطلب فرصة للبطش بالإمام والبحث عن دريعة لقتله ، حتى أنه أشخصه اربع مرات من مدينة جده إلى الكوفة ليقتله ، فكانت تظهر من الإمام آيات ومعجزات تمنعه عن الإقدام على جريمته إلى أن بعث إلى الإمام بسم أجبروه جبراً على شربه ، وذلك في عنب ورمان ، فجعل يجود بنفسه وقد أخضر لونه ، وصار يتقيأ كبده قطعاً قطعاً ، فاستشهد سلام الله عليه مظلوماً بسم المنصور ، وكان ذلك في المدينة المنورة في الخامس والعشرين من شهر شوال في سنة ثمان وأربعين بعد المئة من الهجرة الشريفة ، وقام بتجهيزه ابنه الإمام موسى الكاظم ودفن بجانب قبر أبيه الإمام الباقر وجده السجاد وعم جده الحسن في بقيع الغرقد في المدينة المنورة ، فياله من قبر ما أعظمه ، ويالها من تربة ما أكرمها عند الله عز وجل ، وقد حوت تلك البقعة أربعاً من الحجج المعصومين . وستةً في المدينةِ بأسرها ، أولهم سيد الأكوان وفاطمة الزهراء ، إضافةً لائمة البقيع سلام الله عليهم أجمعين .

بيسان
09-04-2005, 02:08 PM
الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام, من المعصومين الأربعة عشـ14ـر

نسبه الشريف :

هو خليفة سلفه الطاهرين وجده النبي الأمين ، وفلدة كبده المقطعة بالسم النقيع ، باب الحوائج ، وحجة الله والخليفة المعين والمنصوص عليه بعد أبيه الصادق ، الإمام السابع ، والمعصوم التاسع ، الحليم الصابر العالم ، موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب الكاظم سلام الله عليهم أجمعين .

فنسبه لأبيه فهو ما عرفت من شرف الأسرة وطهارة المحتد ، ورفعة السلاله التي تبدأ بخاتم المرسلين محمد بن عبدالله وتتدرج في فرع الإمامة حتى تصل إلى الإمام الصادق .

واما أمه فهي حميدة البربرية بنت صاعد البربري الذي كان من أشراف البربر وهم قوم في المغرب في شمال أفريقيا اليوم ، وقد كانت كأسمها حميدة الصفات جداً ، وقد روي عن زوجها الإمام الصادق انه قال في حقها أن حميدة مصفاة من الأدناس كسبيكة الذهب ، وإنها حميدةٌ في الدنيا ، محمودة في الآخرة ، وقد كانت في الأصل جارية اشتراها الصادق فأولدها الإمام الكاظم .

ولادتــــــــــه :

ولد الإمام موسى الكاظم في قرية يقال لها (( الأبواء)) تقع بين مكة والمدينة المنورة ، يوم الأحد في اليوم السابع من شهر صفر المظفر من سنة ثمان وعشرين ومائة بعد الهجرة النبوية الشريفة صلى الله على مهاجرها وآله .

كـــنــاه وألـقــابــــــه :

يكنى بأبي الحسن الأول ، وهي أشهر كناه ، كما يكنى بأبي الحسن الماضي ، وأبي إبراهيم ، وأبي علي ، وأبي إسماعيل .
وأما القابه : فله ألقاب كثيرة منها الكاظم وهو أشهرها ، لما ظهر منه من كظم الغيظ والحلم والصبر ، ومنها العبدالصالح ، والنفس الزكية ، وزين المجتهدين ، وباب الحوائج ، (وهذ اللقب سببه ان شفاعة الإمام ، والدعاء إلى الله سبحانه عن طريقه ، والحوائج المطلوبة من الله تعالى بواسطة الإامام مجربة ومقضية إن شاء الله تعالى ). ومن ألقابه الوفي ، والصابر ، والأمين ، والزاهر ، والطيب ، والصالح ، والسيد ، والمأمون .

النص على إمامته وخلافته :

وقد نص الإمام الصادق على إمامته وخلافته من بعده بأمر من النبي ، كما روى الشيخ المفيد في الأرشاد عن عبد الأعلى بن الفيض بن المختار قال : قلت لأبي عبدالله خذ بيدي من النار ، مَنْ لنا بعدك ؟ . قال فذخل أبو إبراهيم وهو يومئذٍ غلام ، فقال :هذا صاحبكم فتمسك به .
وروى عن الفضل بن عمر الجعفي رحمه الله تعالى قال : كنت عند أبي عبدالله فدخل أبو إبراهيم موسى وهو غلام ، فقال لي أبو عبدالله : استوصِ به وضع أمره عند من تثق به من أصحابك .

حياته بشكلٍ عام :

عاش الإمام موسى بن جعفر الكاظم خمساً وخمسين سنة ، أقام منها مع أبيه الإمام الصادق عشرين سنه ، وكانت السنوات الخمس والثلاثون الباقية مدة إمامته وخلافته بعد أبيه .

ملوك عصره :

عاصر بقية حكم أبي جعفر المنصور العباسي ، ومن بعده أبنه محمد المهدي الذي ملك عشر سنين وشهراً وأياماً ، ومن بعده أبنه موسى اللاهادي ابن محمد المهدي الذي ملك سنة وخمسة عشر يوماً ، ثم من بعده ملك أخوه هارون اللارشيد ثلاثاً وعشرين سنة وشهرين وسبعة عشر يوماً ، واستشهد الإمام الكاظم بعد مضي خمس عشرة سنة منها .

زوجاته واولاده :

تزوج زوجات عديده واولدهن الكثير من الأولاد ، وكان اكثر الأئمة ذرية ، حتى أختلف في عدد أولاده ، والمشهور انهم كانوا سبعة وثلاثين ولداً ، منهم ثمانية عشر ذكوراً ، وتسع عشرة إناث . لكن المتحصل عليه من المصادر المختلفة هم ما يلي :

أولهم واعلاهم قدراً وأفضلهم وأنبههم وآعلمهم ، واجمعهم فضلاً ، وصي أبيه وخليفته من بعده ، أعني الإمام الثاني علي بن موسى الرضى ، ومنهم إبراهيم ، والعباس ، والقاسم ، وإسماعيل وجعفر ، وهارون ، وجعفرالأصغر ، واحمد ، ومحمد ، وحمزة ، وعبيدالله ، وإسحاق ، وعبدالله ، وزيد ، والحسن ، والفضل ، وسليمان ، وعبد الرحمن ، وعقيل ، ويحيى ، وداود ، والحسين .

أما البنات فهن فاطمة الكبرى ، وفاطمة الصغرى ، وكلثم ، وام جعفر ، ولبابة ، وزينب ، وخديجة ، وعليَّه ، ورقيه ، وحكيمه ، وآمنة ، وحسنة ، ووجيهة ، ونزيهه ، وعائشه ، وأم سلمة ، وميمونة ، وام كلثوم ، وام فروة ، وأم أبيها ، وام القاسم ، وام وحيّه ، وأسماء ، وأُمامة ، وام عبدالله ، ومحمودة ، وزينب ، الصغرى ، ورقية الصغرى ، وغيرهن

وقد كان لكل واحد من ولده فضل ومنقبه ، ولكن الإمام الرضى هو المقدم عليهم من جميع جهات الفضل والعلم والتقى ، وكان إبراهيم رجلاً كريماً شجاعاً ، وقد تقلد الأمرة على اليمن في أيام المأمون من قبل محمد بن زيد بن علي السجاد الذي خرج بالسيف ثائراً على العباسيين ، وكان مقره الكوفه في العراق إلى ان فتح المأمون الكوفة فأعطى الأمان محمد بن زيد . وكان محمد بن الإمام موسى من أهل الفضل والصلاح وصاحب عبادة وصلاة .

علمـــــــه وتــقــواه :

إن الأخبار ملئيه عن سعة علم الإمام الكاظم وعمق غوره ودقة أحكامه ، وطافحة باجوبته العجيبة واللطيفة والمذهلة ومحاججاته المفحمة ، منذ كان فتى أو حتى حَدَثاً ، ومع أعلام الكبار في السنن والمعرفة .

ومن ذلك ما نقل ، من أن أبا حنيفة دخل المدينة المنورة في أيام الإمام الصادق ومعه عبدالله بن مسلم ، فأراد الذهاب للإمام الصادق ليرِدا على الإمام الصادق ويسأله من مسأله يخجلاه امام اصحابه - على حد زعمهم- ، فأتيا باب الإمام الصادق والناس ينتظرون خروجه ، وقبل خروج الإمام الصادق خرج عليهم من الدار غلام حدث السن ، فقام الناس اجلالاً وهيبة له ، فسأله أبو حنيفة صاحبه عبدالله عن الغلام ، فقال :هذا ابنه موسى فأراد أبو حنيفة أن يمتحنه فتقدم إلى الإمام موسى بن جعفر وسأله يا غلام أين يضع الرجل حاجته ؟ فرد الإمام بما معناه يضعها في مكان بحيث يتوارى فيهِ عن الأنظار ، ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ، ثم شرح له الإمام واجبات ومستحبات ومكروهات التخلي ، فبهت أبو حنيفة ، لأن أبا حنيفة يعتقد أن الإمام موسى سيجيبه عن معنى وضع الرجل حاجياته أي أغراضه وثيابه ، وكان قصد أبي حنيفة الخلاء ، فكيف عرف الإمام بقصد أبي حنيفة ؟ وزاد هذا من إكبار أبي حنيفة للإمام .
ثم سأله عن المسأله التي يريد من الإمام الصادق جوابها : فقال للإمام موسى : يا غلام ، ممن المعصية ؟ قال الإمام يا شيخ إن المعصية لا تخلوان تكون واحدة من ثلاثة : إما أن تكون من الله تعالى ، ولا ياتي العبد شيئاً منها ، فليس للحكيم عندئذٍ ان يأخذ عبده بما لم يفعله ، وإما أن تكون من العبد ومن الله معاً ، والله أقوى الشريكين ، فليس للشريك الأكبر أن ياخذ الشريك الأصغر بذنبه ، وإما أن تكون من العبد ، وليس لله شيئ منها ، فالأمر عندئذٍ لله ، إن شاء عفا وأن شاء عاقب ، فأصابت أبا حنيفة سكته ولم يرد على الإمام بكلمه .

وكان سلام الله عليه إذا صلى اضطربت اعضاؤه ، وجرت دموعه .

مصائبه واستشهاده :

قضى فترة من حياته في ظلمات السجون يُنقل من سجن إلى سجن ، فقد سجنه محمد المهدي العباسي ، ثم أطلقه وسجنه هارون الرشيد في البصرة عند عيسى بن جعفر ، ثم نقله إلى سجن الفضل بن الربيع في بغداد ، ثم نقله إلى سجن آخر عند الفضل بن يحيى ، وآخر سجن نقل إليه في بغداد وهو سجن السندي بن شاهل ( لعنة الله عليهم أجمعين) وكان أشد السجون عذاباً وظلمة ، وكان لا يُعرف الليل من النهار فيه .
لقد تحمل هذا الإمام الغريب المظلوم المعصوم من ملوك زمانه ومن الساعين إليهم في حقه ومن الحساد والفساق ، أذى كثيراً ومصائب عظيمة، وبخاصة منهم اللعين محمد المهدي الذي عزم على قتل الإمام ولكن الله خذله حتى قتله ، وبعده ابنه هارون الرشيد الذي أشخص الإمام من المدينة وسجنه مرتين .
وكان السندي بن شاهك شديد النصب والعداوة لآل الرسول إلى أن امره الرشيد بسم الإمام ، فقدم إليه عشر حباتٍ من الرطب المسموم ، أجبره على اكلِها ، فتناولها الإمام وتمرض من ذلك ثلاثة أيام ، استشهد بعدها مظلوماً في السجن المظلم تحت القيود والأغلال يوم الجمعة في الخامس والعشرين من شهر رجب من سنة ثلاث وثمانين بعد المائة من الهجرة الشريفة .
وقد أخرجوا جنازته المقدسة بالذل والهوان ، ووضعوها على جسر الرصافة ببغداد ، حيث بقيت ثلاثة أيام ، أسوة بجده الرسول وجده الحسين والمنادي ينادي هذا إمام الرافضة ، إلى ان علم بذلك سليمان عم الرشيد ، فامر بحملها مكرمة معظمة ، وغير النداء بقوله : الا فمن أراد يحضر جنازة الطيب ابن الطيب والطاهر بن الطاهر فليحضر جنازوة موسى بن جعفر ثم غسل وكفن باحسن كفن ثمين ، وامر بتشييع الجنازة ، ودفن في الجانب الغربي من بغداد ، في المقبرة المعروفة بمقابر قريش جانب الكرخ من الكاظمية ، من باب التين ، وهو الموضع الذي يقوم فيه اليوم ضريحه ومزاره ، وله مقام ومزار عظيم لا يقل عن مزار جديه علي والحسين .

الشقيان
09-04-2005, 02:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


مشكوووووووووورة أختي على الموضوع
وجعله الله في ميزان أعمالك


تحياتي
الشقـــــيان

بيسان
09-04-2005, 02:20 PM
الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام, من المعصومين الأربعة عشـ14ـر

نسبه الشريف :

هو الإمام الثامن من أئمة الشيعة الإثنى عشرية - أعزهم الله تعالى - حجة الحق والخليفة على عامة الخلق ، الناهج في مناهج القضاء علي الثالث من العليين الأربعة أبي الحسن علي ابن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين . فنسبه من نسب والده الإمام العظيم منتهياً بأبي الحسن علي بن أبي طالب وبالنبي الأكرم محمد( ص) .

أما أمه فهي أم ولد ، وهذا اللقب كان يطلق على الجارية التي تحمل وتلد من سيدها ومالكها ، وكان يمنع بيعها بعد الولاده وتصبح حرة ، لا تباع بعد وفاة ما لكها .

ولآمه أسماء وألقاب وكنى عديدة منها : نجمة ، وسمانة ، وتكتم ، وصفر ، وأروى ، وسكن النوبية ، والطاهرة ، وخيرزان المريسية ، وأم البنين .
وكانت جارية جليلة جداً ، اشترتها حميدة المصفاة ، أم الإمام موسى بن جعفر وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة ، حتى إنها لم تجلس بين يديها منذ ملكتها اجلالاً لها ، وكانت حميدة تقول لأبنها موسى إن تكتم جارية ما رأيت قط جارية أفضل منها ، ولست أشك أن الله عز وجل سيطهر نسلها إن كان لها نسل ، وقد وهبتها لك فاستوصِ خيراً بها .
فلما نكحها الإمام موسى بن جعفر وولدت له الرضا سماها الطاهرة ، وفيها وفي ابنها يقول الشاعر :



ألا إنّ خيرَ الناس نفساً ووالداً ... و رهطاً واجداداً عليّ المعظمُ

اننا بهِ للعلم والحلم ثامناً ... إماماً يؤدي حجة الله "تكتمُ"


ولادتــه :

ولد الإمام علي بن موسى الرضا في المدينة المنورة يوم الجمعة ، وقيل يوم الخميس الحادي عشر من شهر ذي القعدة الحرام من سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة النبوية الشريفة .

كنيته وألقابه :

أما كنيته ، فهي ككنية جدة أمير المؤمنين ( أبو الحسن ) ، ولهذا يعرف الإمام الرضا عليه السلام بأبي الحسن الثاني .
وأما القابه فكثيرة ، أولها وأشهرها : الرضا ، وإنما لقب بهذا اللقب لأنه كان رضا الله في سمائه ، ورضا الرسول في أرضه ، ورضا الأئمة من بعده ، بل رضيَ به المخالفون من اعدائه وضده ، كما رضي به الموافقون من أوليائه وجنده ، ولم يكن ذلك لأحد من آبائه بالنسبة إلى غير أوليائه لأنه رضيه المأمون لولاية عهده في ظاهر الأمر ، وليس الأمر ما ذكره بعض المورخين من ان الرضا لقب أطلقه المامون على عليه ، بل الصحيح أن هذا اللقب منصوص عليه من أجداده من الرسول .
ومن كناه أيضاً : الرضي ، والصابر ، والصادق ، والوفي ، والفاضل ، والضامن ، وقرة أعين المؤمنين ، وغيظ الملحدين - أو مكيدة الملحدين - ، وسراج الله ونور الهدى ، وكفو الملك ، وكافي الخلق ، وربُّ السرير ، ورب التدبير ، والصديق والمرتضى ، والراضي بالقدر والقضاء ، وينعت بغريب الغرباء ، ومعين الضعفاء ، ومعين الضعفاء والفقراء ، والمغيث ، ومغيث الشيعة والزوار في يوم الجزاء ، والإمام الرؤوف ، والسلطان علي بن موسى الرضا .

