المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ابنت الرصيف (قصة قصيرة - حقيقية-)



احمد السهلاني
07-04-2008, 12:12 AM
مرورا بأزقة العشار الضيقة ودكاكين سوقه المختفية خلف البضائع المتنوعة وعلى قارعة أرصفته الواقعة على مداخل نوافذ السوق افترشت (ام وزَينه) خرقتها البالية , افترشتها فقط لتشعر انها لم تجلس على الأرض وإلا فالأرض أنظف من خرقتها هذه . كان وجهها الممشوق ينظر الى المارة تتحسس نياتهم اذا رغبو بالصدقة عليها متأكدة ان قطافها لهذا الموسم قد آن اوانه اذ ان ابنتها (زينة) التي تناديها (وزَينه) قد شارفت على سنتها الاولى , السنة التي يبدأ الاطفال نطقهم ونشاطهم وحيويتهم , كانت ام وزينه موضع حسد لباقي المتسولات اذ انها تمتلك افضل آلة استعطاف في مجال التسول . لذا انها حرصت على ان تلتحق برصيفها الشمسي وعلى مدار اليوم بعملها الذي لا يحتاج الى مشقة غير جلوسها على الرصيف مع حركات وتقاسيم توحي للمارة انها في مأزق .
وجوه المتسولين هي ذاتها في السوق تهرم مع دكاكينه وشوارعه , اعتدت ان ارى وجه هذه المتسولة كلما مررت من هذا الشارع وذاك اليوم تشرفت برؤية (وزينه) الصغيرة وهي تزحف على الرصيف تقلب قناني المشروبات الغازية الفارغة وتجرب شربها علها تجد قطرات صدئه تبقت , وبين حين واخرى تنهرها امها وتقربها اليها لتكمل مشهدها المأساوي , استوقفتني تلك المشاهد وانزويت اتابع احداث الصورة التراجيدية المبكية , نظرت الى يدي فوجدت علبة بسكويت اشتريتها لابنتي , انها بعمر (وزينه) . نعم. بعمر ابنتي اشتريت لها سريرا جميلا يحتوي على زركشات يحبها الاطفال و(وزينه) تفترش الرصيف بمزركشات حصاة الطريق القذرة , ابنتي لم تعتد ان تخرج مثل هذا الوقت وتزحف على سجادة البيت الملونة وتحت اشراف أم حنونة تتابع حركاتها وتنهرها اذا وضعت اصبعها بفمها لتحيي اسنانها الجديدة , اما و(وزينه) فكانت تزحف بين ارجل المارة وعلى سجادة الحصى والنفايات المترامية تدعك لهاتها باي بقايا سقطت على الارض لتستقبل اسنانها الجديدة التي ستمضغ بها اساها وتبدأ مواسم جديدة وحيل سوداء لتستعطف اهل الخير كما تسميهم امها .
تلعب وزينه على الرصيف تقلب النفايات , تستهويها الوان العلب المختلفة تتحسس ليونة بعضها تجرب صلادة بعضها الاخر تماما كما تفعل ابنتي حينما تقلب العابها وتفرشها وسط بيتنا الظليل وبلا ازعاج المارة .. نعم .. قررت ان اقاطع مقارناتي المؤلمة لكي اسأل امها اين ذلك الاب الذي ساهم بأيلاد تلك الطفلة التي يبدو مظهرها بائسا , تقدمت إليها مترددا ووجسا من ردة فعلها تقربت اليها فاستقبلتني بانكسار مصطنع (أنا أم لأيتام .. ساعدونا من مال الله ..) عندها التفت مستديرا , يائسا منها إن تجيبني بغير هذا الجواب .
مضيت كي لا أحسسها بانتباهي وانشغالي بابنتها .حقا آلمتني وزينة وبتعلوقتها التي لا تخلو من قساوة بيئتها ,اتسائل كيف سترى الحياة من جانبها المظلم جانب أمها الخالي من البراءة ومن مكان عيشها الذي تكثر فيه المارة وبكل معادنهم وبتنوع ألفاظهم ونظراتهم للحياة , كيف ستصبح وزينة في المستقبل كيف ستكون لها أسرة وكيف تربيها .. كيف ستروض غرائزها وأحاسيسها .. كيف ستثقف نفسها في مثل هذه الأماكن التي دائما ترتادها , هل ستلتقي (وزينة) يوما ما بابنتي , وهل إذا التقيا سيكون الفارق مذهلا .

بعدها استدرت متشائما انني سالقاها بعد سنوات لترث الشئ الوحيد الذي ستتركه لها امها البائسة , وهي كلمات فقط مع طريقة إلقاءها (أعطونا .. من مال الله) .


احمد عبد الكريم السهلاني (http://www.alnoor.se/author.asp?id=498)

دمعة طفله يتيمه
07-05-2008, 04:11 AM
بجد قصه مؤثره جداا
يسلمو اخوي الكريم
موفق لكل خير

طيف المشاعر
07-05-2008, 11:33 PM
يسلموو ع القصه الحلووه

solav
07-06-2008, 01:27 PM
شكرررررررررررررررررررررررررررررااااااااااااااااااا ااااا

احمد السهلاني
07-07-2008, 12:15 AM
شكرا الكم يااصدقائي وعلى مروركم