المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كي لا ننسى



amili
12-19-2003, 08:08 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

القدس عبر التاريخ
كي لا ننسى

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين

العربي الدائم واليهودي الطارئ :

يرجع تاريخ مدينة القدس إلى أكثر من خمسة آلاف سنة، وهي بذلك تعد واحدة من أقدم مدن العالم. وتدل الأسماء الكثيرة التي أطلقت عليها على عمق هذا التاريخ . وقد أطلقت عليها الشعوب والأمم التي استوطنتها أسماء مختلفة، فالكنعانيون الذين هاجروا إليها في الألف الثالثة قبل الميلاد أسموها "أورساليم" وتعني مدينة السلام أو مدينة الإله ساليم. واشتقت من هذه التسمية كلمة " أورشليم " التي تنطق بالعبرية " يروشاليم" ومعناها البيت المقدس، وقد ورد ذكرها في التوارة 680 مرة. ثم عرفت في العصر اليوناني باسم إيلياء ومعناه بيت الله. ومن أهم الأعمال التي قام بها الكنعانيون في القدس شق نفق لتأمين وصول المياه إلى داخل المدينة من نبع جيحون الذي يقع في وادي قدرون والذي يعرف اليوم بعين سلوان.

سكان القدس الأصليون :

سكنت قبيلة اليبوسيين - أحد البطون الكنعانية العربية- المدينة حوالي عام 2500 ق. م , فأطلقوا عليها اسم يبوس .

العصر الفرعوني (16 - 14 ق.م) :

خضعت مدينة القدس للنفوذ المصري الفرعوني بدءا من القرن 16 ق . م . وفي عهد الملك إخناتون تعرضت لغزو "الخابيرو" وهم قبائل من البدو، ولم يستطع الحاكم المصري عبدي خيبا أن ينتصر عليهم ، فظلت المدينة بأيديهم إلى أن عادت مرة أخرى للنفوذ المصري في عهد الملك سيتي الأول 1317 – 1301 ق . م .

العصر اليهودي (977 – 586 ق.م):

دام حكم اليهود للقدس 73 عاماً طوال تاريخها الذي امتد لأكثر من خمسة آلاف سنة. فقد استطاع داود السيطرة على المدينة في عام 977 أو 1000 ق.م وسماها مدينة داود عليه السلام وشيد بها قصراً وعدة حصون ودام حكمه 40 عاماً. ثم خلفه من بعده ولده سليمان عليه السلام الذي حكمها 33 عاماً.

وبعد وفاة سليمان عليه السلام انقسمت الدولة في عهد ابنه رحبعام وأصبحت المدينة تسمى "أورشليم" وهو اسم مشتق من الاسم العربي الكنعاني شاليم أو ساليم الذي أشارت التوراة إلى أنه حاكم عربي يبوسي كان صديقاً لإبراهيم عليه السلام . (سفر التكوين- 14: 18-20، والرسالة إلى العبرانيين في الإنجيل 6:20،7:1-5).

العصر البابلي (586 – 537 ق.م) :

احتل الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني مدينة القدس بعد أن هزم آخر ملوك اليهود صدقيا بن يوشيا عام 586 ق.م , ونقل من بقي فيها من اليهود أسرى إلى بابل بمن فيهم الملك صدقيا نفسه.

العصر الفارسي (537 - 333 ق.م) :

ثم سمح الملك الفارسي قورش عام 538 ق.م لمن أراد من أسرى اليهود في بابل بالعودة إلى القدس.

العصر اليوناني (333 – 63 ق.م) :

استولى الإسكندر الأكبر على فلسطين بما فيها القدس عام 333 ق.م، وبعد وفاته استمر خلفاؤه المقدونيون والبطالمة في حكم المدينة، واستولى عليها في العام نفسه بطليموس وضمها مع فلسطين إلى مملكته في مصر عام 323 ق . م . ثم في عام 198 ق.م أصبحت تابعة للسلوقيين في سوريا بعد أن ضمها سيلوكس نيكاتور، وتأثر السكان في تلك الفترة بالحضارة الإغريقية.