سنوات عمره وحياته بشكل عام :

عاش الإمام الرضا أربعاً وخمسين سنة وأشهراً على المشهور ، وعلى ما هو ممشهوراً أيضاً فإنه ولد في السنة االتي استشهد فيها جده الإمام الصادق وعاش مع أبيه الإمام موسى بن جعفر ما يقرب من أربعة وثلاثين سنة ، وكانت مدة إمامته وخلافته بعد أبيه ما يقرب من عشرين سنة .

مـلـوك عصره :

عاصر بقية حكم هارون الرشيد عشر سنين وخمسة وعشرين يوماً ، ومن بعده ابنه محمد بن هارون المعروف بالأمين وهو ابن زبيدة ، ثلاث سنين وخمسة وعشرين يوماً ، خُلع بعدها وأجلس مكانه عمه ابراهيم أربعة عشر يوماً ، ثم خرج محمد بن زبيدة من السجن بعدها ، وبويع ثانيةً ، فملك سنه وستة أشهر وثلاث وعشرين يوماً ، ثم تغلب عليه وقتله أخوه ابن الجارية عبدالله المأمون الذي ملك عشرين سنة وثلاث وعشرين يوماً ، والذي أنتهت حياة الإمام الرضا وإمامته في عهد المأمون ، بعد مضي خمس سنوات من حكمه .

النص على إمامته وخلافته :

نص الإمام موسى الكاظم على إمامة ابنه الإمام الرضا بمرويات منها :
روي عن احمد بن مهران عن محمد بن علي بن محمد بن الفضل قال : حدثني المخزومي قال بعث الينا أبو الحسن موسى (عليه السلام ) فجمعنا ثم قال : أتدرون لم دعوتكم ؟
فقلنا : لا .
قال : اشهدوا ان ابني هذا - وأشار إلى ولده الرضا عليه السلام - وصيي والقيم بامري وخليفتي من بعدي ، من كان له عندي دينٌ فليأخذه من ابني هذا .... إلى آخره كما في الإرشاد .

وروي عن داود الرقي قال : قلت لأبي ابراهيم جعلت فداك : اني قد كبر سني فخد بيدي وأنقذني من النار . من صاحبنا بعدك قال : فأشار إلى ابنه أبي الحسن فقال :
هذا صاحبكم من بعدي ............. إلى غير ذلك من النصوص المروية كما في الإرشاد .

زوجاته وأولاده :

تزوج الإمام سلام الله عليه زوجات عديدة ، نعرف منهن ام حبيب بنت المامون ، وسبيكة أم الإمام الجواد الذي سيلي ذكر احواله إن شاء الله تعالى . والمعروف عندنا - معاشر الإمامية - أنه لم يولد له سوى الإمام محمد الجواد ولم يخلف سواه من الأولاد ، وأمه أم ولد وكنيتها أم البنين واسمها تكتم وسبيكة كما مر . وقيل سكن ، وقيل أروى ، وقيل نجمة ، وهو وأخوه القاسم واخته المعصومة في قم من ام واحدة .

وقيل عن بعض العامة انه ولد للإمام الرضا خمسة ذكور وأنثى واحده هم : محمد الجواد ، والحسن ، وجعفر ، وإبراهيم ، والحسين ، وعائشة ، وهو خلاف المعروف عند اصحابنا .

زهـده عليه السلام :

ومن زهده أن جلوسه في الصيف على حصير ، وفي الشتاء على مسح ، ولبسه الغليظ من الثياب ، فإذا برز للناس تزين لهم بأزين اللباس ، وكان كل كلامه وجوابه وتمثاله انتزاعات من القرآن واقتباس من آياته ، وكان يختمه في كل ثلاثة أيام مرة ويقول : لو أردت أن أختمه في أقل من ثلاث أيام لختمته ، لكنني ما مررت بأيه قط ، الا تفكرت فيها وفي أي شيئ نزلت ، وفي أي وقت ، فلذلك صرت أختمه في كل ثلاث أيام مرة .

عبادته :

ومن عبادته ما رواه عبدالسلام بن صالح الهروي قال : جئت إلى باب الدار التي حبس فيها أبو الحسن الرضا بسرخس ، فاستأذنت عليه السجان فقال : لا سبيل لك عليه : فقلت ولِم ؟ فقال :لأنه ربما صلى يومه وليلته ألف ركعة ، وإنما ينفتل من صلاته ساعة في صدر النهار وقبل الزوال وعند أصفرار الشمس ، فهو في هذه الأوقات يناجي ربه .

كرم أخلاقه عليه السلام :

ومن ذلك ما حكاه عمه ابراهيم بن العباس قال : ما رأيت ابا الحسن الرضا جفا أحداً بكلامه قط ، ولا رأيته قطع على أحد كلامه قط حتى يفرغ منه ، ولا ردا أحداً عن حاجه قط ، ولا مد رجليه بين يدي جليس له قط ، ولا رأيته يشتم أحد من مواليه ومماليكه قط ، ولا رأيته يقهقه في ضحكه قط ، بل كان ضحكه التبسم ، وكان إذا نصب ما ئدته أجلس معه عليها ماليكه ومواليه حتى البواب والسايس ، وكان قليل النوم باليل كثير السهر يحيي لياليه بالعباده من أولها إلى الصبح .
وكان كثير الصيام ولا يفوته صيام ثلاثة في الشهر ، ويقول ذلك صوم الدهر ، وكان كثير المعروف والصدقة في السر واكثر ذلك في اليالي المظلمة ، فمن رأى مثله فلا تصدقوه .
وناهيك بها من خصال شريفه ، وخلال طريفه ، وصفات منيفة فيه وأباؤه الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام ، لا بد أن يكونوا أحسن الناس خَلقاً وخُلقاً ، واظهرهم فرعاً وعرقاً.

ولا ينافيه ما ورد فيه أنه أسمر اللون مع ان الأسمر هو الذي بياضه مشوب بالحمرة فيسمى عند العرب أسمر

وأن الإمام لا يظهر للناس من كل شيئ إلا ما تحتمله عقولهم ولا تنحسر عنه أنصارهم ولا تنفر منه بصائرهم .

وروي ان النبي كان يسمع أصحابه من صوته في قرآءته القرآن ما تحتمله عقولهم ، ولو أسمعهم صوته لماتوا من سماعه .

ولا شك أن نورهم واحد ، وطينتهم واحدة من ذلك النور العظيم ، قال تعالى (( ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم )) ولهذا كان الأئمة يظهرون لخواص شيعتهم الكرام على حسب الحالات التي تحتملها عقولهم في كل مقام ، فهم مظاهر الحقيقة الأحدية ، والحجة على جميع البرية ، فلا بد من ظهورهم لكل واحد بما يناسب القابلية ، وليس هذا بغريب ، ولا منهم بعجيب .

مصائبه وصبره عليه السلام :

لقد ابتلى هذا الإمام العظيم بمصائب جمة تجرعها بصبر وثبات ، ومن ذلك مصائب الواقفية .
كان الرضا حجة الله وخليفته في أرضه بعد أبيه الإمام موسى الكاظم بنصوص من أبائه . وقد صرح الإمام موسى الكاظم بإمامة ابنه الرضا تكراراً ومراراً ، دون بقية اولاده ، وأشهد على ذلك اصحابه في مواقع عديدة ، ومن ذلك ماروى أن أباه الكاظم قال للمفضل بن عمر انه صاحب الأمر من بعده ، ومن أطاعه فقد رشد ، ومن عصاه كفر .
وقد بين الإمام الكاظم أم امر الإمامة والخلافة هو بيد الله عز وجل كما النبوة كذلك ، وليس للناس أن يختاروا لأنفسهم نبياً ويجعلوه واسطة بينهم وبين خالقهم ليبلغهم أحكامه تعالى إليهم ، ولا ينبغي ولا يُقبل أن يكون الخالق تابعاً لأراء المخلوقين واهوائهم " ولو اتبع الحق اهواءهم لفسدت السماوات والأرض " قال تعالى (( ولله الأمر من قبل ومن بعد ))

بل إن البشر تأبى ذلك فهل يرضى شخص كمدير أو رئيس أن ينصب شخص غيره نائباً له ، فإن ذلك يعتبر تدخلاً في شؤونه الشخصية ، فالمدير هو الذي يضع له نائباً وليس غيره ، وكذلك الرئيس فإذا كان هذا حال الناس ، فكيف بالله تعالى ، وهو منزه عن الأستشارة والأهواء والميول .

ولذا نرى في القرآن الكريم أنه تعالى قد نسب " جعل " الخلافة والإمامة أي تعيينها وتقريرهما إلى ذاته المقدسة في كل اية منها شيئاً فيقول عز من قائل : (( يا داود إنا جعلناك خليفةً في الأرض )) سورة ص اية 26 ، ويقول في حق ادم (( إني جاعلٌ في الأرضِ خليفة )) سورة البقرة اية 30 ، وفي حق ابراهيم ((إني جاعلك للناس إماماً )) سورة البقرة اية 124وفي حق نبينا المصطفى محمد ((إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا )) سورة الفتح اية 8، فكذلك أمر الخلافة والإمامة ، وجعل الإمام بعد الإمام ليس ألا بيد الله تعالى حتى أن النبي والإمام لا يمكنهما جعل الخليفة إلا بأمر منه تعالى وبأذن منه وتعيين منه تعالى ، ولذا كان طلب نبي الله موسى من ربه تعالى ان يجعل له وزيراً . قال تعالى (( وجعل لي وزيراً من أهلي )) سورة طه اية 29 ، وقال تعالى في حق نبينا (( وما ينطق عن الهوى () إن هو إلا وحي يوحي )) سورة النجم ايه 3 و4 ، وقال تعالى (( ولو تقول علينا بعض الأقاويل )) سورة الحاقة اية 44 ومع ذلك بعد كل تلك التأكيدات التامة من الإمام الكاظم في ولده الرضا وأخد العهود والمواثيق الأكيده من أصحابه على الأقرار بإمامته دون بقية ذريته ن فقد انحرف من شيعة الكاظم عن ابنه الرضا وقالوا بوقف الإمامية على الكاظم وانه بعد وفاته وشهادته قد انقطعت الإمامة والخلافة وهم المعروفون "بالواقفية "

بل قيل أن سبب انحرافهم أن رؤسائهم كانت بأيديهم من الأوقاف والأموال المتعلقة بإمام زمانهم شيئ كثير . فطمعاً بأكل تلك الأموال أنكروا إمامة الرضا وقالوا بالوقف على الكاظم . ثم بعد ما علم أتباعهم بفساد نيات رؤساهم ، وتشرفوا بخدمة الإمام الرضا ورأوا منه المعاجز الكثيرة أذعنوا لإمامة الرضا ، وبقى شرذمة قليلة منهم على غيهم وظلالهم .

بيسان
09-04-2005, 02:25 PM
ولاية الإمام الرضا عليه السلام لولاية العهد :

كان المامون !! احد علماء عصرة المتفقهين ، وكان مطلعاً على الفلسفة راوياً للأخبار واقفاً على علوم الكلام والفقه وسواها ، ولذا كان يعرف جيداً أن الخلافة والإمامة والأمر على المسلمين هي حق لآل علي أبناء فاطمة الزهراء عليهما السلام . وكان يقيم في بلاد خراسان قبل أن ينقل خلافته إلى بغداد ، وكان معظم اهل خراسان من الشيعة ، فكان يتقرب إليهم ويتظاهر بالتشيع وحمل جماعة من آل أبي طالب من المدينة المنورة إلى مرو ، وحمل الإمام الرضا إلى طوس ، وظهرت للإمام في طريقه وبعد وصوله إلى تلك البلاد معجزات كثيرة وآيات وكرامات باهرة وألطاف زائدة على كافة الخلق ، حتى رضى عنه العدو والصديق والمؤالف و اجتمع إليه الناس واختلفت إليه الشيعة وتعاكفت عليه قلوب الخلق من جميع الطبقات . حتى خاف المأمون من ذلك على زوال ملكه وسلطنته .

ففكر( لع) بحيلة تجعل الناس ينفرون عن أبي الحسن فعرض على الإمام الخلافة ، وأظهر على أنه عازم على خلع نفسه عنها وتفويض الأمر إلى الإمام الرضا فأنكر الإمام عليه ، وجرت مناظرة بين الإمام والمامون ، مؤداها أن الإمام قال له بما معناه : إذا كان الله تعالى قد البسك ثوب الخلافة فلا يحق لك ان تخلعه بدون أذنه وتعطيها غيرك ، وإذا لم يلبسك الله ثوب الخلافة بل أنت البست نفسك إياها ، فكيف تعطي غيرك ما ليس لك .

ثم عرض المامون على الإمام ولاية العهد ، وقد أراد المامون بذلك تنقيص شان الإمام وتصغيره قدره في نفس الناس ، بأن يظهر لهم بان الإمام الرضا ليس له هم إلا طلب الدنيا والرياسة ، وإن ما يظهر منه من الأخلاق الكريمة النبوية ومحامد الصفات العلوية ، ليس إلا رياء عند الناس ، فإذا وجد شيئاً من الدنيا تكالبت عليه شهواته وسعت إليه نفسه ، ولكن هيهات للمامون من ذلك ، مع ولي الله وخليفته الشرعي .

عموماً ، شدد المامون على الإمام بقبوله لولاية العهد ، وذلك لتهدئة الأوضاع التي قامت على المامون واستدراج الشيعة إليه ، وإظهار حبه لأهل البيت خلافاً لأبائه - حتى هدد الإمام بالقتل سراً، وذلك بعد ان جرت بينه وبين الإمام تلك المناظرة .

ويقال بان سبب إعطاء المامون ولاية العهد للإمام الرضا ، له ثلاثة إحتمالات :

الأول : أن فكرة ذلك من ابتكار المأمون ، وانه كان مصمماً من كل قلبه على ذلك ، لأجل النذر الذي قطعه على نفسه ، سواء قلنا با نحرافه فيما بعد عن هذا التصميم كما يروهُ كل من الشيخ المفيد والشيخ الصدوق ( أعلى الله مقامهما ) أم قلنا ببقائه على نيته حتى النهاية كما يراه بعض المستشرقين .

الثاني : أنها ليست فكرة المامون أبداً ، بل هي فكرة الفضل بن سهل ذي الرياستين وزير المامون والذي قال البعض أنه شيعي ، متمكن من التشيع ، ويقول البعض الأخر أن الفضل فعل ذلك مبيتاً نية خطرة ، وليس بشيعي ابداً وهذا هو القول الصحيح .

الثالث : وتنطوي تحته أسباب سياسية أهمها :
1- تهدئة الفارسيين وكسبهم الذين كانوا يميلون إلى التشيع وآل علي ، وهم الذين قاموا ضد الأمويين أول الأمر تحت شعار الرضا من آل محمد .

2- قطع الطرق على انتفاضات العلويين ، وتهدئتهم ، وارضاءهم حيث جعل للعلوين سهماً في الخلافة ، حتى يهدئهم ثم يفرق الناس من حولهم ، وبهذا لا مجال لهم لحمل السلاح أو حيثما يدهبون للدعوة للقيام ضد الخلافة سيقول لهم الناس أنتم الأن شركاء في الخلافة ، والإمام الرضا هو الأن ولي العهد ، فانتم إذاً تقومون ضده .

