همسات وله
05-15-2008, 10:37 AM
الســـــــــــــــلام عليكم ورحمة الله وبركااااته
عادة ما تكون هناك ظواهر مؤثرة في المسار التاريخي والسياسي، وفي كثير من الأحيان ترتبط تلك الظواهر بشخصيات محددة لتصبح الظاهرة معروفة باسم صاحبها.
في المجال السياسي وجدت الكثير من الظواهر المرتبطة بشخصيات أثارت جدلاً واسعاً في حركتها من قبيل ظاهرة ستالين وظاهرة عبدالناصر وظاهرة الإمام الخميني، وغيرهم على اختلاف نوعية تلك الظواهر وقربها من وجدان الناس.
بعض تلك الظواهر الشخصية باتت مضرباً للمثل لكونها قمة في الاستبداد والقمع أو لكونها متفوقة في الإخلاص والصدق.
الفارق بين الظاهرة الاجتماعية والظاهرة الشخصية أن الأولى تستمد قوتها من مجريات الحركة الاجتماعية أو السياسية لكونها ترتبط بالجانب الفكري وإن جسدت نفسها في أشخاص محددين ومعروفين كما في الفكرة القومية أو الإسلامية.
في حين أن الظواهر الشخصية لا تراعي هذا الجانب بالمطلق وتكون مرهونة في تشكيلاتها ومظاهرها لطباع تلك الشخصية وطريقة عملها والقرارات التي تتخذها.
وليد بيك جنبلاط واحد من الشخصيات التي سيكون لها ذلك الحضور الواسع في سيرة الظواهر الشخصية.
جنبلاط هنا لا يعني الشخصية المثيرة للجدل، التي تعيش على تاريخ غيرها أو على تاريخها المتناقض بين الشعار والتطبيق، بل يعني الظاهرة التي يمكن أن نجدها في كل بلد عربي نظراً لوجود أنظمة تستفيد من هكذا شخصيات، بل وتعمل على خلقها وتقويتها.
بمعنى أن النظام العربي لا يمكنه الاستمرار في الحكم من دون وجود الظاهرة الجنبلاطية.
الظاهرة الجنبلاطية تشير إلى ثلاثة مقومات أساسية عمل جنبلاط على تثبيتها في سلوكه السياسي الممتد لأكثر من ثلاثين عاماً.
أولى تلك المقومات الاهتزاز في المواقف وسرعة تغييرها بناء على حجم المصالح المادية المرجوة من كل موقف، فعندما كانت إيران تدفع له كان نظام ولاية الفقيه نظاماً إنسانياً وعظيماً، وعندما كانت سوريا تراعيه وتتجنبه كانت تمثل عمق العالم العربي وضميره الحي وبوابته الخالدة، وعندما كانت الولايات المتحدة بعيدة عنه ولا تدير بالاً له كانت الشيطان الأكبر ومنذرة بالهلاك والويل.
المواقف تلك سرعان ما تغيرت وانقلبت وأصبحت إيران الشر المطلق وسوريا بوابة جنهم وأميركا حارس الجنة، هكذا تم الانتقال بسرعة مذهلة لم تضاهيها إلا سرعة الانقلاب في المواقف والقرارات التي يتخذها وليد جنبلاط في فريقه الحالي أو في فريقه السابق.
لا ينبغي هنا المرور على هذه العلامة من دون الأخذ ببعض معلوماتها السرية التي بدأت تتكشف الآن وأغلبها مرتبط بالمال.
المقوم الثاني في الظاهرة الجنبلاطية هو القدرة على خلق الصراع والاقتتال بين الخصوم أو ما يعبر عنها بالفتنة في القاموس العربي، وهو ما أظهرته الحوادث الماضية في ملفاتها والحوادث الحالية بمرارتها وقسوتها.
القدرة على خلق الصراع والتوتر بين فئات المجتمع ترتبط بالقدرة على تلفيق الأخبار على قاعدة «ربما أو ما الذي يمنع؟» وهي أدوات استفهام عادية جداً يجوز استخدامها، لكنها عند جنبلاط تتحول إلى أدوات تأكيد وأدوات حكم وأدوات تنفيذ، فعندما تأتي كلمة «ربما أو ما الذي يمنع؟» فمعناها أن الأمر هو كذلك ويجب التحرك على أساسه، ويكون من الطبيعي أن المتخلف عن تنفيذ «ربما أو ما الذي يمنع؟» متورطاً ومتهماً بالقاعدة نفسها.