القدس تحت الحكم الروماني (63 ق.م – 636م) :
استولى قائد الجيش الروماني بومبيجي Pompeji على القدس عام 63 ق.م وضمها إلى الإمبراطوية الرومانية. وشهد الحكم الروماني للقدس والذي استمر حتى عام 636م حوادث كثيرة، ففي الفترة من 66 إلى 70م قام اليهود في القدس بأعمال شغب وعصيان مدني قمعها الحاكم الروماني تيطس بالقوة فأحرق المدينة وأسر كثيراً من اليهود، وعادت الأمور إلى طبيعتها في ظل الاحتلال الروماني للمدينة المقدسة. ثم عاود اليهود التمرد وإعلان العصيان مرتين في عامي 115 و132م وتمكنوا بالفعل من السيطرة على المدينة، إلا أن الإمبراطور الروماني هدريان تعامل معهما بعنف وأسفر ذلك عن تدمير القدس للمرة الثانية، وأخرج اليهود المقيمين فيها ولم يُبق إلا المسيحيين، ثم أمر بتغيير اسم المدينة إلى "إيلياء" واشترط ألا يسكنها يهودي.

كنيسة القيامة :
نقل الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول عاصمة الإمبراطورية الرومانية من روما إلى بيزنطة، وأعلن المسيحية ديانة رسمية للدولة فكانت نقطة تحول بالنسبة للمسيحيين في القدس حيث بنيت كنيسة القيامة عام 326م.

عودة الفرس :

انقسمت الإمبراطورية الرومانية عام 395 إلى قسمين متناحرين مما شجع الفرس على الإغارة على القدس ونجحوا في احتلالها في الفترة من 614 إلى 628م، ثم استعادها الرومان مرة أخرى وظلت بأيديهم حتى الفتح الإسلامي عام 636م.

الإسراء والمعراج (621م/ 10هـ :

في عام 621 تقريباً شهدت القدس زيارة مولانا رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقد أسري به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم صعد إلى السماوات العلى .

العصر الأول (636 إلى 1072م :

دخل عمر بن الخطاب مدينة القدس سنة 636 /15 هـ (أو 638م على اختلاف في المصادر) بعد أن انتصر الجيش الإسلامي بقيادة أبي عبيدة عامر بن الجراح، واشترط البطريرك صفرونيوس أن يتسلم عمر المدينة بنفسه فكتب معهم "العهدة العمرية" وهي وثيقة منحتهم الحرية الدينية مقابل الجزية. وغير اسم المدينة من إيلياء إلى القدس، ونصت الوثيقة ألا يساكنهم أحد من يهود.

واتخذت المدينة منذ ذلك الحين طابعها الإسلامي واهتم بها الأمويون (661 - 750م) والعباسيون (750 - 878 م) وشهدت نهضة علمية في مختلف الميادين. ومن أهم الآثار الإسلامية في تلك الفترة مسجد قبة الصخرة الذي بناه عبد الملك بن مروان في الفترة من 682 - 691م، وأعيد بناء المسجد الأقصى عام 709م، وشهدت المدينة بعد ذلك عدم استقرار بسبب الصراعات العسكرية التي نشبت بين العباسيين والفاطميين والقرامطة، وخضعت القدس لحكم السلاجقة عام 1071م.


القدس إبان الحملات الصليبية :

سقطت القدس في أيدي الصليبيين عام 1099م بعد خمسة قرون من الحكم الإسلامي نتيجة صراعات على السلطة بين السلاجقة والفاطميين وبين السلاجقة أنفسهم. وقتل الصليبيون فور دخولهم القدس قرابة 70 ألفاً من المسلمين وانتهكوا المقدسات الإسلامية. وقامت في القدس منذ ذلك التاريخ مملكة لاتينية تحكم من قبل ملك كاثوليكي فرض الشعائر الكاثوليكية على المسيحيين الأرثوذكس مما أثار غضبهم.

العصر الثاني :

استطاع صلاح الدين الأيوبي استرداد القدس من الصليبيين عام 1187م بعد معركة حطين .

الصليبيون مرة أخرى :

ولكن الصليبيين نجحوا في السيطرة على المدينة بعد وفاة صلاح الدين في عهد الملك فريدريك ملك صقلية، وظلت بأيدي الصليبيين 11 عاماً إلى أن استردها نهائياً الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 1244م.