3- نزع السلاح من الإمام الرضا ووضعه تحت نظر المامون مباشرة ، حتى لا يتمكن الإمام من التحرك حتى على الصعيد الشعبي فضلاً على السياسي وهناك اسباب اخرى منها

1-أن يامن المامون الخطر الذي كان يتهدده من قبل شخصية الإمام
2- وضع شخصية الإمام تحت المراقبة من الداخل والخارج وتمهيد الطريق للقضاء عليها بأساليبه الخاصة .
3- عزل الإمام عن الحياة الاجتماعية وابعاده عن الناس ، والعكس كذلك .
4- استغلال عاطفة الناس ومحبتهم لأهل البيت وتوظيف ذلك لصالح المامون ، وصالح الحكم العباسي بشكل عام
5- تقوية دعائم الحكم العباسي بشخصية الإمام التي تعنو لها الجباه بالرضا والتسليم .
6- إدعاء ان تصرفات واعمال المامون لم يكن الهدف من ورائها إلا خير للأمة ومصلحة المسلمين .
7- صرف أنظار الناس عن حقيقة ما يجري وما يحدث عن واقع المشاكل التي كان يعاني الحكم ، والأمة منها ، وما اكثرها .
8- الحصول على اعتراف من العلويين على اعلى مستوى بشرعية الخلافة العباسية وقد صرح المامون بذلك .
9- إعطاء الصورة الحسنة عن تصرفات الحكومة ، فإن سكوت الإمام الرضا دالاً على رضاه بها ، ويعتبر إمضاءً لها
10 - القضاء على الإمام وتصفيته جسدياً .

ولعل مسلمات التاريخ ، من أحضارالإمام الرضا من المدينة المنورة إلى مرو ، ورفض الإمام لها ، وشرط الإمام ان لا يكون له أي دخالة بأي شيئ ولا يتحمل مسؤولية تجاه أي عمل ، بان لا يعزل حاكماً ، ولا ينصب احداً لشيئ من امور الحكم ، ولا يامر فيها ولا ينهى ، ولا يفتي ولا يقضي ولا يغير شيئاً مما هو قائم . وكذلك تعامل الإمام بعد ولاية العهد ، وخطبته التي خطبها في محضر المأمون وكيفية مبايعته ن كل هذه المسلمات تعطي دلالة قويه لهذا الأحتمال بكونه السبب الرئيسي لا عطاء المأمون ولاية العهد .

وهناك الكثير من الكلام عن ولاية العهد ، وقبول الإمام الرضا لها ، نتركها خوف الإطالة ن ومن أراد ذلك فعليه بكتاب الحياة السياسية للإمام الرضا للسيد جعفر مرتضى العاملي ، وسيرة الأئمة الأطهار للشهيد المطهري .

علمه ومحاججاته مع اصحاب الفرق والمذاهب :

إن ما ظهر من الإمام الرضا من المعجزات الكثيرة والمحاجات العديدة المفحمة مع أرباب الملل والديانات كثيرة جداً ، لا يسع هذا المختصر جزءاً ضئيلاً منه .
فذات مرة جمع المأمون رؤساء الأديان في عهده ، رأس الجالوت حاخام اليهود ، وجاثليق النصارى ، ورئيس الصابئة ، والهربذ الأكبر صاحب الزرادشتين المجوس ، ثم أرسل للإمام الرضا ودعاه لذلك المجلس ، فجعل الإمام يحاجج كل واحد من هؤلاء بكتاب دينه ، فيجادلهم من أحكامهم وتعاليمهم ، ويفحمهم واحداً واحد .

وكان بارزاً في علوم عصره غير الدينية فانت له ممارسات كيميائية ووصفات طبية ، وظهر على يديه الكثير من المعجزات ، وكان يخبر بالمغيبات فينبئ عن وقوع أشياء قبل أن تقع وينبئ عما في القلوب والضمائر ويجيب عن المسائل قبل أن تُسأل .

وقد حدث مرة ان أحد الأخصام المعاندين ، وهو " ابن هذاب " قد اغتاظ من مكانة الإمام الرضا فانكر معرفة الإمام للغيب وقال ان الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى . فرد الإمام بالأية الكريمة (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدأ ألا من ارتضى من رسول )) سورة الجن اية 26 -27 . ثم أضاف فرسول الله مرتضى الله ، ونحن ورثة ذلك الرسول الذي علمه الله تعالى ما يشاء من غيبه ، وعلمنا هو ما كان وما يكون إلى يوم القيامة واخبرك يا بن هذاب انك ستصاب بعد أيام ببلايا ، منها ، انك حتى خمسة ايام ستبتلي بدم ذي رحم ، وانك تصاب بعدها بايام ببصرك وتصيرمكفوفاً ، فلا تبصر سهلاً ولا جبلاً ، ثم قال ولك عندي دلالة أخرى على معرفتنا بالمغيبات ، هي انك ستحلف يميناً كاذبه فتضرب بسببها بالبرص . قال راوي الحديث وهو محمد بن الفضل . والله لقد نزل ذلك كله بابن هذاب فقيل له : أصدق الرضا أم كذب ؟ فقال والله لقد علمت في الوقت الذي أخبرني به انه كائن ولكني كنت أتجلّد .

استشهاده عليه السلام :

سبق وأن اشرنا في أسباب اعطاء المأمون ولاية العهد للإمام الرضا أن منها تدبير خطة لتصفية الإمام جسدياً . دون ان يساور احدأ الشك بدوره (لع) فيها ودون أن يظن أحد أنه هو السبب في مقتله ذلك لأن المأمون يعرف مكانة الإمام الرضا والبيت العلوي في نفوس الناس . وأراد في الوقت نفسه أن يتم الأمر بعيداً عن مقر حكمه (( طوس )) لكثرة ما بها من شيعة الإمام واتباعه ، فاشخص الإمام مع رئيس قافلة ، وأمر رئيسها بعدم المرور على الكوفة وقم لكثرة ما بها من الشيعة ، وقرر المأمون على اغتيال الإمام أثناء إنتقاله من طوس إلى بغداد ، فلما وصل إلى قرية "سنباد" وهي قريبة من رستاق (( نوقان )) على مسيرة يوم من طوس وفيها قبر أبيه هارون توقف لتنفيد خطته .

واوعز لغلام له أسمه عبدالله بن بشير ان يسم الإمام بعنب وحبات رمان ، ثم يقدمها للإمام ليأكلها واوصاه أن يجعل السم تحت أظفاره ثم يحوله إلى كفه ، ثم يفرك بكفه حبات الرمان ويناولها الإمام بمرأ من حضار المجلس ، لكي لا يتهمه احد بانه هو قاتل الإمام كما أوصاه أيضاً بأن يغمس سلكاً بالسم ثم يدخله في حبات العنب من الطرف إلى الطرف بابرة ويقدم من ذلك العنب إلى الإمام أيضاً امام أمام أنظار الناس .
فلما اعدَّ عبدالله بن بشر ذلك وحدد المامون اليوم لا غتيال الإمام بعث للإمام وحضر للمجلس ، وقدم له العنب والرمان المسمومين ، فامتنع الإمام عن الأكل واستعفى المأمونَ من ذلك ، ولكن المامون أصرأصراراً شديداً وقال للإمام لا بد لك من الله ، فلعلك تتهمنا بشيئ . فتناول الإمام من العنقود ثلاث حبات ثم رمى به وقام فقال إلى أين يا بن العم فقال : إلى حيث وجهتني . وخرج مغطى الرأس ، حتى دخل داره وامر بسد أبوابها فاغلقت ، ولم يكن في الدار غير خادمة ابي الصلت الهروي فلم يلبث إلا يومين استشهد بعدهما في بلاد الغربة في تلك القرية وحيداً غريباَ مسموماً ، وكان استشهاده يوم الثلاثاء السابع عشر من شهر صفر من سنة ثلاث ومئتين للهجرة النبوية الشريفة .

وكتم المامون (لع) موته يوماً وليله ، ثم انفذ إلى محمد بن جعفر الصادق عم الإمام ، فلما حضروه ا نعاه إليهم وبكى متظاهراً ، وأراهم أياه مبيناً انه صحيح الجسد ، وعلمت الشيعة بذلك فا جتمعوا لتشييع الإمام ففزع من وقوع الفتنة ، فخرج محمد بن الصادق بامر من المامون ، وفرق الناس ، قائلاً لهم ان امر الجنازة قد اخر إلى الغد .

فلما تفرق الناس ، اخرج المامون الجنازة الطاهرة ، ثم ان الإمام غسل وكفن وصلى عليه من يعلم الله - وهو الإمام الجواد في جوف الليل ثم أمر المأمون بدفن الإمام بجوار قبر أبيه ، بحيث يكون قبر أبيه امام قبر الإمام فلم تؤثر المعاول ولم تحفر شيئاً ، فتعجب المأمون في ذلك واستدعى احد مقربي الإمام وكان يدعى هرثمة الذي كان الإمام يسر له بكثير من المغيبات ، فاقترح هرثمه ان يجعل قبر الإمام أمام قبر هارون ففعلوا ذلك وإلى ذلك يشير دعبل الخزاعي الشاعر الشيعي الطائر الصيت



قبران في طوس خير الناس كلّهم ... و قبر شرهم هذا من العبرِ

ما ينفعُ الرجسُ من قرب الزكي وما ... علي الزكي بقرب الرجس من ضرر

هيهات كل امرئٍ بما كسبت ... له يداه فخذ ما شئت او فذر

بيسان
09-04-2005, 02:34 PM
الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام, من المعصومين الأربعة عشـ14ـر

نسبه الشريف :

هو ثالث المحمدين الأربعة المعصومين الأثنى عشر ، أولهم محمد رسول الله وثانيهم الإمام الخامس محمد بن علي الباقر وثالثهم هو ورابعهم الحجة الثاني عشر الإمام محمد بن الحسن المهدي (عج) ، الإمام التاسع والمعصوم الحادي عشر ، حجة الله على العباد ، وشفيع يوم التناد ، جواد الأجواد ، ومحل الرشاد ، ومفتاح السداد ، باب المراد ، الإمام الهمام ، ومجتمع الشيعة الأمجاد ، صاحب المصائب من أهل الألحاد والتي تندك لها الجبال الأطواد ، وتتفطر لها السبع الشداد ، الإمام الأقدس ، صاحب المعجزات ، والمأثر المشهورة الإمام محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب سلام الله تعالى عليهم اجمعين ، وأبنائه المعصومين .

فنسبه من نسب والده الإمام الرضا على - ماعرفت - وأبائه الأطهار صعوداً حتى ابي عبدالله الحسين فامير المؤمنين والرسول .

واما امه فكانت أم ولد يقال لها سبيكة ، ودرة ، وريحانة ، ثم سماها الإمام الرضا خيرزان ، وقد تسمت بالمونسة ، وسكينة المريسية وحريان ، وتكنى أم الحسن ، وكانت نوبية ، وهي أفضل نساء زمانها وكانت من اهل بيت أم المؤمنين مارية القبطية زوجة النبي الأكرم ووالدة إبراهيم بن رسول الله .

مولده عليه السلام :

ولد الإمام الجواد يوم الجمعة العاشر من شهر رجب الأصب ، من سنة خمس وتسعين ومائة من الهجرة المباركة ، ويؤيد هذا القول بل يؤكده ويلزم به الدعاء المنسوب إلى مولانا الحجة المنتظر وقد أمر بقراءته أيام رجب ، وأوله ( اللهم إني اسألك بالمولودين في رجب ، محمد بن علي الثاني ، وابنه علي بن محمد المنتجب ) .

كنيته والقابه عليه السلام :

أما في الكنية فهو يشبه جده محمد بن علي كما يشبهه في الأسم ، واسم الأب ، أي ابو جعفر ، محمد بن علي ، ولذا اشتهر الإمام الجواد بأبي جعفر الثاني ، تمييزاً عن الإمام محمد الباقر ، وربما يقال في كنيته أبو عبدالله ، ايضاً .

وأما القابه فمنها : الجواد ، والتقي ، والقانع ، والمرتضى ، والمختار ، والمتوكل ، والمنتجب ، والنجيب ، والمتقي ، والزكي ، وغيرها .

النص على إمامته عليه السلام :

تعددت وتضافرت الروايات التي تقول بان الإمام الرضا نص على امامة ولده محمد اكثر من مرة ، وبعضها يشدد على ان أباه الرضا نص على إمامته قبل ولادته ، أي وهو مايزال جنيناً في بطن امه ، نذكر منها :
روى الشيخ المفيد في الأرشاد ، عن محمد عن الخيراني عن ابيه قال : كنت واقفاً بين يدي أبي الحسن الرضا (عليه السلام ) بخراسان فقال قائل : يا سيدي إن كان كون فإلى مَن ؟ قال : (( إلى ابي جعفر ابني )) فكأن القائل استصغر سن ابي جعفر (عليه السلام ) فقال أبو الحسن (عليه السلام ) إن الله سبحانه بعث عيسى بن مريم رسولاً نبياً صاحب شريعة مبتدأة في اصغر من السن الذي فيه أبو جعفر (عليه السلام ) .

روي ايضاً عن احمد بن محمد عن صفوان بن يحيى قال : قلت لرضا (عليه السلام ) قد كنا نسألك قبل ان يهب الله لك أبا جعفر ، فكنت تقول يهب الله لي غلاماً فقد وهب الله لك ، وأقر عيوننا به ، فلا ارانا الله يومك وإن كان كون فإلى مَن ؟
فأشار بيده إلى ابي جعفر وهو قائم بين يديه ، فقلت له : جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين قال : وما يضره من ذلك ؟ قد قام عيسى بالحجة وهو ابن أقل من ثلاث سنين .
وروى الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عن الإمام الرضا أنه قال : أبو جعفر وصيي وخليفتي في أهلي .

وكان الإمام الرضا يخاطب ابنه هذا بالتعظيم ، وما يذكره إلا بكنيته " ابي جعفر " وهو صبي قليل السن في مقاييس البشر ومفاهيمهم .
وكان الإمام الرضا يامراصحابه بالسلام على ابنه ابي جعفر بالإمامة والإذعان له بالطاعة ، وكان يؤكد ويشدد على ذلك .

وروي ايضاً ان عم الإمام الرضا علي بن جعفر الصادق الذي عرفناه من جملة ابناء الإمام الصادق ، كان ذات يوم جالسا في مسجد رسول الله بالمدينة المنورة ومعه اصحابه ، إذ دخل عليه ابو جعفر الجواد ، فوثب علي بن جعفر بلا حذاء ولا رداء ، فقبل يده وعظمه ، فقال له ابو جعفر يا عم ، اجلس رحمك الله فقال : يا سيدي كيف اجلس وانت قائم ؟ فلما رجع إلى مجلسه جعل اصحابه يوبخونه ويقولون : انت عم أبيه ، وتفعل هذا الفعل ؟ فقبض علي بن جعفر على لحيته وقال لهم : اسكتوا ، إذا كان الله عز وجل لم يؤهل هذه الشيبة وأهل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه ، أنكِرُ فضله ؟! نعود بالله مما تقولون ! بل انا له عبد !!