المقوم الثالث يعتبر نتيجة منطقية لما سبق، أي التحريض ثم الوقوف على التل لانتظار ما الذي يحدث لتغير الموقف أو ضخ مزيد من الصراع وتنمية الاقتتال. فجنبلاط يمتلك القدرة على تحويل الأمر والمجريات بما يدفع إلى التشكيك في نوايا الأطراف الأخرى وعلاقاتها الداخلية والخارجية، وبالتالي فهو يخطط بدراية متقنة وببراعة ذكية لكيفية التحريض المطلوب وكميته، فمتى ما وجد أن الأمور لا تسير نحو الصراع زادها تحريضاً بتصريحات مدروسة ومرتبة زمنياً وجغرافياً.
الوسيلة في تفعيل التحريض هي الصورة الإعلامية الجاذبة والاستعانة بتاريخ الغير ونسبة القضايا الصالحة لنفسه.
وإذا ما كانت الظاهرة الجنبلاطية قادرة على تجذير نفسها بفعل توافر ظروف الاستبداد العربي فإن المهم هنا يجب أن يكون في مقاومتها أو الحد من قدرتها على ممارسة دورها التخريبي، ولا يوجد ظرف أفضل من الظرف الديمقراطي الذي يعتبر المناهض الوحيد والأكثر قدرة على لجم هذه الظاهرة وإفشال تحركها.
فالأنظمة العربية التي تعيش على هذه الظاهرة لا يمكنها أن تكون بمنأى عن مساوئها، والدليل هو ما يحدث في لبنان الآن، إذ جرّت الجنبلاطية الخراب ليس إلى خصومها، بل على بلد بأكمله، وكان واضحاً أن التخلص من ظاهرة حنبلاط يتطلب مزيداً من القوة والمواجهة التي قد تكون مؤلمة ومحزنة في بعض مشاهدها، لكنها تبقى ضرورية لموجهة أخطار الجنبلاطية المتهورة.
وإذا ما كنا نأخذ العبر والدروس من دون ضرورة الدخول في مرارة التجربة وآلمها فمن المهم الان محاصرة الجنبلاطيين بمزيد من الأطر الديمقراطية والدولة المدنية.
همسه
وصلني عبر الايميل
واتمني ان يعجبكم كما اعجبني لانه ضرب على الوتر الحساس وبين بعض الحقائق والظواهر التي ربما تكون غائبه عن اذهاننا
تحيااااتي
عادة ما تكون هناك ظواهر مؤثرة في المسار التاريخي والسياسي، وفي كثير من الأحيان ترتبط تلك الظواهر بشخصيات محددة لتصبح الظاهرة معروفة باسم صاحبها.
في المجال السياسي وجدت الكثير من الظواهر المرتبطة بشخصيات أثارت جدلاً واسعاً في حركتها من قبيل ظاهرة ستالين وظاهرة عبدالناصر وظاهرة الإمام الخميني، وغيرهم على اختلاف نوعية تلك الظواهر وقربها من وجدان الناس.
بعض تلك الظواهر الشخصية باتت مضرباً للمثل لكونها قمة في الاستبداد والقمع أو لكونها متفوقة في الإخلاص والصدق.
الفارق بين الظاهرة الاجتماعية والظاهرة الشخصية أن الأولى تستمد قوتها من مجريات الحركة الاجتماعية أو السياسية لكونها ترتبط بالجانب الفكري وإن جسدت نفسها في أشخاص محددين ومعروفين كما في الفكرة القومية أو الإسلامية.
في حين أن الظواهر الشخصية لا تراعي هذا الجانب بالمطلق وتكون مرهونة في تشكيلاتها ومظاهرها لطباع تلك الشخصية وطريقة عملها والقرارات التي تتخذها.
وليد بيك جنبلاط واحد من الشخصيات التي سيكون لها ذلك الحضور الواسع في سيرة الظواهر الشخصية.
جنبلاط هنا لا يعني الشخصية المثيرة للجدل، التي تعيش على تاريخ غيرها أو على تاريخها المتناقض بين الشعار والتطبيق، بل يعني الظاهرة التي يمكن أن نجدها في كل بلد عربي نظراً لوجود أنظمة تستفيد من هكذا شخصيات، بل وتعمل على خلقها وتقويتها.
بمعنى أن النظام العربي لا يمكنه الاستمرار في الحكم من دون وجود الظاهرة الجنبلاطية.
الظاهرة الجنبلاطية تشير إلى ثلاثة مقومات أساسية عمل جنبلاط على تثبيتها في سلوكه السياسي الممتد لأكثر من ثلاثين عاماً.