المماليك :

وتعرضت المدينة للغزو المغولي عام 1243/1244م، لكن المماليك هزموهم بقيادة سيف الدين قطز والظاهر بيبرس في معركة عين جالوت عام 1259م، وضمت فلسطين بما فيها القدس إلى المماليك الذين حكموا مصر والشام بعد الدولة الأيوبية حتى عام 1517م.

العثمانيون :

دخلت جيوش العثمانيين فلسطين بقيادة السلطان سليم الأول بعد معركة مرج دابق (1615 - 1616م) وأصبحت القدس مدينة تابعة للإمبراطورية العثمانية. وقد أعاد السلطان سليمان القانوني بناء أسوار المدينة وقبة الصخرة. وفي الفترة من عام 1831 - 1840م أصبحت فلسطين جزءًا من الدولة المصرية التي أقامها محمد علي ثم عادت إلى الحكم العثماني مرة أخرى. وأنشأت الدولة العثمانية عام 1880 متصرفية القدس، وأزيل الحائط القديم للمدينة عام 1898 لتسهيل دخول القيصر الألماني وليام الثاني وحاشيته أثناء زيارته للقدس. وظلت المدينة تحت الحكم العثماني حتى الحرب العالمية الأولى التي هزم فيها الأتراك العثمانيون وأخرجوا من فلسطين.

الاحتلال البريطاني (1917 - 1948م) :

سقطت القدس بيد الجيش البريطاني في 8 - 9/12/1917 بعد البيان الذي أذاعه الجنرال البريطاني اللنبي، ومنحت عصبة الأمم بريطانيا حق الانتداب على فلسطين، وأصبحت القدس عاصمة فلسطين تحت الانتداب البريطاني (1920 - 1948). ومنذ ذلك الحين دخلت المدينة في عهد جديد كان من أبرز سماته زيادة أعداد المهاجرين اليهود إليها خاصة بعد وعد بلفور عام 1917.

مشروع تدويل القدس :

أحيلت قضية القدس إلى الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، فأصدرت الهيئة الدولية قرارها في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1947 بتدويل القدس.

إنهاء الانتداب البريطاني :

في عام 1948 أعلنت بريطانيا إنهاء الانتداب في فلسطين وسحب قواتها، فاستغلت العصابات الصهيونية حالة الفراغ السياسي والعسكري وأعلنت قيام الدولة الصهيونية. وفي 3 ديسمبر/ كانون الأول 1948 أعلن ديفيد بن غوريون رئيس وزراء العدو أن القدس الغربية عاصمة للدولة الصهيونية الوليدة، في حين خضعت القدس الشرقية للسيادة الأردنية حتى هزيمة يونيو/ حزيران 1967 التي أسفرت عن ضم القدس بأكملها لسلطة الاحتلال الإسرائيلي.

واستمر الحكم العربي الإسلامي في القدس ما يقارب 70% من تاريخها، أي من الفترة ما بين 3000 ق.م و1917 وهي سنة الاحتـلال البريطاني , وعند دراسة تاريخ القدس الزمني يتبين أن الحكم العربي الإسلامي في القدس مثل حوالي 70,9% من الفترة ما بين 3000 ق.م و1917 أي إلى فترة الاحتلال البريطاني، في حين كان الوجود العربي متواصلاً لم ينقطع ولم يرتبط بطبيعة نظام الحكم. وكان للروم حكم فترتين في القدس مثلتا حوالي 15,4% من عمر القدس، كما مثَل حكم الفرس لفترتين كذلك 6% من عمرها، واليونان لفترة واحدة 6% أيضاً.