ثم إن الإمام الجواد قام بما تحتاج إليه الناس بعد أبيه لأنه الحجة ، ولا يعجزه عن ذلك صغر سنه لأنه مستكمل الشرائط ، وهم انوار الله في عالم المكنون والملكوت ، وإنما هم صموت ماداموا لم يؤذن لهم .
وسوف نبحث عن صغر سن الإمام ولياقته للإمامة في بحثنا عن الإمام الحجة الثاني عشر ( عجل )

وعلى اي حال فهذا الإمام الشاب المعصوم عللا صغر سنه لا ينقص فضله وشرفه عن ابائه المعصومين وأبنائه الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين . فكلهم نور واحد ذرية بعضها من بعض وكلهم ثمرات الشجرة الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أُكلها كل حين بأذن ربها .
فكما تؤتي تلك الشجرة المباركة الكل والثمر كل حين ، كذلك لا تخلو الأرض في كل وقت في وكل حين، وكل ساعة من حجة قائمة عليها ، ومن إمام ساكن عليها وإلا لساخت على الفور باهلها ، وكذلك لا ينقطع الناس ولا يستغنون في كل عصر عن علوم إمام عصرهم وحجة زمانهم ،ولا بد للناس من الرجوع إلى الموجود منهم في كل زمان ، إما شفاهاً بلا واسطة إن كان ظاهراً للأنظار مرئياً بالأبصار ، او إلى نوابه وخدامه الخاصين أوالعامين إن كان غائباً في البلاد ومستوراً عن العباد كا ستتار الشمس وراء الغيم ، مثل إمام عصرنا الحجة الثاني عشر عجل الله فرجه الشريف .

زوجاته واولاده عليه السلام :

نعرف ممن تزوجهن الإمام الجواد أم الهادي والدة الإمام العاشر الذي ستلي سيرته إن شاء الله تعالى . وام الفضل بنت المامون والتي سيرد ذكرها أيضاً في احوال هذا الإمام الهمام وهذه لم تلد له اولاداً .

اما اولاده فهم أربعة : ذكران وانثيان ، والذكران هما بكره أبو الحسن علي الهادي الإمام بعده ، واخوه موسى المعروف بموسى المبرقع .
والأنثيان هما فاطمة ولعلها المعروفة بالحكية أو الحكيمة ، المدفونة في سر من رأى ( وسميت بذلك نظراً لمنظرها الجميل بعد بناءها ، ولما خربت وهدمت سميت ساء من رأى وخففت بعد ذلك وسميت سامراء ) في بقعة الإمام الهادي ، والثانية أمامة ، وهذا قول الشيخ المفيد ( أعلى الله مقامه ) وزاد الشيخ الطبرسي (قد) على ذلك من البنات حكيمة وخذيجة وام كلثوم .

اما ولده الأكبر فهو الإمام أبو الحسن علي بن محمد الهادي كان الإمام من بعده بنص من أبيه وسنذكر حالاته إن شاء الله تعالى في محلها .

واما ولده الأخر المسمى بموسى والمشهور بموسى المبرقع ، فقد ولد في المدينة المنورة واقام مع أبيه إلى أن استشهد أبوه ببغداد ، ثم انتقل إلى الكوفة وسكن بها مدة ، وفي سنة ست وخمسين ومأتين هاجر من الكوفة وورد قم وتوطن بها .

وكان موسى يستر وجه عن الناس ويلقي برقعاً عليه ، ولذلك قيل له المبرقع ، وكان يستر وجه خوفاً من شرار بني العباس الذين كانوا يترصدون للعلويين ولأبناء أهل اليت بين كل شجر ومدر ، وينكلوا بهم .
ثم انه أخرج من قم إلى كاشان ونزل عند احمد بن عبدالعزيز بن دلف العجلي فاكرمه ورحب به وبذل له الأموال واحسن إليه .

ثم خرج جماعة من رؤساء العرب من اهل الكوفة وتفحصوا عن امره وعما جرى بينه وبين اهل قم ، فلما اطلعوا على الأمر ، وبخو اهل قم لسوء معاشرتهم مع موسى وإخراجه عن بلدهم .
فعند ذلك ندم اهل قم في اخراج موسى عن البلد ، واستشفعوا برؤساء العرب الذين قدموا قم من الكوفة ، وطلبوا منهم مراجعة موسى المبرقع إلى قم ومغادرة كاشان والتوطن في بلدهم ، فقبل موسى شفاعتهم وعفى عن اهل قم .

ثم نزل قم مرة ثانية واقام بها مكرماً ، وأقاموا عنده ، وكان له خدم وحشم ومقام عظيم عندالقميين ، واحاطوا به واستفادوا من علمه وفضله .
وكان موسى المبرقع من أهل الحديث والدراية وتوفى في بلدة قم في شهر ربيع الأخر من سنة ست وتسعين ومائتين ، ودفن في بيته ، وكان قبل وروده بقم لمحمد بن الحسن بن ابي خالد الملقب بشنبولة ، وكان من اصحاب الإمام الرضا ومن رواة الحديث .

قال العطاري صاحب مسند الإمام الجواد الظاهر أن مخالفة اهل قم مع موسى المبرقع واخراجه عن بلدهم كان لعدم معرفتهم إياه لأنه كان يستر وجهه بالبرقع ولا يظهره للناس ، وكانوا في شكٍ وترديد في شخصه وأمره ، فلما القى البرقع ، وكشف عن وجهه عرفوه وأكرموه نهاية الإكرام .
وقبره اليوم مزار معروف في البلدة المقدسة ، مشهور بـ در بهشت أي باب الجنة تزوره العامة والخاصة .

وكان موسى جد السادة الرضوية وينتهي نسبهم إليه ، والسادة الرضوية المنسوبون إلى الإمام أبي الحسن الرضا من البيوتات العلوية الجليلة الساكنون في ايران والهند وباكستان وأفغانستان وتركستان والعراق والشام وغيرها من البلاد .

سنوات عمرة وحياته بشكل عام :

كان الإمام الجواد صغير السن حين تولى الإمامة بعد شهادة ابيه الرضا فإنه كان ابن سبع سنين وثلاثة أشهر ، او تسع سنوات وأشهراً ، بل كان عمره على المشهور سبع سنين وسبعة اشهر وسبعة أيام ، ولم يتولَ احد الإمامة في مثل هذا العمر الصغير إلا ابنه الإمام الهادي بعده . وبعدهما الإمام الحجة (عج )

وكان أيضاً أقل الأئمة عمراً ، فقد عاش على المشهور خمساً وعشرين سنة وأربعة أشهر وستاً وعشرين يوماً فقط ، وإذا حدفنا منها سنوات حياته مع أبيه وهي سبع سنوات وتسعة أشهر وتسعة عشر يوماً ، فتكون مدة إمامته سبع عشرة سنة وتسعة أشهر وتسعة عشر يوماً .

مـلـوك عـصره :

عاصر الإمام الجواد بقية ملك المامون بعد استشهاد الإمام الرضا وقسماً من ملك المعتصم ، والمعروف المشهور انه استشهد في اول ملك المعتصم ( وإن قيل أيضاً بوقوع شهادته في ملك الواثق ) لكن هذا القول بعيد لان هلاك المعتصم كان في سنة 227هـ وشهادة الإمام في سنة 220هـ

(http://www.qatifoasis.com/ib/index.php?act=ST&f=2&t=64808217)

بيسان
09-04-2005, 02:36 PM
تااااااااااااااااااااااااااااابع

معجزاته عليه السلام :

ومن معجزاته البارعة ما وقع له عند استشهاد أبيه . منها ما رواه محمد بن ميمون قال : كنت مع الرضا بمكة قبل خروجه إلى خراسان فقلت له إني أريد أن أتقدم إلى المدينة ، فاكتب معي كتاباً إلى ابي جعفر فتبسم وكتب كتاباً وسرت إلى المدينة وكان قد ذهب بصري فاخرج الخادم أبا جعفر يحملة من المهد ، فناولته الكتاب فقال موفق ، فضه وانشرره ين يديه . ففضضته ونشرته بين يديه ، فنظر فيه ، ثم قال لي : يا محمد ما حال بصرك فقلت يا ياابن رسول الله اعتليت فذهب بصري كما ترى ، فمدّ يده ومسح على عيني فعاد إليّ بصري كأصح مما كان ، ثم قبلت يديه ورجليه وانصرفت من عنده وانا بصيراً .

علمه ومحاججاته عليه السلام :

تعددت الأخبار والروايات عن سعة علم الإمام الجواد (كأبائه -ع- ) وقوة حججه وعظمة آياته منذ صغره ، وعن ادهاشه وافحامه العلماء والكبار وهو حدث صغير السن ، فمن تلك الأخبار ، أنه دخل بعد شهادة أبيه الرضا خلق كثير من بلاد مختلفه لينظروا إليه ، وكان في المجلس عمه عبدالله بن موسى ، وهو شيخ كبير نبيل ، عليه ثياب خشنه ، وبين عينيه سجادة كبيرة ، وكان يكرم الجواد كثيراً على صغر سنه ، والمنادي ينادي هذا ابن بنت رسول الله فمن أراد السؤال فليسأل ، فسئل عن اشياء أجاب فيها بغير الجواب ، ، فرد على الشيعة ما أحزنهم وغمهم واضطربت الفقهاء ، فقاموا وهموا بالأنصراف ، وقالوا في انفسهم : لو كان أبو جعفر يكمل لجواب السائل لما كان عند عبدالله ما كان من جواب بغير الجواب ، ففتح عليهم باب من صدر المجلس ودخل موفق وقال : هذا ابو جعفر فقاموا إليه واستقبلوه وسلموا عليه فرد عليهم السلام ، فدخل وعليه قميصان وعمامة بذؤابتين ، وفي رجليه نعلان ، وجلس وامسك الناس كلهم ، فقام صاحب المسأله فسأله عن مسأله أجاب عنها بالحق ، ففرحوا ودعوا له وأثنوا عليه ، وقالوا له : إن عمك عبدالله أفتى بكيت وكيت ، فقال لا إله إلا الله ياعم إنه عظيم عندالله أن تقف بين يديه - فيقول لك لِمَ تفتي عبادي بما لا تعلم وفي الأمة من هو أعلم منك .

وأما محاجاته فكثيراً جداً ، ولعل من أكثرها شهرة مع يحيى بن أكثم في مسألة مُحرم الذي قتل صيداً ؟ وأجاب عند ذلك بجواب متفرع ، فحير ابن اكثم واخجله .

ومنها ما حدث في مجلس المعتصم ، وذلك أنهم جاؤوا يوماً بسارق ليجرى عليه الحد ، وكان عنده من علماء المذاهب الإسلامية المختلفة جماعة ، فسألهم عن حكمه ، فحكموا عليه بقطع اليد ولكنهم اختلفوا في حد اليد فقال قوم بان تقطع يده من الكرسوع وهو الزند ، تمسكاً بآية التيمم وحده من الزند ، وقال اخرون بكون القطع من المرفق ، فاحضر الإمام وسأله عن ذلك فتثاقل الإمام عن الجواب واستعفى منه ، فاصر عليه المعتصم وحلفه وألزمه ، فحكم الإمام بخطأ الفريقين ، وإن يد السارق لا تقطع إلا اصابعها ، ولا بد من ابقاء الكف للسجود عليه ، تمسكاً بقوله تعالى (( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا )) وإن ما كان لله فلا يقطع ، فاعجب ذلك المعتصم وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف .

علاقته مع المأمون والمعتصم :

بقى عند المامون معززاً مكرماً ، وذلك تظاهراً من المأمون . وكانات زوجته ام الفضل لا توافقه في الأخلاق والأفعال ، لآنه يكرم كثيراً زوجته ألجليلة أم الإمام العاشر ، وكانت تشكيه لأبيها المامون وهولا يصغي لها لما صدر منه نحو ابيه الرضا ولم يتعرض لأذيته ولا لأحد من أهل البيت ، علماً بأن ذلك ليس في صلاح دنياه ولا أخراه . وقد علمه الإمام الحرز المعروف بحرز الجواد للحفظ من الشرور والبلايا والمكاره والآفات والعاهات وهو من أوثق الأحراز .

ثم خرج من معاشرة المامون فخرج للحج ، ومعه أم الفضل ، ورجع من مكة بوطن جده ، فلم يزل بها حتى هلك المأمون ، وبويع لأخيه المعتصم وكان مضى على خلافته بعد أبيه ست عشر سنة .

وكان المعتصم أكثر بني العباس تعصباً ةكرهاً لأبناء علي ، وكان يبهره ويحيره ما يسمع من معجزات وكرامات وعلوم الإمام وفي الوقت نفسه يملأ قلبه خوفاً منه وحسداً ويزيده عداوه . واخيراً قرر أن يستدعيه من المدينة المنورة ليبقيه بجانبه وتحت نظره في بغداد .

فلما بلغت دعوته الإمام ، تهيأ للمسير مع زوجته ام الفضل ، وأوصى لولده الإمام الهادي وجعله خليفة من بعده ونص عليه بالإمامة بمحضر أكابر شيعته ، ودفع إليه مواريث الإمامة وهو بعد صغير السن وانصرف ودخل بغداد في الثامن والعشرين من شهر محرم من سنة عشرين ومأتين للهجرة الشريفه ، وفي بغداد حيث محاججاته وإكبار العلماء والناس له واياته التي تظهر تزيد المعتصم خشية منه ويتظاهر بتقدير واحترام الإمام ولذا كان ينتظر فرصة ، ليُضعف فيها الإمام ويكسفه .

وكان بنو العباس يخافون من الإمام وينقمون عليه من علمه وحب الناس له ، فكانوا دائمي السعاية والدس له والأفتراء عند المنصور ، ولعل أبرز هؤلاء الأخصام والأعداء جعفر بن المامون ، أخا ام الفضل زوجة الإمام .

استشهاده عليه السلام :

نظراً لتلك السعايات التي فعلت فعلتها في المعتصم ، قرر التخلص من الإمام ، فأوعز إلى زوجة الإمام أم الفضل ، كما أنها فعلت بايعاز من أخيها جعفر بن المامون أيضاً . فجعلت السم في العنب الرازقي واطعمته الإمام وقيل أنها سمت العنب بمسحه بمنديل مسموم ، وإن الإمام عندما أحس بأثر السم ادرك انه منها ودعا عليها ، وكانت شهادته يوم السبت السادس من شهر ذي الحجة الحرام من سنة عشرين ومأتين من الهجرة الشريفة في بغداد ، ودفن في مقابر قريش بظهر قبر جده الإمام موسى الكاظم وهي اليوم بعيدة عن بغداد مسيرة ساعة في بلدة تسمة الكاظمية ، وفوق بقعتهما قبتان عاليتان من ذهب ، مع اربع مآدن عاليةٍ كبار ، وأربع صغار من جوانبها الأربع . بأحسن ترتيب واجمل هئية .

رزقنا الله تعالى في الدنيا زيارتهما وفي الأخرة شفاعتهما وشفاعة آبائهما الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
ويقال أن جنازته بقيت ثلاثة أيام بلا دفن ، ومثل هذا القول ورد بشأن جده الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع ) الذي بقي على جسر الرصافة ببغداد كذلك ، وايضاً بقي سيد الشهداء ثلاثاً

بيسان
09-04-2005, 02:51 PM
الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام, من المعصومين الأربعة عشـ14ـر

نسبه الشريف :

هو الإمام العاشر من أئمة الشيعة الأثنى عشرية ، ذو المكارم والأيادي ، والمعجزات والفضائل المشهورة بين الخاص والعام والحاضر والبادي ، المعصوم العاشر والنور الباهر ، المعصوم الثاني عشر مولانا ومولى الجن والممكنات والبشر ، مبدأ الفضل والأيادي الإما مأبي الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام .

وهو رابع العليين الأربعة في الأئمة الأطهار بعد العليين الثلاثة ، الإمام أميرالمؤمنين والإمام زين العابدين ، والإمام الرضا .
فنسبه من نسب أبيه ، تلك الذرية الطاهرة التي أذهب الله عنها الرجس وطهرها تطهيرا ، واصطفاها على البرية جميعا ، وزكاها على خلقه ، وجعلهم أئمة يهدون بامره تعالى .

وأما أمه ، فكانت جارية اشتراها الإمام الجواد بسبعين دينار وكانت تسمى سمانة المغربية " ويقال " متفرشة" ، ويقال أنها معروفة بالسيدة أم الفضل ، وهي من القانتات الصالحات ، وكان الإمام الهادي يقول على ما روي : (( أمي عارفة بحقي وهي من أهل الجنة ، ما يقربها شيطان مريد ، ولا ينالها كيد جبار عنيد ، وهي مكلوءة بعين الله التي لا تنام ، ولا تختلف عن أمهات الصديقين والصالحين .

