المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسير الإمام إلى البصرة وواقعة الجمل



جنة الحسين
03-22-2008, 12:47 AM
مسير الإمام إلى البصرة وواقعة الجمل

بينما كان الإمام عليٌّ يجهِّز جيشاً إلى الشام بقيادته؛ لكسح معاوية وبطانته الفاسدة ، أتاه الخبر عن طلحة والزبير وعائشة من مكَّة بما عزموا عليه ، فاستعدَّ لحرب الناكثين (وسار عليٌّ من المدينة في تعبئته التي تعبَّاها لأهل الشام آخر شهر ربيع الآخر سنة ستٍّ وثلاثين) (2) .

رسم الإمام في سياسته الجديدة خطوط الحكم العريضة ، وكان وسامها : (لا فضل لعربي على أعجمي) ، أثارت هذه السياسة غضب المتمرِّدين على الحكم ، وكان منهم ما كان من الخروج عليه ، فلمَّا أدرك طلحة والزبير برفض الإمام أن يجعل لهما ميزة على غيرهما ، فلا ينالان الا ما ينال المسكين والفقير بعطاء متساوٍ.. بعد أن أدركا كلَّ هذا سكتا على مضضٍ ، وأخذا يعملان للثورة ضدَّه ، ضدَّ الحكم الجديد ، فانضمَّا إلى الحزب الأُموي.. لقد كان قرار التسوية (هو السبب الخفي والحقيقي لخروج من خرج على عليٍّ ، ولنكوث من نكث بيعته ، وإن توارى ذلك تحت دعوى مفتعلة اسمها دم عُثمان) (3)


واستغلَّ هذا الجانب سخط عائشة على الإمام عليٍّ عليه السلام ومواقفها العدائية منه.. فلمَّا كانت بمكَّة ، وقد خرجت إليها قبل أن يُقتل عُثمان ، فلمَّا كانت في بعض طريقها راجعةً إلى المدينة لقيها ابن أمِّ كلاب ، فقالت له : ما فعل عُثمان ؟ قال : قُتل! قالت : بُعداً وسحقاً ، فمن بايع الناس ؟ قال : طلحة. قالت : إيهاً ذو الإصبع. ثمَّ لقيها آخر ، فقالت : ما فعل الناس ؟ قال : بايعوا عليَّاً. قالت : والله ما كنت أُبالي أن تقع هذه على هذه ، ثُمَّ رجعت إلى مكَّة (4).


فانصرفت إلى مكَّة وهي تقول : قُتل والله عُثمان مظلوماً ، والله لأطلبنَّ بدمه! قيل لها : ولِمَ ؟ والله إنَّ أوَّل من أمال حَرْفَه لأنتِ ، ولقد كنتِ تقولين : اقتلوا نعثلاً فقد كفر. قالت : إنَّهم استتابوه ، ثُمَّ قتلوه ، وقد قلتُ وقالوا ، وقولي الأخير خيرٌ من قولي الأوَّل. فقال لها ابن أمِّ كلاب :
فمنـكِ البداءُ ومنكِ الغِيـرْ * ومنكِ الريـاحُ ومنكِ المطرْ
وأنتِ أمرتِ بقتل الإمــام * وقلتِ لنــا : إنَّه قد كفـرْ
فَهَبْنا أطعنــاك في قتلِـه * وقاتِلُـه عندنــا مَنْ أمـرْ
ولم يسقطِ السقفُ من فوقنا * ولم ينكسف شمسنا والقمـرْ
وقد بايع النــاس ذا تُدرءٍ * يزيلُ الشبا ويُقيم الصعــرْ
ويلبسُ للحربِ أثوابها * وما مَنْ وفى مثلُ من قد غدرْ (5)



وقبل أن يخرج موكب عائشة ويدلو بدلوه ، كان الإمام عليه السلام يقول : (أمرتُ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين) (6) ، فما مضت الأيَّام حتى قاتلهم ، وهذه من جملة الآيات الدالَّة عليه ، وقوله عليه السلام لطلحة والزبير لمَّا استأذناه في الخروج إلى العمرة ، قال : (والله والله ما تريدان العمرة وإنَّما تريدان البصرة) (7)!


