الأمل البعيد
02-22-2008, 10:56 AM
عَودَةُ رُوح ..
أرادت أن تستعيدها مجدداً من هناك ..
كلّ جارحةٍ من جوارحها أرادتها بشدّة ..!
لم تشعر بهذا الشّوق إليها من قبل، ربما تظاهرت طوالَ هذه المدّة أنها نسيتها، أو دفنتها في قاعٍ سحيق.
ربما حدّثتها نفسها بأنها ستزعجها، ستسبب لها المتاعب والمشكلات، وبأنهما غير ملائمة لها، وقد تقلدت المناصب حتى اعتلت مؤخراً هذا المركز الجديد .
قد استقبلوها بالحفاوة والترحيب، وأشاروا إليها بالبنان، ومنحوها أرفع الدرجات، وأفاضوا عليها بشهادات التقدير ..
وكانت هي معهم في كلّ ذلك، قطرة مطر انجرفت مع السيل الكبير، قطرة لم تملك إلا أن تسير كما أرادوا لها، إنه الممكن والمتاح والمعقول في هذا الزمان، وفي ظلّ تجدد الظروف !
أيامٌ طويلةٌ قد مضت، وهي على ذات الكرسيّ الأسود، أمامها حفنةُ أوراق، وقلم مذهّبٌ ومحبرة ..
وعلى يمينها ثلاثة هواتف لا تتوقف عن الرنين، ولا تتوقف هي عن الإمضاء باسمها اللمّاع، الذي يحيلُ الأوراق العاديّة إلى أوراقٍ ذات قيمة كبيرة، تحملُ الكثير من البشرى لمن يتلقاها، ولا تحمل لها إلا مزيداً من الكآبة .
أعوام مضت، وهي في ذات المكان، قد توحدت بالكرسي البارد، وبصوت الرنين ..
خط الشيبُ سطوره في مفرقها، وترك الزمن آثاره بادية على وجهها، إنها تزداد شحوباً، تتهاوى، تضيعُ في زحام الحياة والأعمال والمهام التي لا تنتهي ..
صوت رنين الهواتف معاً قد غدا يقرع قلبها بشدّة، يصيبها بدوار، يشعرها بأن ساعة النهاية وشيكة ..
المكتب الأنيق سيغدو قبرها يوماً، والقلم والأوراق أدوات قتل تحيك لها أكفانها ..
وفي لحظة عابرة وهي تخط حروف اسمها، تذكرت أنها هي تلك المرأة التي ضاعت منها ذات بؤس..
تذكرت ملامحها الطفولية، وإشراق بسمتها، تذكرت حيويتها وروحها الحلوة، وكل المرح الذي كان يصحبها ..
اشتاقت لتلك المرأة التي كانت تسكنها ..
اشتاقت لبساطة عيشها، لتلك الغرفة المظلمة التي حوت أحلامها، لرحلة الكفاح التي عاشتها بحلوها ومرّها وكلّ متاعبها ..
وكم تمنت قليلاً من كَبَدٍ يُعيدُ لها ذاتها التي خبرتها، ويكسرُ عنها قالب الزجاج الذي احتجزها لأعوام طويلة ..
في لحظة واحدة، شقّ الفجر طريقه إلى قلبها، وبزغت شمسٌ دافئة في حنايا روحها.. وامتد طريقٌ وعرٌ بصخور شتّى كتلك التي عرقلتها طويلاً فحطمتها ومهدتها ونقشت لها توقيعاً على أقساها ..
أمسكت ورقة فارغة وخطت رسالة الوداع ..
وعند السطر الأخير نظرت للقلم فإذا هو قد غدا إزميلاً في يدها، فانطلقت تنقشُ أحلاماً جديدة عزمت أن تكون لها، بعد أن استعادت من جديد روحها
تحياتي
الأمل البعيد
أرادت أن تستعيدها مجدداً من هناك ..
كلّ جارحةٍ من جوارحها أرادتها بشدّة ..!
لم تشعر بهذا الشّوق إليها من قبل، ربما تظاهرت طوالَ هذه المدّة أنها نسيتها، أو دفنتها في قاعٍ سحيق.
ربما حدّثتها نفسها بأنها ستزعجها، ستسبب لها المتاعب والمشكلات، وبأنهما غير ملائمة لها، وقد تقلدت المناصب حتى اعتلت مؤخراً هذا المركز الجديد .
قد استقبلوها بالحفاوة والترحيب، وأشاروا إليها بالبنان، ومنحوها أرفع الدرجات، وأفاضوا عليها بشهادات التقدير ..
وكانت هي معهم في كلّ ذلك، قطرة مطر انجرفت مع السيل الكبير، قطرة لم تملك إلا أن تسير كما أرادوا لها، إنه الممكن والمتاح والمعقول في هذا الزمان، وفي ظلّ تجدد الظروف !
أيامٌ طويلةٌ قد مضت، وهي على ذات الكرسيّ الأسود، أمامها حفنةُ أوراق، وقلم مذهّبٌ ومحبرة ..
وعلى يمينها ثلاثة هواتف لا تتوقف عن الرنين، ولا تتوقف هي عن الإمضاء باسمها اللمّاع، الذي يحيلُ الأوراق العاديّة إلى أوراقٍ ذات قيمة كبيرة، تحملُ الكثير من البشرى لمن يتلقاها، ولا تحمل لها إلا مزيداً من الكآبة .
أعوام مضت، وهي في ذات المكان، قد توحدت بالكرسي البارد، وبصوت الرنين ..
خط الشيبُ سطوره في مفرقها، وترك الزمن آثاره بادية على وجهها، إنها تزداد شحوباً، تتهاوى، تضيعُ في زحام الحياة والأعمال والمهام التي لا تنتهي ..
صوت رنين الهواتف معاً قد غدا يقرع قلبها بشدّة، يصيبها بدوار، يشعرها بأن ساعة النهاية وشيكة ..
المكتب الأنيق سيغدو قبرها يوماً، والقلم والأوراق أدوات قتل تحيك لها أكفانها ..
وفي لحظة عابرة وهي تخط حروف اسمها، تذكرت أنها هي تلك المرأة التي ضاعت منها ذات بؤس..
تذكرت ملامحها الطفولية، وإشراق بسمتها، تذكرت حيويتها وروحها الحلوة، وكل المرح الذي كان يصحبها ..
اشتاقت لتلك المرأة التي كانت تسكنها ..
اشتاقت لبساطة عيشها، لتلك الغرفة المظلمة التي حوت أحلامها، لرحلة الكفاح التي عاشتها بحلوها ومرّها وكلّ متاعبها ..
وكم تمنت قليلاً من كَبَدٍ يُعيدُ لها ذاتها التي خبرتها، ويكسرُ عنها قالب الزجاج الذي احتجزها لأعوام طويلة ..
في لحظة واحدة، شقّ الفجر طريقه إلى قلبها، وبزغت شمسٌ دافئة في حنايا روحها.. وامتد طريقٌ وعرٌ بصخور شتّى كتلك التي عرقلتها طويلاً فحطمتها ومهدتها ونقشت لها توقيعاً على أقساها ..
أمسكت ورقة فارغة وخطت رسالة الوداع ..
وعند السطر الأخير نظرت للقلم فإذا هو قد غدا إزميلاً في يدها، فانطلقت تنقشُ أحلاماً جديدة عزمت أن تكون لها، بعد أن استعادت من جديد روحها
تحياتي
الأمل البعيد