مولده عليه السلام :

ولد في قرية صربا بالقرب من المدينة المنورة ، يوم الثلاثاء في الثاني من شهر رجب الأصب من سنة اثنتي عشرة ومئتين للهجرة النبوية الشريفة ، وربما يؤيد ذلك ما ذكرناه في ولادة الإمام الجواد من الدعاء في أول رجب (( اللهم إني أسألك بالمولدين في رجب محمد بن علي الثاني وأبنه علي بن محمد المنتجب )) وهذا يؤيد ويرجح ذلك ، بل يعينه ويحدده وإن كانت هناك روايات غير ذلك .

كنيته وألقابه عليه السلام :

يكنى بأبي الحسن ، ويقال له تمييزاً " أبو الحسن الثالث " بعد أبي الحسن الأول أمير المؤمنين وأبي الحسن الثاني جده الرضا
وأما القابه فكثيرة منها : الهادي وهو اشهرها ، والعسكري ، والفقيه ، والمؤتمن ، والنقي ، والعالم ، والمرتضى ، والناصح ، والأمين ، والمتقي والطيب ، والنجيب ، والفتاح ، والمتوكل وغيرها .

وقد كان يخفي اللقب الأخير - أي المتوكل - و يأمر أصحابه بأن يعرضوا تلقيبه به ، لكونه يومئذٍ لقباً للخليفة العباسي المعاصر ، وهو جعفر المتوكل المعاصر للإمام الهادي .
وأما لقب العسكري ، فسببه أ ن جعفر المتوكل أشخصه من المدينة المنورة إلى بغداد إلى سر من رأى ، وكان يعسكر فيها الجيش ، ولذا سميت عسكراً ، وقد أقام بها عشرين سنة وتسعة أشهر ، فلذلك قيل للإمام وولده العسكري نسبةً لها ، وإن غلب هذا اللقب على ولده الإمام الحسن العسكري

النص على إمامته عليه السلام :

كان الإمام الهادي مهئياً للإمامة والخلافة ، فقد كان أطيب الناس مهجة، وأصدقهم لهجة ، وكان شكلاً أحسنهم واملحهم ، وكانت أوصافه كلها تجعله المبرَّز والمقدم لإمامة البشر كيف لا وهو من بيت الرسالة والإمامة ، ومقر الوصية والخلافة ؟! كيف لا وهو شعبه من روح النبوة منتضاه ومرتضاه ، وثمرة من شجرة الرسالة مجتناه ومجتباه .
ومن تلك الأخبار المروية عن أبيه الجواد عن ابائه :
روى عن اسماعيل بن مهزيار أنه قال : لما خرج أبو جعفر من المدينة المنورة إلى بغداد في الدفعة الأولى من خروجه قلت له : جعلت فداك إني خائف عليك من هذه الوجه فإلى من الأمر بعدك ؟ فكرّ بوجهه إلي ضاحكاً وقال : ليس الأمر حيث ضننت في هذه السنة فلما استدعى به المعتصم صرت إليه فقلت له : جعلت فداك ها أنت خارج فإلى من الأمر من بعدك ، فبكى حتى اخضلت لحيته بالدموع ، ثم التفت إلي فقال : عند هذه يخاف علي ، فالأمر من بعدي إلى ابني علي ، فإن أمره امري ، وقوله قولي ، وطاعته طاعتي ، والإمامة بعده في ابنه الحسن .

سنوات عمره عليه السلام :

انتقل أمر الإمامة والخلافة إليه وهو في مدينة جده الرسول عن شهادة أبيه الجواد في بغداد . وله يومئذٍ من العمر ثمان سنوات وأربعة أشهر قريباً من قدر سني عمر أبيه الجواد عند انتقال الأمر والخلافة إليه بعد أبيه الرضا ، وبقي سلام الله تعالى عليه في المدينة بعد شهادة أبيه الجواد بقية ملك المعتصم ما يقرب من سنتين ، حتى أنتقل الأمر للمتوكل ( لع) حيث أشخص الإمام من المدينة المنورة إلى " سر من رأى " التي تبعد عن بغداد مسيرة ثلاثة أيام ، وبعد هلاك المتوكل في الرابع من شهر شوال سنة سبع وأربعين ومأتين ، بويع ابنه محمد بن جعفر الملقب بالمنتصر إلى أن وصل الأمر في النهاية للمعتز بن المتوكل وأسمه الزبير وكان ذلك في السنة الثانية والثلاثين من إمامة أبي الحسن الهادي ثم كانت شهادة الإمام في السنة الرابعة والثلاثين من إمامته .

وقد بقى في سامراء عشرين سنة وكانت مدة إمامته بعد أبيه الجواد أربعاً وثلاثين سنة ويوماً واحداً ، وقد تقدم انه أقام مع أبيه ما يقرب من ثمانية سنوات فيكون مجموع عمره الشريف نحو اثنين واربعين سنة.

أولاده عليه السلام :

خلف الإمام الهادي خمسة أولاد ، أربعة ذكور وأنثى واحدة مسماة "عالية" والذكور هم : الإمام الحسن العسكري الإمام بعده، والذي سنتعرض لسيرته تالياً ، إن شاء الله تعالى ، ومحمد صاحب الكرامات الباهرة والآيات الواضحة ، وهو المعروف بالسيد محمد ، والمدفون قريباً من سامراء على مسيرة ثمان ساعات ، وله قبة عالية ومزار مقصود في كل سنة ، وإن هذا السيد الجليل ، لكثرة ورعه ووفور علمه ، كان يظن انتقال الإمامة والخلافة إليه . ومن أولاد الإمام كذلك الحسين وأخيراً جعفر ، وهو المعروف بجعفر الكذاب والذي سبقت الإشارة إليه في حديث عن الإمام الصادق حول الحديث المروي عن الإمام السجاد ، وهذا كان عكس أخيه السيد محمد فقد ادعى الإمامة لنفسه بعد الإمام الهادي كذباً وافتراءً على الله ورسوله ، وإجتراء على الدين ، وقد سعى في إذاء أخيه الإمام الحسن العسكري وبعده في إذاء إمام العصر الحجة المنتظر ، وكان يلقب بزق خمر ، لكثرة شربه للخمر ولعبه بآلات اللهو والقمار ، وقد ورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان في حقه أن سبيله سبيل ابن نوح ، وكان أبوه الهادي يقول فيه على ماروي " تجنبوا ابني جعفر فإنه مني بمنزلة كنعان بن نوح النبي إذ قال : ربِ إن ابني من أهلي فرد الله عليه بقوله تعالى : (( يانوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح )) .

وكان أبو محمد الحسن العسكري يقول على ماروي : الله الله أن يظهر لكم أخي على سر، فوالله ما مَثلي ومَثلهُ إلا مَثل هابيل وقابيل ابني ادم ، حين حسد قابيلُ هابيل على ما اعطاه الله تعالى ، ولو تهيأ لجعفر قتلي لفعل ولكن الله غالبٌ على أمره .

وقد أمعن الشيعة بعد أبي محمد وزادوا في هجره حتى تركوا السلام عليه ، ولكنه بعد استشهاد أخيه الإمام العسكري وبعد مماته ورد النهي من مولانا الحجة عن سب عمه جعفر ، ونهى شيعته عن لعنه ، وذكر لهم أن حاله حال أولاد يعقوب بمعنى أن الله سبحانه وتعالى قد وفقه في اخر عمره للتوبة والرجوع للحق . والله بصير بالعباد .

علمه ومحاججاته عليه السلام :

عاش الإمام الهادي في عصر كانت فيه المناقشات الفقهية والمجادلات الكلامية والمذاهب الفلسفية شاملة وعنيفة ، وكان على شبابه وصغر سنه بالنسبة إلى شيوخ الكلام ، واساطين الفلسفة يرجع إليه ، ويُسأل عن رأيه ، فكان الذروة في المعارف الدقيقة والأحكام الصائبة وكان قوله الفصل وحجته المفحمة .

وقد تسالم العلماء والفقهاء على الرجوع إلى رأيه المشرّف في المسائل المعقدة والغامضة من أحكام الشريعة الإسلامية . إذ لم يكن هناك أحد يضارعه في ثرواته العلمية المذهلة التي شملت جميع أنواع العلوم من الحديث والفقه والفلسفة وعلم الكلام ، وغيرها من سائر العلوم .

ومن الغريب أن المتوكل على الشيطان العباسي الذي كان من ألدِّ أعداء الإمام قدم رأي الإمام الهادي على أراء علماء عصره في المسائل التي اختلف فيها .

وأثرت عن الإمام روايات عن النبي وعن أمير المؤمنين والباقر والصادق والرضا ، وكذلك محاججاته المبهرة عن امتناع رؤية الله عز وجل دنيا وأخره ، واستحالة التجسيم واستحالة وصفه ، وحقيقة التوحيد ، وإبطال الجبر والتفويض وأثرت عنه الأدعية والمناجات والزيارات أيضاً ومن أشهر زيارات الإمام الهادي لأبائه الأئمة الطاهرين الزيارة الجامعة .

وتعتبر الزيارة الجامعة من أشهر زيارات الأئمة واعلاها شاناً ، واكثرها ذيوعاً وانتشاراً ، فقد أقبل أتباع أهل البيت وشيعتهم على حفظها وزيارة الأئمة بها خصوصاً في يوم الجمعة .
وسنتحدث عن سند الزيارة الجامعة وبلاغتها وشروحها باختصار وايجاز شديدين للغاية :

أما سندها ، فقد حاز درجة القطع من الصحة ، فقد رواها شيخ الطائفة الطوسي في التهذيب ، ورئيس المحدثين في " من لا يحضره الفقيه" ، و"العيون " وغيرهما ، قال المجلسي : إن هذه الزيارة من أصح الزيارات سنداً ، وأعمقها مورداً ، وأفصحها لفظاً ، وأبلغها معنى ، وأعلاها شأناً .

وعن بلاغتها فتفيض هذه الزيارة بالأدب الرائع ، فقد رصعت بأرق الألفاظ - كما تحلت بجواهر الفصاحة والبلاغة ، وبداعة الديباجة ، وجمال التعبير ، ودقة المعاني . الأمر الذي يدل على صدورها عن الإمام الهادي .

فقد اعتبر أن أية الخبر الصحيح هو ما إذا كان في أرقى مراتب البلاغة ، فإن الأئمة الطاهرين هم معدن البلاغة والفصاحة ، وهم الذين أسسوا قواعد الكلم البليغ ، فكان كلامه في أعلى مراتب الكلام الفصيح ، فكلامهم دون كلام الخالق ، وفوق كلام المخلوقين .

بيسان
09-04-2005, 02:54 PM
واما عن شروحها فقد اهتم بها العلماء اهتماماً بالغاً ، لما فيها من المطالب العالية ، والأسرار المنيعة ، والأمور البديعة ، ومن اهم شروحها :

1 - شرح الزيارة الجامعة الكبيرة للشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي
2 - شرح الزيارة الجامعة للشيخ محمد تقي بن مقصود المجلسي .
3 - الشموس الطالعة في شرح الزيارة الجامعة للسيد حسين بن السيد محمد تقي الهمداني .
4 - شرح الزيارة الجامعة للسيد عبدالله شبر وأسماه الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة .
5 - - - - - - - - - - - - - للسيد علي نقي الحائري .
6 - - - -- - - - - - - - - للشيخ محمد علي الرشتي النجفي .
7 - - - - - - - - - - -- -- للسيد محمد بن محمد بن باقر الحسيني .
8 - - - - - - - - - - -- - - للسيد محمد بن عبد الكريم الطباطبائي البروجردي .
9 - الأنوار الساطعة في شرح الزيارة الجامعة للشيخ جواد بن عباس الكربلائي ويقع هذا الشرح في خمسة أجزاء .

مـلـوك عـصـره :

عاصر صلوات الله وسلامه عليه وعلى ابائه وابنائه الطاهرين سبعاً من خلفاء بني العباس : المأمون ، والمعتصم ، والواثق ، الذي ملك خمس سنين وسبعة أشهر ، وبعده ملك المتوكل أربع عشرة سنة ، ثم المنتصر الذي كان ملكه ستة أشهر ، ثم أحمد بن محمد المستعين ، الذي كان في أكثر أيامه مشتغلاً بالحرب والمنازعة مع المعتزلة ، وكانت مدة ملكه أربع سنين وشهراً ، ثم خُلع بعدها ، وبويع المعتز بن المتوكل الذي استشهد الإمام في عهده .

حياته بشكل عام وروابطه مع ملوك عصره :

في عهد المعتصم سنة 220 هـ عندما استشهد أبوه في بغداد بواسطة السم الذي دس إليه ، كان الإمام العاشر في المدينة المنورة كما اسلفنا ، نال منصب الإمامة بامر من الله تعالى ووصية اجداده ، فقام بنشر التعاليم الإسلامية حتى زمن المتوكل .

لقد كان جميع الملوك الذين عاصرهم الإمام الهادي يهابونه ويحذرونه ويخافونه ويكرهونه - كما لأسلافهم مع أبائه - لفرط ما كان له ولهم من محبة وإجلال في نفوس الناس .

وكان أشد هؤلاء الملوك كرهاً لآل البيت ولعلي بن ابي طالب خاصة ، المتوكل ، بل لعله أشد ملوك بني العباس قاطبة ، كرهاً للإمام علي وابنائه ، وكان يعلن عداءه وتنفره لعلي فضلاً عن الكلام البذي الذي كان يتفوه به أحياناً ، وكان قد عين شخصاً يقلد أعمال الإمام علي في مجالسه ومحافله ، ويستهزئ وينال من تلك الشخصية العظيمة .
وأمر بتخريب قبة الإمام الحسين وضريحه والكثير من الدور المجاورة له ، وأمر بفتح المياه على حرم الإمام الحسين وقبره ، وابذل أرضها إلى أرض زراعية كي يقضي على جميع معالم هذا المرقد الشريف .

وفي زمن المتوكل اصبحت حالة السادة العلويين في الحجاز متدهورة ويرثى لها ، كانت نساؤهم تفتقر إلى ما يسترها ، والأغلبية منها كانت تحتفظ بعباءة بالية ، يتبادلها في أوقات الصلاة لأجل إقامتها ، وكان الوضع عن هذا في مصر بالنسبة إلى السادة العلويين .

ومن الإهانات التي وجهها المتوكل لأهل البيت . أنه استجعى الإمام الهادي في السنة العاشرة من خلافته واشخصه من المدينة إلى سر من رأى ، وكان سبب ذلك تهمة افتراها عليها بعض اعدائه ، فوجه المتوكل يحيي بن هرثمه ومعه ثلاثمائة رجل للمدينة المنورة ، ومعهم رسالة إلى الإمام يدعوه فيها إلى موافاته في سامراء ، واوصى يحيى بتفتيش دار الإمام ليضبطوا ما فيها من أسلحة وأدوات وعدة حرب ، كما أوصاه بنقل الإمام في غاية الإجلال والتبجيل والإحترام خوفاً من الشيعة والرأي العام .

فلما وصل " يحيى " إلى الإمام وجده جالساً يقرأ القرآن ، ولم يجند الجند في بيته سوى مصاحف وكتب أدعية ، فأكبره القوم وأحترموه ، ولما سلمه يحيي كتاب المتوكل استجاب الإمام واستمهل ثلاثة أيام استعداداً للخروج .

ولما علم الناس في المدينة المنورة بغرض يحيى من زيارة الإمام هاجوا عليه هياجاً عظيماً ، فجعل يحيى يسكنهم ويسكن روعهم ، وخرج الإمام معه ، وظهرت منه في الطريق معاجز كثيرة ، حتى دخل سامراء سنة ثلاث وثلاثين ومأتين من الهجرة المباركة .