ويشير الباحث البريطاني كيث وايتلام إلى "أن ما يحدث الآن من قبل الصهاينة هو إبراز مملكة إسرائيل الصغيرة الخاطفة في التاريخ كما لو كانت مملكة إسرائيلية عظمى، برغم أنها لم تكن إلا لحظة عابرة في مسيرة التاريخ الحضاري لفلسطين القديمة" (1). ويقدم الإسرائيليون في برامج السياحة تاريخ القدس بعمر 3000 عام فقط كتاريخ يهودي، متناسين الـ 2000 عام التي سبقت قيام مملكة داود عليه السلام والتي وجد فيها العرب منذ عام 3000 ق . م .(2)

ويشار إلى أن الحكم العربي كان هو المبتدأ حين بناها اليبوسيون المنحدرون من الكنعانيين العرب عام 3000 ق.م، وكان المنتهى حين احتلتها القوات البريطانية عام 1917. ولذلك تعد المدينة عربية إسلامية خالصة ولا يعد حكم اليهود فيها إلا عابراً بمقاييس التاريخ والزمان، وهو ما يبطل دعوى اليهود بالأحقية بها على باقي الأمم، وهم الأقل وجوداً وحضوراً وحكماً لها على مدار التاريخ.

تهجير اليهود إلى القدس :

في ظل تفاقم المشاكل التي تعرض لها اليهود بأوروبا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وفي ظل الضيق الحضاري الأوروبي بالجنس اليهودي، اتجهت الأنظار إثر إنشاء الحركة الصهيونية إلى إقامة وطن لليهود في فلسطين لتحقيق هوية خاصة مستقلة لهم من جهة، وتخليص أوروبا من مشكلتهم من جهة أخرى، وليكونوا جسراً للاستعمار الأوروبي والتدخل الأوروبي في المنطقة من جهة ثالثة. ولعبت شعارات الدين التي رفعتها الحركة الصهيونية دوراً مهماً في ترويج فكرتها بما في ذلك التوجه اليهودي نحو القدس والعمل على إعادة بناء هيكل سليمان فيها مكان المسجد الأقصى.

ومع قيام الدولة اليهودية عام 1948 على أرض فلسطين واغتصابها لأجزاء كبيرة من مدينة القدس (84,1 % من مساحتها آنذاك) إلى جانب أراض فلسطينية أخرى، وإعلان الدولة العبرية القدس عاصمة لها، دخلت القدس مرحلة جديدة من الصراع الديني والسياسي على حد سواء بين العرب والمسلمين من جهة، والكيان الإسرائيلي وحلفائه الغربيين من جهة أخرى. وشكلت حرب يونيو/ حزيران 1967 نقطة تحول كبرى في هذا الصراع بعدما استولت إسرائيل على البلدة القديمة واحتلت الحرم القدسي الشريف.

بهذا التحول استكملت مكونات الصراع حلقاتها، حيث تصاعدت حدة البعد الديني في هذا الصراع، وأصبح تحرير القدس المحتلة مطلب المسلمين الأساسي وسعيهم الحثيث بوصفها قبلتهم الأولى وحرمهم الثالث وموئل الإسراء والمعراج الخاص بهم، وأنها أرضهم التاريخية كأمة عربية إسلامية. وأخذ الصراع يتمحور في مظهرين
يتبع %

amili
12-19-2003, 08:10 PM
أساسيين: الأول تزايد بناء المستوطنات اليهودية في الجزء الشرقي من القدس مع مزيد من مصادرة الأراضي العربية فيها، والثاني تزايد أعداد المهجرين اليهود إليها وتراجع نسبة الوجود العربي .

القدس محور الصراع الأهم :

في ظل هذه التحولات الأساسية اعتبرت القدس محور الصراع ورمزيته ومكونه الحضاري والديني والسياسي , ورغم استمرار العدوان اليهودي على الأماكن المقدسة وعلى الأرض والسكان في القدس وسعيه المستمر منذ الأسبوع الأول لاحتلال القطاع الشرقي منها (البلدة القديمة) عام 1967 لتهويدها ومحو معالم الحضارة العربية الإسلامية فيها، فإن النضال استمر لتحريرها، و تأسست منظمة المؤتمر الإسلامي أساساً للقيام بهذا الدور إثر إحراق المسجد الأقصى من قبل اليهود في 21/8/1969 ولكن كعادتهم القديمة لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أسماء بلا أفعال .