أولى تلك المقومات الاهتزاز في المواقف وسرعة تغييرها بناء على حجم المصالح المادية المرجوة من كل موقف، فعندما كانت إيران تدفع له كان نظام ولاية الفقيه نظاماً إنسانياً وعظيماً، وعندما كانت سوريا تراعيه وتتجنبه كانت تمثل عمق العالم العربي وضميره الحي وبوابته الخالدة، وعندما كانت الولايات المتحدة بعيدة عنه ولا تدير بالاً له كانت الشيطان الأكبر ومنذرة بالهلاك والويل.
المواقف تلك سرعان ما تغيرت وانقلبت وأصبحت إيران الشر المطلق وسوريا بوابة جنهم وأميركا حارس الجنة، هكذا تم الانتقال بسرعة مذهلة لم تضاهيها إلا سرعة الانقلاب في المواقف والقرارات التي يتخذها وليد جنبلاط في فريقه الحالي أو في فريقه السابق.
لا ينبغي هنا المرور على هذه العلامة من دون الأخذ ببعض معلوماتها السرية التي بدأت تتكشف الآن وأغلبها مرتبط بالمال.
المقوم الثاني في الظاهرة الجنبلاطية هو القدرة على خلق الصراع والاقتتال بين الخصوم أو ما يعبر عنها بالفتنة في القاموس العربي، وهو ما أظهرته الحوادث الماضية في ملفاتها والحوادث الحالية بمرارتها وقسوتها.
القدرة على خلق الصراع والتوتر بين فئات المجتمع ترتبط بالقدرة على تلفيق الأخبار على قاعدة «ربما أو ما الذي يمنع؟» وهي أدوات استفهام عادية جداً يجوز استخدامها، لكنها عند جنبلاط تتحول إلى أدوات تأكيد وأدوات حكم وأدوات تنفيذ، فعندما تأتي كلمة «ربما أو ما الذي يمنع؟» فمعناها أن الأمر هو كذلك ويجب التحرك على أساسه، ويكون من الطبيعي أن المتخلف عن تنفيذ «ربما أو ما الذي يمنع؟» متورطاً ومتهماً بالقاعدة نفسها.
المقوم الثالث يعتبر نتيجة منطقية لما سبق، أي التحريض ثم الوقوف على التل لانتظار ما الذي يحدث لتغير الموقف أو ضخ مزيد من الصراع وتنمية الاقتتال. فجنبلاط يمتلك القدرة على تحويل الأمر والمجريات بما يدفع إلى التشكيك في نوايا الأطراف الأخرى وعلاقاتها الداخلية والخارجية، وبالتالي فهو يخطط بدراية متقنة وببراعة ذكية لكيفية التحريض المطلوب وكميته، فمتى ما وجد أن الأمور لا تسير نحو الصراع زادها تحريضاً بتصريحات مدروسة ومرتبة زمنياً وجغرافياً.
الوسيلة في تفعيل التحريض هي الصورة الإعلامية الجاذبة والاستعانة بتاريخ الغير ونسبة القضايا الصالحة لنفسه.
وإذا ما كانت الظاهرة الجنبلاطية قادرة على تجذير نفسها بفعل توافر ظروف الاستبداد العربي فإن المهم هنا يجب أن يكون في مقاومتها أو الحد من قدرتها على ممارسة دورها التخريبي، ولا يوجد ظرف أفضل من الظرف الديمقراطي الذي يعتبر المناهض الوحيد والأكثر قدرة على لجم هذه الظاهرة وإفشال تحركها.
فالأنظمة العربية التي تعيش على هذه الظاهرة لا يمكنها أن تكون بمنأى عن مساوئها، والدليل هو ما يحدث في لبنان الآن، إذ جرّت الجنبلاطية الخراب ليس إلى خصومها، بل على بلد بأكمله، وكان واضحاً أن التخلص من ظاهرة حنبلاط يتطلب مزيداً من القوة والمواجهة التي قد تكون مؤلمة ومحزنة في بعض مشاهدها، لكنها تبقى ضرورية لموجهة أخطار الجنبلاطية المتهورة.
وإذا ما كنا نأخذ العبر والدروس من دون ضرورة الدخول في مرارة التجربة وآلمها فمن المهم الان محاصرة الجنبلاطيين بمزيد من الأطر الديمقراطية والدولة المدنية.
همسه
وصلني عبر الايميل
واتمني ان يعجبكم كما اعجبني لانه ضرب على الوتر الحساس وبين بعض الحقائق والظواهر التي ربما تكون غائبه عن اذهاننا
تحيااااتي