فلما دخل الإمام سامراء احتجب المتوكل عنه ، ولم يعين داراً لنزوله حتى اضطر الإمام إلى النزول في "خان الصعاليك " وهو محل نزول الفقراء من الغرباء ، فدخل عليه صالح بن سعد وقال للإمام : جعلت فداك : في كل الأمور ارادوا إطفاء نورك والتقصير بك ، حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع ؟ فأوما الإمام بيده فإذا بروضات أنقات وأنهار جاريات ، وجنات فيها خيرات عطرات ، وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون ، فحار بصر صالح ، وكثر عجبه فقال الإمام له : هذا لنا يا بن سعد لسنا في خان الصعاليك .

ثم افرد المتوكل بعدئذٍ داراً للإمام فانتقل إليها ، وجعل اللعين ليلاً ونهاراً يسعى في إداء الإمام والعمل على تحقيره وتصغيره بين الناس ولكن دون جدوى ، حتى جعل يعمل التدابير والحيل لقتله إلا أنه لم يتيسر له ذلك ، وهكذا ظل دأبه مدة اربع سنين إلى أن كثرت وقاحته وزاد كفره ، وإظهار نصبه وعداوته علناً ، حتى دعا عليه الإمام الهادي فقتل في اليوم الثالث من دعائه ليلة الأربعاء لأربع خلون من شهر شوال سنة سبع وأربعين ومائتين للهجرة الشريفة علي يدي باغر التركي بمعاونة المنتصر ووصيف التركي ، وقتلا هو وخادمه الفتح بن خاقان اللذين كانا سكرانين ثملين ، وانتقل إلى مقره من جهنم وبئس المصير ، وكان ذلك في السنة السابعة والعشرين من إمامته .

وهكذا كان حال الملوك الذين تولوا الملك بعد المتوكل ، وقد نسب إلى كل الخلفاء الثلاثة الذين تولوا الملك بعده أنهم دسوا االسم للإمام ليتخلصوا منه ، وليس ذلك ببعيد عنهم .
ولكنهم كانوا أخف وطأة على الإمام وشيعته بسبب منازعاتهم الفقهية والفلسفية والكلامية مع المعتزلة وسواهم .

شهادته عليه السلام :

استشهد الإمام الهادي في مدينة سر من رأى ، التي نقله إليها المتوكل - كما اسلفنا - والتي ابقاه هو وسلاطين بني العباس من بعده فيها عشرين سنة ليكون قريباً منهم ، خاضعاً لمراقبتهم ، بعيداً عن كل ما يحتمل أن يتحرك لطلب الخلافة له . ورغم ان الإمام كان في الواقع رهينة عندهم ، فإنهم لم يتوانوا عن العمل للتخلص منه نهائياً ، وينسب المورخون السبب استشاد الإمام الهادي إلى السم الذي دسه له المعتز الذي استشهد الإمام في السنة الثانية من عهده ( وينسب البعض إلى المستعين الذي كان قبل المعتز ، دس السم للإمام أيضاً ) بل إن البعض ينسب دس السم إلى المعتمد العباسي الذي تولى الخلافة بعد استشاد الإمام الإمام . أي أن المعتمد عمد إلى محاولة قتل الإمام قبل أن يصبح خليفة ، والمشهور أن المعتز هو الذي قتل الإمام
وقد كانت شهادته في الثالث من شهر رجب المرجب في السنة الرابعة والخمسين بعد المائتين من الهجرة النبوية المباركة ، ودفن في بيته ويقع على بعد 120كم شمال بغداد ، وله مزار عظيم تعلوه قبة ذهبية كبيرة .

بيسان
09-05-2005, 10:55 AM
الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام, من المعصومين الأربعة عشـ14ـر

نسبه الشريف :

هو الإمام الحادي عشر والمعصوم الثالث عشر والد الخلف المنتظر ، المصباح الوضي ، والنور الجلي ، الإمام الزكي المؤتمن ، أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب سلام الله تعالى عليهم أجمعين .

فنسبه لأبيه هو نسب الأئمة الأطهار ، على ما عرفت في سيرة المعصومين المتقدمين ، صعوداً من والده أبي الحسن الثالث ، الإمام العاشر على الهادي حتى ينتهي إلى امير المؤمنين على وزوجته الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله تعالى عليهم .

أما امه فهي أم ولد تسمى شكل النوبية ، ويقال سوسن المغربية ، ويقال منغوسة ، وحديثة ، ووحديث ، وحربية ، وريحانة ، وغزال المغربية ، وسليل وهذا هو الأصح . وكان زوجها الإمام الهادي يقول في حقها أنها مسلولة من الآفات والعاهات والأرجاس والنجاس ، وقد كانت جليلة جداً ، وكانت من العارفات الصالحات .

مولده الشريف عليه السلام :

ولد الإمام العسكري في سامراء على قول ، والصحيح أن ولادته كانت بالمدينة المنورة ، ليوم الجمعة العاشر من شهر ربيع الثاني من سنة اثنتين وثلاثين ومائتين للهجرة الشريفة ، وهذا - اعني العاشر من شهر ربيع الثاني - مختار الشيخ الكفعمي والسيد بن طاووس والشيخين (المفيد والطوسي ) والشيخ الملكي التبريزي ، والشيخ عباس القمي .

نعم هناك رواية تقول بأنه ولادته يوم الثامن من شهر ربيع الثاني ، لكنها غير ناهضة في قبال هذه الرواية لكون هذه الرواية هي المشهورة عند غير الإمامية ، وإن كان هناك من يقول بها من الإمامية كالشيخ الطبرسي ، والشيخ المجلسي ، وكذلك فإن ليلة الثامن من شهر ربيع الثاني تصادف ذكرى استشهاد الصديقة الزهراء على روايه أنها قبضت بعد استشهاد والدها بعد أربعين يوماً ، فلا يليق القيام بذكرى المولد في قبال الأستشهاد ، ورواية الأربعين يوماً معتبرة .

كنيته وألقابه عليه السلام :

يكنى بأبي محمد ، وقيل " أبو الحسن " أيضاً .
أما القابه : العسكري ، والزكي ، والتقي ، والهادي ، والمرضي ، والخالص ، والصامت ، والسراج ، والرفيق ، والمهتدي ، والنقي ، والمشفع ، والموقي ، والمولى ، والسخي ، والمستودع .
وكان هو وأبوه وجده يُعرف كلُّ واحد منهم في زمانه بلقب " ابن الرضا "

سنوات عمره ومجمل حياته عليه السلام :

كان عمر الإمام الهادي عند ولادة ابنه الإمام العسكري تسع عشر سنة وتسعة شهور وثمانية أيام ، ولما أشخص الإمام الهادي إلى العراق سنة ست وثلاثين ومائتين أشخص الإمام العسكري معه ، وكان له يومئذٍ من العمر أربع سنين وأشهر.

وقد عاش الإمام العسكري بعدئذٍ مع أبيه الإمام الهادي حتى شهادته في سامراء ، وكان للإمام العسكري يومئذٍ إثنتان وعشرون سنة وشهران وثلاثة وعشرون يوماً .
وعاش بعد والده مدة إمامته هو خمس سنوات وثمانية أشهر وخمسة أيام ، قضاها في سامراء أيضاً ، فكانت مدة حياته الشريفة على نحو التدقيق - سبعاً وعشرين سنة وعشرة أشهر ، وثمانية وعشرين يوماً .

ملوك عصره عليه السلام :

عاصر الإمام العسكري خلال عمره القصير ، المعتز بن المتوكل ، بقية أيامه - بعد شهادة الإمام الهادي - وبعده المهتدي بن الواثق ،الذي حكم أحد عشر شهراً ، ثم المعتمد احمد بن المتوكل الذي حكم ثلاثاً وعشرين سنة ، وكانت شهادة الإمام العسكري في أوائل حكم المعتمد .

إمامته عليه السلام :

كثرت النصوص من الإمام الهادي على إمامة ولده العسكري بمحضر من جماعتة في المدينة وسامراء ، وكان كثيراً ما يقول على ما روي : إن صاحب هذا الأمر بعدي هو ابني " أبو محمد " دون بقية أولادي ، وإن عنده ما تحتاجون إليه ، يقدم ما يشاء الله ، ويؤخر ما يشاء الله قال تعالى (( ما ننسخ من آية أو ننسها نأتِ بخير منها أو مثلها )) و الإمام بعده ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، بعدما مُلئت ظلماً وجورا .

وروى عبدالله بن محمد الأصفهاني عنه " صاحبكم بعدي الذي يصلي عليَّ ، قال : ولم نعرف أبا محمد قبل ذلك ، قال : فخرج أبو محمد فصلى عليه "

وروى عن الإمام الهادي أبو بكر الفهفكي قال : كتب إلي أبو الحسن عليه السلام : أبو محمد ابني أنصح آل محمد غريزة وأوثقهم حجة ، وهو الأكبر من ولدي ، وهو الخلف وإليه ينتهي عُرى الإمامة وأحكامها ، فما كنت سائلي فسله عنه ، فعنده ما يحتاج إليه .

وعن علي بن مهزيار قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : إن كان كونٌ - واعودُ بالله - فإلى من ؟ قال : عهدي إلى الأكبر من ولدي .

وعن أحمد بن محمد بن رجاء صاحب الترك قال : قال أبو الحسن عليه السلام : الحسن ابني القائم من بعدي .
إلى غير ذلك من المرويات والنصوص على إمامته .

بُوابُه عليه السلام :

عمرو بن سعيد العمري رضى الله تعالى عنه .

نقش خاتمه :

الله وليَّ . وعن الكفعمي ( رض ) :أنا لله شهيد . وعن ابن الصباغ المالكي : سبحانه مَنْ له مقاليد السماوات والأرض .

زوجاته وأولاده :

تزوج الإمام العسكري جارية رومية أسمها نرجس هي أم الإمام المنتظر (عج) ، وقد جاء في المصادر في كرامات هذه السيدة الجليلة إن رسول الله خطبها له في المنام ، وبشرها بأنها تلد له ولداً يملك الدنيا شرقاً وغرباً ، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، بعدما ملئت ضلماً وجورا ، وإن المسيح زوجه أياها في المنام .

وكان الإمام الهادي والد الإمام العسكري قد اشترى السيدة نرجس في اليقظة ، وملكه إياها ، وهي مدفونة بظهر قبر زوجها الإمام العسكري في سامراء .

ولم يخلف الإمام العسكري من الأولاد سوى الإمام القائم الحي محمد بن الحسن المهدي (عج) الموجود منذئذٍ إلى يومنا هذا ، وهو الحجة الغائب المنتظر المستتر عن الابصار ، عليه وعلى آبائه المعصومين الطاهرين صلوات الله الملك الجبار .

أوصافه وأخلاقه وتعاليمه عليه السلام :

كان لون وجه الإمام العسكري بين السمرة والبياض ، وكان في اخلاقه - كأبائه الأطهار - المثل الأعلى والقدوة التي تحتدى ، ومع ان مدة إمامته كانت - كما علمت - قصيرة فقد ظهرت منه من العلوم ونشر الأحكام الإلهية وبث المعالم النبوية ما بهر العقول وحير الألباب .

وكان كثيراً ما يأمر بمراعاة قرتبة رسول الله وأمير المؤمنين علي وإعانة ذريتهما بكل ما أمكن .
وكذلك كان حسب أخبار عديدة وروايات كثيرة يأمر ويتشدد بوجوب قيام العلماء بوظائفهم ، وتعليم من ليس له حظ من العلم من الشيعة ، فإن يتم العلم أشد من يتم اليتيم الذي مات عنه أبوه ، فيجب على العلماء ، وبخاصة في زمان غيبة إمامهم إرشادهم وهدايتهم وتعليمهم أحكام الله تعالى ورسوله

كراماته ومعجزاته وعلومه :

أما معجزاته وغرائب شأنه ، ومعالي أموره ، وأنباؤه بالمغيبات ، واخباره بجواب سؤال من أراد سؤاله قبل اظهاره ما في ضميره ، وما برز على لسانه الشريف من العلوم الغريبة والمحاجات الكثيرة في المواقع العديدة مع طوائف كثيرة ، حتى ادعن الأخصام بل حتى الأعداء بفضله ، وأرغمت معاطس المخالفين بعلو شأنه ، وذلت رقاب الجاحدين والحاسدين والمعاندين لسمو مقامه وعظيم براهينه وبليغ بياناته ، فلا يحتمل المقام ذكر شيئ للأسف منها ! . ولعمري لو لم يكن على إمامته وخلافته عن جده رسول الله دليل ولا برهان ، ولا عصمته وطهارته أولويته يشامخ مقام الولاية والوراثه عن آبائه المعصومين نص ولا بيان ، لكفى في اثبات كل ذلك ما ظهر منه من العلوم والحكم ، مضافاً إلى المعاجز غير المحصورة والفضائل المشهورة المذكورة في الكتب المشروحة ولعلك ترك قطرة من بحار علومه بمراجعة علومه في الكتب المعروفة .

ومن معجزاته الخارقة للعادة ، مارواه الشيخ الكليني (قدس) عن جماعة من أصحابنا ، عن بعض فصادي العسكر من النصارى : ان أبا محمد بعث إليه يوماً في وقت صلاة الظهر ، فقال : أفصد هذا العرق ، قال : فناولني عرقاً لم أفهمه من العروق التي تفصد ، فقلت في نفسي ما رأيت أمراً أعجب من هذا ، يأمرني ان أفصده في وقت الظهر وليس بوقت الفصد ، والثانية عرق لا افهمه . قال : ثم قال انظر وكن بالدار ، فلما امسى دعاني وقال لي : سرِّح الدم فسرحته ، ثم قال لي : أمسك ، فأمسكت ، ثم قال لي : كن في الدار ، فلما كان نصف الليل أرسل إليَّ ، فقال لي : سرَّح الدم ، فتعجبت أكثر من عجبي الأول ، فكرهت أن أسأله ، قال : فسرَّحتُ الدمَ ، فخرج دمٌ أبيض كأنه الملح ، قال : ثم قال لي اجلس فجلست وقال لي : كن في الدار . فلما أصبحت ، أمر قهرمانه أن يعطيني ثلاثة دنانير فاخذتها .
فخرجت حتى أتيت بختيشيوع النصراني فقصصتُ عليه القصة قال: فقال لي : ما أفهم ُ ما تقول ، ولا أعرفه في شيئ من الطب ، ولا قرأته في كتاب ، ولا أعلن في دهرنا أعلم بكتب النصرانية من فلان الفارسي ، فاخرج إليه ، قال : فاكتريت زورقاً إلى البصرة وأتيت الأهواز ، ثم صرت إلى فارس إلى صاحبي ، فأخبرته الخبر ، قال : فقال لي : أنظرني أياماً فانظرته ، ثم أتيت متقايضاً ، قال : فقال لي : إن هذا الذي تحكيه من أمر هذا الرجل فعله عيسى بن مريم في دهره مرة واحدة ، ولقد حسده الناس على هذا الفضل الباذخ والمقام الشامخ ، ولقد أخبر بذلك إلى أخيه جعفر الكذاب لمقابلة جعفر الصادق .

واضافة إلى معرفته لما في الضمائر ، تنقل المصادر روايات عجيبة عن إخباره بالمغيبات ، مثل اخباره شيعته قبل خلع المستعين بثلاثة أيام بواقعة خلعه بقوله : بعد ثلاث يأتيكم الفرج .

وبالجملة فمناقب هذا الحجة المعصوم وفضائل هذا الإمام المظلوم لا تنقص فضلاً عن اسلافه الطيبين الطاهرين وأجداده المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، ولا غرابة في ذلك فإن جميعهم من نور واحد ، وكلهم ثمرات الشجرة الطيبة النبوية ، وفروع الأغصان الزاكية العلوية ، ونتائج الأغراس الظاهرة الفاطمية ، على أولهم واخرهم صلوات رب البرية .