وكان من نتائج هذا التمرُّد ـ كما سنأتي عليه ـ معركة البصرة ، أوَّل نكث لبيعة الإمام عليه السلام التي انتهت بفشل موكب عائشة وقتل طلحة والزبير وعشرات الألوف ! تهيَّأت عائشة للخروج إلى البصرة ، وأتت أُمُّ سلمة فكلَّمتها في الخروج معهم ، فردَّت عليها أُمُّ سلمة قائلةً : أفأُذكِّرك ؟ قالت : نعم. قالت أُمُّ سلمة : أتذكرين إذ أقبل رسول الله ونحن معه ، فخلا بعليٍّ يناجيه ، فأطال فأردتِ أن تهجمي عليهما ، فنهيتك فعصيتيني ، فهجمتِ عليهما ، فما لبثت أن رجعتِ باكية ، فقلتُ : ما شأنك ؟ فقلت : إنِّي هجمت عليهما وهما يتناجيان ، فقلتُ لعليٍّ : ليس لي من رسول الله الا يوم من تسعة أيَّام ، أفما تدعني يا ابن أبي طالب ويومي! فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليَّ وهو غضبان محمرُّ الوجه ، فقال : (ارجعي وراءك ، والله لا يبغضه أحد من أهل بيتي ولا من غيرهم من الناس الا وهو خارج من الإيمان) ؟ قالت عائشة : نعم أذكر (8) .

لكن لم يردعها كلام ولا رادع ، فلم تنثنِ عن عزمها ، ولم ترجع إلى عقلها ، فتجهَّزت ومن معها إلى البصرة لتؤلِّب الناس على الإمام عليٍّ عليه السلام فكانت أحداث معركة الجمل. تحرَّك موكب الناكثين بقيادة عائشة وطلحة والزبير نحو البصرة ، وقد حفَّ به الحاقدون على الإمام عليٍّ عليه السلام تحت شعار : (الثأر لعثمان) ، فلمَّا بلغوا (ذات عرق) لقيهم سعيد بن العاص ومروان بن الحكم وأصحابه ، فقال لهم : أين تذهبون وتتركون ثأركم على أعجاز الإبل وراءكم ؟ ـ يعني عائشة وطلحة والزبير ـ اقتلوهم ثُمَّ ارجعوا إلى منازلكم. فقالوا : نسير لعلَّنا نقتل قتلة عُثمان جميعاً (9) .


ومرَّ القوم ليلاً بماء يُقال له : الحوأب ، فنبحتهم كلابه ، فقالت عائشة : ما هذا الماء ؟ قال بعضهم : ماء الحوأب. فقالت : إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون ، هذا الماء الذي قال لي رسول الله : (لا تكوني التي تنبحكِ كلاب الحوأب). ثمَّ صرخت بهم : ردُّوني ردُّوني!! فأتاها القوم بأربعين رجلاً ، فأقسموا بالله أنَّه ليس بماء الحوأب! وأتى عبدالله بن الزبير ، فحلف لها بالله لقد خلَّفتهِ أوَّل الليل ، وأتاها ببيِّنة زور من الأعراب فشهدوا بذلك (10) .

فكان ذلك أوَّل شهادة زور أُقيمت في الإسلام. وبلغوا البصرة ، وعامل الإمام عليها الصحابي عُثمان بن حُنيف الأنصاري ، فمنعهم من الدخول ، وقاتلهم ، ثُمَّ توادعوا الا يحدثوا حدثاً حتى يقدم عليٌّ عليه السلام ، ثُمَّ كانت ليلة ذات ريح وظلمة ، فأقبل أصحاب طلحة فقتلوا حرس عُثمان بن حنيف ، ودخلوا عليه ، فنتفوا لحيته وجفون عينيه ومثَّلوا به ، وقالوا : لولا العهد لقتلناك ، وأخذوا بيت المال (11) .