ولذلك فقد أصبحت القدس والحرم الشريف فيها على وجه التحديد قاعدة الصراع العربي الصهيوني وأساسه لاعتبارات دينية وسياسية وتاريخية في آن واحد، وهو ما جعل عمق الحق الفلسطيني فيها يمتد إلى العمق الاستراتيجي العربي والإسلامي كاملاً, وعلى الجانب الآخر تزايد التمسك اليهودي بالقدس كاملة موحدة كعاصمة أبدية لإسرائيل بوصفها المكان "المقدس" لليهود في العالم، بل بوصفها مهجة قلب الشعب اليهودي على حد تعبير مؤسس ما سمي بدولة إسرائيل بن غوريون.

تغير عمراني وديمغرافي :
لكن الحقائق على الأرض تشير إلى نجاح التهويد العمراني والديموغرافي ، مما يشكل خطراً على الوجود العربي فيها، حيث تشير الإحصاءات والدراسات إلى أن ما بقي من القدس الشرقية خارج دائرة التهويد يصل إلى 21% فقط، في حين تم الاستيلاء على حائط المسجد الأقصى الجنوبي الغربي (حائط البراق) بطول 47 متراً وارتفاع 17 متراً ليكون مكاناً يصلي فيه اليهود حسب طقوسهم الدينية المزعومة وليطلق عليه زوراً "حائط المبكى".

كما تم تعديل التركيبة السكانية للمدينة لتصل إلى حد المساواة بين العرب واليهود فيها (200 : 170 ألف نسمة)، ناهيك عن تغيير المعالم والهدم والطرد المستمر للسكان العرب في محاولة لإضعاف الموقف العربي الإسلامي إزاءها.

من جهة أخرى يحاول اليهود حصر حق المسلمين فيها بالحرم الشريف وحق المسيحيين بكنيسة القيامة، ولذلك اتجهت الحلول الإسرائيلية المقترحة لمستقبل المدينة لتقديم الحل الديني أو الوظيفي الإثني مع استبعاد الحل السياسي إلا في جانبه الرمزي فقط، وذلك حتى تبقى السيادة والأمن إسرائيليين في المدينة.

أهمية القضية وفشل اتفاقات السلام حولها :

ولم تتمكن اتفاقات السلام العربية الإسرائيلية التي وقعت منذ عام 1979 وحتى اليوم من معالجة المسألة بعدل، غير أنها وفرت لليهود الفرصة الزمنية الكافية لفرض الأمر الواقع التهويدي جغرافياً وسياسياً وسكانياً ويعود ذلك لأسباب عديدة ومختلفة أهمها الإختلافات العربية بشأن قضية القدس , ولم تتمكن اتفاقات السلام العربية الإسرائيلية التي وقعت منذ عام 1979 وحتى اليوم من معالجة الصراع على القدس، غير أنها وفرت لليهود الفرصة الزمنية الكافية لفرض الأمر الواقع التهويدي جغرافياً وسياسياً وسكانياً .

إن قضية القدس تكاد تختصر قضية فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي، وقد كان بيت المقدس على الدوام الشرارة التي تشعل المواجهة بين الطرفين، حيث تتمثل المعركة بمختلف مكوناتها في القدس: مصادرة الأرض، بناء المستوطنات، جلب اليهود وتوطينهم فيها، محاصرة المناطق الفلسطينية، طرد الفلسطينيين منها، وانتهاك حرمة الأماكن المقدسة والاعتداء عليها ، خاصة وأن بيت المقدس يعد الذاكرة الحية للمسلمين ويحتل مكانة خاصة لديهم، وهو جزء من أرض الشام المباركة وهي أرض مقدسة، وفيها المسجد الأقصى الذي تشد إليه الرحال، وهي أرض الإسراء والمعراج الذي ربط مكة بالأقصى والقدس، فعروبتها من عروبة مكة وقدسيتها من قدسية مكة.

ولذلك فإن أي طرح سياسي لإنهاء الصراع يستبعد عودة القدس لأصحابها العرب كاملة لا يتوقع له أن يحظى بالاستقرار والاستمرار، وستبقى القدس شرارة الصراع الأكثر سخونة كما أكدت انتفاضة الأقصى في سبتمبر/ أيلول 2000 والتي ما زالت مستمرة ولن تنطفىء بإذنه تعالى .