مواقف الإمام العسكري اتجاه أحداث عصره :

جاء الإمام العسكري إلى مقام الإمامة بعد أبيه بأمر الله تعالى ، وحسب ما أوصى به أجداده الكرام . وطوال مدة خلافته التي لا تتجاوز الست سنين ، كان ملازماً التقية ، وكان منعزلاً عن الناس حتى الشيعة ولم يسمح إلا للخواص من أصحابه بالأتصال ، ومع كل هذا ، فقد قضى زمناً طويلاً في السجون .

بيسان
09-05-2005, 11:06 AM
تااااااااااااااااااااااااااااااااااااااابع

والسبب في كل هذا الأضطهاد هو :

أولاً : كان قد وصل عدد الشيعة إلى حد يلفت الأنظار ، وإن الشيعة تعترف بالإمامة ، وكان هذا الأمر واضحاً جلياً للعيان ، وإن أئمة الشيعة كانوا معروفين ، فكانت الحكومات أنذاك تتعرض للأئمة وتراقبهم وكانت تسعى للإطاحة بهم وإبادتهم بكل الوسائل الخفية .

ثانياً : اطلعلت الدولة العباسية على أن الخواص من الشيعة تعتقد أن للإمام الحادي عشر ولداً ، طبقاً للروايات الواردة عن الأئمة عن النبي ويعتبرونه الإمام الثاني عشر لهم .

لذلك يمكن تقسم مواقف الإمام العسكري تجاه الأحداث إلى أربعة مواقف :
الموقف الأول : موقفه من الحكم والحكام : فقد كانت سياسة العباسيين تجاه الأئمة من أيام الإمام الرضا وتلخصت بالحرص على دمج إمام أهل البيت وصهره في الجهاز الحاكم ، وضمان مراقبتهم الدائمة له ـ ومن ثم عزله عن قواعده ومواليه .
ولذا كان الإمام العسكري كوالده مجبراً على الإقامة في سامراء ، مكرهاً على الحضور لبلاط الخليفة كل يوم اثنين وخميس .
ولكن الإمام كآبائه في موقفه من الحكام ، وقف موقفاً حذراً ومحترساً في علاقته بالحكم ، دون أن يثير أي أهتمام أو أن يلقي بنفسه في أضواء الحكم وجهازه ، بل كانت علاقته بالحكم روتينية رتيبة ، تمسكاً بخط أبائه تجاه السلطة العباسية ، وقد أكسب هذا الموقف الإمام الأحترام والمنزلة الرفيعة أمام الحكام .

الموقف الثاني : موقفه من الحركة العلمية والتثقيف العقائدي :
وتمثلت مواقفه العلمية بردوده المفحمة للشبهات الإلحادية ـ وإظهاره للحق باسلوب الحوار والجدل الموضوعي والمناقشات العلمية ، وكان يردف هذا النشاط بنشاط آخر باصداره البيانات العلمية وتأليفه الكتب ونحو ذلك .

وهو بهذا الجهد يُموِّن الأمة العقائدية شخصيتها الرسالية والفكرية من ناحية ومقاومة التيارات الفكرية التي تشكل خطراً على الرسالة ، وضربها في بدايات تكوينها من ناحية أخرى وللإمام من علمه المحيط المستوعب ، ما يجعله قادراً على الأحساس بهذه البدايات وتقديراً أهميتها ومضاعفاتها والتخطيط للقضاء عليها .

ومن هنا جاء موقف الإمام العسكري واهتمامه وهو في المدينة المنورة بمشروع كتاب يضعه الكندي أبو يوسف يعقوب بن اسحاق " فيلسوف العراق في زمانه " ، حول متنافضات القرآن إذ اتصل عن طريق بعض المنتسبين إلى مدرسته واحبط المحاولة وأقنع مدرسة الكندي بأنها خطأ ، وجعله يتوب ويحرق أوراقه إلى غير ذلك .

الموقف الثالث : موقفه في مجال الإشراف على قواعده الشعبية وحماية وجودها وتنمية وعيها ، ومدها بكل أساليب الصمود والإرتفاع إلى مستوى الطليعة المؤمنة .
وكان يساعدهم اقتصادياً وإجتماعياً ، ويحذرهم ، وكان يأمر أصحابه بالصمت والكف عن النشاط ريثما تعود الأمور إلى مجاريها وتستتب الحوادث . وكانت تُجبى إليه أموال كثيره من الحقوق ، من مختلف المناطق الإسلامية التي تتواجد فيها قواعده الشعبية ، وذلك عن طريق وكلائه المنتشرين فيها ، وكان يحاول جاهداً وبأساليب مختلفة أن يخفي هذا الجانب إخفاءً تاماً على السلطة ، ويحيطه بالسرية التامة .

الموقف الرابع : موقفه من التمهيد للغيبة .

إن الإمام العسكري حين يعلم بكل وضوح تعلق الإرادة الإلهية بغيبة ولده من أجل إقامة دولة الله في أرضه وتطبيقها على الإنسانية أجمع ، والأخد بيد المستضعفين في الأرض ليبدل خوفهم أمناً 000 يعبدون الله لا يشركون به شيئاً .

يعرف أن عليه مسؤولية التمهيد لغيبة ولده ، وذلك لأن البشر إعتادوا الإدراك والمعرفة الحسية ، ومن الصعب على الإنسان المعتاد على المعرفة الحسية فقط أن يتجاوز إلى تفكير واسع .
ولم يكن مجتمع الإمام الذي عاصر مواقفه المنحرف وهبوط مستواه الفكري والروحي يسمو إلى عمق هذا الإيمان وسمو فكرته ، خاصة وأن غيبة الإمام حادث لا مثيل له في تاريخ الأمة .

والنصوص المتواترة الصحيحة عن النبي لها أثرها الكبير والفاعل في ترسيخ فكرة إنتظار المهدي (عج) في نفوس المسلمين بشكل عام ، وهذه الروايات عون للإمام العسكري لكي يقنع الناس بالإيمان بالغيبة من ناحية ، ويبرهن للناس تجسيد الغيبة في ولده المهدي من ناحية أخرى .
والأمر الأصعب الذي تحمل مسؤوليتة الإمام العسكري بصفته والداً للمهدي هو اقناع الناس بف\كرة حلول زظمان الغيب وتنفيدها في شخص ولده الإمام المهدي وهو أصعب بالنسبة للفرد العادي ، إذ انه سوف يفاجأ ويصدم إيمانه بفكرة الغيبة ، فإن هناك فرقاً كبيراً في منطق إيمان الفرد العادي بشكل مؤجل لا يكاد يحس الفرد بأثره في الحياة ، وبين الإيمان بالغيب مع الاعتقاد بتنفيده في زمان مغاير .

هذه الحقيقة ، كانت تلح على الإمام أن يبذل جهداً مضاعفاً لتخفيف وقع الصدمة وتذليلها ، وتهيئة أذهان الناس لاستقبالها دون رفض أو انكار ، وتعويد أصحابه وقواعده على الالتزام بها ، وخاصة أنه يريد تربية جيل واعٍ يكون النواة الأساسية لتربية الأجيال الأتية ، والتي ستبني بجهدها تاريخ الغيبتين ، الصغرى والكبرى .
اضف إلى ذلك أن الظروف والمعاناة التي عاشها الإمام العسكري ، من قبل الدولة ، وضرورة العمل والتبشير بفكر المهدي الموعود ، والتي كانت تعتبر في منطق الحكام ، أمراً مهدداً بكيانهم ، وخروجاً على سلطانهم .
لذا فقد اتجه نشاط الإمام العسكري في تحقيق هذا الهذف إلى ثلاث أعمال رئيسية ممهده لهذا الهذف :

العمل الأول : حجب الإمام المهدي عن اعين الناس مع إظهاره لبعض خاصيته.

العمل الثاني : تكثيف حملة توعية لفكرة الغيبة ، وافهام الناس بضرورة تحملهم لمسؤلياتهم الإسلامية وتعويدهم على متطلباتها ، وقد اتخد الإمام بتصدير بياناته وتعليماته عن المهدي ، كحلقة متسلسلة للنصوص التي بشر بها الرسول والإئمة من بعده ، وقد اتخذ الإمام العسكري في بياناته اشكالاً ثلاثة :

الشكل الأول : بيان عام ، كالتعرض لصفات المهدي بعد ظهوره وقيامه في دولته العالمية .
الشكل الثاني : توجيه النقد السياسي للأوضاع القائمة ، وذلك بقرنها بفكرة المهدي (عج) وضرورة تغييرها .
الشكل الثالث : توجيه عام لقواعده وأصحابه يوضح فيها لهم أبعاد فكرة الغيبة ، وضرورة التكيف لها من الناحية النفسية و الأجتماعية تمهيداً لما يعانونه من غيبة الإمام وانقطاعه عنهم .

العمل الثالث : اتخد الإمام العسكري موقفاً يمهد فيه للغيبة ، عندما احتجب بنفسه عن الناس ، إلا عن خاصة أصحابه ، وذلك باسلوب المكاتبات والتوقيعات ، ممهداً بذلك إلى نفس الأسلوب الذي سوف يسير عليه ابنه المهدي في غيبته الصغرى ، وهو في احتجابه وإيصاله للتعليمات .

وقد يبدو الأمر غريباً مفاجئاً للناس لو حدث هذا بدون مسبقات وممهدات كهذه . ولهذا كان هذا الأسلوب لتهيئة أذهان الأمة وتوعيتها ، لكي تتقبل هذا الأسلوب وتستسيغه دون استغراب ومضاعفات غير محمودة .

وكان نظام الوكلاء الذي اتبعه الإمام العسكري مع قواعده الشعبية كان اسلوباً أخراً من أساليب التمهيد لفكرة الغيبة .
وكذلك أيضاً فإن نظام الأحتجاب والوكلاء هو الأسلوب نفسه الذي يكون ساري المفعول في غيبة الإمام الصغرى ، بعد ان اعتاد الناس عليه في مسلك الإمامين العسكريين عليهما السلام ، وخاصة الإمام الحسن العسكري .

استشهاده عليه السلام :

لقد تعرض الإمام العسكري لما تعرض له أباؤه الأطهار من بطش الحكام وإئتمارهم لقتلهم ، بل ربما يزيد الإمام العسكري عن ابائه وأجداده تعرضاً للأذى ، لأن الحكام في عصره كانوا يتخوفون مما بلغهم من كون الحجة المهدي منه لذا حبسوه عدة مرات ، وحاولوا قتله فكان ينجو من محاولاتهم .

حتى جاء عهد المعتمد (لع) فتمكن من سم الإمام الحسن في السنة الخامسة من حكمه ، وقد سُقيَ ذلك السم في أول شهر ربيع الأول نت سنة ستين ومائتين ، وظل سبعة أيام يعالج حرارة السم ، حتى صار يوم الجمعة الثامن من شهر ربيع الأول من سنة ستين ومائتين ، حيث انتقل إلى جوار ربه ، في سامراء ، ولم يصل عمره الشريف إلى ثمانية وعشرين سنة .

وقد تعرض الإمام العسكري - فضلاً على أذايا العباسيين - للطامعين من الحاسدين ، وكان من أبرزهم أخوه جعفر ابن الإمام الهادي الذي اطلق عليه فيما بعد لقب " جعفر الكذاب " والذي كان على اتصال بالخلفاء
وفتش العباسيون ذار الإمام العسكري بعد استشهاده ، بتحريض من جعفر الكذاب ، للبحث عن الإمام المهدي (عج) .
وشنع جعفر الكذاب على اصحاب الإمام العسكري وعلى اتباعه قولهم بإمامة المهدي (عج) وهو ابن خمس سنوات ، وانتظارهم خروجه وظهوره بعد أخفاه أبوه ، بل شنع عليهم اعتقادهم بوجوده ، وانكر وجوده كله .

ولم يكتف جعفر الكذاب بما فعل بشان المهدي بل تملك تركة أخيه الإمام الحسن العسكري وادعى الإمامة بغير وجه حق ، وحاول حبس جواري وحلائل الإمام العسكري وأن يقوم مقامه في الشيعة ، فما استجابوا له وما تبعوه ، فلجأ للمعتمد ، يستمد منه العون على الوصول إلى أخيه ، وبذل له مالاً جزيلاً وتقرب إليه بكل ما يحتمل أن يقربه إليه ، ولكن المعتمد نهره وأبعده .

ولما استشهد الإمام العسكري ضجت لفقده " سر من رأى " ضجة عظيمة وحمل أهلها النعش المقدس ، بتجليل واهتمام بالغين ، فأراد جعفر الصلاة عليه لكن ذا الطلعة البهية هو الذي صللا عليه وجهزه ، ودفن في داره مع أبيه الهادي وراء ظهره .

بيسان
09-05-2005, 11:14 AM
الإمام محمد بن الحسن المهدي المنتظر, من المعصومين الأربعة عشـ14ـر

نسبه الشريف :

هو الإمام الثاني عشر من أئمة الشيعة الأثنى عشرية - اعزهم الله تعالى وأيدهم بنصره ، وخذل اعدائهم - الطاهرين ، وخاتم المعصومين المرضيين ، أمل المظلومين من البشر والخلف الحي المنتظر ، ولي العصر وحجة الدهر ، الإمام المفدى صاحب العصر والزمان ، سيف الله المسلول وفلذة كبد البتول شريك القرآن ، ومنتظر أهل الإيمان ، أرواح العالمين فذاه ، عجل الله تعالى له ولنا فرجه ، وبلغه مناه ، الإمام محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب سلام الله تعالى عليهم أجمعين .
فنسبه الشريف لأبيه هو نسب آبائه الأطهار الذين عرفتهم .

بدءاً بأبيه الإمام الحسن العسكري ، وانتهاءً - صعودا- إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم الصلاة السلام ، وإلى رسول الله صلى الله عليه وآله .

أما أمه الجليلة فهي أم ولد يقال لها " نرجس " ، وقيل بل هذا اسمها في الإسلام ، وهو في الأصل "مليكة" ، وهي بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم ، وهي من ولد الحواريين ، تنسب إلى وصي المسيح " شمعون " واحد أبرز حوارييه .

وقد حدثت أنها رأت في المنام محمدأ نبي المسلمين يخطبها من المسيح ووصيه شمعون لولده الإمام الحسن العسكري ووافق شمعون ووافقت هي . وقد تعلق قلبها بالإمام بعد هذا المنام وهي ببلاد الروم ، وهو في سامراء ، إلى أن شاء الله تعالى أن يوجه أبوها جيشاً إلى العراق لمحاربة المسلمين ، وأن تكون هي في ذلك الجيش متنكرة فيه بزي الخدم ، وأن تقع في الأسر ، وتكون في غنيمة شيخ من المسلمين عرضها للبيع ، ولكنها كانت تمتنع عن الظهور لتُعرض للبيع ، وترفض أن يلمسها أو يمسها أحد من الراغبين في الشراء ، رغم كثرة الراغبين لشراءها لِما رأوا فيها من العفة والحياء .

وقد وجه الإمام الهادي ، أحد خاصته من سامراء إلى بغداد مع كتاب منه باللغة الرومية ، وأوصاه بتسليمها إياه بعد أن وصف للرسول المكان والشيخ البائع والأسيرة الجليلة ، وحمّله مائتين وعشرين ديناراً ، ليدفعها ثمناً لها . فلما ناولها الكتاب بلغتها الرومية بكت نرجس وهددت الشيخ بان تقتل نفسها إن لم يبعها لصاحب الكتاب ، فساوم الرسول الشيخ البائع ، حتى توقف عند الثمن الذي أرسله الإمام الهادي فدفعه إليه ، ونقلها بتجليل واحترام إلى سامراء .

فلما دخلت على الإمام الهادي رحب بها كثيراً ، ثم بشرها بولد يولد لها من ابنه ابي محمد العسكري يملك الدنيا شرقاً وغرباً ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، ثم أودعها عند أخته " حكيمه " بنت الإمام الجواد لتُعلمها الفرائض والأحكام ، فبقيت عندها أياماً ، وهبها الإمام الهادي بعدها ابنه الإمام الحسن العسكري فتزوجها الإمام ولما دخل بها حملت بالحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف .

مولده الشريف عليه السلام :

ولد الحجة المهدي (عج) في " سر من رأى " أي سامراء ليلة النصف من شهر شعبان المعظم ، من سنة خمس وخمسين ومائتين من الهجرة النبوية الشريفة وقبل أن يصل المهتدي العباسي للملك بشهر تقريباً ، أي في ملك المعتمد ،وقبل استشهاد الإمام العسكري بخمس سنوات كما جاء في أكثر الروايات ، ويكون تاريخ سنة ولادته بحساب الجمل " نور" إذا كانت سنة ولادته ست وخمسين بعد المائتين ، ولكن المشهور هو القول الأول .

كنيته وألقابه عليه السلام :

هو سمي جده المصطفى فهو رابع المحمدين في المعصومين ( رسول الله - ص- والإمام الباقر -ع- والإمام الجواد -ع- وهو -ع- ) عليهم الصلاة والسلام .
وفي الإخبار نهيٌ عن ذكر أسمه الشريف وعن التصريح بأسمه في زمن غيبته ، بل يذكر بكنيته ولقبه . إجلالاً لشأنه ، واحتراماً لعظيم مقامه .
ولكن يستفاد من كلام السيد الخوئي ( قده ) أن النهي في عدم ذكر اسمه الشريف أنما هو خاص بزمان الغيبة الصغرى ، ولا يعم زماننا .

أما كنيته فهي كنية جده رسول الله فهو أبو القاسم ، وذكرت له كنية : أبو جعفر " أيضاً .

وأما القابه فكثيرة جداً ، منها : المهدي وهو أشهرها ، والمنتظر ، والقائم ، والحجة ، وصاحب العصر والزمان ، والخاتم ، وصاحب الدار ، وصاحب الأمر ، والخلف الصالح ، والناطق ، والثاير ، والمأمول ، والوتر ، والدليل ، والمعتصم ، والمنتقم ، والكرار ، وصاحب الرجعة البيضاء ، والدولة الزهراء ، والوارث ، وسدرة المنتهى ، والغاية القصوى ، وغاية الطالبين ، وفرج المؤمنين ، ومنتهى العبر ، وكاشف الغطاء ، والأذن السامعة ، واليد الباسطة ، وغيرها .

إمامته عليه السلام :

ذكرنا سابقاً أن الإمام الحسن العسكري لم يُخلف غير الإمام صاحب العصر (عج) ، فلما ولد حجبه عن الناس وعن اعين الظالمين ، وكان يبالغ كثيراً في ستره وابعاده عن متناول الأخصام إلى أن استشهد الإمام العسكري وكان الإمام المهدي (عج) يومئذِ في الخامسة من عمره الشريف .

حينئذٍ انتقلت الإمامة إليه وهو في هذا السن الصغير وأتاه الله الحكمة والكرامة وفصل الخطاب ، وكان ذلك سنة ستين ومائتين من الهجرة النبوية الشريفة . وقد نص أبوه الإمام العسكري على إمامته من بعده بل إن جده الإمام الهادي حين نص على إمامة ولده أبي محمد الحسن العسكري فذكر أن الإمام بعده هو ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلا بعد أن ملئت ظلماً وجوراً .

لذا ، لما استشهد والده الإمام العسكري أجمع الشيعة بعده ، استناداً إلى أنه لا بد لكل زمان من إمام ، واستناداً إلى الحديث الذي صحَّ عند جميع المسلمين على تفرق مذاهبهم واختلاف آرائهم أن رسول الله قال ونصه : { من مات ولم يعرف إمام زمانه ، مات ميتة جاهلية } . وأجمعوا على إمامته بعد أبيه الإمام العسكري ، وأنه هو الإمام الثاني عشر ، وأنه هو المهدي المنتظر الذي بشَّر به النبي والأئمة من بعده وأنه هو إمام زماننا الحاضر وكل زمان أت ، إلى أن يظهر سلام الله تعالى عليه ، ويُعم الأمن والسلام ، وينشر الإسلام على الأرض قاطبة ، ويقيم العدل والأحسان فيها .

وبعد استشهاد الإمام العسكري قام الإمام المهدي بتجهيزه وتغسيله وصلى عليه ، وآخر مرة شوهد في دار والده ، ثم غاب عن انظار الأشرار .

ولئن غاب الإمام منذ ذلك - وما يزال - عن الأبصار فإن غيابه ، إنما هو كا ستتار الشمس وراء الغيم ، وإذا عجزت العين المجردة عن رؤيتها ، فإن ذلك لعجزها عن اختراق الحُجُب . وهذا لا يعني أن الشمس غير موجودة ، وفائدتها غير معلومة ، فكذلك الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ، وسوف نتحدث عن ذلك لاحقاً .

ومن الدلائل على إمامته ما روي عن عبدالله بن عمر قال : سمعت الحسين بن علي - - يقول : ( لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم واحد ، لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي ، فيملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً ، كذلك سمعت رسول الله يقول ) .

وروي عن الإمام الباقر عن أبيه وجده عن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) {المهدي من ولدي تكون له غيبة إذا ظهر يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً }.

وروي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يخرج في اخر الزمان رجلٌ من ولدي ، اسمه كاسمي ، وكنيته ككنيتي ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ، فذلك هو المهدي .

وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) { طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتدٍ به قبل قيامه ، يتولى وليه ويتبرأ من عدوه ، ويتولى الأئمة الهادية من قبله ، أولئك رفقائي وذو ودي ومودتي } .

وهناك روايات وأحاديث كثيرة العدد مختلفة النصوص ، رواهما الفريقان ، وللمزيد تراجع المصادر السنية على الخصوص :
صحيح البخاري ج 4 ، كتاب بدء الخلق ، باب نزول عيسى . وصحيح مسلم ج 8 ، ومسند أبي داود : كتاب المهدي ، وسنن الترمذي ج 2 ، وسنن المصطفى ج 2 ، وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ، وشرح النهج لابن أبي الحديد .

أوصافه عليه السلام :

نقلت المصادر عن أوصافه عليه السلام أنه ممتلئ الجثة ، طويل القامة ، وجهه كأنه كوكب دري ، أقنى الأنف ، ضخم العينين ، كثب اللحية ، على خده الأيمن خال أسود ، وعلى يده خال .

بيسان
09-05-2005, 11:19 AM
تاااااااااااااااااااااااااااابع

نوابه عليه السلام :

للإمام الحجة صاحب الزمان غيبتان : الغيبة الأولى وتسمى بالغيبة الصغرى ، والثانية تسمى الغيبة الكبرى .
بدأت الغيبة الصغرى من استشهاد الإمام العسكري - وقيل من يوم مولد الإمام المهدي (عج) سنة 255هـ - ، واستمرت حتى وفاة السفير الرابع سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، ودامت ما يقرب من تسعٍِ وستين سنةً ، وانقطعت الصلة المباشرة بينه وبين مواليه وشيعته ، وبدأت الغيبة الكبرى بالانقطاع التام ، لا صلة شخصية ولا واسطة سفير ، بل بالنائب العام وهو المرجع الأعلم من المجتهدين - قدس الله اسرار الماضين منهم وأعلى مقامهم ، وأنار الله برهان الباقين منهم - .

لقد كان للإمام خلال غيبته الصغرى أربعة نواب ( أو سفراء ) على الترتيب والبدل ، بمعنى أنه عند انقضاء أجل كل منهم ونفاد عمره ، كان يوصي إلى الأخر ، بناء على تعيين الإمام وبامر منه فيقيمه مقام نفسه في النيابه والسفارة والوساطة بين الناس وإمامهم ، وهؤلاء النواب مدفونون كلهم في العراق ببغداد ولكل منهم مزار مخصوص :
أما هؤلاء النواب الأربعة فهم :

الأول : أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عمرو العمري الأسدي ، الذي كان وكيلاً عن الإمام الهادي ، ثم عن ابنه الإمام الحسن العسكري ثم صار نائباً للخلف المنتظر دة سنوات ، حتى مضى إلى رحمة ربه ، وكان جليل القدر جداً ، ورفيع الشان تحقيقاً .
حضر تغسيل الإمام العسكري عند وفاته وتولى جميع أمره في تكفينه وتحنيطه ودفنه مأموراً بذلك ، وكانت توقيعات صاحب اللأمر الحجة تخرج على يده ، ويد ابنه محمد إلى الموالين من الشيعة ، وخواص أبيه بكل مسألة وكل ما يهم أمر المسلمين .
يقع قبره في الجانب الغربي من بغداد ، شارع الميدان جهة الجنوب من مسجد الذرب .

الثاني : ابنه محمد بن عثمان بن سعيد العمري ، الذي كان أيضاً وكيلاً كابيه ثم صار نائباً بعد أبيه عن الحجة ، إلى أن توفى في اخر جمادى الأول من سنة خمس وثلاثمائه من الهجرة المباركة ، وكانت أيام نيابته ونيابة أبيه قريباً من خمس وأربعين سنة .
يعرف بالخلاني ، والشيعة مجتمعة على ثقته وعدالته وأمانته ، وكانت التوقيعات تخرج من الإمام على يده إلى الشيعة في كل مهمة ، ويقع قبره الشريف في الجانب الشرقي من بغداد .

الثالث : أبو القاسم الحسين بن روح بن ابي بحر النوبختي ، الذي قام بامر النيابة إحدى وعشرين سنة إلى أن توفى في شعبان سنة ست وعشرين وثلاثمائة ، ودفن في النوبختيه ، في الجانب الشرقي من بغداد في سوق الشورجه - حالياً .
وكان موضع ثقة الجميع ، أقامه أبو جعفر محمد بن عثمان مقامه قبل وفاته بسنتين أو ثلاث .

الرابع : أبو الحسن علي بن محمد السمري وقد قام بالأمر ثلاث سنين فقط وتوفى في النصف من شعبان سنة تسع وعشرين وثلاثمائة للهجرة وقبره في الجانب الغربي من بغداد .
وكانت قد خرجت لأبي الحسن السمري قبل وفاته بأيام ، رقعة توقيع من ناحية الإمام المقدسه ، أخبره فيها بوفاته خلال مدة وجيزة من يوم إلى ستة أيام ، ثم نهاه عن الوصية في هذا الأمر إلى أحد بعده ، ومنعه من تسميت نائب أخر ( خامس ) للإمام وهذا نصها :

بسم الله الرحمن الرحيم

يا علي بن محمد السمري ، أعظم الله أجر اخوانك فيك ، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام ، فاجمع أمرك ولا توصِ إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة . فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلب وامتلاء الأرض جوراً ، وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ألا من ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفترٍ ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

وروي أنه في اليوم السادس حضر الموالون الشيعة وهو يجود بنفسه فقيل له من وصيك من بعدك فقال :
لله امرٌ هو بالغه ..

وبوفاة هذا النائب الجليل انتهت الغيبة الصغرى التي استمرت ما يقرب تسع وستين سنة ، وبدأت الغيبة الكبرى إلى يومنا هذا ، حتى يأذن الله تعالى .

اسلوب السفراء الأربعة في الغيبة الصغرى :

اضطلع السفراء في الغيبة الصغرى بمهمة قيادة قواعد الإمام من الناحية الفكرية والسلوكية ، طبقاً لتعليمات الإمام والتوسط بينه وبينها في في ايصال التبليغات واخراج التوقيعات ، وحل مشاكلها وتذليل العقبات التي تصادفها .
وقد اعتمدت تحركاتهم ونشاطاتهم على السرية التامة دون أن يثيروا السلطات عليهم ، ولكي تنفسح لهم أكبر الفرص وأوسع المجالات للعمل تحت قيادة الإمام دون أن يقعوا تحت طائلة المطاردة والتنكيل .

وكانوا يقومون بأعمال تجارية ، كالبيع والشراء في السمن أوالمواشي أو بقية أنواع التجارة لتغطية أعمالهم ، حتى لا يتسرب لأحد الشك في الأموال التي تصل إليهم من الشيعة ، وهم بدورهم يوصلونها إلى الإمام .

ولعل الدوافع التي دفعت السفراء إلى هذا الأسلوب من العمل ،الأسباب التالية :

خوف السلطة من العلويين ، ومحاولة مطاردة واضطهاد عدد كبير من قادتهم وكبرائهم .

الجو القلق والمطرب الذي عاشته قواعد الإمام الشعبية بشكل عام . والسفراء الأربعة بنحو خاص ، إلى درجة ان عثمان بن سعيد ، السفير الأول للإمام كان ينقل المال في جراب من الدهن لشعوره بضغط السلطات ومطاردتهم له ، ولما ينتظره من العقاب الصارم لو عرفت به الدولة أو حصلت تجاهه على مستمسك خطير .

المطاردة الجادة والدائبة للإمام المهدي ومحاولة القاء القبض عليه ، وحملات التفتيش المنظمة لداره ، فإذا كانت الدولة تقف من الإمام هذا الموقف ، فكيف إذاً تقف تجاه قواعده ومواليه ؟! .

أهداف السفارة في الغيبة الصغرى :

هناك هدفان رئيسيان ترمي إليها السفارة عن الإمام هما :

أولاً : تهئية أذهان الأمة وتوعيتها لمفهوم الغيبة الكبرى ، وتعويد الناس تدريجياً على الأحتجاب ، وعدم مفاجأتهم بالغيبة دون سابق مقدمات ، ولربما ادى الأحتجاب المفاجئ إلى الإنكار المطلق لوجود الإمام المهدي (عج) .
ومن هنا جاء تخطيط الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام بالأختفاء التدريجي عن وسط الأمة ، وضاعفه الإمام العسكري على نفسه ، كما أن الإمام المهدي نفسه تدرج في عمق الاحتجاب كما بينا ، فكانت فترة السفارة أيضاً إحدى الفترات المرحلية لتهئية الأذهان بشكلها المتدرج .

ثانياً : قيام السفارة برعاية شؤون القواعد الشعبية الموالية للإمام والتوسط بينها ، لتمضية شؤونها ومصالحها بعد اختفاء الإمام عن مسرح الحياة ، بغيبة الكبرى .



قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم : (مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وزخ فى النار)
رزقنا الله و إياكم زيارتهم في الدنيا و شفاعتهم في الآخرة
و صلى الله على محمد و آله الطيبين الطاهرين

بيسان
09-05-2005, 11:24 AM
اهلا بكم

المستجير

الشقياااااان

والله يعطيكم العاااااااافيه

ولكم مني ارق واجمل تحيه

وبالتوفيق

وللامااااااااانه منقول

نور الشمس
09-06-2005, 07:41 AM
يعطيك العافيه اخوووى بيسان على هالموسوعه الرائعه عن الائمه الكرام

وشكرااا

نور الشمس
09-06-2005, 07:45 AM
هالموضوووع بحاجه للتثبيت

وياريت مشرف هالقسم يثبت هالموضووع لان فيها معلومااات رائعه عن الائمه

وشكرااااا

بيسان
09-07-2005, 01:39 PM
مشكوووووره خيه على ردش

خيه خليهم اول يردو

الا ردو

المستجير

والشقيان

ونور الشمس

واحيكم بحراره

والله رفعتوا معنوياتي

وننتظر باقي الاعضاء
وبالتوفيق

ahmed
09-07-2005, 05:32 PM
يعطيك العافيه بيسان على الموضوع

بيسان
09-08-2005, 02:30 PM
مشكوووووووووووووور اخوي

^_^moon^_^
09-09-2005, 01:43 PM
يعطيك العافية بت الخالة

على الموضوع

تحياتي

ابو طارق
09-24-2005, 12:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لا تميتنا الا على ولاية نبيك ووصيك والأئمة المعصومين صلوات الله عليهم اجمعين الى يوم الدين

والحمد لله رب العالمين

بيسان
09-28-2005, 11:41 PM
اللهم صلى على محمد وال محمد

يااااااارب يثبتنا على ولايتهم

ومشكوووووووووووووورين

والله يعطكيم العاااااااافيه

وبالتوفيق