وأمّا الإمام علي فلما بلغه نبأ مسيرهم إلى البصرة ، حمد الله وأثنى عليه ، ثُمَّ قال : (قد سارت عائشة وطلحة والزبير ، كلُّ واحدٍ منهما يدَّعي الخلافة دون صاحبه ، فلا يدَّعي طلحة الخلافة الا أنَّه ابن عمِّ عائشة ، ولا يدَّعيها الزبير الا أنَّه صهر أبيها. والله لئن ظفرا بما يريدان ليضربنَّ الزبير عنق طلحة ، وليضربنَّ طلحة عنق الزبير ، يُنازع هذا على الملك هذا. وقد ـ والله ـ علمتُ أنَّها الراكبة الجمل ، لا تحلُّ عقدةً ولا تسيرُ عقبةً ، ولا تنزلُ منزلاً الا إلى معصيةٍ ، حتى تورد نفسها ومن معها مورداً ، يُقتل ثلثهم ويهرب ثلثهم ويرجعُ ثلثهم. والله إنَّ طلحة والزبير ليعلمان أنَّهما مُخطئان وما يحملان ، ولربَّما عالم قتله جهلُهُ وعلمه معه لا ينفعه. والله لينبحها كلاب الحوأب ، فهل يعتبر معتبرٌ أو يتفكَّر متفكِّرٌ)! ثمَّ قال : (قد قامت الفئة الباغية فأين المحسنون) ؟ (12)


ثمَّ دعا على طلحة والزبير أمام مسلمي الكوفة ، فقال : (قد علمتم ـ معاشر المسلمين ـ أنَّ طلحة والزبير بايعاني طائعين راغبين ، ثُمَّ استأذناني في العمرة فأذنتُ لهما ، فسارا إلى البصرة فقتلا المسلمين وفعلا المنكر. اللَّهمَّ إنَّهما قطعاني وظلماني ونكثا بيعتي وألَّبا الناس عليَّ ، فاحلُل ماعقدا ، ولا تُحكمْ ما أبرما ، وأرهما المساءة فيما عملا) (13) .

____________

1) بالواسطة ، عن سيرة الأئمة الأثني عشر : 398.2) الكامل في التاريخ 3 : 114.3) الزيدية| د. أحمد صبحي : 44 ، مؤسَّسة الزهراء للإعلام العربي ـ 1984م.4) الامامة والسياسة 1 : 52 ، شرح ابن أبي الحديد 6 : 215 ـ 216 ، تاريخ اليعقوبي 2 : 180 ، كتاب الدلائل : 97.5) الكامل في التاريخ 3: 100، الفتوح 1 : 434 ، تاريخ الطبري 5 : 172، الإمامة والسياسة 1: 52.
6) إعلام الورى 1 : 336 ، المستدرك 3 : 150 | 4674 و4675 ، أسد الغابة 4 : 124 ، البداية والنهاية 7 : 362.
7) إعلام الورى 1 : 337 ـ 338.8) أنظر : ابن أبي الحديد 6 : 217 ـ 218.9) الإمامة والسياسة 1 : 63 ، وانظر الكامل في التاريخ 2 : 102.
10) أنظر قصَّة ماء الحوأب في : تاريخ اليعقوبي 2 : 181 ، ابن أبي الحديد 6 : 225 ، تاريخ ابن الأثير 2 : 103 ، مسند أحمد 6 : 52 ، 97 ، المستدرك 3 : 119 ـ 120 ، كنز العمَّال 11 ح|31667.
11) أنظر : تاريخ اليعقوبي 2 : 181 ، تاريخ ابن الأثير 2 : 108 ، الإمامة والسياسة : 69. 12) إرشاد المفيد 1 : 246 ـ 247.
13) إرشاد المفيد 1 : 250 ، الطبعة الحجرية.




موقع المعصومون الأربعة عشر

نور الهدى
03-22-2008, 08:03 PM
اللهم صلي وسلم وزد وبارك على محمد وال محمد

الله يعطيك العافية

وتسلم الايادي

جنة الحسين
03-24-2008, 01:08 AM
مشكوووره على المرور

ام الحلوين
03-24-2008, 08:56 AM
الله يعطيش الف عافيه

وتسلم الايادي ياكريم

ورحم الله والديش بحق الصلاة على محمد وال محمد

جنة الحسين
03-25-2008, 08:23 PM
مشكوووره على المرور