أولاً: أسباب الصراع التاريخي حول مدينة القدس ومظاهره :

احتدم الصراع حول مدينة القدس منذ القدم لأسباب متعددة دينية وسياسية وتاريخية وإثنية، وقد ابتدأت أولى مراحل الصراع عندما دخل يوشع بن نون إلى فلسطين يقود أتباع موسى واستمر صراعهم مع اليبوسيين والكنعانيين 140 عاما إلى أن تمكن النبي داود عليه السلام من السيطرة عليها وإقامة مملكته فيها عام 1049 ق.م، واستمرت مملكة داود وابنه سليمان عليهم السلام قرابة السبعين عاماً.

وشهدت مدينة القدس أعمال التخريب والدمار على أيدي سرجون ملك آشور ونبوخذ نصر ملك بابل الذي أسر عشرات الآلاف وهدم أسوارها , وبطليموس اليوناني الذي هدمها ودمر أسوارها وأسر مائة ألف من اليهود فيها، وكذلك فعل أنطوخيوس الذي قتل ثمانين ألف يهودي في ثلاثة أيام ، والقائد بومبي الروماني، وكذلك فعل الصليبيون عندما احتلوها عام 1099. غير أن الفتح الإسلامي كان حفاظا على الناس والأعراض والأموال والكنائس والمعابد والممتلكات، كما كان عدلاً يساوي بين الناس ولا يقابل الإساءة بمثلها، ولا يحمل الشعوب وزر قادتها وطغاتها.


وبذلك يمكن ملاحظة أهمية البعد الديني والإثني في الصراع حول المدينة والذي ساد أثناء مرحلتي الصراع الأخيرتين بشكل حاسم، وهما مرحلة الصراع الصليبي الإسلامي (1099 - 1187) ومرحلة الصراع بين الحلف الاستعماري الصهيوني وبعض الدول العربية والإسلامية (1949 - حتى الآن).

وبعد نجاح المسلمين في إفشال الحملات الصليبية المتتالية على فلسطين، غدت القدس رمزاً لجهادهم من أجل استعادة الأرض والحقوق، فكان من أهم مسؤوليات الكيانات السياسية المتتابعة المحافظة على القدس عربية إسلامية والعمل على تعزيز هويتها وتراثها الإسلامي.

ويعتبر الفلسطينيون البلدة القديمة هي قلب مدينة القدس المحتلة، وهي ليست مجرد قطعة أرض من الأراضي العربية المحتلة عام 1967، لكنها تعبير حي عن الميراث الثقافي العربي في المدينة، وتعتبر مركز النضال الوطني للقدس. وتتمتع القدس برمزية دينية خاصة عند المسلمين والمسيحيين، كما استغلت الحركة الصهيونية هذه الرمزية لجمع اليهود فكرياً وربطهم بالأرض والمقدسات المزعومة في محاولة للبحث عن عمق حضاري في التاريخ وتقديمه بصورة حديثة .

القدس في ظل الاستعمار البريطاني :

بعد مجيء الاحتلال البريطاني لفلسطين خلفاً للحكم العثماني عام 1917، شرعت سلطات الانتداب البريطاني في تطبيق وعد بلفور الخاص بإقامة دولة لليهود في فلسطين، فسهلت عمليات الاستيطان اليهودي، كما ساهمت في إنشاء المؤسسات الثقافية والدينية اليهودية في المدينة، وفي شراء الأراضي العربية وغيرها في منطقة القدس ومحيطها وعلى الأخص غربي البلدة القديمة. واتجهت كذلك إلى تقسيم الأرض بين العرب واليهود .

عاملي

(13)(13)(13)(13)

شجن
12-20-2003, 07:38 PM
مشكور عاملي على الموضوع القيم

amili
12-20-2003, 07:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين .

سنخدم الدين بأشفار عيوننا ابدا ما حيينا

عاملي

شبكة الناصرة
12-20-2003, 08:16 PM
مشكور اخوي على الموضوع الرائعة

لؤلؤة البحر
12-20-2003, 11:14 PM
الله يعطيك العافيه اخووي ايميلي ..



فـ ـ ــروته..