المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درجات العبادة



ابوحسن التونسي
05-09-2008, 06:07 PM
بسمه تعالت قدرته
درجات العبادة للشيخ جوادي املي
للعبادة درجات كثيرة بعضها هو الهدف المتوسط للعابدين، وبعضها الهدف النهائي للمتعبدين، وحيث أنّ العمل محدود والشهود غير محدود، فإنّ العبادات العملية أهداف محدودة، والعبادات الشهودية أهداف غير محدودة.
وسرّ محدودية العبادات العملية هو: أوّلاً أنّ دائرة التكليف تنتهي بالإنتقال من الدنيا الى الآخرة، ولكن منطقة الشهود مستمرة دائماً. وثانياً: أنّ التكاملات العملية التي تحصل بالفعل الإختياري للإنسان ليست موجودة في القيامة، ولكن التكاملات العلمية التي تحصل بإفاضة الله سبحانه ميسورة دائماً. وثالثاً: أنّ الكثير من أستار الغيب تزول بعد الموت حتى يصبح الذي كان غير مرئي مشهوداً. ولهذا اعتبر القرآن الكريم أنّ الهدف من خلق عالم الخلقة ليعلم الإنسان بقدرة وعلم اله غير المتناهيتين: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَي‏ءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَي‏ءٍ عِلْمَاً﴾(1).
مع أن العلم الحصولي واليقين الإستدلالي يعدّ في حد نفسه كما لعلمي ويعتبر هدفاً، ولكنه بالنسبة الى العلم الحضوري واليقين الشهودي يكون وسيلة محسوسة: ﴿كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليَقِينِ ٭ لَتَرَوُنَّ الجَحِيمَ ٭ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليَقِينِ﴾(2)، يعني بالعلم اليقيني يمكن الوصول الى عين اليقين. وبناءً على هذا يمكن اعتبار اليقين الشهودي بالمعارف هو الهدف النهائي لخق الإنسان، والذي يتكيء دائماً على العبادة، مع أنّ كيفية اعتماده على العبادة في كل نشأة تتناسب مع تلك النشأة، يعني أنه يتكئ في الدنيا على متن العبادات التشريعية، ويتكيء في الآخرة على باطنها الذي يصبح ظاهراً. إذاً فإذا لم تكن العبادة لحظة فإنّ المشهود سيكون مستوراً، وأنّ الشاهد سيكون محجوباً، وذلك لأنّ الوسيلة الوحيدة لشهود السالك وظهور الغيب هي العبادة: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ﴾(3)، وليس أنه بعد اليقين تزول العبادة، وذلك لأنّ بزوال العبادة زوال اليقين، لأنّ العصيان أسوأ حجاب.
ويستفاد من الآية الشريقة: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَي‏ءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَي‏ءٍ عِلْمَاً﴾، أنّ الهدف من إيجاد العالم، يعني ظهورالحق في مرآة الخلق، هو معرفة الإنسان السالك بعلم وقدرة الحق، وهذا العلم الشهودي يجعل العارف الواصل مظهراً للعليم والقدير الذي بـ«بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» ـ في صورة إذن الله سبحانه ـ يفعل العمل في الدنيا مثل ما يفعله في القيامة بصرف الإرادة، كما يمكنه أن يشاهد كلّ شيء يريد أن يعلمه.
وهذه المسألة يمكن استنباطها من الحديث القدسي المعروف: «كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أُعرف فخلقت الخلق لكي أُعرف»(4)، والذي على أساسه، وأيضاً بالإلتفات الى هذه النكتة وهي أن ظهرو الذات هي تجلّي الحق في مرآة الخلق، فإنّ فائدة ظهور الذات التي كانت كنزاً مخفياً، هي معرفة الإنسان السالك بالغيب المطلق بمقدار وسعه. وإذا ماجرى كلام في سند هذا الحديث، فإنّ مضمونه تضمنه الآية المذكورة، وذلك لأنّ الآية التي ذكرت اعتبرت اعلم هدف الخلقة وكذلك القدرة، وحيث أنّ قدرة الله عين علمه، فإنّ قدرة الإنسان العارف أيضاً تُعبّأ له في علمه، وذلك لأنّ العقل العملي والنظري متحد في السالكين الواصلين.





1ـ سورة الطلاق، الآية 12.
2ـ سورة التكاثر، الآيات 5 ـ 7.
3ـ سورة الحجر، الآية 99.
4ـ المصدر نفسه، ج84، ص199.
المصدر: «صهباي حج، ص311»؛ «صهباء الحج».

نور الهدى
05-10-2008, 09:28 AM
اللهم صلي وسلم وزد وبارك على محمد وال محمد

الله يعطيك العافية

وتسلم الايادي

ام الحلوين
05-11-2008, 03:44 PM
الله يعطيك الف عافيه

ورحم الله والديك ببركة الصلاة على محمد وال محمد