تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا نرتكب الذنوب



سعيد درويش
07-28-2005, 11:01 PM
قال تعالى في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (الأنفال:29)، (... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) (الطلاق:2)، (...إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (المائدة:27)، (... وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص:83) وغيرها من الآيات المباركة التي تحض الإنسان على أن يمتلك هذه الصفة الحميدة فلماذا كل هذا الإهتمام بهذه المسألة المهمة ؟؟

نقول ان الآيات أكدت على هذه المسألة لأن التقوى هي السبيل لمحبة الله تعالى وإن التقوى هي السبيل لقبول العمل وانها هي التي تجعل لنا فرقاناً بين الحق والباطل وهي التي بسببها يرزق الله تعالى الإنسان من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب، ونيل الحب الإلهي أيضاً منوط بها وهكذا فلو كان المرجو من نيلها شيئاً واحداً من هذه الأمور حري بنا ان نحاول بشتى الأمور أن ننال هذه الصفة العظيمة.

اذن هذه الصفة منبع لكل خير وسعادة للإنسان في عالم الدنيا والآخرة لذلك فلم تتناول اهتمام القرآن فقط بل اولت بإهتمام النبي وأهل البيت عليهم السلام ، فقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلَّم) بوصيته لأبي ذر (رضوان الله تعالى عليه) قائلاً: (يا أبا ذر كن بالتقوى أشدَّ اهتماماً منك بالعمل) (1).

وكذلك قول أمير المؤمنين (عليه السَّلام): (اجتناب السيئات أولى من اكتساب الحسنات) (2).

فلا منفعة من كثرة العمل بدون تقوى وبدون ورع بل قد يؤدي إلى التعب والنصب فكم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش .

روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلَّم) يشير إلى هذا المطلب قائلاً: (إنكم لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا وصمتم حتى تكونوا كالأوتار، ما ينفعكم ذلك إلاّ بورع) (3).

بعد ان عرفنا هذه المقدمة المختصرة نقول ان السبيل لتحصيل التقوى بأي طريق يكون ؟؟؟
نصيغ السؤال بصورة أخرى: ما هي أسباب المعاصي والعلل أو ما هي الأمور التي تدعو الإنسان إلى ارتكاب الذنوب والتي تجعله يفقد التقوى ؟

فإنه إذا عرفنا العلل فعند اجتنابها تحصل التقوى كما يقول الفلاسفة فإن العلة لا تتخلف عن المعلول .

أما أسباب ارتكاب الذنوب فهناك عدة عوامل مؤثرة في ذلك بنحو الاستقلال أو الاجتماع:



1 ـ فقدان أو ضعف الإيمان بالمبدأ والمعاد وتبعات آثار الأعمال.

توضيحه: ان بعض الناس يرتكبون المعاصي لأنهم فاقدون الإيمان أو أن إيمانهم ضعيف فرغم انهم يقرون ـ حسب الظاهر ـ بوجود الله تبارك وتعالى وانه هناك قيامة ويحاسب الناس ويثاب المرء على عمله الصالح ويعاقب على عمله الطالح ، إلاّ أننا إذا رجعنا إلى قلوبهم ونظرنا فيها لوجدناهم خالية من أي أثر للاعتقاد بهذه الأمور أو أن لديهم اعتقاد ولكنه ضعيف للغاية مع كثير من الأوهام والتخيلات والخرافات التي تؤثر سلبا على معتقداتهم الصحيحة ، لذلك فمن الطبيعي أن يعجز أصحاب هؤلاء القلوب عن تقديم أوامر ونواهي الله تبارك وتعالى على اللذائذ الدنيوية عند التزاحم بينها بل ينغمسون في الاستجابة للأمور الدنيوية والشهوات الحيوانية لذلك فانهم يرتكبون الذنوب والمعاصي .



2 ـ الغفلة:

وهذه الطائفة من الناس ليست لديهم المشكلة الموجودة في الطائفة الأولى من حيث البناء العقائدي بل على العكس هم يتحلون بالإيمان لكن مشكلتهم انهم يغفلون عمّا يعتقدون به أي ان الأمور الدنيوية والمشاغل العامة هي التي توقعهم في أسر الغفلة عن ذكر الله والمعاد والحساب والعقاب على ذنوبهم عند ارتكاب الذنوب والمعاصي فهم لا يفكرون إلاّ بأمور دنياهم وحاجاتهم المادية فهم لا يتميزون عن الطائفة الأولى من حيث وقوعهم أسرى الشهوات بسهولة.



3 ـ ضعف الإرادة أمام الغرائز والشهوات:

وهذه الطائفة تعتقد بالله تبارك وتعالى، وينتهون إلى اعتقادهم فلا يوقعهم الغفلة أو ضعف الإيمان في شرك المعصية بل ضعف إرادتهم هي التي توقعهم في ذلك فهم يعجزون عن كبح جماح شهواتهم رغم إيمانهم بالله وهم منتبهون إلى خطورة المعصية فيفقدون السيطرة على النفس ويسقطون في هاوية المعصية.


هذه أهم النقاط التي ذكرها علماء الأخلاق والتي تعتبر أسباباً مهمة لارتكاب الذنوب واما كيفية معالجة هذه الأمور فهذا ما سنذكره مفصلاً في العدد القادم إن شاء الله تبارك وتعالى.



___________

1 ـ البحار: ج 74 ص 86.

2 ـ في غرر الحكم (قسم حرف الألف).

3 ـ البحار: ج 74 ص 87.

نور علي
06-28-2006, 01:57 AM
الف شكر لك اخي الكريم
سعيد درويش
على هذا المشاركه القيمه
والنوراني والهادف
احترامي لك


اختك ,,, نور علي

حميد
06-29-2006, 07:05 AM
أحسنت
رحم الله والديك
جزاك الله خيراً وإحساناً على هذا الموضوع
مع خالص تحياتي..